Untitled Document

عدد المشاهدات : 1922

الحلقة (265) من "تَدَبُرَ القُرْآنَ العَظِيم" تدبر الآيتين (20) و(21) من سورة "النِسَاء" قول الله -تَعَالي- (وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَان

تَدَبُرَ القُرْآنَ العَظِيم
الحلقة الخامسة والستون بعد المائتين
تدبر الآيتين (20) و(21) من سورة "النِسَاء" (ص81)

        

(وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (20) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (21)
        

(وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (20)
بعض الرجال يكون متزوجًا ويريد أن يتزوج من زوجة جديدة، وهو لا يملك مهر الزوجة الجديدة، فيريد أن يسترد من زوجته القديمة جزء من المهر الذي قدمه لها، حتى يقدمه للزوجة الجديدة.
وحجته في ذلك أنه قد فارق زوجته، فليس لها الحق في كامل المهر، بل لها الحق فقط على قدر الفترة التى قضاها معها.
وقد يلجأ الرجل في سبيل ذلك الى عضل زوجته، أي اساءة عشرتها حتى توافق على ذلك

        

يقول تعالى (وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ) 
يعنى اذا أَرَدْتُمُ أيها الرجال مفارقة زوجتك التى معك، والزواج من زوجة جديدة. 
(وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا) 
يعنى وكنت قد قدمت لزوجتك التى معك، والتى تريد مفارقتها، مهرًا مالًا كثيرًا.
(فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا) 
فلا يحق لكم أن تأخذوا من هذا المهر شيئًا.
لأن هذا المهر ليس مقابل أن تكون زوجتك معك الى آخر عمرك، ولكن المهر -مهما كان كبيرًا- فهو مقابل استمتاعك بها ولو للحظة واحد.
ثم يقول تعالى (أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا)
وهذا يطلق عليه سؤال للإنكار والتوبيخ
يعنى: هل تريدون أن تأخذوا هذا المهر (بُهْتَانًا) أي ظلمًا (وَإِثْمًا) والإثم الذنب العظيم (مُبِينًا) واضحًا

        

(وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (21)
(وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ) أي كيف تأخذون هذا المهر، وهذا سؤال استنكاري، كما تقول: كيف تفعل هذا ؟
(وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ) 
(أَفْضَى) من الفضاء، وهو المكان الواسع، والمعنى أن الذي كان بينك وبين زوجتك علاقة عميقة جدًا، وحسبك من عمق هذه العلاقة أنها تري عورتها، وهي تستر هذه العورة على أبيها وأخيها، بل وعلى اختها وأمها.
وحسبك أنك تأكل معها، وتنام معها، وتروح وتجيء معها، وتعيش معها، وهناك أمور تخجل من اتيانها أمام كل الناس، ولا يكون ذلك بينك وبين زوجتك.
أنت تري اذا خضعت الزوجة –مثلً- لإجراء عملية جراحية وباتت في المستشفي فان أبيها وأمها يقضيان بعض الوقت، ثم عندما يحين موعد انصراف الزوار ينصرفون والذي يبيت معها هو زوجها.
اذن فالعلاقة من العمق بحيث يكون السؤال: كيف بعد كل هذه العلاقة الواسعة العميقة، تريد أن تسترد المهر الذي قدمته لها ؟
(وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا) الميثاق الغليظ هو العهد المؤكد الشديد والمقصود هو عقد الزواج.
وقد ورد لفظ الميثاق الغليظ في القرآن ثلاثة مرات: الميثاق الذي أخذه الله على بنى اسرائيل، والميثاق الذي أخذه الله تعالى على انبياءه، وميثاق الزواج.
فكيف بعد هذا الميثاق الغليظ تريد أن تسترد المهر الذي قدمته لها.

        

بالمناسبة مشهور جدًا أنّ عمر - رضي الله عنه – نهي عن المغالاة في المهور، فقامت امرأة وقالت: يا ابنَ الخطاب: الله يُعطينا وأنت تمنع، وتلت هذه الآية (وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا) فقال عمر: أصابت امرأة وأخطأ عمر، أو كُلّ الناس أفقه من عمر، ورجع عن كراهة المُغالاة .
ودائمًا تقال هذه الرواية للدلالة على عدل عمر –رضى الله عنه- وتواضعه، وهذه الرواية غير صحيحة على هذا الوجه.

والصحيح أن عمر نهي عن المغالاة في المهور، والرسول –صلى الله عليه وسلم- نفسه نهي عن المغالاة في المهور، فقال –صلى الله عليه وسلم- " أكثرهن مهرًا أقلهن صداق" أما أن امرأة وقفت وأنكرت على عمر، وأن عمر قال "أصابت امرأة وأخطأ عمر" فهذا الجزء من الرواية ضعيف الأسانيد، وأنا أري أن هذه العبارة فيها تحقير للمرأة.
كما أن الاستدلال في قول المرأة غير صحيح، لأن قوله تعالى (وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا) يعنى حتى وان كنت قد أعطيت زوجتك مهرًا كثيرًا، فلا تأخذ منه شيئًا، ولا يعنى بحال اعطي لزوجتك مهرًا كبيرًا.

❇        

لِمُطَالَعَة بَقِيَةِ حَلَقَات "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم"

لِمُشَاهَدَة حَلَقَاتِ "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم" فيديو

❇