الحلقة رقم (499)
(تًدَبُر القُرْآن العَظِيم)
تفسير وتدبر الآيات من (72) الى (75) من سورة "الأنْفًال" ص 186
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ ءَاوَواْ وَّنَصَرُوٓاْ أُوْلَٰٓئِكَ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۚ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَمۡ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلَٰيَتِهِم مِّن شَيۡءٍ حَتَّىٰ يُهَاجِرُواْۚ وَإِنِ ٱسۡتَنصَرُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِ فَعَلَيۡكُمُ ٱلنَّصۡرُ إِلَّا عَلَىٰ قَوۡمِۢ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَهُم مِّيثَٰقٞۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ ﴿٧٢﴾ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٍۚ إِلَّا تَفۡعَلُوهُ تَكُن فِتۡنَةٞ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَفَسَادٞ كَبِيرٞ ﴿٧٣﴾ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ ءَاوَواْ وَّنَصَرُوٓاْ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ حَقّٗاۚ لَّهُم مَّغۡفِرَةٞ وَرِزۡقٞ كَرِيمٞ ﴿٧٤﴾ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنۢ بَعۡدُ وَهَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ مَعَكُمۡ فَأُوْلَٰٓئِكَ مِنكُمۡۚ وَأُوْلُواْ ٱلۡأَرۡحَامِ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلَىٰ بِبَعۡضٖ فِي كِتَٰبِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمُۢ ﴿٧٥﴾
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
هذه الآيات الكريمة هي ختام سورة الأنفال، وتتناول الآيات بعض الأحكام المنظمة لعلاقات المسلمين فى فترة العهد النبوى، وقسمت الآيات المسلمين في هذه الفترة الى أربعة أقسام:
- قسم المهاجرون الأولون، الذين هاجروا مع النبي ﷺ وجاهدوا معه ﷺ.
- قسم الأنصار الذين أحسنوا استقبال المهاجرين، ونصروا الرسول ﷺ وجاهدوا معه.
- قسم آمن بالرسول ﷺ ولكنه لم يهاجر الى المدينة.
- ثم قسم رابع وهو الذي تأخرت هجرته الى ما بعد صلح الحديبية في السنة السادسة من الهجرة.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول تعالي (إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ) هؤلاء هم المهاجرون الأولون الذين هاجروا مع الرسول ﷺ ، أو الذين هاجروا الى ما قبل صلح الحديبية في السنة السادسة من الهجرة.
ثم يقول تعالى (وَٱلَّذِينَ ءَاوَواْ وَّنَصَرُوٓاْ) هؤلاء هم الأنصار.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
قال تعالى (وَٱلَّذِينَ ءَاوَواْ) يعنى أحسنوا استقبال المهاجرين ووفروا لهم مأوي ومساكن، لأن المهاجرين دخلوا المدينة، وليس لهم مساكن، وكثير منهم له زوجة أو زوجات وله أولاد، ففتح الأنصار بيوتهم للمهاجرين، وأسكنوهم معهم.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وقلنا من قبل أنه لم يحدث في تاريخ الإنسانية كلها، أن جماعة هاجروا من مكان الى مكان واستقبلهم اصحاب المكان الذي هاجروا اليه هذا الاستقبال، بل على العكس في تاريخ الهجرات كلها، تكون هناك صراعات وحروب دامية بين اصحاب الأرض الأصليين والمهاجرين اليهم، أصحاب الأرض الأصليون لا يريدون أن يشاركهم أحد في أرضهم ومواردهم الطبيعية، والمهاجرين يريدون أن يستولوا على الأرض، فتقع صراعات دامية، يكون ضحيتها الملايين، وهذا حدث -بوضوح- في الهجرات الأوروبية الى أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية واستراليا.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
أما استقبال الأنصار للمهاجرين فكان على العكس.
من ذلك ما روي -والحديث في البخاري- من ان الأنصار جاءوا الى الرسول ﷺ وقالوا: "يا رسول الله اقْسِمْ بيْنَنَا وبيْنَ إخْوَانِنَا النَّخِيلَ" فقالَ ﷺ: "لَا، تَكْفُونَا المَئُونَةَ ونُشْرِكْكُمْ في الثَّمَرَةِ" "تَكْفُونَا المَئُونَةَ" أنتم تتحملون عبأ الزراعة، لأن المهاجرين لا يجيدون الزراعة "ونُشْرِكْكُمْ في الثَّمَرَةِ" تعطوا المهاجرين من الثمار، انما أصل النخل يكون معكم، قالوا: سَمِعْنَا وأَطَعْنَا.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ويأتي المهاجِرون الى الرسول ﷺ -والحديث في الترمذي- فقالوا: "يا رسولَ اللهِ، ما رَأَينا قومًا أبذَلَ مِن كَثيرٍ، ولا أحسَنَ مُواساةً مِن قَليلٍ؛ مِن قَومٍ نَزَلْنا بيْن أظْهُرِهم" يعنى الأغنياء منهم ينفقون بسخاء عظيم، والفقراء ينفقون على طاقتهم.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ويأتي "سعد بن الربيع" يقول لعبد الرحمن بن عوف: "أنا أكثر الأنصار مالا، فأقسم لك نصف مالي" فيقول عبد الرحمن بن عوف: بارك الله لك في مالك، ولكن دلنى على السوق.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول تعالى (وَٱلَّذِينَ ءَاوَواْ وَّنَصَرُوٓاْ) أي وَّنَصَرُوٓاْ الرسول ﷺ وكانت غالبية جيش المسلمون من الأنصار، لأن أعداد الأنصار أكبر من أعداد المهاجرين، في غزوة بدر مثلًا، كان عدد المهاجرين في الجيش 83، و231 من الأنصار، يعنى حوالى ربع الجيش فقط من المهاجرين، والباقي من الأنصار,
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ثم يقول تعالى (أُوْلَٰٓئِكَ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡض)
(أَوۡلِيَآءُ) يعنى المهاجرين والأنصار ، واستخدم اسم الإشارة (أُوْلَٰٓئِكَ) للبعيد ليدل على علو مرتبة المهاجرين والأنصار.
(أُوْلَٰٓئِكَ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡض) يعنى: المهاجرين والأنصار أعوان وأنصار على أعدائهم.
هناك معنى آخر: (أَوۡلِيَآءُ بَعۡض) يعنى أولياء بَعۡض في الميراث، يعنى المهاجرين والأنصار يتوارثون فيما بينهم.
وهذا التشريع -وهو توارث المهاجرين والأنصار- استمر ثمانية سنوات بعد الهجرة، حتى فتح مكة، ونزل قول الله تعالى (وَأْوْلُواْ الأرحام بَعْضُهُمْ أولى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ الله) فعاد الميراث الى الأقارب مرة أخري.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ما قصة هذا التشريع؟
عندما دخل الرسول ﷺ المدينة، كان من أوائل ما قام به الرسول ﷺ هو المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، قيل مع بناء المسجد، وقيل قبل بناء المسجد، لأن المهاجرين -كما ذكرنا- دخلوا المدينة، لا أهل لهم، ولا مسكن لهم، ولا مال، ولا طعام، ولا عمل، ليس هناك فرصة عمل، لأن أهل مكة كانوا تجارًا، والحرفة الأساسية لأهل المدينة هي الزراعة، فآخي الرسول ﷺ بين المهاجرين والأنصار، جعل كل واحد من الأنصار مسئولًا عن واحد من المهاجرين.
فقال ﷺ فلان من المهاجرين أخو لفلان من الأنصار.
"عبد الرحمن بن عوف" من المهاجرين أخو "سعد بن الربيع" من الأنصار.
"طلحة بن عبيد الله" من المهاجرين أخو "كعب بن مالك" من الأنصار، وهكذا.
وكانت الأخوة أخوة كاملة، حتى أن لو واحد منهم مات، يرث فيه الآخر، اذا مات المهاجري ورث فيه الأنصاري، واذا مات الأنصاري ورث فيه أخيه من المهاجرين، واذا كان المتوفي له أقارب غير مسلمين لا يدخلون في الميراث، واذا كان المتوفي له أقارب مسلمين ولم يهاجروا لا يدخلون في الميراث.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
لماذا هذا التشريع؟ ما الحكمة في هذا التشريع؟
هذا التشريع والذي كان في بداية الهجرة راعي فيه الحاجات البشرية للمهاجرين، وراعي فيه تفاوت المهاجرين في الايمان، فايمان أبي بكر وعمر -مثلًا- ليس كايمان غيرهم، فالمهاجرون تركوا أوطانهم وديارهم وأموالهم وأهلهم وعشائرهم، فأراد هذا التشريع يقدم لهم بعض التعويض عما فقدوه، فجعل من ترك أهله وعشيرتهـ وأصبح لا يرث منهم، أصبح له عشيرة جديدة تنصره، وأصبح له أخ في الله، يرث منه، ويرث أخوه الأنصاري منه.
وفي نفس الوقت فيه حث لمن أسلم ولم يهاجر أن يبادر الى الهجرة، كأنه بيقوله أنته أسلمت أيوه، وحنقبلك كمسلم، لكن انته مش واحد مننا، لدرجة ان لو قريبك أو أخوك مات مش حترث منه، حتعامل في هذا الموضع مثل غير المسلم.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
اذن قول الله تعالى (إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ) المهاجرين.
(وَٱلَّذِينَ ءَاوَواْ وَّنَصَرُوٓاْ) الأنصار.
(أُوْلَٰٓئِكَ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡض) يعنى أعوان وأنصار بعض، ويتوارثون فيما بينهم.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ثم يقول تعالى (وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَمۡ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلَٰيَتِهِم مِّن شَيۡءٍ حَتَّىٰ يُهَاجِرُواْۚ وَإِنِ ٱسۡتَنصَرُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِ فَعَلَيۡكُمُ ٱلنَّصۡرُ إِلَّا عَلَىٰ قَوۡمِۢ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَهُم مِّيثَٰقٞۗ)
قلنا من قبل أنه بعد هجرة الرسول ﷺ من مكة الى المدينة، أصبحت الهجرة فرض على كل مسلم، سواء كان هذا المسلم في مكة أو غير مكة، باستثناء قبيلة "خزاعة" لأنهم كانوا -مسلمين وغير مسلمين- حلفاء للرسول ﷺ
فقوله تعالى (وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَمۡ يُهَاجِرُواْ) يعنى وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بالرسول ﷺ ولكنهم لَمۡ يُهَاجِرُواْ الى المدينة، وهم قادرين على الهجرة.
(مَا لَكُم مِّن وَلَٰيَتِهِم مِّن شَيۡءٍ حَتَّىٰ يُهَاجِرُواْ) يعنى لا يدخلون في الميراث حَتَّىٰ يُهَاجِرُواْ، يعنى حتى لو كان مسلم في مكة، ولم يهاجر الى المدينة، ومات قريبه من المهاجرين في المدينة، فانه لا يرث منه
(وَإِنِ ٱسۡتَنصَرُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِ فَعَلَيۡكُمُ ٱلنَّصۡرُ) ولكن ان طلبوا نصرتكم على أعدائهم فانصروهم.
الولاية تعنى النصرة وتعنى التوارث.
الولاية بمعنى التوارث (مَا لَكُم مِّن وَلَٰيَتِهِم مِّن شَيۡءٍ) ما فيش توارث بينكم وبين بعض.
انما الولاية بمعنى النصرة، تنصروهم (وَإِنِ ٱسۡتَنصَرُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِ فَعَلَيۡكُمُ ٱلنَّصۡرُ)
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
قوله تعالى (وَإِنِ ٱسۡتَنصَرُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِ)
ينبهك الى أن ده أخوك في الدين، وطالما أخوك في الدين فعليك أن تنصره.
عندما تجد أخوك في الإسلام يقتل وينكل به في بورما أو الصين أو الهند أو افريقيا الوسطي أو أثيوبيا أو أنجولا، أو غير ذلك من الدول المجرمة، عليك أن تنصره لأنه أخوك في الدين.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(إِلَّا عَلَىٰ قَوۡمِۢ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَهُم مِّيثَٰق)
.الا اذا استنصروكم على قوم بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَهُم عهد فلا تغدروا ولا تنقضوا العهد.
اذن الفرق بين المؤمن الذي هاجر، والمؤمن الذي لم يهاجر.
هو أن المؤمن الذي لم يهاجر لا يدخل في الميراث، ولا ينصر على قوم بيننا وبينهم ميثاق.
وهذا -كما ذكرنا- تشجيع وحض على الهجرة الى المدينة.
(وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِير)
تذييل قصد به الترغيب فى طاعة الله ، والتحذير عن معصيته
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٍۚ إِلَّا تَفۡعَلُوهُ تَكُن فِتۡنَةٞ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَفَسَادٞ كَبِيرٞ ﴿٧٣﴾
يعنى وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ينصر بعضهم بعضًا، ويتعاونون على قتالكم وايذائكم، حتى وان اختلفوا فيما بينهم، الا أنهم متفقون على عداوتكم، ويد واحدة ضدكم.
عندما بُعثَ الرسول ﷺ كانت هناك عداوة مستحكمة بين اليهود في المدينة وبين المشركين، وكانت بينهم حروب، وكان اليهود يتوعدون الكفرا من الأوس والخزرج، ويقولون لهم "أظل زمان نبي نتبعه نقتلكم به قتل عاد وارم" ولما بُعثَ النبي ﷺ تحالف اليهود مع المشركين معهم ضد المسلمين.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وعندما بدء المسلمون في مواجهة الفرس والروم، كانت هناك عداوة شديدة جدًا بين الفرس والروم، وكانت بينهما حروب استمرت 700 سنة، من 54 ق.م الى 628 م فلما ظهر الإسلام اتحدوا فيما بينهم، وكونوا جيشًا واحدًا لحرب المسلمين، سنة 12 هـ ، وهزمهم المسلمون هزيمة ساحقة بقيادة خالد بن الوليد في معركة اطلق عليها "الفرَاض"
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
كذك كان هناك تحالف بين المغول والصليبيين ضد المسلمين، مع أن المفروض أن يكون التحالف بين المسليمن والصليبيين ضد المغول، لأن المسلميين والمسيحيين اصحاب ديانة سماوية والمغول ديانة وثنبة، ولكن التحالف كان بين المغول والصليبيين ضد المسلمين.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
تحالفت دول أوروبا ضد الدولة العثمانية، مع أن هناك تاريخ طويل جدًا من العداوة والحروب بين الدول الأوروبية.
الآن تجد الدول الكبري في العالم، مهما كان الخلاف فيما بينها، ولكنها تتفق علي عداوة المسلمين.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
قد يسأل سائلك لماذا دائمًا جميع هذه الدول يد واحدة ضد المسلمين؟
نقول لأن الصراع بين الحق والباطل من سنن الله -تعالى- في هذا الكون، وهذا الصراع بدء منذ خلق آدم، وسيستمر الى قيام الساعة.
والحق في هذا العالم هو -فقط- الإسلام، وغير الإسلام هو الباطل، ولذلك فمن الطبيعي أن يكون هذا الصراع بين المسلمين وبين غير المسلمين.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
اذن قوله تعالى (وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٍۚ) يعنى أعوان وأنصار بعض ضد المسلمين.
ثم يقول تعالى (إِلَّا تَفۡعَلُوهُ تَكُن فِتۡنَةٞ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَفَسَادٞ كَبِيرٞ ﴿٧٣﴾
(إِلَّا تَفۡعَلُوهُ) تحذير للؤمنين، يعنى: ان لم تفعلوا ما أمرتكم به -أيها المؤمون- من التناصر، وأن تكونوا أولياء بعض، وأن تكونوا يدًا واحدة في مواجهة أعدائكم.
(تَكُن فِتۡنَةٞ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَفَسَادٞ كَبِير) ستكون فتنة في الأرض، يعنى اضطهاد للمسلمين في دينهم، وقال تعالى (فِي ٱلۡأَرۡضِ) يعنى في كل ٱلۡأَرۡضِ.
(وَفَسَادٞ كَبِير) وسيكون هناك فساد -أيضًا- في كل الأرض، وفساد وصفه تعالى بأنه (فَسَاد كَبِير)
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
هذه الاية من أعظم آيات القرآن العظيم، الآية بتحكيلنا الواقع اللى احنا فيه، وبتدينا تفسير لهذا الواقع، وبتقولنا الحل.
الواقع اللى احنا فيه (فِتۡنَة فِي ٱلۡأَرۡضِ وَفَسَاد كَبِير)
المسلمون مضطهدون في كل مكان في الأرض،والفساد الشديد يعم العالم كله.
التفسير؟ ليه الوضع ده؟ لأن الكفار ايد واحدة ضدكم (وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٍۚ) وانتم مش كده، انتم بالعكس (إِلَّا تَفۡعَلُوهُ) المسلمون لا ينصر بعضهم بعضا
الحل ايه؟ الحل هو الوحدة، الحل هو أن ينصر المسلمون بعضهم بعضا، الحل هو أن الـ 57 دولة اسلامية تكون كأنها دولة واحدة.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ ءَاوَواْ وَّنَصَرُوٓاْ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ حَقّاۚ لَّهُم مَّغۡفِرَةٞ وَرِزۡقٞ كَرِيمٞ ﴿٧٤﴾
(وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ) وهم المهاجرون.
(وَٱلَّذِينَ ءَاوَواْ وَّنَصَرُوٓاْ) وهم الأنصار.
(أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ حَقّاۚ)
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
كأن الله تعالى يقول لنا أن صحابة الرسول ﷺ من المهاجرين والأنصار هم القدوة لنا.
لأن الله تعالى وضفهم بأنهم (ٱلۡمُؤۡمِنُونَ حَقّاۚ)
(لَّهُم مَّغۡفِرَة)
ولما تيجي المغفرة نكرة، يعنى مغفرة لكل ذنوبهم.
(وَرِزۡقٞ كَرِيم) أي في الجنة.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ثم يقول تعالى (وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنۢ بَعۡدُ وَهَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ مَعَكُمۡ فَأُوْلَٰٓئِكَ مِنكُمۡۚ وَأُوْلُواْ ٱلۡأَرۡحَامِ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلَىٰ بِبَعۡضٖ فِي كِتَٰبِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمُۢ ﴿٧٥﴾
(وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنۢ بَعۡدُ)
يعني وَٱلَّذِينَ َامَنُواْ مِنۢ بَعۡدُ المؤمنين السابقين، يعنى تأخر اسلامهم.
مثل "عمر بن العاص" ومثل "خالد بن الوليد"
(وَهَاجَرُواْ) أي وَهَاجَرُواْ الى المدينة، تأخرت هجرتهم ولكنهم هَاجَرُواْ في النهاية.
(وَجَٰهَدُواْ مَعَكُمۡ) يعنى وَجَٰهَدُواْ مَعَ المهاجرين السابقين والأنصار من أجل اعلاء كلمة الله.
(فَأُوْلَٰٓئِكَ مِنكُمۡۚ) أصبحتم وحدة واحدة.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَأُوْلُواْ ٱلۡأَرۡحَامِ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلَىٰ بِبَعۡضٖ فِي كِتَٰبِ ٱللَّهِۚ)
هذه الآية التى نسخت حكم التوارث بين المهاجرين والأنصار، وهو تشريع -كما قلنا- استمر ثمانية سنوات من بداية الهجرة، حتى فتح مكة في السنة الثامنة من الهجرة، وبعد فتح مكة قال الرسول ﷺ "لا هجرة بعد الفتح" وبما انه لم يعد هناك هجرة، فمن الطبيعي أن ينسخ حكم التوارث بين المهاجرين والأنصار، وأن يعود التوارث الى الأقارب مرة أخري، ولذلك قال تعالى
(وَأُوْلُواْ ٱلۡأَرۡحَامِ) يعنى ذوي القرابة .
(َبعۡضُهُمۡ أَوۡلَىٰ بِبَعۡض) يعنى في الميراث
(فِي كِتَٰبِ ٱللَّهِۚ) أي في حكم الله تعالى.
(إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمُۢ)
تذييل ختمت به السورة لحض المؤمنين على التمسك بما اشتملت عليه السورة الكريمة من أوامر ونواهي وآداب وتشريعات
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
هذه هي نهاية سورة الأنفال ، أو سورة بدر - كما سماها ابن عباس - لأنها تحدثت باستفاضة عن أحداث هذه الغزوة، والدروس المستفادة منها.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ان شاء الله نبدأ في الحلقة القادمة في تفسير وتدبر سورة "التوبة".
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
لِمُطَالَعَة بَقِيَةِ حَلَقَات "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم"
لِمُشَاهَدَة حَلَقَاتِ "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم" فيديو
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
|