Untitled Document

عدد المشاهدات : 905

الحلقة (149) من "تدبر القُرْآن العَظِيم" تدبر الآية (240) من سورة البقرة، قول الله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُم

  تدبر القُرْآن العَظِيم

الحلقة التاسعة والأربعون بعد المائة الأولى
تدبر الآية (240) من سورة البقرة
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (240)
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
كانت المرأة قبل الإسلام لا ترث، وجاء تشريع توريث المرأة في الاسلام بالتدريج، كما هو الحال في كثير الأحكام، لأن موضوع ميراث المرأة كان أمرًا غريبًا بالنسبة للعرب
فكانت المرأة قبل الاسلام اذا مات زوجها لا ترث منه شيئًا، وكانت تخرج من منزل الزوجية، لأن المنزل جزء من الميراث، فكان الورثة يأخذون المنزل وتخرج هي من المنزل
وجاء تشريع توريث المرأة بالتدريج فنزلت هذه الآية، بأن تظل المرأة في منزل الزوجية عامًا كاملًا، وأن ينفق عليها طوال هذا العام من تركة زوجها المتوفي 
كما أباحت الآية أن تخرج المرأة من منزل الزوجية، بعد انتهاء عدتها وهي أربعة أشهر وعشرة أيام، اذا رأت في ذلك مصلحتها، فاذا خرجت تسقط عنها النفقة
وهكذا تكون المرأة التى توفي عنها زوجها مخيرة بين أن تظل في مسكن الزوجية حولًا ولها النفقة، وبين أن تخرج منه بعد انتهاء العدة وتسقط عنها النفقة. 
ثم نسخ هذه الحكم بعد ذلك، ونزلت آية المواريث، فقال تعالى في الآية 12 من سُورَةُ النِّسَاءِ‏:‏ ‏(‏وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ( فجعل الله تعالى لها الرُّبُعُ ان لم يكن لزوجها ولد، أو الثُّمُنُ ان كان له ولد
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول تعالي (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ) أَيُّهَا الرِّجَالُ 
(وَيَذَرُونَ) أي ويتركون 
(أَزْوَاجًا) أي زَوْجَاتٍ 
(وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ) أي هي  وصية من الله تعالى تجب للنساء بعد وفاة الزوج. 
(مَتَاعًا) المتاع هو ما يتمتع به ويستفاد به، والمقصود به النفقة لطعامها وكسوتها وجميع ما تحتاج اليه  
(إِلَى الْحَوْلِ) أي أن هذه النفقة تكون لمدة سنة هجرية كاملة (غَيْرَ إِخْرَاجٍ) يعنى لا يجوز لأهل زوجها ولا أي أحد من الورثة أن يخرجها من بيت زوجها في هذه السنة 
(فَإِنْ خَرَجْنَ) فاذا اختارت المرأة أن تخرج من بيت زوجها ان رأت في ذلك مصلحتها، بعد انتهاء عدتها وهي أربعة أشهر وعشرا 
(فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ) يعنى فلا حرج لا عليها ولا على أوليائها
(فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ) أي فيما فعلن في أنفسهن من أمور لا ينكرها الشرع والعرف، والمقصود هنا، التعرض للزواج، بأن تخرج من بيتها بالضوابط الشرعية، والتزين أمام محارمها وأمام النساء، والطيب داخل بيتها، وأن تلتقي بالخطاب .
(وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) أي : عَزِيزٌ لا يغلب، حَكِيمٌ يضع كل أمر في موضعه.
لا حرج على النساء فيما فعلن في أنفسهن بعد انتها ءالعدة من أمور لا ينكرها الشرع والعرف
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
الخلاصة أن هذه الآية منسوخة وأنها مرحلة من مراحل التدرج في تشريع ميراث المرأة، لأن توريث المرأة كان أمرًا غريبًا بالنسبة للعرب
فأمر الله تعالى في هذه الآية المتوفى عنها زوجها أن تظل في بيت زوجها المتوفى عنها حولا, وينفق عليها من تركته ما لم تخرج من المنزل, ومع ذلك يجوز لها أن تخرج من منزل الزوجية، اذا أرادت ذلك، وذلك بعد انتهاء عدتها من زوجها وهي أربعة أشهر وعشرة أيام، فإن خرجت تقطع النفقة عنها, ثم نسخ هذا الحكم بأن جعل الله تعالى للزوجة الربع ان لم يكن للزوج ولد، والثمن ان كان له ولد.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇