الحلقة رقم (482)
(تًدَبُر القُرْآن العَظِيم)
تفسير وتدبر الآيات من (20) الى (24) من سورة "الأنْفًال" ص 179
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَا تَوَلَّوۡاْ عَنۡهُ وَأَنتُمۡ تَسۡمَعُونَ ﴿٢٠﴾ وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ قَالُواْ سَمِعۡنَا وَهُمۡ لَا يَسۡمَعُونَ ﴿٢١﴾ إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَآبِّ عِندَ ٱللَّهِ ٱلصُّمُّ ٱلۡبُكۡمُ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡقِلُونَ ﴿٢٢﴾ وَلَوۡ عَلِمَ ٱللَّهُ فِيهِمۡ خَيۡرٗا لَّأَسۡمَعَهُمۡۖ وَلَوۡ أَسۡمَعَهُمۡ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعۡرِضُونَ ﴿٢٣﴾ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱسۡتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمۡ لِمَا يُحۡيِيكُمۡۖ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَحُولُ بَيۡنَ ٱلۡمَرۡءِ وَقَلۡبِهِۦ وَأَنَّهُۥٓ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ ﴿٢٤﴾
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَا تَوَلَّوۡاْ عَنۡهُ وَأَنتُمۡ تَسۡمَعُونَ ﴿٢٠﴾
قوله تعالى (أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَا تَوَلَّوۡاْ عَنۡهُ) كان الظاهر أن يقول تعالى: "أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَا تَوَلَّوۡاْ عَنۡهُما" ولكنه تعالى قال (وَلَا تَوَلَّوۡاْ عَنۡهُ) ليشير الى أن طاعة الله وطاعة رسوله طاعة واحدة، فمن أطاع الرسول فقد أطاع الله، ومن عصي الرسول فقد عصى الله.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
نضرب لذلك مثالًا: لنفرض أن موظف تغيب عن عمله خمسة عشر يومًا، فتم فصل هذا الموظف بناءًا على قانون العمل، هل يمكن أن يحتج هذا الموظف بأن دستور البلاد لا يوجد به نص بفصل الموظف إذا تغيب عن العمل خمسة عشر يومًا؟ لا يمكن له ذلك، لأن الدستور فوض الهيئة التي يعمل بها في وضع هذه اللائحة.
ولله المثل الأعلى: القرآن العظيم فوض الرسول ﷺ في قوله تعالى (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ)
هذا كلام مهم وفيه رد على الذين يقولون نعمل فقط بالقرآن، وطاعة الرسول تكون في حياته فقط، فهؤلاء الضالون المضلون يريدون هدم الإسلام بدعوى الإسلام.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول تعالى (ٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَا تَوَلَّوۡاْ عَنۡهُ) يعنى: ولا تخالفوا أوامره ﷺ
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول تعالى (وَأَنتُمۡ تَسۡمَعُونَ) يعنى وَأَنتُمۡ تَسۡمَعُونَ أمره ونهيه ﷺ
وهذه فيها تقبيح لمن يخالف أمر الرسول ﷺ
يعنى أنتم تسمعون أمره ونهيه ﷺ ومع ذلك تخالفون أوامره ﷺ.
كما نقول أنت سمعتنى أقول كذا، ومع ذلك فعلت كذا وكذا
والخطاب ليس خاصًا بمن عاصر الرسول ﷺ فقط، ولكنه خطاب لكل من بلغته دعوة الرسول ﷺ.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
اذن يقول تعالى (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ) وطالما آمنتم فاعملوا بمقتضي هذا الإيمان
(أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَا تَوَلَّوۡاْ عَنۡهُ) ولا تخالفوا أوامره ﷺ
(وَأَنتُمۡ تَسۡمَعُونَ) وَأَنتُمۡ قد سمعتم أمره لكم ونهيه.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ قَالُواْ سَمِعۡنَا وَهُمۡ لَا يَسۡمَعُونَ ﴿٢١﴾
يعنى وَلَا تَكُونُواْ -أيها المؤمنون- كالمشركين والمنافقين.
فهؤلاء قالوا (سَمِعۡنَا) يعنى: سَمِعۡنَا آيات القرآن، وسمعنا كلام الرسول ﷺ ولكنهم في الحقيقة كأنهم لم يسمعوا، لأن المراد بالسماع ليس أن تسمع فقط، ولكن أن تؤدي مطلوب ما سمعت، فإن لم تؤد مطلوب ما سمعت، فكأنك لم تسمع.
ونحن في لغتنا الدراجة، نقول -مثلًا- الأولاد لا يسمعون الكلام، وهذا لا يعنى أنهم صم لا يسمعون، ولكن هذا يعنى لا يؤدون مطلوب ما سمعوا.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
فقوله تعالى (وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ قَالُواْ سَمِعۡنَا وَهُمۡ لَا يَسۡمَعُونَ)
يعنى يا أيها الذين آمنوا لَا تَكُونُواْ كالكفار والمنافقين ٱلَّذِينَ قَالُواْ سَمِعۡنَا آيات القرآن الكريم، وسمعنا كلام الرسول و لكنهُمۡ -في الحقيقة- لم يَسۡمَعُوا شيئًا.
كما قال تعالى في سورة محمد (وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّىٰ إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا ۚ)
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَآبِّ عِندَ ٱللَّهِ ٱلصُّمُّ ٱلۡبُكۡمُ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡقِلُونَ ﴿٢٢﴾
يقول ابن عباس أن هذه الآية نزلت في نفر من قريش، من بني عبد الدار، كانوا يقولون: نحن صم بكم عمي عما جاء به محمد، فقتلوا جميعاً بأحد إلا رجلان، وكانوا أصحاب اللواء.
والعبرة بعموم اللفظ وليس بخصوص السبب
(إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَآبِّ عِندَ ٱللَّهِ)
أصل (ٱلدَّوَآبِّ) هو كل ما يدب على الأرض
والمعنى: إِنَّ شَرَّ المخلوقات.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
هم (ٱلصُّمُّ ٱلۡبُكۡمُ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡقِلُونَ)
وهم الكفار الذين رفضوا دعوة الإسلام، وهؤلاء وصفهم الله تعالى بأنهم: صُّمُّ بُكۡمُ لَا يَعۡقِلُونَ:
(صُّمُّ) لا يسمعون الحق.
(بُكۡمُ) لا ينطقون بالحق.
(لَا يَعۡقِلُونَ) لا يميزون بين الحق والباطل.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
فالإنسان إذا كان عاصيًا فانه يكون أحط منزلة من جميع المخلوقات: أحط منزلة من البهائم، أحط منزلة من الحيوانات المفترسة، أحط منزلة من الخنزير، أحط منزلة حتى من الحشرات، لأن كل هذه المخلوقات تؤدي مهمتها الذي خلقت له، أما الكافر فانه لا يؤدي مهمته التي خلق له، وهي عبادة الله تعالى، قال تعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)
وكما ان الانسان إذا كان عاصيًا يكون أحط منزلة من الحيوان، فانه اذا كان طائعًا فإنه يكون أفضل من الملائكة.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول تعالى (إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَآبِّ عِندَ ٱللَّهِ) قوله تعالى (عِندَ ٱللَّهِ) لأن بعض هؤلاء الكفار قد يكون ذو منزلة بين الناس، وله وجاهة، وله مركز اجتماعي مرموق، وصاحب سلطة، والناس تخطب وده، ولكنه في الحقيقة (عِندَ ٱللَّهِ) هو شر المخلوقات، وهو (عِندَ ٱللَّهِ) أقل وأحط من البهائم
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَلَوۡ عَلِمَ ٱللَّهُ فِيهِمۡ خَيۡرٗا لَّأَسۡمَعَهُمۡۖ وَلَوۡ أَسۡمَعَهُمۡ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعۡرِضُونَ ﴿٢٣﴾
(وَلَوۡ عَلِمَ ٱللَّهُ فِيهِمۡ خَيۡرا لَّأَسۡمَعَهُمۡۖ)
يعنى وَلَوۡ عَلِمَ ٱللَّه -في علمه الأزلى-ُ فِيهِمۡ خَيۡرا، لوفقهم الى الاستماع الى القرآن سماع فهم وتدبر.
(وَلَوۡ أَسۡمَعَهُمۡ) يعنى حتى وَلَو أَسۡمَعَهُمۡ القرآن سماع فهم وتدبر.
(لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعۡرِضُونَ) يعنى لأصروا -كذلك- على رفض القرآن والكفر به.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ما صورة هذا؟
تجد الكافر -الذي أفسد فطرته، ولم يعد هناك خيرًا في قلبه- يرفض أن يقرأ القرآن قراءة من يبحث عن الحقيقة، أو من يبحث عن الدين الحق.
ولو ان هذا الكافر -الذي أطفأ في نفسه نور الاستعداد لقبول الحق –لو بحث في القرآن -كما فعل بعض المستشرقون- فانه يظل على كفره.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
اذن مرة أخري:
يقول تعالى (وَلَوۡ عَلِمَ ٱللَّهُ فِيهِمۡ خَيۡرٗا لَّأَسۡمَعَهُمۡۖ)
هذا الكافر لا يوفقه الله الى الاستماع الى القرآن سماع فهم وتدبر، لأن الله -بعلمه الأزلى- علم أنه لا خير فيهم
(وَلَوۡ أَسۡمَعَهُمۡ لَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعۡرِضُونَ) يعنى ولو أن هذا الكافر سمع القرآن سماع فهم وتدبر فانه يصر على كفره
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱسۡتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمۡ لِمَا يُحۡيِيكُمۡۖ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَحُولُ بَيۡنَ ٱلۡمَرۡءِ وَقَلۡبِهِۦ وَأَنَّهُۥٓ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ ﴿٢٤﴾
يقول تعالى (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱسۡتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمۡ لِمَا يُحۡيِيكُمۡۖ)
يعنى: ٰٓيَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ أطيعوا الله تعالي والرسول ﷺ فيما يأمركم به.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ما الفرق بين الاستجابة والأجابة؟
الاستجابة هي الإجابة بنشاط وهمة وعزيمة.
بمجرد أن تسمع في القرآن قول الله تعالى (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ) ترعها سمعك، فانه -كما قال عبد الله بن مسعود- خير تؤمر به أو شر تنهي عنه.
بمجرد أن تسمع قال رسول الله ﷺ تقول سمعًا وطاعة يا رسول الله
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(ٱسۡتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمۡ) مرة أخري: توحيد الضمير بعد المثني، ليشير الى انه ليس هناك فرق بين أمر الرسول ونهيه، وبين أمر الله ونهيه.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(إِذَا دَعَاكُمۡ لِمَا يُحۡيِيكُمۡۖ)
العبد البعيد عن منهج الله ميت، بينما الملتزم بمنهج الله حي.
وهذا مثل قوله تعالى (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ) فالهداية حياة، والكفر موت.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
اذن قوله تعالى (ٱسۡتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمۡ لِمَا يُحۡيِيكُمۡۖ)
يعنى إذا التزمتم بأوامر الله تعالى وأوامر الرسول ﷺ فإنكم ستحيون حياة طيبة في الدنيا، ثم تردون الى حياة طيبة أبدية يوم القيامة.
جلس ابراهيم بن أدهم على شط دجلة مع أخ له في الله يفطران عن كسرة خبز ناشف، يغمسوه في ماء النهر، فقال ابراهيم بن أدهم لصاحبه "لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من النعيم لجالدونا عليه بالسيوف".
قال أحد السلف: "مساكين أهل الدنيا خرجوا منها وما ذاقوا أطيب ما فيها، قيل وما أطيب ما فيها؟ قال "محبه الله تعالى ومعرفته وذكره والأنس به"
وقال آخر: "أنه لتمر بالقلب أوقات يرقص فيها طربًا، حتى أقول إن كان أهل الجنه في مثل هذا، إنهم لفي عيش طيب".
يقول تعالى (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً) يعنى في الدنيا (وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) يعنى يوم القيامة.
حتى لو ابتلى بمرض أو فقر أو غير ذلك، فانه يكون راضي النفس
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وفي نفس الوقت البعيد عن منهج الله، يعيش في ضيق وتعاسة وشقاء، مهما ظهر لك غير ذلك، يقول تعالى (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِى فَإِنَّ لَهُۥ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُۥ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ أَعْمَىٰ)
كان هناك رجل ظالم، وكان معه مال كثير ومعه السلطة، ومعه الوجاهة الاجتماعية، والناس تقول لماذا لا ينتقم الله منه، قلت لهم من أين لكم أنه لا يعيش في انتقام الله تعالى؟ هذا الرجل يعيش في ضنك، قالوا كيف؟ قالت لهم يقول تعالى (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِى فَإِنَّ لَهُۥ مَعِيشَةً ضَنكًا)
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
اذن قوله تعالى (ٱسۡتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمۡ لِمَا يُحۡيِيكُمۡۖ) يعنى لِمَا يُحۡيِيكُمۡ حياة حقيقية، حياة طيبة في الدنيا والآخرة
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وذهب بعض المفسرون الى أن قوله تعالى (إِذَا دَعَاكُمۡ لِمَا يُحۡيِيكُمۡۖ) يعنى إِذَا دَعَاكُمۡ الى الجهاد، مع أن الجهاد مظنة أن يفقد الانسان حياته، ولكنه الله تعالى قال (لِمَا يُحۡيِيكُمۡۖ) لأن حياة الأمم تكون بالجهاد، ولأن الله تعالى قال (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَحُولُ بَيۡنَ ٱلۡمَرۡءِ وَقَلۡبِهِ)
يقول الإمام محمد عبده في المنار "هذه الجملة أعجب جمل القرآن، ولعلها أبلغها في التعبير"
يعنى: وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَحْجز بين الانسان وبين قلبه.
الله -تعالى- يحجز ويفصل بين المؤمن وبين الكفر، (لَٰكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ) كما ان الله تعالى يحجز ويفصل بَيۡنَ الكافر وبين الإيمان، فلا يستطيع أحد أن يؤمن بإذن الله، ولا يستطيع أحد ان يطيعه الا بإذنه تعالى.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
روي أحمد والنسائي وابن ماجه أن النبي ﷺ قال: "ما من قلب إلا وهو بين إصبعين من أصابع الرحمن إذا شاء أن يقيمه أقامه، وإذا شاء أن يزيغه أزاغه"
وكان من أكثر دعاء الرسول ﷺ: " اللهم يا مصرف القلوب صرف قلوبنا إلى طاعتك"
وكان الرسول يحلف ويقول "لا ومقلب القلوب"
يقول تعالى (وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا)
اذن قوله تعالى (وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَحُولُ بَيۡنَ ٱلۡمَرۡءِ وَقَلۡبِهِ) تنبيه من الله تعالى حتى لا يأمن الطائع المجتهد من مكر الله فيغتر بطاعته ويعجب بنفسه.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
هناك قول آخر في قوله تعالى (وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَحُولُ بَيۡنَ ٱلۡمَرۡءِ وَقَلۡبِهِ)
ان الله تعالى يحول بَيۡنَ الانسان وبين ما يريده ويتمناه بالموت.
لأن القلب هو محل التمني ومحل الإرادة.
يعنى انسان يريد ان يتوب، ويريد أن يعمل الصالحات، ويريد أن ينفق في سبيل الله، ويريد أن يحج، ويريد ويريد، ويتمنى، ثم يأتي الأجل فيحول بينه وبين هذه الأماني.
ما علاقة ذلك بصدر الآية (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱسۡتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمۡ لِمَا يُحۡيِيكُمۡۖ) يعنى لا تسوف ولا تؤجل وبادر الى الأعمال الصالحة، وبادر الى الاستجابة لله وللرسول قبل أن يأتيك الموت فيحول بينك وبين ما أردت وتمنيت
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَأَنَّهُۥٓ إِلَيۡهِ تُحۡشَرُونَ)
الحشر لغة هو الجمع
وهذا تذييل يقصد به التذكير بأهوال يوم القيامة.
والأسلوب أسلوب حصر، يعنى اليه وحده تجمعون يوم القيامة، فيحاسبكم على أعمالكم.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
لِمُطَالَعَة بَقِيَةِ حَلَقَات "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم"
لِمُشَاهَدَة حَلَقَاتِ "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم" فيديو
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
|