الحلقة رقم (478)
(تًدَبُر القُرْآن العَظِيم)
تفسير وتدبر الآيات من (1) الى (4) من سورة "الأنْفًال"
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَنْفَالِ قُلِ ٱلأَنفَالُ للَّهِ وَٱلرَّسُولِ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * أُوْلۤـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ)
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَنْفَالِ قُلِ ٱلأَنفَالُ للَّهِ وَٱلرَّسُولِ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)
تحدثنا في الحلقة السابقة عن سبب نزول هذه الآيات الكريمة، وقلنا أنه بعد انتصار المسلمون قي "بدر" وفرار المشركين، أكب بعض المسلمون على الغنائم يجمعونها من أرض المعركة، وهذه الغنائم تكون غالبًا أدوات حرب، وقد تكون فرس او ناقة أو أموال، وقد تكون عبد وقد تكون أسير. بينما انطلق بعض المسلمون لمطاردة المشركين، وانشغلت مجموعة ثالثة بحراسة الرسول.
فلما انتهت المعركة، قال الذين انشغلوا بمطاردة المشركين، وقال الذين انشغلوا بحراسة الرسول ﷺ لنا حق في هذه الغنائم، ورفض ذلك الذين جمعوا الغنائم، وقالوا نحن جمعناها ولا حق لكم فيها، فرفعوا الأمر الى الرسول، فنزلت هذه الآيات الكريمة.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
روي الإمام أحمد في مسنده عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فَشَهِدْتُ مَعَهُ بَدْرًا، فَالْتَقَى النَّاسُ فَهَزَمَ اللهُ الْعَدُوَّ، فَانْطَلَقَتْ طَائِفَةٌ فِي آثَارِهِمْ يَهْزِمُونَ وَيَقْتُلُونَ، وَأَكَبَّتْ طَائِفَةٌ عَلَى الْعَسْكَرِ يَحْوُونَهُ وَيَجْمَعُونَهُ، وَأَحْدَقَتْ طَائِفَةٌ بِرَسُولِ اللهِ ﷺ لَا يُصِيبُ الْعَدُوُّ مِنْهُ غِرَّةً، حَتَّى إِذَا كَانَ اللَّيْلُ، وَفَاءَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، قَالَ الَّذِينَ جَمَعُوا الْغَنَائِمَ: نَحْنُ حَوَيْنَاهَا وَجَمَعْنَاهَا فَلَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهَا نَصِيبٌ.
وَقَالَ الَّذِينَ خَرَجُوا فِي طَلَبِ الْعَدُوِّ: لَسْتُمْ بِأَحَقَّ بِهَا مِنَّا نَحْنُ، نَفَيْنَا عَنْهَا الْعَدُوَّ وَهَزَمْنَاهُمْ.
وَقَالَ الَّذِينَ أَحْدَقُوا بِرَسُولِ ﷺ: لَسْتُمْ بِأَحَقَّ بِهَا مِنَّا، نَحْنُ أَحْدَقْنَا بِرَسُولِ اللهِ ﷺ، وَخِفْنَا أَنْ يُصِيبَ الْعَدُوُّ مِنْهُ غِرَّةً وَاشْتَغَلْنَا بِهِ، فَنَزَلَ قوله تعالى:
(يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَنْفَالِ قُلِ ٱلأَنفَالُ للَّهِ وَٱلرَّسُولِ)
يعنى يسألك أصحابك يا محمد عن غنائم بدر كيف تقسم؟
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
قال تعالى (قُلِ ٱلأَنفَالُ للَّهِ وَٱلرَّسُولِ) يعنى قل لهم يا محمد: الحكم في الغنائم لله وللرسول وليس لكم.
وقال تعالى (وَٱلرَّسُولِ) لأن هناك جزء من (ٱلأَنفَالُ) -وهو الخمس، كما سيأتي في الآية (41)- تُرِّكَ للرَسُولِ ﷺ هو الذي يتولى توزيعه بنفسه.
(فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ)
(فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ) بترك النزاع والشقاق والاختلاف، وخصوصًا في أوقات الحرب.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ)
يعنى من تمام التقوى أن تصلحوا ذَاتَ بِيْنِكُمْ.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ما هو ذَاتَ البين؟
البين هو ما يفصل بين شيئين، أو ما بين شخصين، وقد يكون الذي بين الشخصين "مودة" وقد يكون "جفوة" أو “شقاق"
ونحن نقول: أنا بيني وبين فلان مشكلة، أو بيني وبين فلان علاقة طيبة.
فقوله تعالى (وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ) يعنى: أَصْلِحُواْ ما بينكم من النزاع أو الشقاق أو الاختلاف.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) يعنى وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ في كل ما يأمركم به وينهاكم عنه ِ
(إن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) يعنى علامة الايمان هو الاذعان الكامل لله ولرسوله ﷺ
ولذلك لما نزلت هذه الآيات، قال الصحابة "سمعنا وأطعنا"
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ثم وصف الله تعالى المؤمنين بخمس صفات، فقال تعالى:
1. ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ.
2. وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً
3. وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ
4. ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ
5. وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ)
الوجل هو الفزع وشدة الخوف.
ومنه قول الملائكة لإبراهيم -عليه السلام- عندما دخلوا عليه وخاف منهم (قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ)
وليس شرطًا أن يكون خوف المؤمن من ربه هو خوف العقاب، ولكن هناك خوف المهابة والجلال والرهبة، وهو خوف الملائكة من الله تعالى، قال تعالى في سورة النحل (يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)
وفي الحديث "إن لله ملائكة ترعد فرائصهم من مخافته"
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
عندما نزل قول الله تعالى (الَّذِينَ يَأْتُونَ مَا أَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) قالت أمنا عائشة: يا رسول الله أهو الرجل يزني ويسرق ويشرب الخمر؟ قال: لا يابْنَة أبي بَكْرٍ، وَلَكِنَّهُ الرَّجُل يَصُومُ وَيُصَلِّي وَيَتَصَدَّقُ وَيخافُ أنْ لا يُقْبَل مِنْهُ.
والعبد كلما بعد عن الله، كلما قل خوفه من الله، وكلما اقترب من الله، كلما ازداد خوفًا من الله تعالى.
تجد أحدهم ينظر الى الحرام، فاذا قلت لهم يقول: أنا لا أفعل شيئًا الا النظر.
وفي الصحيحين عن عائشة أن الرسول كان إذا رأى غيماَ وريحاً عرف ذلك في وجهه، قالت: يا رسول الله: الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر، وأراك إذا رأيته عرفت الكراهة في وجهك! فقال: "يا عائشة: مايؤمننى أن يكون فيه عذاب؟ قد عذب قوم بالريح.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يمكن لمن يتدبر القرآن العظيم تلفت نظره هذه الآية الكريمة، ويقول إن الله تعالى يقول في هذه الآية (ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) يعنى خافت وارتعبت، وفي سورة الرعد يقول تعالى (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ) والخوف ضد الطمأنينة، اذن هناك تضاد بين الآيتين!
نقول أن هذه حالة لا تحدث الا في قلب المؤمن، عندما تخشع في صلاتك أو في دعائك أو في سجودك، أو في ذكرك، أو في قراءتك للقرآن الكريم، أو عندما تخشع عندما تسمع موعظة بليغة تذكر بالموت وبالقبر والبعث والحساب والوقوف بين يدي الله تعالى، عندما تتذكر ذنوبك وتقصيرك في جناب الله تعالى، تجد أن قلبك قد امتلأ بالخوف والفزع والمهابة لله تعالى، ثم بعد أن ترفع وجهك من السجود، أو بعد أن تنصرف من الصلاة، أو بعد أن تمسح وجهك بيديك بعد الدعاء، بعد أن تغلق المصحف بعد تقرأ فيه، تشعر بسكينة في قلبك واطمئنان، لا يمكن أن تشعر به الا في هذا الموقف فقط.
وقد ذكر الله تعالى هذه الحالة التي لا تحدث الا في قلب المؤمن فقط، فقال تعالى في سورة الزمر (تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ)
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول تعالى (وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً)
(وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ) يعنى وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيات القرآن العظيم.
(زَادَتْهُمْ إِيمَاناً) زَادَتْهُمْ قربًا الى الله تعالى، وزَادَتْهُمْ يقينًا، وزَادَتْهُمْ طمأنينة في النفس.
وهذا يدل على أن الإيمان يزيد بالطاعة والذكر، وينقص بالمعصية والغفلة.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)
الطبيعي أن يتأخر الجار والمجرور، بينما هنا تقدم الجار والمجرور ليفيد الحصر والقصر.
يعنى: قصروا توكلهم على الله، لا يتوكلون الا على الله تعالى وحده.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ما معنى التوكل على الله، عندما يكون عندك قضية، فإنك توكل محامي.
فاذا كان عندك قضية، واخترت محاميًا حاذق، وذهبت لعمل توكيل في الشهر العقاري، وبمجرد ما تسلم التوكيل في مكتب المحامي، تشعر بالاطمئنان، ثم سألك أحدهم على هذه القضية، تقول بمنتهي الاطمئنان: أنا وكلت المحامي فلان، بل يمكن أن تنسي حتى موعد القضية.
فاذا كان ها هو حال من يوكل واحد من البشر مثله، فكيف بمن يوكل الله -سبحانه وتعالى-
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وقلنا -من قبل- أن التوكل عمل قلبي بحت، فالجوارح تعمل والقلب يتوكل.
فالجوارح هل التي تحرث الأرض، وهي التي ترويها، وهي التي تتعهدها، كل هذه العمليات اسمها الأسباب، وبعد أن تأخذ بالأسباب لا تركن اليها، بل يعتمد قلبك على مسبب هذه الأسباب.
وقد لخص الرسول ﷺ هذه القضية في كلمتين اثنين، عندما جاءه أعرابي الى المسجد وهو يجر ناقته، ثم قال للرسول ﷺ: أرسل ناقتي وأتوكل، فقال ﷺ: اعقلها وتوكل.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول تعالى: (ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ )
بعد أن ذكر تعالى أعمال القلوب من الخشية والإخلاص والتوكل، يبين أعمال الجوارح من الصلاة والصدقة، فيقول تعالى: (ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ )
(ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ)
إقامة الصلاة تعبير قرآني متكرر، فالقرآن العظيم لا يقول "يؤدون الصلاة" ولكن يقول دائمًا (يُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ)
أصل القيام هو المداومة على الشيء، ومنه قولنا "أنا مقيم في هذا المكان"
فقوله تعالى (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ) يعنى يداومون على أداء الصَّلَاةَ، ويحافظون على أدائها في أوقاتها، وبتمام أركانها وسننها وخشوعها.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ)
وهذا ايضًا تعبير قرآني متكرر.
يعنى أنت لا تنفق من مالك في الحقيقة، ولكنك تنفق من المال الذي ملكك الله له.
يقول قَتَادَةَ في هذه الآية قال: "أَنْفِقُوا مِمَّا أَعْطَاكُمُ اللَّهُ، فَإِنَّمَا هَذِهِ الأَمْوَالُ وَدَائِعُ عِنْدَكَ يَا ابْنَ آدَمَ أَوْشَكْتَ أَنْ تُفَارِقَهَا"
وهذا الانفاق يشمل الزكاة المفروضة، والصدقات، ويشمل النفقة في الحج، والنفقة في العمرة، فكل ذلك في سبيل الله، وإذا أنفقت على اخوانك فهذا في سبيل الله، وإذا أنفقت على أهل بيتك فهذا في سبيل الله.
وأفضل نفقة هو ما تنفقه على أهل بيتك، أو على من تجب عليهم نفقتهم.
جاء في الصحيح أن النبي قال "دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك"
قال بعض المفسرين في هذه الآية: (وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) أي مما علمناهم يعلمون.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
( أُوْلۤـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ)
يعنى هؤلاء الذين يفعلون هذه الأفعال الخمسة (هُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ حَقّاً) وهذا يفيد الحصر، والأسلوب في بداية الآية، وهو (إنما المؤمنون) يدل -أيضًا- على الحصر.
كأن الله تعالى يقول لك اجتهد في تحصيل هذه الخمسة، حتى تكون مؤمنًا بالله تعالى ايمانًا حقيقيًا.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
روى أن رجلًا سأل الحسن البصري وقال له: أمؤمن أنت؟ فقال: الإيمان إيمانان، فإن كنت تسألني عن الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، فأنا مؤمن، وإن كنت تسألني عن قوله (إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) فوالله لا أدري أمنهم أنا أم لا؟
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول تعالى: (لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ)
يعنى لهم دَرَجَاتٌ ومراتب في الجنة بعضها فوق بعض.
فإن في الجنة مائة درجة، فقد روى الترمذي وغيره أن الرسول ﷺ قال: "في الجنة مائة درجة، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض، والفردوس أعلاها درجة، ومنها تفجر أنهار الجنة الأربعة، ومن فوقها يكون العرش، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس".
وقيل أنه من تمام نعيم الجنة أن الدرجة الأعلى يري منن هو أسفل منه، ولا يري من هو أعلى منه.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَمَغْفِرَةٌ) يعنى َمغْفِرَةٌ لذنوبهم.
يعنى ليس مطلوبًا منك حتى تدخل الجنة، أن تأتي يوم القيامة بلا ذنوب، ولكن مطلوب ان تأتي يوم القيامة بتوبة حتى يغفر لك ذنوبك.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَرِزْقٌ كَرِيمٌ)
يقول هشام بن عروة: يعني ما أعد الله لهم في الجنة من لذيذ المآكل والمشارب وهنيء العيش.
الكريم لغة هو: المحمود المستحسن، كما نقول (قرآن كريم)
وكما قال الرسول ﷺ عن يوسف -عَلَيْهِ السَّلامُ- "هو الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم"
فوصف الله تعالى رزق أهل الجنة بأنه رزق كريم، وهذا أعظم ما يوصف به ما أعده الله تعالى للمؤمنين في الجنة.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
لِمُطَالَعَة بَقِيَةِ حَلَقَات "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم"
لِمُشَاهَدَة حَلَقَاتِ "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم" فيديو
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
|