Untitled Document

عدد المشاهدات : 2146

الفصل الرابع والتسعون بعد المائة: ملحمة خيبر- الجزء الرابع- استسلام اليهود

 أسْرَار السَيرَةِ الشَرِيفَة- منهج حياة  

الجُزْءُ الخامس عشر: ملحمة "خيبر"

الفصل الرابع والتسعون بعد المائة

*********************************

ملحمة خيبر- الجزء الرابع

استسلام اليهود

 *********************************

 

 *********************************

ملخص ما سبق

تحدثنا في حلقات سابقة عن غزوة "خيبر" والتى بدأت أحداثها في "محرم" من السنة السابعة من الهجرة، وقلنا أن خيبر عبارة عن مجموعة من الحصون، وهي ثمانية حصون كبيرة، الى جانب مجموعة من الحصون الصغيرة

وتحدثنا عن اقتحام المسلمون لحصون "الناعم" و"الصعب بن معاذ" و"قلعة الزبير" في منطقة "النطاة" ثم حصون "أبي" والنزار" في منطقة "الشق" ثم انتقل اليهود الى المنطقة الثالثة وهي منطقة "الكتيبة" وتجمعوا في حصونها، فقام المسلمون بمحاصرة أول هذه الحصون وهو حصن "القموص" لمدة أربعة عشر يومًا، ودار قتال مرير حول الحصن، وفي النهاية طلب اليهود أن يتفاوضوا مع الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-

 

شروط استسلام اليهود

وبالفعل نزل "كِنانة بن أبي الحُقَيْق" ومعه بعض اليهود، ودار حوار طويل مع الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وفي النهاية تم الإتفاق على شروط الإستسلام وليس شروط الصلح كما يقول البعض

وكان الاتفاق هو: حقن دماء اليهود، وعلى أن يخرجوا من خيبر بنسائهم وأبنائهم فقط، بملابسهم فقط، ويتركوا ورائهم كل أموالهم وسلاحهم وديارهم

وشَرَط الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في هذه المعاهدة على أن اليهود اذا أخفوا أي شيء من الأموال أو السلاح، فيجوز للرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يقتلهم عقابًا لهم على هذا الإخفاء، قال لهم الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- :

-        وَبَرِئَتْ مِنْكُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ إِنْ كَتَمْتُمُونِي شَيْئًا

كانت هذه هي شروط الإستسلام، وبدأ اليهود بالخروج من خيبر، وكانت هذه الهزيمة من أكبر هزائم اليهود في تاريخهم، كما كانت من أعظم انتصارات المسلمين

وكان عدد قتلي اليهود في هذه المعركة ثلاثة وتسعون من اليهود، بينما شهداء المسلمين كانوا ستة عشر

 

نزل "كِنانة بن أبي الحُقَيْق" ودار حوار طويل مع الرَسُولُ

وفي النهاية تم الإتفاق على شروط الإستسلام

الاتفاق على أن يعمل اليهود في أرض خيبر

ولكن اليهود بعد المعاهدة، وبعد أن بدؤا الخروج من خيبر والتوجه ناحية الشام، جاءوا الى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقالوا:

-        يا محمد، دعنا نكون في هذه الأرض نصلحها ونقوم عليها، فنحن أعلم بها منكم

ووافق الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على ذلك العرض،لأن الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعلم أن المسلمين لايستطيعون القيام على هذه الأرض، لأن ارض خيبر كبيرة، وبعيدة عن المدينة

فأعطي الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أرض خيبر لليهود على أن يكون لهم الشطر من كل زرع، وعين "عبد الله بن رواحة" حتى يقوم بتقدير الزروع ومحاسبة اليهود عليها

ولذلك بعد فتح "خيبر" تحسنت كثيرًا الظروف الإقتصادية في المدينة، لأن "خيبر" كانت من أغنى البلاد في الجزيرة في الزراعة، وكان في منطقة "الكتيبة" وحدها أربعون ألف نخلة، يقول "عبد الله بن عمر" ما شبعنا حتى فتحنا خيبر

ولما رجع الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى المدينة رد المهاجرون إلى الأنصار النخيل التى كان الأنصار قد منحوها للمهاجرين، لأن المهاجرين أصبح لهم بخيبر مال ونخيل

ولكن شرط عليهم الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن المسلمين يخرجون اليهود من خيبر متى شاءوا، قال الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "عَلَى أَنَّا إذَا شِئْنَا أَنْ نُخْرِجَكُمْ أَخْرَجْنَاكُمْ" وكان هذا الشرط هامًا جدًا لأن اليهود معروفون بالغدر والخيانة ونقض العهود، فكان لابد من اشعارهم بأن وجودهم مهدد حتى يخافوا من أن يغدروا بالمسلمين

وقد قام بطردهم بالفعل بعد ذلك "عمر بن الخطاب" بعد أن غدروا في عهده

 

كانت "خيبر" من أغنى البلاد في الجزيرة في الزراعة

كنانة بن أبي الحقيق يخفي أمواله

وكان "كِنانة بن أبي الحُقَيْق" عنده كنوز "بنى النضير" التى خرجوا بها من "المدينة" وسأله الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عنها فأنكر أنه يعرف مكانها، فذكره الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بأنه ان وجد عنده فسيقتل فأصر على الإنكار، ثم جاء أحد اليهود وأخبر الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه شاهد "كِنانة بن أبي الحُقَيْق" يطوف بقطة أرض خربة كل صباح

فأتي بكنانة بن أبي حقيق، وقال له الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:

-        هَلْ أَخْفَيْتَ مَالاً ؟

قال: لا

قال: أَرَأَيْتَ إِنْ وَجَدْنَاهُ عِنْدَكَ، أَأَقْتُلُكَ؟

قال: نعم

فأمر الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالبحث في الأرض الخربة التى قال عنها اليهودي، فوجدوا كنزًا كبيرًا من المال، وقتل "كِنانة بن أبي الحُقَيْق" كما نصت شروط الصلح، وسبيت زوجته وهي السيدة "صفية بن حي بن أخطب" والتى تزوجها الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعد ذلك

 

أنكر "كِنانة بن أبي الحُقَيْق" أنه يخفى أمولًا

صحائف التوراة

وكان من غنائم الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في "خيبر" صحائف التوراة، وسلم الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هذه الصحائف كاملة الى اليهود عندما طلبوها منه، ولم يفعل الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كما فعل "بختنصر" قديمًا، ولا كما فعل الرومان، ولا حتى عندما فعل الألمان بعد ذلك بحرق التوراة، وقد شهد المستشرقون للرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بهذا الأمر، وهذا أمر معروف وثابت في الإسلام، أن الإسلام لا يجبر أحد على الدخول في الإسلام، يقول تعالى  ((لا اكراه في الدين))

 

سلم اليهم الرسول صحائف التوراة كاملة

ولم يتوقف اليهود عن الكيد والدس والمؤامرات، فاجتمع بعض اليهود واتفقوا على دس السم للرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في بعض طعامه

وهذا سيكون حديثنا في الفصل القادم

*********************************

لمطالعة بقية الفصول اضغط هنا