Untitled Document

عدد المشاهدات : 2044

الحلقة (190) من "تدبر القُرْآن العَظِيم" تدبر الآية (32) من سورة "آلَ عِمْرَانَ" قول الله تعالى قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (32

 تدبر القُرْآن العَظِيم

الحلقة  التاسعة والثمانون بعد المائة الأولى
تدبر الآية (31) من سورة "آلَ عِمْرَانَ"
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31) 
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
قلنا أن آيات سورة "آل عمران" من الآية رقم (1) حتى الآية (83) نزلت في  وفد نصاري نجران
و"نجران" هي بلد في جنوب الجزيرة العربية، وكانت تدين بالنصرانية، وكان الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قد أرسل اليهم كتابًا يدعوهم فيه الى الإسلام، فلما وصلهم الكتاب أرسلوا وفدًا الى المدينة، من ستون رجلًا من اشرافهم وعلمائهم، وظل هذا الوفد في المدينة المنورة عدة أيام يجادل الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- في أمر عيسي –عليه السلام-
فكان مما قالوه في جدالهم رسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أنهم قالوا:  إنما نعظم المسيح ونعبده حبا لله، فأنزل الله هذه الآية الكريمة ردا عليهم.
(قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31)
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول تعالى ) قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ) 
يعنى اذا كنتم تدعون أو تعتقدون أنكم تحبون الله تعالى.
(فَاتَّبِعُونِي)
فان علامة حبكم لله تعالى هو اتباع الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- واتباع سنته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- 
فمن اتبع الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فهذا دليل على صدق دعواه محبة الله تعالى
(يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ(
يُحْبِبْكُمُ هي يحبكم، ولكن الباء أحيانًا تشدد وأحيانًا تفصل
فالمعنى اذا كنتم تحبون الله فدليل حبكم لله تعالى، هو اتباع الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- واذا اتبعتم الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فسيحبكم الله.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
هذه الآية يقول عنها الحسن البصري أنها "آية الامتحان"
يعنى هي التى يُمْتَحنُ فيها حب العبد لربه
يقول الشاعر العباسي، محمود الورّاق
 تعصي الإله وأنت تزعم حبه ..  هذا لعمري في القياس بديع 
لو كان حــــبك صادقا لأطعته ..  إن المحب لمن يحب مطيع
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
من اشارات هذه الآية الكريمة وفوائدها 
أنك اذا أحببت الله تعالى فسيحبك الله.. 
ليس واردًا في حق الله تعالى أن تحبه ولا يحبك..
وهذا أمر ليس متحققًا في حق البشر، فقد تحب انسانًا وهو لا يحبك.
يقول المتنبي 
أنت الحبيب ولكني أعوذ به.. من أن أكون حبيباً غير محبوب
فالمتنبي يستعيذ أن يحب انسانًا وهو لا يبادله الحب، كما يقولون: الحب من طرف واحد، وهذا الحب من طرف واحد يتعذب به المحب، ويجعله يفقد كرامته، ثم يكون خاسرًا في نهاية الأمر.
ولكن الآية تقول لك اذا أحببت الله، فسيحبك الله، وأعطتك كذلك المقياس الذي تقيس به حب الله، وهو اتباع الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-  
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ثم تحدثت الآية عن ثمرة حب الله تعالى، فقال تعالى (يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) 
فمن أحبه الله تعالى غفر له ذنبه، ورحمه
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
الخواطر حول حب الله تعالى كثيرة لا حصر لها، يقول أحد المحبين:
 ليس العجيب ان تحب الله ولكن العجب كل العجب ان يحبك الله.
"ليس العجيب ان تحب الله" لأنك محتاج اليه، ولأنه أعطاك، وأنعم عليك نعمًا لا تعد ولا تحصى ، ولا يزال ينعم عليك ويعطيك في كل لحظة.
"ولكن العجب كل العجب ان يحبك الله" لماذا يحبك الله ؟ ما الذي أعطيته لله ؟ ولو بقيت كل عمرك ساجدًا لله تعالى، فما الذي يضيفه هذا في ملك الله ؟
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
نسال الله تعالى أن يرزقنا حبه
يقول أحد الصالحين "اذا أحبك الله تعالى فسيذهلك عطاؤه"