Untitled Document

عدد المشاهدات : 1386

الحلقة (387) من "تَدَبُرَ القُرْآنَ العَظِيم" تدبر الآيات من (36) الى (41) من سورة "الأَنْعَام" قول الله -تَعَالي- (إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ...

تَدَبُر القُرْآن العَظِيم
الحلقة (387)
تدبر الآيات من (63) الى (41) من سورة "الأَنْعَام" (ص 132)

❇        

(إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (36) وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آَيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (37) وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (38) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (39) قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (40) بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ (41) 


        

إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (36)
(إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ) إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ ما تدعو إليه الَّذِينَ يَسْمَعُونَ سماع تفهم واعتبار، وهؤلاء ليسوا كذلك
(وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ) يعنى هؤلاء الذين تحرص على هدايتهم كأنهم موتي لا يسمعون، كما قال تعالى في سورة النمل (إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ ٱلْمَوْتَىٰ )
وقوله تعالى (وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) يعنى هؤلاء الكفار عندما يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ فانهم حينحئذ يسمعون رغمًا عنهم، وأما قبل ذلك فلا سبيل إلى استمعاهم.

        

(وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آَيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (37)
(وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ)
يعنى وقال المشركون هلا أنزل رب محمد عَلَي محمد (آَيَةٌ) اي معجزة تثبت صدق نبوته.
وهذا بالرغم من أن الله تعالى أنزل على الرسول ﷺ القرآن العظيم وهو معجزة، وتحداهم الرسول ﷺ -وهم أهل الفصاحة والبيان- أن يأتوا بمثل هذا القرآن فعجزوا عن ذلك، والى جانب القرآن العظيم كانت هناك معجزات كونية أخري، مثل معجزة انشقاق القمر.
ولكن قولهم
(لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ) يدل على أنهم لا يكتفون بالقرآن العظيم، ولا يكتفون بالآيات الحسية التي جاء بها الرسول ﷺ، ولذلك طلب المشركون من الرسول ﷺ آيات بعينها، فطلب بعضهم أن يكون مع الرسول ﷺ مَلَك، وطلب البعض أن يفجر الأنهار في مكة، وطلب البعض أن يوسع أرض مكة، وطلبوا أن يجعل جبل الصفا ذهبًا، وغير ذلك من الآيات التي طلبوها تحكمًا وتعنتًا ومكابرة وعنادًا منهم

        
(قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آَيَةً) يعنى قُلْ لهم يا محمد ان الله تعالى قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ هذه الآيات التي اقترحوها، ولكن الله تعالى -كما ذكرنا من قبل- له سنن في كونه، وله حكمة في اختيار الآيات التي فيها نظر وتأمل والتي يؤمن بها البعض ويكفر البعض، وبذلك يتحقق الامتحان الذي أراده الله لبنى آدم.
هب أن رئيس جامعة عقد امتحانًا للطلبة في آخر العام، ووزع على الطلبة أوراق الامتحان مكتوب فيها الإجابات النموذجية، وليس مطلوبًا من الطالب الا أن يكتب اسمه، وكانت النتيجة أن نجح جميع الطلاب بالدرجة النهائية، فان هذه الدرجة العلمية التي حققها الطلاب، وهذه الجامعة لا قيمة لها.
أمر آخر: لو أجابهم الله تعالى الى الآيات التي يقترحونها، لاقترحوا غيرها وهكذا الى ما لا نهاية له، فالله تعالى أجابهم الى معجزة عظيمة –بل ربما تكون أعظم معجزة جاء بها أي نبي- وهي معجزة انشقاق القمر، فلما أجابهم الله تعالى الى هذه المعجزة، قال هذا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ أي سحر عظيم، وطلبوا آيات أخري. 

        

(وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) 
يعني وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ (لَا يَعْلَمُونَ) أنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آَيَةً، لأن المشركون كانوا َ لَا يَعْلَمُونَ صفات الله تعالى.
أو
(لَا يَعْلَمُونَ) حكمة الله في عدم إنزال هذه الآيات.
أو
(لَا يَعْلَمُونَ) أن زيادة الآيات إذا لم يؤمنوا، توجب زيادة العذاب، لكثرة تكذيبهم. 
أو
(لَا يَعْلَمُونَ) ماذا سيكون عليهم من العذاب والاستئصال إذا أنزل الله الآيات التي يقترحونها ثم ظلوا على شركهم، كما حدث مع الأمم السابقة، مثل قوم ثمود الذين طلبوا الناقة ثم عقروها فكان سببًا في عذابهم.


        

ثم يذكر تعالى بعض الآيات الكونية التي نراها بأعيننا والتي تدل على وجود الله تعالى وقدرته، فيقول تعالى:
(وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (38) 
(وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ) كلمة (دَابَّةٍ) أصلها ما يدب على الأرض، وهي تشمل كل أنواع الحيوانات والحشرات والهوام وجميع المخلوقات التي تعيش على وجه الأرض.
وهي تشمل أيضًا الأسماك وغيرها من المخلوقات البحرية، لأن هذه المخلوقات البحرية تسبح في الماء، والماء جزء من الأرض، ولذلك كانت العرب تطلق على هذه المخلوقات البحرية "دواب البحر" في حديث جابر عن سرية الخبط "فَلَمَّا جَهَدَنَا الْجُوعُ أَخَرَجَ اللَّهُ لَنَا دَابَّةً مِنْ الْبَحْرِ" فكلمة (دَابَّةٍ) تضم المخلوقات التي على البر والتي في الماء 

        

يقول تعالى (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ)
يعنى كل ما حولنا من حيوان وطير وحشرات وأسماك ومخلوقات بحرية، كل نوع من هذه الأحياء هو أمة لها سمات وخصائص ونظام حياة مثل الانسان
يقول الرسول في الحديث "لولا أن الكلابَ أمةٌ من الأممِ لأمرتُ بقتلِها"

        

وقد تعرف علماء الأحياء حتى الآن على 2.5 مليون نوع من أنواع الأحياء، ويتم اكتشاف 15000 نوع جديد كل عام، وبمعدل هذا الاكتشاف يقدر العلماء المجموع المتوقع لأنواع الأحياء الى نحو 20 مليون نوع، وكل نوع من هذه الأنواع يضم مليارات الأفراد.
وكل مخلوق من هذه المخلوقات دليل دامغ على وجود الله تعالى وعلى قدرته.

        

قوله تعالى (أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ) يمكن أن نتحدث فيه كثيرَا جدَا، تقريبًا كل علم الأحياء تحت هذه الجملة القصيرة.
مثلًا: اكتشف علماء الأحياء أن هناك تعاون بين قطعان الفيلة والزراف، فالفيل له حاسة سمع قوية، مقابل حاسة بصر ضعيفة، بينما الزرافة العكس، لها حاسة بصر قوية، وطولها يعمل كبرج مراقبة، فاذا شعر الفيلة أو الزراف باقتراب عدو فانه ينبه الآخر ويهرب الجميع.

هناك تعاون كذلك بين الغزلان والحمر الوحشية، يقول أحد الباحثين خرجت في رحلة لاصطياد الغزلان ولكن فشلت في اصطياد غزال واحد، لأني كلما اقتربت من غزال نبهته الحمر الوحشية.
اكتشف العلماء أن حيوان آكل النمل يملك القدرة على سماع صوت النمل، وله القدرة على شم رائحتها.
هناك حيوانات تتظاهر بالموت حتى تحمي نفسها من الافتراس، وهناك أحد أنواع الأفاعي، اذا شعرت بالخطر، فإنها تتظاهر بالموت، فتتمدد على ظهرها، وتفتح فمها وتخرج لسانها، وتفرز سائل كريه الرائحة مثل رائحة الجثث.
وهناك أحد أنواع الخنافس يتظاهر بالموت، وعندما ينقلها النمل الى مسكنه، فانه يسرع فيلتهم يرقات النمل ويأكلها.
هناك نوع العناكب اذا قل الطعام جدًا، فان الأم تضحي بنفسها، وتشجع صغارها على أن تلتهمها.
        

(وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ)
انظروا الى أمة النمل، يعيش النمل في مساكن مقسمة الى غرف معيشة، ومستودعات لتخزين الغذاء، وهناك غرفة خاصة بالملكة، والتي تقوم بوضع البيض، واعطاء التوجيهات، وهي على اتصال دائم بكل أفراد المملكة
وه
ناك في مجتمع النمل مجموعة من الإناث تقوم بتربية الصغار، ومجموعة تقوم بتنظيف المسكن، ومجموعة تقوم بتربية حشرات تعيش النمل على رحيقها، ومجموعة تقوم بزراعة فطريات، والبعض يقوم بسحب جثث الموتى خارج المستعمرة، للمحافظة على بيئة المستعمرة وحمايتها من الأمراض.
ويبقي صغار النمل داخل المستعمرة، حيث يقوم بحفر الحجرات وتوسيع السراديب وترتيب الغذاء.

 والنمل له طريقة في ادخار الغذاء بحيث يحفظه من التلف، وإذا كان من ضمن الغذاء حبوب أو بذور فانه يقسمها الى نصفين حتى لا تنبت، الا حبة الكزبرة فانه يقسمها الى أربعة أجزاء، لأن حبة الكزبرة يمكنها أن تنبت اذا قسمة الى قسمين.
وفي النمل عساكر لها حجم أكبر، ولها رأس صُلب، كأن عليه خوذة، يقوم بحراسة المستعمرة، ورد العدوان.
والعلاقة بين أهل القرية الواحدة من النمل علاقات ودية جدًا، وإذا كانت هناك نملة جائعة فيمكن أن تأتي نملة أخري وتطعمها، أما النمل من القري الأخرى فيمكن أن تنشب الحروب بين القريتين، ويقع قتلى وجرحي، ويأخذ النمل المنتصر أسري، ويجعلهم عبيد في قريتهم، بينما يقوم بدفن موتاه في مقابر خاصة.
ويحاول النمل المنتصر أن يدب الرعب في قلوب العبيد دائمًا، وقد يقوم النمل المستعبد بعمل ثورة ضد النمل الغازي فيقاتل النمل الغازي، وقد تنجح هذه الثورات، وقد تفشل ويستسلم.
وقد يقوم بعض النمل بغزو قرية أخري ويسرق اليرقات، وعندما يفقس البيض يستخدم النمل الصغير في أعمال داخل المستعمرة، ويظل طوال عمره لا يعلم أنه لا ينتمي لهذه المستعمرة.

        

(وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ)
عندما اخترع المجهر الإلكتروني الذي يكبر أربعمئة ألف مرة ووضعت بعوضة تحته، تبين أن في رأسها مئة عين، وفي فمها ثمانية وأربعين سناً ، وفي صدرها ثلاثة قلوب ، قلب مركزي ، وقلب لكل جناح ، وفي كل قلب أذينان وبطينان، والبعوضة عندما تمتص الدم من جسم الانسان وحتى يسلك الدم في خرطومها الدقيق فانه لابد أن يتميع، ولذلك عندها مادة لتمييع الدم، وحتى لا يشعر الانسان بوخزة البعوضة فيقتها تفرز أثناء مص الدم مادة مخدرة، وعندما يزول تأثير المخدر تكون البعوضة قد انتهت من مص الدم، وطارت بعيدًا، وعندها يشعر الانسان بألم الوخزة، كما أن لديها قدرة على تحليل الدم حتى تمص الدم الذي يناسبها، ولذلك يكون اثنان في غرفة واحدة، أحدهما يعاني من وخز البعوض، والآخر لا تقترب منه، وهي تقوم بهذا التحليل بسرعة فائقة وهي في الهواء دون أن تأخذ عينة من الدم، ولعل الانسان يصل به التقدم يومًا فيقوم بتحليل الدم مثل البعوضة دون أن يقوم معمل التحاليل بغرس ابرة في الذراع وسحب عينة من الدم.

        

(مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ) 
قيل أن المقصود بالكتاب هو اللوح المحفوظ، والمعنى أن كل هذه الأعداد من المخلوقات مثبتة في اللوح المحفوظ، ومثبت فيه حركتها وسكنتها، منذ بدء الخليقة وحتى قيام الساعة.
أو أن الْكِتَابِ هو القرآن الكريم، فالقرآن الكريم فيه كل شيء يحتاج إليه.

        

(ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ)
يعنى كل هذه الأعداد التي لا يحصيها العد، سيحشرون الى الله يوم القيامة، فيشهدون على من ظلمهم من البشر، ويقتص تعالى لبعضها من بعض، فيقتص تعالى للدابة التي ظلمت من الدابة التي ظلمتها، يقول الرسول ﷺ يقاد يوم القيامة للشاة الجلحاء -التي بدون قرون- من الشاة القرناء، فاذا فرغ تعالى من الحكم بينها يقول لها:  (كونى ترابا) فتكون ترابَا، فعندئذ يقول الكافر (يا ليتنى كنت ترابا)

        

من دقة الأداء القرآن أن الله تعالى قال (وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ)
فلم يقل تعالى (وَلَا طَائِرٍ) وانما أضاف (يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ) لماذا هذه الإضافة إذا كانت كل الطيور تطير بواسطة أجنحة؟
نقول إن هذه الإضافة الدقيقة، وهي قوله تعالى (يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ) فيه رسالة عليمة الى الانسان إذا أردت الطيران لابد أن يكون ذلك عن طريق جناحين، ولذلك نجد جميع الطائرات الآن لها أجنحة.

حتى عندما أراد بعد العلماء في ألمانيا تطوير طائرات هادئة لا تحدث ضوضاء، فانهم عكفوا على دراسة جناح البومة، لأنهم لاحظوا أنه يسمع صوت لرفرفة أجنحة الحمام وغيرها من الطيور، بينما البومة لا يُسمع صوت جناحيها وهي تطير، والسبب أن البومة تصطاد بالليل، وتعتمد في تحديد مكان فريستها على حاسة السمع، فاذا كان هناك صوت لأجنحتها فإنها لن تستطيع أن تسمع صوت فريستها.


        

(وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (39)
بعد أن ذكر الله تعالى في الآية السابقة ما يدل على وجود الله ووحدانيته، فقال تعالى (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ) فكل دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَكل طَائِرٍ في السماء هو آية منصوبة للدلالة على وجود الله.
يقول تعالى بعد ذلك أن الذي يكذب بوجود الله تعالى بعد ذلك فهو كالأصم الذي لا يسمع الحق، والأبكم الذي لا يتكلم بالحق.
يقول تعالى: 

(وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا) يعنى وَالَّذِينَ يكذبون بحجج الله وأدلته الظاهرة على وجوده تعالى
(صُمٌّ وَبُكْمٌ) هؤلاء صُمٌّ لا يسمعون كلام الهدي والحق 
(بُكْمٌ) لا ينطقون بالخير والحق  
(فِي الظُّلُمَاتِ) يَنُوبُ عن عُمي، كما قال تعالى في سورة البقرة (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ) ولكن قوله تعالى (فِي الظُّلُمَاتِ) أوقع في النَّفْسِ.
(مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ) يعنى عن الايمان.
(وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) وهو طريق الإسلام والايمان

        

(قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (40) 
(قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ) قل يا محمد لهؤلاء المشركين. 
(أَرَأَيْتَكُمْ) يعنى أخبروني. 
(إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ) إذا وقع بكم عذاب من الله، كالزلزال أو الاعصار أو غير ذلك
(أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ) أَوْ وقعت القيامة التي تنكرونها 
(أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ لكشف الضر عنكم 
(إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ في اعتقادكم أن هده الآلهة التي تعبدونها مع الله تعالى تضر أو تنفع.

        

(بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ (41)
يعنى بَلْ تَدْعُونَ الله في هذا الموقف العصيب وتستغيثون به وتفزعون اليه  
(فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ) أي فيستجيب الى دعائكم، ويفرج عنكم، اذا شَاءَ ذلك.
(وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ)
وتنسون حين يأتيكم عذاب الله أو تأتيكم الساعة بأهوالها ما تشركونه مع الله في عبادتكم إياه، فتجعلونه له ندًّا من وثَن وَصَنم، وغير ذلك مما تعبدونه من دونه وتدعونه إلهاً.
وهذا مثل قوله تعالى في سورة الاسراء (وَإِذَا مَسَّكُمُ ٱلْضُّرُّ فِي ٱلْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَ إِيَّاهُ)

 

❇        

لِمُطَالَعَة بَقِيَةِ حَلَقَات "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم"

لِمُشَاهَدَة حَلَقَاتِ "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم" فيديو

❇