Untitled Document

عدد المشاهدات : 3802

الفصل الحادي عشر بعد المائتين: اسلام خالد بن الوليد

أسْرَار السَيرَةِ الشَرِيفَة- منهج حياة  

الجُزْءُ السادس عشر: الأحداث من "خيبر" الى "مؤتة"

الفصل الحادي العاشر بعد المائتين
*********************************
اسلام خالد بن الوليد
*********************************

*********************************
اسلام ثلاثة من عمالقة قريش في يوم واحد 
أول حدث في شهر "صفر" في السنة الثامنة من الهجرة، هو اسلام ثلاثة من عمالقة قريش وهم: 
"خالد بن الوليد" فارس قريش 
و"عمرو بن العاص" وهو من أحكم وأدهي العرب 
و"عثمان بن طلحة" من وجوه أهل مكة
وهذا الحدث من أعظم الأحداث، ونصر من أكبر انتصارات الإسلام، ونقطة فارقة في التاريخ الإسلامي، وقد أسلم الثلاثة ليس في شهر واحد فقط، ولكن في يوم واحد، وعندما أسلموا قال الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "رَمَتْكُمْ مَكَّةُ بِأَفْلاَذِ كَبِدِهَا"

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
سبب تأخر اسلام "خالد بن الوليد"
أسلم خالد بن الوليد في صفر من السنة الثامنة من الهجرة، وكان عمر "خالد بن الوليد" حين أسلم سبعة وأربعون عامًا، أي أن الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعث و"خالد" شابًا عمره سبعة وعشرون عامًا، وظل بعد ذلك عشرون عامًا كاملة يرفض الإسلام ويحارب المسلمين، حتى أسلم في أول السنة الثامنة من الهجرة، وعمره سبعة وأربعون عامًا
وكان سبب رفضه وعداوته للإسلام طوال هذه الفترة، أنه من بيت يكره الإسلام، فأبوه هو "الوليد بن المغيرة" سيد "بنى مخزوم" أحد بطون قريش، ومن أغنى أغنياء قريش، ومن أشد قريش عدواة للرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لدرجة أن نزلت فيه عشرون آية في سورة المدثر
 ((ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا (12) وَبَنِينَ شُهُودًا (13) وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا (14) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (15) كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا (16) سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا (17) إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (23) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24) إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (25) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (27) لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ (28) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (29) عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (30))
سبب آخر لتأخر اسلام "خالد بن الوليد" هو أن "خالد بن الوليد" كان من زعماء مكة، وله مكانته في قريش، ومكانته المرموقة في العرب، ومكانته في الجيش المكي فهو قائد فرسان قريش، وهي أهم كتيبة في الجيش، فكان "خالد" يخشى على مكانته أن تضيع اذا دخل في الإسلام

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
إن القوم ممنوعون
وكان أحد المواقف الفارقة في اقتناع "خالد" بالإسلام، في صلح الحديبية قبل هذا التاريخ بعام تقريبًا، عندما خرج "خالد" على رأس جيش مكة لاعتراض المسلمين الذين جائوا لأداء العمرة، ووقف خالد بجيش مكة أمام المسلمين ثم جائت صلاة الظهر، فوقف المسلمون يصلون، وشاهد "خالد" المسلمون وهم يصلون ويسجدون ووجدها  فرصة سانحة لمهاجمة المسلمين وهم في صلاتهم، فسأل من حوله:
- هل سيصلى المسلمين مثل هذه الصلاة مرة أخري ؟
فقال لهم بعضهم: 
- نعم إنَّ لَهُمْ صَلاةً بَعْدَ هَذِهِ هي أَحَبُّ إلَيْهِمْ مِن أمْوَالِهِمْ وَأَبْنَائِهِمْ
فأعد "خالد بن الوليد" جيش مكة للإنقضاض على المسلمين في صلاة العصر، 
ولكن في ذلك الوقت نزل جبريل –عليه السلام- بتشريع صلاة الخوف، ووقف الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصلى بالمسلمين صلاة الخوف لأول مرة، وصفتها أن الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلى وصلى خلفه نصف الجيش، والنصف الثاني من الجيش وقف خلف المسلمون لحراستهم، وأتم الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلاة ركعتين ثم وهو في التشهد سلم الجيش وانصرف ووقف للحراسة، ثم جاء النصف الثاني الذي كان يقوم بمهمة الحراسة فصلى مع الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
ولما رأي "خالد بن الوليد" ذلك قال  كلمة عجيبة قال: 
- إن القوم ممنوعون.
أي أن الله تعالى يمنع ويحمي هؤلاء

قال "خالد" إن القوم ممنوعون.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
رسالة الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-   لخالد
وكان الموقف الثاني في "عمرة القضاء" قبل اسلام خالد بشهرين فقط، عندما جاء المسلمون لأداء العمرة، وشاهد "خالد" المسلمون وهم يؤدون العمرة ويصلون، وشاهد طاعتهم وتوقيرهم للرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-  
وكان في المسلمين "الوليد بن الوليد بن المغيرة" شقيق خالد، وكان قد أسلم بعد بدر، وبحث "الوليد" عن أخيه "خالد" فلم يجده، كان قد خرج مع قريش و ترك مكة للمسلمين ثلاثة ايام، فترك له "الوليد بن الوليد" رسالة قال فيها:
"بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد: فإني لم أرَ أعجب من ذهاب رأيك عن الإسلام، ومثل الإسلام يجهله أحد؟! وقد سألني رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عنك وقال: أَيْنَ خَالِدٌ؟ فقلت: يأتي الله به. فقال: مِثْلُهُ جَهِلَ الإِسْلاَمَ ؟! وَلَوْ كَانَ جَعَلَ نِكَايَتَهُ وَجَدَّهُ مَعَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَلَقَدَّمْنَاهُ عَلَى غَيْرِهِ، فاستدرك يا أخي ما قد فاتك من مواطن صالحة
يقول خالد: فلما قرأت كتابه زدت رغبة في الإسلام، وسرني سؤال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عني
وانظر الى حكمة الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فهو يعلم أن "خالد" يخشى على مكانته في جيش مكة، فهو يريد أن يطمئنه من هذه الناحية، وأنه اذا دخل في الإسلام فلن يكون تابعًا، بل
سيظل قائدًا
 
 

يقول خالد: سرني سؤال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عني
 
 
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
"خالد بن الوليد" يعلن رغبته في الإسلام أمام قريش
قرر "خالد" الإسلام، وقرر الهجرة الى المدينة، ولكنه لم يخرج من مكة سرًا، بل ذهب الى قريش، وقال: 
- لقد استبان لكل ذي عقل أن محمدًا ليس بساحر ولا شاعر، وأن كلامه من كلام رب العالمين، فحقٌّ لكل ذي لبٍّ أن يتبعه
واندفع أبو سفيان الى خالد بن الوليد يريد أن يضربه، وحجز بينهما "عكرمة بن أبي جهل" وكان صديقًا قديمًا لخالد بن الوليد، وقال لأبي سفيان:
- مهلاً يا أبا سفيان، فوالله خفتُ أن أقول مثل ما قال خالد وأكون على دينه
يعنى "خالد" معذور بعد أن شاهد المسلمين في عمرة القضاء، وكل هذه الأحداث المتلاحقة في صالح المسلمين، فهو معذور لدرجة أني أخاف على نفسي أن أقول مثله وأدخل في الإسلام

قال خالد: لقد استبان لكل ذي عقل أن محمدًا ليس بساحر ولا شاعر
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
"خالد" يدعو للإسلام "صفوان و"عكرمة" و"عثمان بن طلحة"
ولكن قبل هجرة خالد، اراد "خالد" ألا يهاجر وحده، يقول خالد: قلت: من أصاحب الى الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
فخالد شخصية ايجابية، ويريد أن يقدم شيئًا للإسلام في أول لحظات اسلامه، حتى قبل أن يهاجر وقبل أن يقابل الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
وذهب خالد الى صديقه "صفوان بن أمية" وعرض عليه أن يدخل في الإسلام وأن يهاجر معه، فقال له صفوان: 
- لو لم يبقَ غيري من قريش لما اتبعته
فذهب خالد الى صديقه "عرمة بن أبي جهل" وعرض عليه أن يسلم وأن يهاجر معه، فقال له عكرمة: 
- لو لم يبقَ غيري من قريش لما اتبعته
فذهب الى "عثمان بن طلحة" من وجوه مكة، فاستجاب له "عثمان بن طلحة" واتفق الإثنان على الخروج من مكة وتواعدا، وخرجا الى المدينة المنورة لإعلان اسلامهما بين يدي الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
واتفق الاثنان على الخروج للمدينة المنورة وتواعدا، وبالفعل خرجا إلى المدينة المنورة لإعلان إسلامهما بين يدي الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-

خرج "خالد" و"عثمان بن طلحة" من مكة الى المدينة
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
"خالد" يقابل "عمرو بن العاص" في الطريق الى المدينة
في الطريق  الى المدينة، قابل "خالد بن الوليد" و"عثمان بن طلحة": "عمرو بن العاص" كان هو الآخر متوجهًا من مكة الى المدينة، ولكن "عمرو بن العاص" خرج سرًا ولم يخرج علانية كما خرج "خالد بن الوليد"
كان اسلام "خالد" اضافة هائلة الى قوة المسلمين، وكان له دورًا رئيسيًا في حروب الردة التى حفظت كيان الدولة الإسلامية، ثم فتح العراق والشام، وهزم  الفرس والروم، وهو من القادة النادرين في التاريخ الذين لم يهزموا في أي معركة، مع أنه اشترك في أكثر من مائة معركة
وقال عنه "عمر بن الخطاب" عجزت النساء أن يلدن مثل خالد
وقال عنه أصدقائه وأعدائه: الرجل الذي لا ينام ولا يترك أحدا ينام
سنتحدث في الفصل القادم –ان شاء الله- عن اسلام "عمرو بن العاص" ثم دخولهم المدينة معًا

 

*********************************

لمطالعة بقية الفصول اضغط هنا

*********************************