Untitled Document

عدد المشاهدات : 1660

الحلقة (261) من "تَدَبُرَ القُرْآنَ العَظِيم" تدبر الآيات (12) و (13) و (14) من سورة "النِسَاء" قول الله -تَعَالي- (وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن

تَدَبُرَ القُرْآنَ العَظِيم
الحلقة الحادية والستون بعد المائتين
تدبر الآيات (12) و (13) و (14) من سورة "النِسَاء"

❇        

وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12) تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14)
❇        

قلنا في الحلقة السابقة أن الآيات أرقام (11) و(12) ثم الآية الأخيرة من سورة النساء وهي الآية (176) هذه الآيات الكريمة هي أساس علم المواريث.
في الآية السابقة -الآية رقم 11- بين الله تعالى ميراث الأولاد والأبوين، ثم يبين الله تعالى في هذه الاية ميراث الأزواج، وميراث الأخوة لأم، فيقول تعالى:
(وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ)
اذا توفيت الزوجة فان ميراث الزوج من زوجته له حالتين:
الحالة الأولى: اذا كان للزوجة ولد، سواء هذا الولد منه أو من غيره، مثل رجل تزوج من امرأة وعندها ولد من زوج آخر، وسواء هذا الولد ذكر أو انثى، ويدخل فيه ابن الابن وبنت الابن، وان نزل، ولا يدخل فيه ابن البنت ولا بنت البنت، وهذا ما يطلق عليه في علم المواريث "الولد الوارث" 
اذن الحالة الأولى اذا كان للزوجة ولد وارث، فان الزوج يرث ربع تركة زوجته.
.
الحالة الثانية: اذا لم يكن للزوجة ولد وارث، فان للزوج نصف تركة زوجته.
.
يقول تعالى (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ)
أي أن هذا التقسيم يكون من بعد انفاذ وصية أوصت بها الزوجة، أو قضاء ديون عليها.

❇        

(وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ)
اذا توفي الزوج، فان ميراث الزوجة له –كذلك- حالتين:
الحالة الأولى: اذا كان للزوج ولد، سواء كان هذا الولد منها أو من غيرها، فان للزوجة ثمن التركة، والمقصود بالولد –كذلك- هو الولد الوارث، يعنى ذكر أو أنثي، واحد أو أكثر، وابن الابن وبنت الابن، وان نزل، ولا يدخل فيه ابن البنت ولا بنت البنت.
الحالة الثانية: اذا لم يكن للزوج ولد، فان للزوج ربع التركة.

❇        

ولو كان للزوج أكثر من زوجة، فان الزوجات كلهن يشتركن في هذا النصيب، سواء الربع أوالثمن.
لذلك سميت الزوجة الثانية "ضُرَة" لأنها تضر بصاحبتها سواء في حياة الزوج أو حتى بعد موته.
وهذا بشرط أن تكون هذه الزوجات على عصمته وقت وفاته، أو تكون الزوجة مطلقة طلاقًا رجعيًا وهي في فترة عدتها، فهي ترث من زوجها، لأن الرجعية لا تزال زوجة ما دامت فى العدة .
واذا طلقها زوجها طلاقًا بائنًا في مرض موته، فهي تدخل في الميراث، لأنه قصد الاضرار.

❇        

ثم يقول تعالى ويؤكد مرة أخري (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ)
أي أن هذا التقسيم يكون من بعد انفاذ وصية أوصى بها الزوج، أو قضاء ديون عليه.

❇        

اذن الزوج في أي مسئلة ميراث له اما النصف واما الربع، والزوجة لها اما الربع واما الثمن
❇        

(وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ)
(وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ) وقرأت (يُوَرِّثُ)
يعنى الرجل مات وترك (كَلَالَةً) 
و الكَلَالَةً هم أقارب من  يموت وليس له ولد ولا والد.
وهو من الاكليل، الذي يوضع يحيط بالرأس، ومنه اكليل الزهور.
فاطلقت الكلالة على أقارب من  يموت وليس له ولد ولا والد، لأنهم محيطون بالميت وليسوا من أصوله ولا فروعه. 
فقوله تعالى (وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ) يعنى رَجُلٌ مات، أَوِ امْرَأَةٌ ماتت، ولم يكن له أو لها أب أو أم أو ابن أو ابنة.

❇        

(وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ)
يعنى هذا الميت لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ والمقصود بالأخ والأخت هنا هو الأَخٌ من أم و الأُخْتٌ من أم.
لأنه ورد حكم بقية الكلالة في آخر آية في سورة النساء للأخ والأخت الشقيقة، والأخ والأخت لأب.
(فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ)
أي أن للأخ من الأم سدس التركة، وللأخت من الأم سدس التركة.
وهذه من الحالات التى يرث فيها الذكر مثل الأنثي.
يقول تعالى (فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ) يعنى اذا كان الاخوة أكثر من أَخٌ واحدٍ أَوْ أُخْتٌ واحدةٍ، فهم يشتركون في ثلث التركة، فتقسم بينهم بالسوية، لا فرق بين الذكر والأنثى.

❇        

الأخ أربعة: أخ شقيق من الأب والأم، والأخ لأب، والأخ لأم، والأخ في الرضاعة.
الأخ في الرضاعة لا يرث.
الأخ الشقيق، والأخ لأب يرث بالتعصيب، يعنى يرث ما تبقي  بعد أخذ أصحاب الفروض فروضهم.
أما الأخ لأم فهو لا يرث بالتعصيب، ولكن يرث بالفرض اما السدس واما يشترك في الثلث.

❇        

(مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ)
قوله تعالى (غَيْرَ مُضَارٍّ) يعنى ألا يقصد المتوفي الإضرار في الوصية أو الإضرار في الدين.
ومن صور الاضرار في الوصية، أن يكون المورث كارهًا لبعض الورثة، فيوصى في حدود الثلث لغيرهم بقصد تقليل أنصبتهم.
ومن صور الاضرار في الدين: أن يقوم المتوفي قبل وفاته بعمل دين صوري لشخص يريد أن يورثه، وبذلك تنتقل اليه التركة بعد وفاته في صورة سداد الدين، ويحرم أقاربه المستحقين للميراث 
أو يكون شخص ليس عنده أبناء ذكور ولا يريد أن يدخل أحد مع بناته في الميراث، فيكتب دينًا على نفسه للبنات يستغرق التركة كلها.
ويمكن أن يتحرز من أن يطعن أحد الورثة في هذا التصرف، فيجعل هذا الدين الصوري لشخص ثالث، فاذا مات يأخذ هذا الشخص الدين قبل تقسيم التركة، ويسلمه الى البنات.

❇        

(وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ)
أي أن كل ما ذكر هو وصية من الله -تَعَالي-، والوصية مؤكدة أكثر من الفرض. 
(وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ) أي أن الله عَلِيمٌ بما تفعلون، وعَلِيمٌ بنوايا عباده، وعليم بمن يريد الإضرار بوثته، وعليم بمن يوزع ماله في حياته، ونيته أن يعطي البنت مثل الذكر، وعليم بمن يوزع ماله في حياته ونيته أن يحرم بعض الورثة من التركة.
وهو تعالى حَلِيمٌ لا يعجل بالعقوبة على من عصاه، فلا تغتر بأن واحداً حدث منه ذلك، ولم ينتقم الله منه في الدنيا، فعدم انتقام الله منه في الدنيا لا يدلّ على أنه تَصَرَّفَ حلالاً، لكن هذا حلم من الله وإمهال وإرجاء ثم يكون هناك عقاباً في الآخرة.

❇        

(تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) 
(تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ) أي أن الأحكام المذكورة فى شأن المواريث هي حُدُودُ اللَّهِ، وما دامت هذه هي حُدُودُ اللَّهِ فلا يجوز لأي أحد أن يتجاوزها الى غيرها.
(وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) 
اشارة الى أن الرَسُول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سيضع حدودًا من عنده، ويجب علينا طاعته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في هذه الحدود، مثل ما ثبت أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أعطي الجدة السدس.
(يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ) أي تجري الأنهار من تحت أشجارها وقصورها.
(خَالِدِينَ فِيهَا) وذلك هو الفرق بين نعيم الدنيا ونعيم الآخرة، فنعيم الدنيا اما أن يتركك، أو تتركه أنت بالموت، أما نعيم الآخرة فلن يتركك ولن تتركه 
(وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) 
لم يقل تعالى وَذَلِكَ الْفَوْزُ الأعظم، لأن الأعظم يقابله عظيم، فلو قال "ذَلِكَ الْفَوْزُ الأعظم" معنى ذلك أن فوز الدنيا –كذلك- عظيم، ولكن فوز الآخرة أعظم.
ولكن الْعَظِيمُ يقابله الحقير، فحين يقول تعالى عن فوز الآخرة أنه عظيم، فهذا يعنى أن فوز الدنيا حقير.

❇        

(وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14)
روي أبو داود والترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النَبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: إن الرجل ليعمل والمرأة بطاعة الله تعالى ستين سنة ثم يحضرهما الموت فيضاران في الوصية فتجب لهما النار. 
ثم قال أبو هريرة: واقرءوا إن شئتم (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14)

❇        

لِمُطَالَعَة بَقِيَةِ حَلَقَات "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم"

لِمُشَاهَدَة حَلَقَاتِ "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم" فيديو

❇