Untitled Document

عدد المشاهدات : 1307

الحلقة (422) من "تَدَبُرَ القُرْآنَ العَظِيم الآيات (148) و(149) و(150) من سورة "الأَنْعَام" (سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا...

الحلقة (422)
تدبر الآيات (148) و(149) و(150) من سورة "الأَنْعَام" (ص 148)

        

(سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آَبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ (148) قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (149) قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (150)
        

قلنا من قبل أن سورة الأنعام تناقش وتحاور وتجادل المشركين، وهذه الآيات تتناول شبهة ذكرها المشركون، ولا يزال الملحدون وأصحاب المعاصي يكررون هذه الشبهة حتى الآن
يقول تعالى
(سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آَبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ) 
يعنى سَيَقُولُ هؤلاء المشركون لو أراد الله تعالى ألا نشرك به، والا يشرك به آَبَاؤُنَا، لنفذت مشيئته، وما سمح أن نشرك به أو يشرك آَبَاؤُنَا.
(وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ) يعنى ولو شاء ألا نحرم ما حرمنا من الأنعام وهي (البحيرة والسائبة والوصيلة والحام) ما سمح أن نحرم هذه الأنعام على أنفسنا.

        

يقول تعالى (كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا) يعنى هذه هي نفس الشبهة، ونفس الكلام، ونفس الحجة التي قالها الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ. 
(حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا) يعنى ظلوا يرددون هذه الشبهة حتى نزل بهم العذاب والاستئصال من الله تعالى، كما حدث مع قوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط شعيب وقوم فرعون.
والمعنى ان لو كانت حجتهم صحيحة، وكانوا ما عليه من الشرك أمرًا يرضاه الله تعالى، لما أذاقهم الله بأسه، ودمر عليهم، ونصر عليهم رسله.
اذن الله -سبحانه وتعالى- رد على حجتهم، وهددهم، وبين لهم سوء عاقبتهم في جملة واحد. 

        

(قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا) قُلْ لهم يا محمد هَلْ عِنْدَكُمْ عِلْمٍ تعتمدون عليه بأن الله تعالى راض عنكم وعن شرككم.
وقوله تعالى
(مِنْ عِلْمٍ) عنى مِنْ بداية ما يقال له عِلْمٍ.
(فَتُخْرِجُوهُ لَنَا) فتظهروه لَنَا. 
والسؤال سؤال تهكم وتعجيز

(إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ) الظن هو مقابل اليقين.
والمعنى أنكم تسيرون وراء الأوهام والخيالات.

(وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ) الخرص هو التخمين، أو كما نقول "تقدير جزافي" فكانت العرب تقول خرص النخيل يعنى خمن كم سيأتي من تمر، أو خرص العنب يعنى خمن ما يأتي به من زبيب، وتطلق على من يقدر هذه الثمار "خراص"
فقوله تعالى
(وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ) يعنى أَنْتُمْ في معتقدكم تتوهمون وتظنون. 
(قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (149)

        

(الْحُجَّةُ) يعنى الدليل القوي، ونحن نقول معنى "حجة البيت" يعنى معنى العقد الموثق الذي يثبت ملكية البيت.
و(الْبَالِغَةُ) يعنى التي تبلغ مداها حتى ينقطع معها العذر

        

فقوله تعالى (قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ) يعنى قُلْ لهم يا محمد 
ليس لأحد حجة على الله في معصيته تعالى بهذه الشبهة أو بغيرها، بل الله تعالى هو له على الناس الْحُجَّةُ.
وهذه الحجة لأنه تعالى أنزل عليهم الكتب وأرسل الرسل، خلقهم على الفطرة.

        

 يقول الضحاك من أئمة المفسرين من التابعين: لا حجة لأحد عصى الله، ولكن لله الحجة البالغة على عباده.
        ❇ذ

(فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ)
لَوْ شَاءَ الله تعالى أن يجعل جميع الناس مهتدين كالملائكة لفعل، ولكن مشيئة الله أنه تعالى خلق فينا الاختيار.

        

كما قال تعالى في سورة يونس (لَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا)
        

يقول ابن عباس: بيننا وبين أهل القدر هذه الآيات
اهل القدر يعنى الذين يقولون أن الله قدر علينا المعصية وقدر علينا الكفر.

        

سرق رجل في عهد عمر -رضى الله عنه- واراد "عمر" أن يقطع يده، فقال الرجل لا تقطع يدي يا عمر انما سرقت بقدر الله، فقال له عمر: وانا اقطع يدك بقدر الله.


        

(قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (150)
        

(قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ) يعنى قُلْ لهم يا محمد هاتوا وأحضروا شُهَدَاءَكُمُ
        

(الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا) الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ ما حرمتم من الأنعام على أنفسكم فجعلتم منها البحيرة والسائبة والوصيلة والحام.
أنتم جعلتم الناقة إذا ولدت خمسة أبطن آخرها ذكر، أسميتموها "بحيرة" لا تنحر ولا تركب.
وإذا ولدت الناقة عشرة أبطن إناث، ليس بينها ذكر، أطلقتم عليها "سائبة" يعنى سيبتوها للآلهة لا تنحر ولا تركب. 
ثم الشاة إذا ولدت سبعة أبطن، اذا جابت في البطن السابعة ذكر وأنثى، لا يذبحا وتسموا الأنثى وصيلة، يعنى وصلت أخاها.
والجمل اذا ولد من ظهره عشرة ابطن، أطلقتم عليه أسم "حام" يعنى حمي ظهره فلا يركب ولا يحمل عليه.
جبتم الكلام ده منين

(هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا)
هاتوا شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا الأنعام.

        

(فَإِنْ شَهِدُوا فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ) يعنى فَإِنْ شَهِدُوا كذبًا وزرًا.
        

(فَلَا تَشْهَدْ مَعَهُمْ) فلا تقبل شهادتهم ولا تصدقهم ولا تقرهم على شهادتهم لأن هؤلاء شهداء زور وكذب. 
        

(وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا) الهوى يعنى كما نقول "مزاجي كده" و"كيفي كده" وهي من الهوى يعنى السقوط.
        

(وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ) يعنى وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ.
        

(وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) العدل تأتي بمعنى المساواة
فقوله تعالى (وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) يعنى يجعلون بِرَبِّهِمْ عدلًا أي مساويًا له تعالى وهي اصنامهم التي يعبدونها مع الله تعالى.
أو (وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) من قولهم عدل عنه يعنى تركه وانصرف عنه، يعنى ينصرفون عن الله سبحانه وتعالى.

❇        

لِمُطَالَعَة بَقِيَةِ حَلَقَات "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم"

لِمُشَاهَدَة حَلَقَاتِ "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم" فيديو

❇