Untitled Document

عدد المشاهدات : 1041

الحلقة (504) من "تَدَبُرَ القُرْآنَ العَظِيم" تفسير وتدبر الآيتين (23) و(24) من سورة "التَوْبًة" (يَٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ……

الحلقة رقم (504)
(تًدَبُر القُرْآن العَظِيم)
تفسير وتدبر الآيتين (23) و(24) من سورة "التوبة" ص 190

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

(يَٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُوٓاْ ءَابَآءَكُمۡ وَإِخۡوَٰنَكُمۡ أَوۡلِيَآءَ إِنِ ٱسۡتَحَبُّواْ ٱلۡكُفۡرَ عَلَى ٱلۡإِيمَٰنِۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ ﴿٢٣﴾ قُلۡ إِن كَانَ ءَابَآؤُكُمۡ وَأَبۡنَآؤُكُمۡ وَإِخۡوَٰنُكُمۡ وَأَزۡوَٰجُكُمۡ وَعَشِيرَتُكُمۡ وَأَمۡوَٰلٌ ٱقۡتَرَفۡتُمُوهَا وَتِجَٰرَةٞ تَخۡشَوۡنَ كَسَادَهَا وَمَسَٰكِنُ تَرۡضَوۡنَهَآ أَحَبَّ إِلَيۡكُم مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَجِهَادٖ فِي سَبِيلِهِۦ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّىٰ يَأۡتِيَ ٱللَّهُ بِأَمۡرِهِۦۗ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ ﴿٢٤﴾

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

يقول "سَلَمْ بن ميمون الخواص" كنت أقرأ القرآن فلا أجد له حلاوة، فقلت لنفسي: اقرئيه كأنك تسمعينه من رسول الله ﷺ. قال: فجاءت حلاوة، ثم قلت لنفسي: اقرئيه كأنك تسمعيه من جبريل يقرأه على رسول الله ﷺ، يقول: فازدادت الحلاوة، ثم قلت لنفسي: اقرئيه كأنك تسميعه من حضرة الله تعالى، يقول: فجاءت الحلاوة كلها.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وقال الصالحون تفقد الحلاوة في ثلاثة: تفقدها في الصلاة، وعند قراءة القرآن، وفي الذكر، فاذا لم تجدها فاعلم أن الباب مغلق.
والحقيقة أن الله تعالى لا يغلق بابه، ولكن العبد يسد الباب الذي بينه وبين ربه بمعاصيه، وبتقصيره 
نسأل الله -تعالى- أن يرزقنا طاعته.


❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

يقول تعالى ( يا ٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُوٓاْ ءَابَآءَكُمۡ وَإِخۡوَٰنَكُمۡ أَوۡلِيَآءَ إِنِ ٱسۡتَحَبُّواْ ٱلۡكُفۡرَ عَلَى ٱلۡإِيمَٰنِۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ ﴿٢٣﴾
هذه الآية -الكريمة- نزلت في المسلمين الذي رفضوا الهجرة من مكة الى المدينة، وظلوا في مكة، حتى لا يفارقوا آبائهم وأقاربهم، وقد كانت الهجرة منذ هجرة الرسول ﷺ الى المدينة وحتى فتح مكة فرضًا على جميع المسلمين.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول تعالى (يا ٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُوٓاْ ءَابَآءَكُمۡ وَإِخۡوَٰنَكُمۡ) يعنى: لَا تَتَّخِذُوٓاْ ءَابَآءَكُمۡ المشركين، وَإِخۡوَٰنَكُمۡ المشركين.
(أَوۡلِيَآءَ) يعنى أصدقاء، واصفياء، ومقربين. 
(إِنِ ٱسۡتَحَبُّواْ ٱلۡكُفۡرَ عَلَى ٱلۡإِيمَٰنِۚ) يعنى: إِنِ اختاروا ٱلۡكُفۡرَ عَلَى ٱلۡإِيمَٰنِۚ. 
(وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ) يعنى ومن يتخذهم أولياء وأصفياء ومقربين 
(فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ) يعنى فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ لأنفسهم، والظالمون لمجتمعهم، لأن هذه الموالاة لغير المسلمين تضر المجتمع.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وقوله تعالى (ٱسۡتَحَبُّواْ ٱلۡكُفۡرَ عَلَى ٱلۡإِيمَٰنِۚ)
يعنى: أحبوا ٱلۡكُفۡرَ عَلَى ٱلۡإِيمَٰنِۚ.
ولكن الله تعالى قال
(ٱسۡتَحَبُّواْ) ولم يقل (أحبوا) لماذا؟ 
ما الفرق بين كلمة: (ٱسۡتَحَبُّواْ) و (أحبوا)  
كلمة
(أحبوا) ليس فيها تكلف.
ولكن
(ٱسۡتَحَبُّواْ) فيها افتعال، وفيها تكلف، وفيها مجهود.
لأن مادة الألف والسين والتاء تأتي بمعنى الطلب، كما نقول "استخرج المعدن" يعنى المعدن لم يخرج لوحده، وانما كان هناك تكلف ومجهود لإخراج المعدن.
ولذلك قال تعالى
(ٱسۡتَحَبُّواْ ٱلۡكُفۡرَ عَلَى ٱلۡإِيمَٰنِۚ) ولم يقل: "أحبوا ٱلۡكُفۡرَ عَلَى ٱلۡإِيمَٰنِۚ" لأن الإنسان بطبيعته مفطور على الإيمان، فاذا اختار الكفر على الإيمان، فلا بد أن يتكلف ذلك؛ وأن يفتعله لأنه أمر وليس من طبيعته.


❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

ثم يقول تعالى (قُلۡ إِن كَانَ ءَابَآؤُكُمۡ وَأَبۡنَآؤُكُمۡ وَإِخۡوَٰنُكُمۡ وَأَزۡوَٰجُكُمۡ وَعَشِيرَتُكُمۡ وَأَمۡوَٰلٌ ٱقۡتَرَفۡتُمُوهَا وَتِجَٰرَةٞ تَخۡشَوۡنَ كَسَادَهَا وَمَسَٰكِنُ تَرۡضَوۡنَهَآ أَحَبَّ إِلَيۡكُم مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَجِهَادٖ فِي سَبِيلِهِۦ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّىٰ يَأۡتِيَ ٱللَّهُ بِأَمۡرِهِۦۗ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ ﴿٢٤﴾
قيل أنه لما نزلت الآية السابقة، فيها الأمر بالهجرة، وفيها التشديد على الهجرة، قال الذين أسلموا ولم يهاجروا: إن نحن هاجرنا: ضاعت أموالنا، وذهبت تجاراتنا، وخربت دورنا، وقطعنا أرحامنا، فنزل قول الله تعالى (قُلۡ إِن كَانَ ءَابَآؤُكُمۡ وَأَبۡنَآؤُكُمۡ وَإِخۡوَٰنُكُمۡ وَأَزۡوَٰجُكُمۡ وَعَشِيرَتُكُمۡ)
يعنى قُلۡ -يا محمد- لهؤلاء الذين رفضوا الهجرة الى المدينة، وظلوا في مكة: إِن كَانَ المقام مع ءَابَآؤُكُمۡ وَأَبۡنَآؤُكُمۡ وَإِخۡوَٰنُكُمۡ وَأَزۡوَٰجُكُمۡ وَعَشِيرَتُكُمۡ، وعشيرة الرجل هم أهله، وأطلق عليهم ذلك لأنهم الذين يعاشرونه.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَأَمۡوَٰلٌ ٱقۡتَرَفۡتُمُوهَا) اقترف يعنى اكتسب، يعنى: وَأَمۡوَٰلٌ اكتسبتموها.
لأن الأموال اما تؤول الى الإنسان بالميراث، بدون تعب، واما ان يكتسبها الإنسان بعمله وكده، فتكون الأموال التي اكتسبها الإنسان بعمله لها منزلة ليست للأموال التي جاءت بدون تعب.
ولذلك لما يلاقوا حد كده عمال ينفق ويبعتر في فلوسه، يقوله أصله ما تعبش في الفلوس، انما واحد تاني يقولك أنا شقيت بالفلوس دي، يعنى عزيزة عليه.

ولذلك قال تعالى (وَأَمۡوَٰلٌ ٱقۡتَرَفۡتُمُوهَا) يعنى: وَأَمۡوَٰلٌ اكتسبتموها، يعنى عزيزة عليكم.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

(وَتِجَٰرَة تَخۡشَوۡنَ كَسَادَهَا) كساد التجارة هو عدم بيعها.

لأن أغلب أهل مكة يعملون في التجارة، وأسواق مكة، ربما لا يوجد مثلها في الجزيرة، لأن كل العرب يأتون اليها للحج والعمرة، وقوافل مكة التجارية تسير في الجزيرة لا يتعرض لها أحد، لأن هؤلاء هم أهل الحرم.


❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

وقال بعض المفسرون أن المقصود بقوله تعالى (وَتِجَٰرَة تَخۡشَوۡنَ كَسَادَهَا) يعنى البنات لا يتزوجن.
وكانت العرب تستخدم هذه التعبير، فكانوا يقولون: كسدت البنت يعنى لم تتزوج.
كسدن من الفقر في قومهن ... وقد زادهن مقامي كسودا
طب ايه دخل الهجرة بعدم زواج البنات؟
لإن البنات بتتزوج من قرايبهم، وحيسبوهم، ويروحوا مكان جديد محدش يعرفهم فيه.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَمَسَٰكِنُ تَرۡضَوۡنَهَآ) يعنى: وَمَسَٰكِنُ تحبون الإقامة فيها.


❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

اذا كانت كل هذه الأشياء
(أَحَبَّ إِلَيۡكُم مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ) يعني أَحَبَّ إِلَيۡكُم مِّنَ الهجرة الى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ. 
(وَجِهَادٖ فِي سَبِيلِهِ) وأحب اليكم من الجهاد في سبيل الله. 
(فَتَرَبَّصُواْ) فانتظروا، وهذه فيها تهديد.
(حَتَّىٰ يَأۡتِيَ ٱللَّهُ بِأَمۡرِهِ) يعنى: حَتَّىٰ يَأۡتِيَ ٱللَّهُ بعقوبته عليكم.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وقال كثير من المفسرين، يعنى: فانتظروا حتى فتح مكة.
يعنى ان كنتم تفضلون المقام في بيوتكم وأهليكم وتتركوا الهجرة، فانتظروا حتى يفتح الله مكة، فيسقط فرض الهجرة، ويضيع عليكم هذه المكانة في الإسلام، وهذا الثواب العظيم، وهو ثواب الهجرة، وثواب الجهاد في سبيل الله.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ) 
وهذا فيه وصف لمن يرفض الهجرة والمقام في ديار الكفر بأنه من ٱلۡفَٰاسِقِينَ.
يعنى الخارجين عن طاعة الله الى معصيته.
وهذا فيه تشديد على من أقام ولم يهاجر.

 

❇        

لِمُطَالَعَة بَقِيَةِ حَلَقَات "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم"

لِمُشَاهَدَة حَلَقَاتِ "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم" فيديو

❇