Untitled Document

عدد المشاهدات : 1510

الحلقة (435) من "تَدَبُرَ القُرْآنَ العَظِيم" الآيات من (35) الى (41) سورة "الأَعْرَاف" (يَا بَنِي آَدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ.....)

الحلقة (435)
تفسير وتدبر الآيات من الآية (35) الى الآية (41) سورة "الأَعْرَاف" (صفحة 154)

        

(يَا بَنِي آَدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (35) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (36) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآَيَاتِهِ أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ (37) قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآَتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ (38) وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (39) إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (40) لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (41)


        

(يَا بَنِي آَدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (35) 
(يَا بَنِي آَدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ) يعنى: اذا جاءكم رُسُلٌ مِنْكُمْ. ولكن لم يقل تعالى: اذا جاءكم رُسُلٌ مِنْكُمْ، وانما قال (إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ) اذن استخدم (إِمَّا) ولم يستخدم (اذا) اشارة الى أن ارسال الرسل ليس أمرًا واجبًا على الله تعالى، وانما هو تفضل من الله تعالى على عباده.
        

(إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ) يعني: من جنسكم البشري، ومثلكم من بنى آدم، حتى يكون أسوة كم.
        

(يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي) يتلون عَلَيْكُمْ آَيَاتِي.
واستخدم التعبير (يَقُصُّونَ) لأن القصص تأتي من قص الأثر، يعنى اتباع الأثر وعدم الحياد عنه، مثل رجل أضل بعيره في الصحراء، فانه يسير خف آثار أقدامه ولا يمكن ان يحيد عنه.
فناسب أن يقول تعالى عن رسله (يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي) لأن رسل الله ينقلون الوحي دون زيادة او نقاص، ولا ينحرفون عن وحي الله تعالى قيد أنملة كما لا تنحرفون أنتم عند قص الأثر.

        

(فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) 
روي أن الله تعالى جعل آدم وذريته في كفه وقال (يَا بَنِي آَدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)
(فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ)
فَمَنِ اتَّقَى المحارم، وَأَصْلَحَ عمله.
(فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)
الذي ينغص على الانسان حياته في الدنيا اما خوف من شيء في المستقبل، أو حزن على شيء في الماضي.
ولذلك يعصم الله تعالى المؤمنين من هذه الأكدار فيقول (لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) لَا خَوْفٌ عَلَيْ مستقبل وَلَا حزن على ماضي.

        

(وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (36) 
(وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا) يعنى كَذَّبُوا بالآيات التى جاء بها رسل الله.  
(وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا) يعنى: وَتَكْبَرُوا عن اتباعها. 
كما حدث من رؤساء قريش حين استكبروا عن اتباع الرسول ﷺ ورأوا أنهم أحق بالنبوة والرياسة والامامة منه ﷺ

(أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)
التعبير بأصحاب النار، يعنى ملازمين للنار، لأن الصاحب يلازم صاحبه ولا يفارقه. 
وقوله تعالى
(هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) يعنى ماكثون في النار لا يخرجون منها أبداً، وقيل خَالِدُونَ يَعْنِي لَا يَمُوتُونَ.


        

ثم تعرض الآيات الكريمة بعد ذلك بعض مشاهد يوم القيامة وذلك في خمس عشرة آية: فتصور لنا حال المشركين عند قبض أرواحهم، وحالهم عندما يقفون للحساب أمام الله يوم القيامة، ثم تذكر لنا ما يجرى بين رؤساء المشركين وأتباعهم من مجادلات وملاعنات، ثم تذكر الآيات ما أعده الله للمؤمنين من أجر عظيم وثواب جزيل، ثم تختم هذه المشاهد بالحوارات التى ستكون بين أصحاب الجنة واصحاب النار.
        

(فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآَيَاتِهِ أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ  (37)    
يقول تعالى (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآَيَاتِهِ) يعنى لا أحد أكثر ظلمًا ممن كَذَّبَ على الله تعالى، يعنى تَقَوَّلَ واختلق على الله كذبًا وزورًا، فقال ان الله تعالى أمر بكذا أو نهي عن كذا وهو تعالى لم يأمر ولم ينهي. 
(أَوْ كَذَّبَ بِآَيَاتِهِ) يعنى كَذَّبَ بالآيات التى جاء بها رسله، كما كذب الكفار بآيات القرآن العظيم، ويقولون أن هذا القرآن ليس من عند الله وانما جاء به محمد ﷺ من عند نفسه.
(أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ) 
يعنى هؤلاء سيصيبهم ما كتب عليهم مِنَ العذاب الذي توعدهم الله تعالى به في الْكِتَابِ، وهو القرآن العظيم.
أو أن المعنى أن هؤلاء سيأخذون ما قدر لهم من الأرزاق والأعمار في الْكِتَابِ، وهو اللوح المحفوظ.

(حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ)
حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ (رُسُلُنَا) وهم ملك الموت وجنده من ملائكة العذاب (يَتَوَفَّوْنَهُمْ) يعنى يقبضون أرواحهم.
        

(قَالُوا أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ) 
قالت لهم الملائكة على وجه التبكيت لهم: أَيْنَ الآلهة التى كُنْتُمْ تعبدونها مِنْ غير اللَّهِ تعالى.
(قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا) يعنى: قَالُوا غابوا عَنَّا.
(وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ) أقروا واعترفوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا ضالين كَافِرِينَ بالله تعالى.


(قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآَتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ (38) 
)قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ(
يعنى قال الله تعالى لهم، أو قال لهم مالك خازن النار، ادْخُلُوا فِي النَّارِ مع الأمم وفي جملة الأمم الكافرة التي مضت مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ.
(كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا) كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ كافرة النار لَعَنَتْ وشتمت وسبت الأمة الكافرة السابقة عليها لأنها كانت سبب في ضلالها.  
(حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا) 
(ادَّارَكُوا) نحن نقول أدركه يعنى لحق به.
فقوله تعالى
(حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا) يعنى حَتَّى إِذَا تلاحقوا واجتمعوا جَمِيعًا في النار. 
(قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآَتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ) 
(قَالَتْ أُخْرَاهُمْ)
يعنى الأمم المتأخرة.
(لِأُولَاهُمْ) يعنى الأمم الكافرة المتقدمة. 
وقيل
(أُخْرَاهُمْ) هم الأتباع و(أُولَاهُمْ) هم رؤساء الكفر.
لأن الرؤساء سيدخلون أولًا ثم الأتباع.
وقوله تعالى
(قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ) يعنى قالت عنهم، وليست لهم، لأن الخطاب لله تعالى وليس لهم.
(رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآَتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ) قالوا رَبَّنَا هَؤُلَاءِ كانوا سببًا في ضلالنا لأننا اقتدينا بهم (فَآَتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ) آتهم يا رب عَذَابًا مضاعفًا لأنهم كانوا سبب في اضلالنا.
(قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ) يقول تعالى لهم (لِكُلٍّ ضِعْفٌ) هم لهم ضعف العذاب، وأنتم لكم ضعف العذاب.
(وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ) وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ أن العذاب يتضاعف على أهل النار، لأن الله تعالى قال في سورة النبأ (فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلا عَذَابًا) 
ولماذا لا يعلمون ؟ لأنهم أقل من أن يعلمهم الله بأي شيء .

وقال بعض المفسرون أن الضعف هي الحيات والأفاعي والعقارب التي في النار.


        

)وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (39) 
)وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ)
يعنى وَقَالَتْ الأمم الكافرة المتقدمة، أو قال القادة ورؤساء الكفر، للأمم الكافرة المتأخرة أو للأتباع.
(فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ) يعنى ليس لكم فَضْلٍ علينا حتى يكون عذابكم أقل من عذابنا، بل على العكس أنتم رأيتم ما حل بنا من هلاك، وما نزل بنا من عقاب، فكان الأولى أن نكون عبرة لكم. 
(فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ) هذا من كلام القادة أو من كلام الله تعالى لهم جميعًا.
فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ من الكفر والآثام والمعاصي.

ومثل هذه الملاعنات التى بين أهل الباطل يوم القيامة في القرآن كثيرة جدًا، منها قوله تعالى (ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا هل يجزون إلا ما كانوا يعملون)


        

)إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (40) 
)إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا)
(إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا) يعنى كَذَّبُوا بآيات الله الدالة على وجوده وتوحيده، أوكَذَّبُوا بآيات القرآن العظيم.
(وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا) وَاسْتَكْبَرُوا عَنْ الايمان بها.
(لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ) يعنى لَا تُفَتَّحُ لأرواحهم الخبيثة أَبْوَابُ السَّمَاءِ بعد الموت، ولا يصعد لهم في حياتهم قول أو عمل.
في الحديث الصحيح الطويل الذي ذكر لنا فيه الرسول ﷺ رحلة المؤمن والكافر بعد الموت، فقال الرسول ﷺ أن روح المؤمن تصعد بها ملائكة الرحمة حتى تصل الى السماء الدنيا، وتفتح له السماء الدنيا، فيُشَيِّعُهُ من كلِّ سماءٍ مُقَرَّبُوها إلى السماءِ التِي تلِيها، حتى يُنتَهَي إلى السماءِ السابِعةِ، فيقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ: اكْتُبُوا كِتابَ عبدِي في علِّيِّينَ، وأَعِيدُوا عَبدِي إلى الأرضِ، فإِنِّي مِنها خَلَقتُهم، وفِيها أُعِيدُهُم، ومِنها أُخْرِجُهم تارةً أُخْرَى، فتُعادُ رُوحُه الى الأرض، أما الكافر فتصعد به ملائكة العذاب حتى يصلون به الى السماء الدنيا ويستفتحون له، يعنى يطلبون أن تفتح له أبواب السماء الدنيا، فلا يُفْتَحُ لهُ، فَتُطْرَحُ رُوحُهُ طَرْحًا، ثُمَّ قَرَأَ الرسول ﷺ (لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ)

        

اذن معنى قوله تعالى (لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ) يعنى لَا تُفَتَّحُ لأرواحهم الخبيثة أَبْوَابُ السَّمَاءِ بعد الموت، ولا يصعد لهم في حياتهم قول أو عمل.
        

(وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ) 
وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى (يَلِجَ) يعنى يدخل (الْجَمَلُ) وهو حبل السفينة الغليظ (فِي سَمِّ الْخِيَاطِ) فِي ثُقْبُ الْإِبْرَةِ.
لأن السَم عند العرب هو الثقب، ولذلك نقول مسام الجلد، يعنى الثقوب التى في الجلد و
(الْخِيَاطِ) هو الإبرة.
وقال البعض أن الجمل هو الحيوان المعروف، زوج الناقة.
فيكون المعنى: لن يدخل هؤلاء الكفار الجنة حَتَّى يدخل الحبل الغليظ أو يدخل الجمل فِي ثُقْبُ الْإِبْرَةِ.

وهذا مثل كانت تضربه العرب: كما كانوا يقولون لن أفعل كذا حتى يشيب الغراب، أو حتى يبيض القار، أو حتى يلج الجلم في سم الخياط، يعنى لن أفعل هذا ابدًا.


        

)لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (41)
)لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ) يعنى فراش
(وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ) 
الغَوَاشٍ جمع غاشية وهو ما يغشي الانسان يعنى يغطيه كالحاف.
ومنه قوله تعالى "استغشوا ثيابهم" والفرس الأغشى ما تستر غرته جبهته.
فقوله تعالي
(وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ) يعنى وَمِنْ فَوْقِهِمْ اغطية من نار جهنم.
فقوله تعالى
) لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ) يعنى: لَهُمْ مِنْ نار جَهَنَّمَ فرش من تحتهم، وأغطية من فوقهم.
فنار جهنم محيطة بهم، مطبقة عليهم كما قال تعالى في موضع آخر (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ) وقال تعالى (إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ)

        

(وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ) قال عنهم مجرمون في الآية السابقة ثم قال عنهم ظالمون، لأنهم جمعوا كل هذه الأوصاف القبيحة.

❇        

لِمُطَالَعَة بَقِيَةِ حَلَقَات "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم"

لِمُشَاهَدَة حَلَقَاتِ "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم" فيديو

❇