تَدَبُرَ القُرْآنَ العَظِيم
الحلقة الثالثة والستون بعد المائتين
تدبر الآيتين (17) و(18) من سورة "النِسَاء"
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (17) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآَنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (18)
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

(إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (17)
(إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ) أي أن الله تعالى أوجب على نفسه قبول توبة العبد، وهذا من فضل الله -تَعَالي- على عباده وكرمه ومنه ورحمته بهم.
كما قال تعالى في موضع آخر ( كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ)
(لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ) السوء هي المعاصي سميت بذلك  لسوء عاقبتها
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

(لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ) ليس معنى يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ، أنهم يجهلون أنها معاصي، لأن الجاهل لا يؤاخذ، ولكنها وصف لمن يقارف المعصية، ولذلك فكل من يرتكب معصية فهو يرتكبها بِجَهَالَةٍ، لأنه يفضل اللذة الفانية على اللذة الباقية.
كما قال يوسف (وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ)
وقال تعالى لنوح: (فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ(
عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: مَنْ عَصَى رَبَّهُ فَهُوَ جَاهِلٌ حَتَّى يَنْزِعَ عَنْ مَعْصِيَتِهِ.
وهذه اشارة الى أن العالم العاصي لا يعتبر عالم، ولكنه جاهل في الحقيقة.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

(ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ) أي يَتُوبُونَ قبل الموت
عَنْ عِكْرِمَةَ‏‏ قَالَ‏:‏ الدُّنْيَا كُلُّهَا قَرِيبٌ‏.‏
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: الْقَرِيبُ: مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَلَكِ الْمَوْتِ.
يقول الرَسُول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ" أي قبل أن تصل الروح الى الحلق.
وفي الأثر أَنَّ إِبْلِيسَ لَمَّا لُعِنَ وَأُنْظِرَ، قَالَ‏:‏ وَعِزَّتِكَ لَا أَخْرُجُ مِنْ قَلْبِ ابْنِ آدَمَ مَا دَامَ فِيهِ الرُّوحُ‏.‏ فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى‏:‏ وَعِزَّتِي لَا أَمْنَعُهُ التَّوْبَةَ مَا دَامَ فِيهِ الرُّوحُ‏.‏
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

وهذا من رحمة الله تعالى أن فتح لنا باب التوبة حتى آخر لحظة من لحظات موت الإنسان، ولكن لا ينبغي للمرء أن يغتر بذلك، لأن الموت قد يأتي فجأة، وقد يأتي الموت ولا يستطيع العبد أن يستوفي شروط التوبة.
لذلك فالتوبة أفضل كلما كانت قريبة من وقت ارتكاب السيئة، يقول العلماء أن تأخير التوبة ذنب.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

 (فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ)
أي فَأُولَئِكَ يقبل الله توبتهم
 (وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا) أي ذو علم  بما هم عليه عباده من ضعف، وذو علم بمن هو صادق في توبته، حَكِيمًا يضع كل شيء في موضعه، وحكيما في أن شرع التوبة لعباده.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

(وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآَنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (18)
(وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ) أي وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ التى يقبلها الله تعالى 
(لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآَنَ) أي لا يقبل الله توبة من يصر على المعصية، حتى اذا حضره الموت وعاين ملك الموت، قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآَنَ. 
كما قال تعالى حكاية عن فرعون)  حتى إِذَآ أَدْرَكَهُ الغرق قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إله إِلاَّ الذي آمَنَتْ بِهِ بنوا إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ المسلمين) فرد الله تعالى عليه (آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ المفسدين) 
(وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ) 
لأن الكافر سيندم يوم القيامة، ويعلن توبته، ويتمني أن يعود الى الدنيا ويعمل الصالحات
وفسرها الإمام أحمد –رحمه الله- بأنه الذي يصر على ترك الصلاة حتى مات، لأن تارك الصلاة عند الامام أحمد كافر كفر مخرج من الملة

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

لِمُطَالَعَة بَقِيَةِ حَلَقَات "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم"

لِمُشَاهَدَة حَلَقَاتِ "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم" فيديو

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇