Untitled Document

عدد المشاهدات : 1438

الحلقة (391) من "تَدَبُرَ القُرْآنَ العَظِيم" تدبر الآيات من (54) الى (58) من سورة "الأَنْعَام" قول الله -تَعَالي- (وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ ...

تَدَبُر القُرْآن العَظِيم
الحلقة (391)
تدبر الآيات من (54) الى (58) من سورة "الأَنْعَام" (ص 134)

❇        

(وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (54) وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ (55) قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (56) قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ (57) قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ (58) 


❇        

قلنا في اللقاء السابق أن الفقراء من المسلمين والعبيد والموالي كانوا يجلسون الى النبي ﷺ فجاء الى الرسول ﷺ بعض أشراف قريش وقالوا: يا محمد اطرد عنا هؤلاء، فإنما هم عبيدنا وعتقاؤنا، فلعلك ان طردتهم نتبعك، وقالنا أن الرسول ﷺ هَمَّ بذلك، وقد روي أنهم طلبوا من الرسول ﷺ أن يكتب كتابًا بذلك، فاستدعي الرسول ﷺ على بن ابي طالب حتى يكتب هذا الكتاب، وقبل أن يكتب الرسول ﷺ هذا الكتاب نزل قول الله تعالى (وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (52) 
فلما نزلت الآية الكريمة ألقى الرسول ﷺ بالصحيفة ولم يكتبها.

❇        

 ثم يقول تعالى في هذه الآية الكريمة:
(وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (54)
(وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِنَا) وهم ضعفاء المسلمين الذين نهي الله عن طردهم ونزلت فيهم الآيات.
(فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ) فَقُلْ لهم سَلَامٌ الله عَلَيْكُمْ
يعنى أمر الله تعالى رسوله ﷺ بتبليغ سلامه تعالى الى هؤلاء المؤمنين الضعفاء الذين نزلت فيهم الآيات، وهذا فيه غاية التشريف والتكرمة وتطييب القلب لهم.
وهذا كما جاء أن جبريل أتي الرسول ﷺ وقال له: يا رسول الله هذه خديجة أتت ومعها اناء فيه طعام فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني

❇        

ليس هذا فحسب بل ان الله أمر رسوله ﷺ أن يبدأهم بالسلام إذا دخلوا عليه، فقال تعالى (وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ) مع أن العرف أن يسلم الداخل على الجالس، ولذلك كان الرسول ﷺ إذا دخلوا عليه أو رآهم بدأهم بالسلام، وكان يقول "الحمد لله الذي جعل في أمتي من أبدأهم بالسلام"
ومعنى (سَلَامٌ عَلَيْكُمْ) يعنى دعاء بالأمنة من عذاب الله تعالى.


❇        

(كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) 
يعنى أوجب الله عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ.
والله تعالى من لطفه بعباده لم يقل: يريد الله بكم الرَّحْمَةَ، أو وعدكم بالرحمة، ولكنه تعالى قال: كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ. 

❇        

(أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ) 
الجهالة هي السفه، فكل من يرتكب معصية فهو جاهل وسفيه وقت ارتكابه المعصية
فيكون المعنى: أَنَّهُ مَنْ استحمق مِنْكُمْ وارتكب معصية 

❇        

(ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
ثُمَّ تَابَ من هذه المعصية
(وَأَصْلَحَ) يعنى وَأَصْلَحَ ما أفسده. 
(فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) فان الله سيغفر له ذنوبه، وسيعامله برحمته.


❇        

(وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ (55) 
(وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ) يعنى وَهكذا نبين لك الآيات ونوضحها
(وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ) يعنى حتى يتضح وينكشف لك يا محمد وللمؤمنين حقيقة هؤلاء الكفار المجرمين الذين طلبوا منك طرد فقراء الصحابة.

❇        

(قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (56) 
من المعروف أن الرسول ﷺ لم يسجد لصنم طوال حياته حتى قبل بعثته، وكانت قريش تعرف هذا عنه، فلما بعث الرسول ﷺ نهي قريش عن عبادة الأوثان، فأراد الله تعالى أن يوضح أن نهي الرسول ﷺ قريش عن عبادة الأوثان ليس لأن محمدًا ينفر من عبادة الأصنام ويرفضها، ولكنه أصبح أمرًا تعبديًا أُمِرَ به الرسول ﷺ وأُمِرَ بتبليغه الى الناس 

❇        

يقول تعالى (قُلْ إِنِّي نُهِيتُ) 
قُلْ لهم يا محمد إِنِّ الله نهاني 
(أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ(
أَنْ أَعْبُدَ الأصنام التي تَدْعُونَها مِنْ دُونِ اللَّهِ، أو التي تعبدونها مِنْ دُونِ اللَّهِ.
(قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ) الهوى هو تميل اليه النفس بغير حجة أو دليل.
والمعنى: قُلْ لهم أنني لن أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ في عبادة الأصنام أو في طرد فقراء المؤمنين. 

(قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) يعنى ان اتبعت أهوائكم سأكون قَدْ ضَلَلْتُ عن الهدي، ولا أكون مِنَ الْمُهْتَدِينَ

❇        

(قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ (57) 
(قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي) قل لهم يا محمد 
(إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي) يعنى طريق بين واضح من الله تعالى.
)
وَكَذَّبْتُمْ بِهِ (يعنى وَأنتم كَذَّبْتُمْ بِالقرآن العظيم.
(مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ) مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ من العذاب.
لأن الرسول ﷺ كان إذا خوف قريش بالعذاب، كانوا يسخرون منه ويتحدونه أن ينزل بهم العذاب الذي يتوعدهم به، فكانوا يقولون، كما قال تعالى في سورة ص (وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ) ويقول تعالي في سورة الأنفال (وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَٰذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) 
(إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ) يعنى الْحُكْمُ بنزول العذاب لِلَّهِ وحده.
(يَقُصُّ الْحَقَّ) يعنى الله تعالى يأمر ويحكم بالحق والعدل، في نزول العذاب ووقت نزوله. 
وقرأت
(يقضي بالحق)
(وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ) وهو تعالى خير من يقضى.


❇        

(قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ (58) 
قُلْ لهم يا محمد لَوْ كان بيدي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ من العذاب.
(لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) لأنزلت بكم العذاب، وانتهي الْأَمْرُ الذي بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ
(وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ) وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ الذين سينزل بهم هذا العذاب، وهو أَعْلَمُ متى ينزل بهم العذاب.

❇        

البعض يتساءل حين يقرأ هذه الآية الكريمة، ويقول هناك تعارض بين هذه الآية، وبين الحديث الصحيح في البخاري بأن الرسول ﷺ حين ذهب الى الطائف، وعرض عليهم الاسلام، فرفضوا الاسلام وسبوه وألقوا عليه الحجارة، جاء ملَكُ الجبالِ فقال يا محمد قد بعثني ربك لتأمرَني أمرَكَ إن شئتَ أن أُطْبِقَ عليهِمُ الأخشبَينِ فعلتُ، والأخشب يعنى الجبل الغليظ، يعنى يطبق الجبلين على أهل مكة، فقال الرسول ﷺ: بل أرجو أن يُخْرِجَ اللَّهُ مِن أصلابِهِم مَن يعبدُ اللَّهَ، لا يشرِكُ بِهِ شيئًا.
نقول في هذه الآية كانت قريش هي التي تستعجل العذاب، وهي التي تطلب العذاب، وهي التي تتحدي الرسول ﷺ أن ينزل بهم العذاب، ولكن في الحديث الشريف لم تطلب قريش العذاب

❇        

لِمُطَالَعَة بَقِيَةِ حَلَقَات "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم"

لِمُشَاهَدَة حَلَقَاتِ "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم" فيديو

❇