Untitled Document

عدد المشاهدات : 1718

جَزِيرَةُ المُلُوك

 جَزِيرَةُ المُلُوك 

*********
يروي أنه كانت هناك مدينة يحكمها ملك، وكان أهل هذه المدينة يجعلون الملك يحكم فيهم سنة واحدة فقط, وبعد ذلك يُرْسَل هذا الملك إلى جزيرة بعيدة، حيث يكمل فيها بقية عمره، ويختار الناس ملك آخر غيره وهكذا.
.
وكان كل ملك بعد أن ينهي العام وهي فترة الحكم الخاص به، يودعه شعبه ثم يضعونه في سفينة حيث تقوم بنقله الى الجزيرة، وكانت هذه دائمًا لحظات حزينة ومؤلمة لهذا الملك
.
وفي أحد المرات اختار أهل المدينة شاب معروف برجاحة عقله، فلما جلس على العرش كان أول ما أمر به هو أن يري الجزيرة التى يرسل اليها الملوك، والتى سيرسل هو اليها بعد عام واحد فقط
فلما ذهب الى الجزيرة وجدها جزيرة مخيفة بها غابات كثيفة وممتلئة بالحيوانات المفترسة، ورأي جثث الملوك السابقين ملقاة على الأرض وقد افترستها الحيوانت وأصبحت هياكل عظمية
.
عاد الملك الى المدينة، وكان أول شيء قام به أن باع القصر الذي يمتلكه، واشتري بدلًا به منزلًا عاديا، وباع ملابسه الفاخرة وأشتري بدلًا منها ملابس عادية، وباع كل ما يملكه واكتفي فقط بما يكفيه 
وأخذ هذه الأموال وأنفقها على تهيئة حياة كريمة في الجزيرة، فأزال الغابات الكثيفة وزرع بدلًا منها حقول ومزارع وحدائق، وقضى على الحيوانات المفترسة، وبنى بيتًا رائعًا جميلًا
وكان يزور الجزيرة كل شهر ليتأكد من سير العمل، حتى أصبحت الجزيرة كأنها جنة، بل وأصبحت أجمل كثيرًا من المدينة التى هو فيها، ومن قصره الذي باعه عندما أصبح ملكًا 
.
ومر العام واستعد الناس لتوديع الملك، وعلى غير ما كان عليه الملوك السابقين، كان هذا الملك الشاب مبتسم وسعيد لأنه سينتقل الى الجزيرة التى أعدها جيدًا لأن يحي فيها حياة كريمة.
******
كان كل ملك بعد أن ينهي العام يودعه شعبه ثم يضعونه في سفينة حيث تقوم بنقله الى الجزيرة
أمر الملك أن يري الجزيرة التى يرسل اليها الملوك
وجد الملك جزيرة مخيفة
اصبحت الجزيرة كأنها جنة
كان الملك سعيد لأنه سينتقل الى الجزيرة
******
هذه قصة رمزية.. وواضح فيها أن المدينة هي الدنيا، وأن الجزيرة هي الآخرة
ولكن السؤال ألست وأنت تسمع هذه القصة تتعجب من حماقة وغباء هؤلاء الملوك السابقين ؟
وكنت تري ان تصرف هذا الملك الشاب تصرف طبيعي جدًا، وتتعجب كيف لم يتصرف الملوك السابقون مثلما تصرف هذا الملك الشاب ?!
الحقيقة أننا جميًا نتصرف مثل تصرف هؤلاء الملوك، بل نحن أكثر حماقة من هؤلاء الملوك، لأن هؤلاء الملوك يظلون في المدينة سنة كاملة، وهي فترة معقولة، أما نحن ففترة بقائنا في الدنيا بالمقارنة بالآخرة، لا تذكر، كأنها لحظة
فأنت مهما عشت في الدنيا، حتى لو عشت مائة عام، أو حتى عشت مثل نوح –عليه السلام- ألف سنة، فهي بالمقارنة بالحياة الخالدة يوم القيامة كأنها لحظة من الزمن
ومع ذلك فنحن نهتم بالدنيا ومتاعها وزينتها واقتنائها، كأننا سنخلد فيها، وننسي الآخرة وهي دار القرار