Untitled Document

عدد المشاهدات : 1035

الحلقة (488) من "تَدَبُرَ القُرْآنَ العَظِيم" تفسير وتدبر الآية (41) من سورة "الأنْفًال" (وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَا غَنِمۡتُم مِّن شَيۡءٖ ……

الحلقة رقم (488)
(تًدَبُر القُرْآن العَظِيم)
تفسير وتدبر الآية (41) من سورة "الأنْفًال" ص 182

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

(وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَا غَنِمۡتُم مِّن شَيۡءٖ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُۥ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِيلِ إِن كُنتُمۡ ءَامَنتُم بِٱللَّهِ وَمَآ أَنزَلۡنَا عَلَىٰ عَبۡدِنَا يَوۡمَ ٱلۡفُرۡقَانِ يَوۡمَ ٱلۡتَقَى ٱلۡجَمۡعَانِۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ ﴿٤١﴾

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

قلنا من قبل أنه بعد انتصار المسلون في بدر، وهزيمة المشركين وفرارهم من أرض المعركة، ترك المشركون غنائم في أرض المعركة، وهذا امر طبيعي في أي معركة: أن الجيش المهزوم يترك غنائم، هذه الغنائم قد تكون أدوات حرب، مثل سيف أو درع او ترس، أو غير ذلك، وقد تكون فرس أو ناقة، قد أموال، أو عبد أو غير ذلك، فأكب بعض الصحابة على هذه الغنائم وأخذوها، وانطلق بعضهم يطارد المشركين، وانشغل قسم ثالث بحراسة الرسول ﷺ 
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
فلما انتهت المعركة وجاء الليل، قال الذين انشغلوا بمطاردة المشركين، وقال الذين انشغلوا بحراسة الرسول ﷺ لنا حق في هذه الغنائم، ورفض ذلك الذين جمعوا الغنائم، وقالوا نحن جمعناها ولا حق لكم فيها، ورفعوا الأمر الى الرسول ﷺ فنزل قول الله تعالى في الآية رقم (1) من هذه السورة الكريمة: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلانفَالِ قُلِ ٱلانفَالُ لله وَٱلرَّسُولِ) يعنى الحكم في تقسيم الغنائم هو فقط لله -تعالى- وللرسول ﷺ
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ثم تأخرت الأجابة على هذا السؤال حتى الآية التى معنا وهي الآية رقم 41 
يعنى جائت الإجابة بعد أربعين آية.
مع أن أي سؤال في القرآن تأتي عليه الإجابة في نفس الآية أو الآية التي تليها:

(يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ۖ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ)
(وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَىٰ ۖ قُلْ إِصْلَاحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ)
(وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ۖ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ)
(وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي)
(يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ۖ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ)
(يسئولنك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير)
أما عن السؤال عن الغنائم، فقد تأخرت الإجابة أربعين آية
كأن الله تعالى يقول لهم أن موضع الغنائم، حين نتكلم عن الجهاد، وحين نتكلم عن قواعد النصر، لا يجب أن يكون له أي ترتيب في أولوياتكم، لا الترتيب الأول ولا الثاني ولا حتى العاشر.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
الإحابة عن السؤال في هدا الموضع له مغنى آخر وله اشارة أخري.
جائت بعد قوله تعالى في الآية 40 (وَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ ۚ نِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ) ثم يأتي تقسيم الغنائم بعد هذه الآية، في اشارة الى الى أنه اذا كان الله مولاكم فلابد أن يكون النصر من نصيبكم، لأن الغنائم لا تأتي الا نتيجة النصر.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

يقول تعالى (وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَا غَنِمۡتُم مِّن شَيۡء)
والغنيمة هي ما يؤخذ من العدو في الحرب، مثل "بدر" و"خيبر" و"حنين"
وهناك ما يطلق عليه "الفيء" وهو ما يؤخذ من العدو بغير حرب، مثلما حدث مع "بنى النضير" و"بنى قريظة" 
يقول تعالى
(وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ) 

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول تعالى (وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَا غَنِمۡتُم مِّن شَيۡء)
قوله تعالى (مِّن شَيۡء) يعنى مِّن بداية ما يقال له شَيۡء، يعنى مهما كانت الغنيمة قليلة، فانه تقسم هذا التقسيم الذي جاء في الاية.
روي أن النبي ﷺ بعد غزوة "حنين" صلى بجوار جمل ثم أخذ وبرة من شعر الجمل، وقال "
أيُّها الناسُ إِنَّ هذا من غَنائِمِكُمْ، أَدُّوا الخَيْطَ والمِخْيَطَ، فما فَوْقَ ذلكَ، فما دُونَ ذلكَ"

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
كيف كانت توزع الغنائم قبل الإسلام؟
قبل الإسلام كان العرب في الجاهلية تعطي ربع الغنيمة لرئيس القبيلة، وتسمي
"المِرْباع"
وجاء الإسلام فقسم الغنيمة تقسيم آخر: 

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول تعالى (وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَا غَنِمۡتُم مِّن شَيۡءٖ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُۥ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِيلِ)
يعنى أن أربعة أخماس الغنيمة، يعنى 80% من الغنائم يوزع على جيش المسلمين المنتصر.
ودلت السنة على أن هذه الأربعة أخماس توزع: سهم للمقاتل الراجل، وسهمين وقيل ثلاثة أسهم للفارس، لأن الفرس يحتاج الى نفقه، ولأن تأثيره في المعركة أكبر من تأثير الراجل.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
أما الباقي وهو الخمس أو 20% يقسم الى ستة أقسام او خمسة أقسام على حسب أقوال أهل العلم.
يقول تعالى (فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُۥ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِيلِ)
الذي قال أنها خمسة أقسام قال أن الله والرسول قسم واحد.
والذي قال أنها ستة أقسام: قال الله تعالى له قسم، والرسول له قسم.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(فَأَنَّ لِلَّهِ) يعنى الكعبة ومساجد الله، أو المصالح العامة، فكان أبو بكر وعمر ينفقان من هذا القسم على شراء الخيل والسلاح.
(وَلِلرَّسُولِ) ينفق ينفق منه الرسول ﷺ على نفسه، لأن الرسول ﷺ لم يكن له راتب من الدولة.
ولذلك لم يكن يأخذ أبو بكر وعمر من هذا السهم لأنفسهما.
لأن كلا من أبي بكر وعمر كان لهما مرتب من الدولة، ولم يكن ذلك للرسول الله ﷺ.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
التعبير (فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُۥ وَلِلرَّسُولِ) يعنى الذي يتولى توزيع هذا الخمس، هو الرسول ﷺ أو ولى الأمر بعد وفاة الرسول ﷺ. 
يقول الرسول ﷺ "لا يحل لي من غنائمكم إلا الخمس، والخمس مردودة عليكم "

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول تعالى (وَلِذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ) المقصود به الفقراء من قرابة الرسول ﷺ 
والمقصود بقرابة الرسول ﷺ هم: بنو هاشم وبنو عبد المطلب.
لماذا يختص الفقراء من قرابة الرسول
بجزء من الغنائم؟
ولماذا بنو هاشم وبنو عبد المطلب بالتحديد؟

أولًا: لأن قرابة الرسول ﷺ لا تحل لهم الصدقة، كرامة لرسول الله ﷺ.
ثانيًا: لأن قريش لما قاطعت بني هاشم لمدة ثلاثة سنوات كاملة، حتى كانوا ياكلون أوراق الشجر، انضم اليهم في شعب أبي طالب "بنو عبد المطلب" بالرغم من أن بعضهم كان لا يزال على الكفر، فحكم الله تعالى بأنهم كما واسوا الرسول ﷺ في الشدة، أن يواسوا في الغنيمة.
ولذلك لما أعطي الرسول ﷺ أموال من بعض الغنائم لبنى هاشم وبنى عبد المطلب، مشي الى الرسول ﷺ "عثمان بن عفان" وهو من بنى عبد شمس، و"جبير بن مطعم" وهو من بنى نوفل
وقالا له: هؤلاء إخوتك من بني هاشم لَا ينكر فضلهم لمكانك الذي جعلك الله منهم، أرأيت إخواننا بني المطلب أعطيتهم وحرمتنا، وإنما نحن وهم بمنزلة واحدة، فقال رسول الله ﷺ:
"إنهم لم يفارقونا في جاهلية ولا إسلام، وإنما هاشم وبنو المطلب شيء واحد" وشبك بين أصابعه.


❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

يقول تعالى (وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِيلِ) 
واليتم هو الذي فقد ابوه حتى يبلغ الحلم، فينفق عليه اذا كان فقيرًا.
والمسكين هو الفقير المحتاج
وابن السبيل: وهو الذي نفذ ماله وهو في سفره، فإنه يعطي من ذلك الخمس، ما يكفيه حتى يعود إلى أهله.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وذهب بعض الفقهاء الى أن الخمس يوزع على هذه الأقسام بالتساوي، ومنهم من قال لا يشترط التساوي.
ومنهم من قال مثل الإمام مالك أنه لا يشترط هذه الأقسام بالتحديد، بل يقسمها ولي الأمر كما يري من مصالح الأمة، وأن الآية ذكرت هذه الأقسام على سبيل التنبيه لها، وقال أن الرسول ﷺ أعطي للمؤلفة قلوبهم من غنائم "حنين"

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(إِن كُنتُمۡ ءَامَنتُم بِٱللَّهِ) 
يعنى من الإيمان أن تستقبل أوامر الله تعالى بالإمتثال لها.
ومن الإيمان أن يتم توزيع الغنائم بالشكل الذي حدده الله عز وجل.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَمَآ أَنزَلۡنَا عَلَىٰ عَبۡدِنَا يَوۡمَ ٱلۡفُرۡقَانِ)
يعنى: إِن كُنتُمۡ ءَامَنتُم بما أنزلنا من قرآن، في هذه السورة، في شأن الغنائم 

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(يَوۡمَ ٱلۡفُرۡقَانِ) وهو يوم بدر.
سمي الله تعالى يوم بدر بيوم الفرقان، لأنه اليوم الذي فرق الله تعالى بين الحق والباطل.
يعنى أصبح الحق واضحًا أنه الحق، وأصبح الباطل واضحًا أنه الباطل.
عندما تنتصر فئة قليلة قوامها ثلاثمائة رجل ليس معهم الا سلاح المسافر، على جيش من ألف مقاتل بكامل عتاده الحربي 
فالواضح أن الحق مع هذه الفئة القليلة، وأن الباطل في جانب هذه الفئة الكافرة. 

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(يَوۡمَ ٱلۡتَقَى ٱلۡجَمۡعَانِۗ)  جَمَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَجَمَعَ الْمُشْرِكِينَ.
(وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ) قدير على نصركم وأنتم فئة قليلة.

 

❇        

لِمُطَالَعَة بَقِيَةِ حَلَقَات "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم"

لِمُشَاهَدَة حَلَقَاتِ "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم" فيديو

❇