Untitled Document

عدد المشاهدات : 2107

الحلقة (181) من "تدبر القُرْآن العَظِيم" تدبر الآية (13) من سورة "آلَ عِمْرَانَ" قول الله تعالى (قَدْ كَانَ لَكُمْ آَيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّ
تدبر القُرْآن العَظِيم
الحلقة الحادية والثمانون بعد المائة الأولى
تدبر الآية (13) من سورة "آلَ عِمْرَانَ"
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(قَدْ كَانَ لَكُمْ آَيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ (13)
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

هذه الآية تتحدث عن مشهد من مشاهد غزوة بدر، يقول تعالى مخاطبًا اليهود والمشركين والمنافقين
(قَدْ كَانَ لَكُمْ آَيَةٌ) يعنى دليل على قوله تعالى في الاية السابقة (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ)
(قَدْ كَانَ لَكُمْ آَيَةٌ) قَدْ كَانَ لَكُمْ عبرة وعظة.
(فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا) وذلك في غزوة بدر 
والفئة هي الجماعة من الناس ، وسميت الجماعة من الناس فئة لأنها يفاء إليها، أي يرجع إليها في وقت الشدة
(فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) وهم المؤمنون: الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وصحابته الكرام.
(وَأُخْرَى كَافِرَةٌ) وهم مشركي قريش.
(يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ) 
يعنى راي المسلمون الكافرين ضعف عدد المسلمين.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
بعض المشككين في القرآن يقولون أن هناك تعارض بين هذه الآية وبين قوله تعالى في سورة الأنفال (وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ التقيتم في أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ في أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ الله أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً وَإِلَى الله تُرْجَعُ الأمور) 
يعنى المسلمون رأوا المشركين قليلين، والمشركون رأوا المسلمين قليلين، وبذلك تشجع كل فريق، وطمع في النصر، فوقع القتال، وتحقق ما أراد الله تعالى من نصر المسلمين.
فيقولون أن هناك تعارض بين قوله تعالى في هذه الاية (وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ التقيتم في أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً) يعنى المسلمون رأوا المشركين قليلين.
وبين قوله تعالى في آلَ عِمْرَانَ (يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ) يعنى المسلمون رأوا المشركين ضعف عددهم
.
نقول: قوله تعالى في "آلَ عِمْرَانَ" (يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ) يعنى المسلمون رأوا المشركين ضعف عدد المسلمين أنفسهم، وقد كان المسلمون 313 مقاتل، فمعنى ذلك أن المسلمون رأوا المشركين عددهم 626 مقاتل
وقوله تعالى في سورة الأنفال (وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ التقيتم في أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً) يعنى راي المسلمون المشركين أقل من عددهم الحقيقي، وهذا هو ما حدث، لأن المسلمون رأوا المشركين حوالى ستمائة مقاتل، وهذا العدد أقل من العدد الحقيقي للمشركين، لأن أعداد المشركين كان بين التسعمائة والألف، أي ثلاثة اضعاف المسلمين. لأن القلة والكثرة أمر نسبي، فستمائة مقاتل بالنسبة لأربعة مائة مثلًا كثير، ولكن ستمائة بالنسبة الى تسعمائة أو الف يعتبر قليل.
فالمسلمون رأوا المشركين ضعف عنندهم، بينما عددهم الحقيقي ثلاثة أضعاف، فاذن المسلمون رأوا المشركين أقل من عددهم الحقيقي.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
اذن ليس هناك أي تعارض بين الآيتين:
قوله تعالى في الأنفال (وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ التقيتم في أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً) قلل الله تعالى أعداد المشركين في أعين المسلمين بدلًا من ألف مقاتل الى ستمائة مقاتل
وفي نفس الوقت هذا العدد هو ضعف عدد جيش المسلمين، وهذا هو قوله تعالي في آلَ عِمْرَانَ (يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ)
اذن ليس هناك تعارض بين الآيتين، على العكس حين تقرأ الآيتين، تفهم هذه الآية العظيمة من آيات الله تعالى في غزوة بدر، وهي كيف أن الله تعالى رفع جدًا من الروح المعنوية للمسلمين، وخفض جدًا من الروح المعنوية للمشركين
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
قلل الله تعالى المسلمين في أعين المشركين، وهم أصلًا قليلون، وذلك حتى يستهينون بهم ويتراخون في مواجهتهم، يقول الخبراء العسكريين أن أول خطوة من خطوات الهزيمة هو الاستهانة بالعدو. (وَيُقَلِّلُكُمْ في أَعْيُنِهِمْ) 
وفي نفس الوقت لو راي المسلمون المشركين على أعدادهم الحقيقية، وهي ثلاثة اضعاف، فسيسري الخوف في نفوسهم، ويصابون بالإحباط، وهذا أمر يمكن أن يؤدي الى الهزيمة.
ولذلك قلل الله تعالى أعداد المشركين في أعين المسلمين.
(وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ التقيتم في أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً)
ولكن لم يقلل الله تعالى أعداد المشركين بالدرجة التى تجعل المسلمون يستهينون بعدوهم، ولكنه كان تقليل محسوب، فقللهم الله تعالى الى ضعف عدد المسلمين، (يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ) وهو العدد الذي يمكن أن يستفز ويستثير الطاقة والقوي الكامنة في نفوس المسلمين
.
وكان ذلك مع آيات أخري في غزوة بدر تحقق هذا النصر المعجز للمسلمين في غزوة بدر على عدوهم، مع قلة عددهم وعدتهم 
لأن المسلمون كانوا 313 فيهم ستة فقط يلبسون الدروع، ومعهم فرسان
وكان المشركون ما بين التسعمائة والألف فيهم سبعمائة يلبسون الدروع، ومعهم مائتى فرس
ومع ذلك تحقق هذا النصر الساحق للمسلمين، وقد ذكرت الاية الكريمة أحدد أسباب هذا النصر، هي أن المسلمون رأوا المشركين ضعف عدد المسلمين أنفسهم، أي اقل من عدد المشركين الحقيقي، وكان ذلك من شأنه رفع الروح المعنوية للمسليمن واستفز واستثار الطاقة والقوي الكامنة في نفوس المسلمين