تَدَبُرَ القُرْآنَ العَظِيم
الحلقة الثانية والتسعون بعد المائتين (292) (ص 91)
تدبر الآيتين (86) و(87) من سورة "النِسَاء"
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا (86) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا (87)
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا (86)
يعنى اذا حياك أحد وسلم عليك، فرد عليه السلام بمثل ما سلم عليك، أو بأحسن ما سلم عليك
فاذا قال لك أحد "السَّلَامُ عَلَيْكُمْ" فترد التحية بمثلها وتقول "وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ" أو ترد بأحسن منها فتقول "وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ"
واذا قال "السَّلَامُ عَلَيْكُمُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ" ترد بمثلها فتقول "وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ" أو بأحسن منها فتقول "وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وبركاته"
واذا قال "السَّلَامُ عَلَيْكُمُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وبركاته" فترد مثلها "وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وبركاته" لأنه لا يوجد ما هو خير منها.
يقول ابن عباس "انتهي السلام عند البركة" لأن البعض يزيد ويقول "وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وبركاته وعفوه ومغفرته"
قال بعض أهل العلم أنت زدت الواو، وزايدة المبنى تعني زيادة المعنى
وأيضًا قوله تعالى )وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا) أي أَحْسَنَ مِنْهَا في كيفية أداء السلام، أي يكون الرد بإقبال واهتمام، وليس بعدم اقبال أو اهتمام أو بصوت منخفض.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وحكم السلام أنه مستحب، أما رده فهو فرض.
وقد ورد في فضل إفشاء السلام أحاديث كثيرة منها ما رواه مسلم في صحيحه عن أبى هريرة قال : قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-"لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم ".
وقد ورد في آداب السلام في الصحيح أنه "يُسَلِّمُ الصَّغِيرُ علَى الكَبِيرِ، والرَّاكِبُ علَى الماشِي، والماشِي علَى القاعِدِ، والقَلِيلُ علَى الكَثِيرِ"
وكان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اذا مر بصبيان سلم عليهم.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
والمصافحة سنة وأجرها عظيم روى أبو داود في الصحيح عن البراء بن عازب، قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "ما من مسلمَينِ يلتقيان فيتصافحان، إلا غفَر لهما قبل أن يفترَّقا"
والسؤال الذي يتكرر كثيرًا هو حكم السلام على غير المسلم، فقال البعض لا ينبغي أن نبدأ غير المسلم بالسلام، واذا سلم علينا وقال "السلام عيكم" نرد ونقول "وعليكم" وهذا غير صحيح، لأن هذا الحديث الذي ذكر ذلك كان له ظرف خاص، وهو وجود حرب بين المسلمين وبين اليهود، وهي غزوة "بنى قريظة" فلم يكن مناسبًا أن يبدؤهم بالسلام، لأن السلام تأمين، فكان ترك السلام تخويفًا لهم.
عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَنْ سَلَّمَ عَلَيْكَ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ فَارْدُدْ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مَجُوسِيًّا، فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا)
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول العلماء: رد التحية ليس فِي السَّلامِ وَحْدِهِ،ولكن كُلِّ مَنْ أَحْسَنَ إِلَيْكَ فَينبغي أن تحْسِنْ إِلَيْهِ بمثل ما أحسن اليك أو أفضل مما أحسن اليك، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَادْعُ لَهُ وَأَثْنِ عَلَيْهِ عِنْدَ إِخْوَانِهِ.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا)
(حَسِيبًا) من الحساب والاحصاء، فالله تعالى يحصى علينا كل حسنة وكل سيئة، وسيجازي عليها يوم القيامة، و(يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
)اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا (87)
روي أن هذه الآية نزلت في قوم شكوا في البعث فأقسم اللَّه- عَزَّ وَجَلّ- أن سيبعثهم يوم القيامة لا رَيْبَ فِيهِ.
فاللام في قوله تعالى (لَيَجْمَعَنَّكُمْ) لام القسم
وقوله تعالى (لَا رَيْبَ فِيهِ) يعنى أي شك في وقوع يوم القيامة.
وسمي (يَوْمِ الْقِيَامَةِ) بهذا الاسم لأن الناس كلها تقوم فيه من قبورهم.
وهذا من لطفه تعالى بعباده أنه يقسم لهم، وهو الغنى عن عباده أن يصدقوه، ولله المثل الأعلى، فالسيد لا يقسم لعبده، والرئيس لا يقسم لمرؤوسه، ولكن الأب قد يقسم لولده تلطفًا به
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ثم يقول تعالى بعد ذلك (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا) يعنى ليس هناك ناطق أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا.
لأن الذي يكذب، اما أنه يكذب لجلب منفعة، أو لدفع مضرة، وليس هذا واردًا في حقه تعالى، فهو تعالى خَالِقُ الضَّرِّ وَالنَّفْعِ.
اذن فالله تعالى من لطفه يقسم لنا وهو الغنى عنا، ثم من لطفه أنه تعالى يدلل على صحة قسمه، فيقول لنا أنه ليس هناك أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
لِمُطَالَعَة بَقِيَةِ حَلَقَات "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم"
لِمُشَاهَدَة حَلَقَاتِ "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم" فيديو
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
|