Untitled Document

عدد المشاهدات : 993

الحلقة (513) من "تَدَبُرَ القُرْآنَ العَظِيم" تفسير وتدبر الآيات من (41) الى (45) من سورة "التَوْبًة" (ٱنفِرُواْ خِفَافا وَثِقَالا ……

الحلقة رقم (513)
(تًدَبُر القُرْآن العَظِيم)
تفسير وتدبر الآيات من (41) الى (45) من سورة "التوبة" ص 194

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

(ٱنفِرُواْ خِفَافا وَثِقَالا وَجَٰهِدُواْ بِأَمۡوَٰلِكُمۡ وَأَنفُسِكُمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكُمۡ خَيۡر لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ ﴿٤١﴾ لَوۡ كَانَ عَرَضا قَرِيبا وَسَفَرٗا قَاصِدٗا لَّٱتَّبَعُوكَ وَلَٰكِنۢ بَعُدَتۡ عَلَيۡهِمُ ٱلشُّقَّةُۚ وَسَيَحۡلِفُونَ بِٱللَّهِ لَوِ ٱسۡتَطَعۡنَا لَخَرَجۡنَا مَعَكُمۡ يُهۡلِكُونَ أَنفُسَهُمۡ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ إِنَّهُمۡ لَكَٰذِبُونَ ﴿٤٢﴾ عَفَا ٱللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمۡ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعۡلَمَ ٱلۡكَٰذِبِينَ ﴿٤٣﴾ لَا يَسۡتَ‍ٔۡذِنُكَ ٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ أَن يُجَٰهِدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡۗ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِٱلۡمُتَّقِينَ ﴿٤٤﴾ إِنَّمَا يَسۡتَ‍ٔۡذِنُكَ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَٱرۡتَابَتۡ قُلُوبُهُمۡ فَهُمۡ فِي رَيۡبِهِمۡ يَتَرَدَّدُونَ ﴿٤٥﴾

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇


 

ما زالت الآيات تتحدث عن غزوة "تبوك" وقلنا أن غزوة "تبوك" كانت من أصعب الغزوات التي خرج اليها الرسول ﷺ وذلك لبعد المسافة 1250 كم حسب الطرق المعبدة الآن، الجو شديد الحرارة، هناك جدب وقلة مطر في ذلك العام، ولذلك كانت المؤن قليلة، والمسلمون خارجون  لمواجهة الإمبراطورية الرومانية، وهي أقوي قوة عسكرية في ذلك الوقت، ولذلك أطلق علي الجيش الذي خرج الى "تبوك" جيش "العسرة"
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول تعالى (ٱنفِرُواْ خِفَافا وَثِقَالا)
قلنا في الحلقة السابقة أن "النَّفْر" لغة هو: الخروج السريع الى أمر مهم، كما نقول: نفرة الحجيج من عرفات الى المزدلفة، ولذلك كثر استخدامه في الخروج إلى الحرب، فقوله تعالى: (ٱنفِرُواْ خِفَافا وَثِقَالا)
يعنى: اخرجوا سريعًا لقتال عدوكم.
بمجرد أن الرسول ﷺ يأمركم بالخروج تخرجوا فورًا
والقرآن استخدم كلمة (ٱنفِرُواْ) لأنه عاتبهم في آية سابقة عن التثاقل عن الخروج  
(مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ) فكأن في مقابل التثاقل والتباطأ والتكاسل عن الخروج، في مقابل "النَّفْر" وهو الخروج بسرعة وهمة ونشاط.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(ٱنفِرُواْ خِفَافا وَثِقَالا) يعنى أخرجوا للقتال في سبيل الله في كل حال، سواء كان الخروج بالنسبة لكم سهلًا أو صعبًا.
قال المفسرون: (خِفَافا وَثِقَالا) يعنى سواء كنتم شبابًا أو شيوخًا.
أو: (خِفَافا وَثِقَالا) يعنى سواء كنتم أقوياء أو ضعفاء
أو: سواء كنتم ركبانًا أو مشاة.
وقالوا: مَشَاغِيلٌ وَغَيْرُ مَشَاغِيلَ.
وقالوا: صاحب الضيعة ومن لا ضيعة له.
وقالوا: ذا عيال وغير ذا عيال.
وقيل: خفافًا من السلاح أو ثقالًا منه
اذن الخفة والثقل استعارة، يعنى سواء كان الخروج سهلًا أو صعبًا.

 لأن -كما ذكرنا- أن غزوة "تبوك" كانت هي أصعب غزوات الرسول ﷺ، فالله -سبحانه وتعالى- يخبرهم أن الغزو يجب عليهم في كل أحوالهم.


❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

أنظر مثلًا "المقداد بن الأسود" شارك في جميع غزوات الرسول ﷺ وشارك في الغزوات في عهد أبي بكر وعمر، وفي عهد عثمان كان قد بلغ السبعين، ولكنه أصر على الجهاد، فقيل له: قد أعذر الله اليك، فقال: أبت علينا سورة "براءة" (انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا)
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
انظر الى "أبو طلحة الأنصاري" كان قد بلغ السبعين، واراد أن يخرج للقتال في عهد عثمان، فقال له أبناؤه: لقد غزوت مع النبي ﷺ ومع أبي بكر وعمر حتى ماتوا فنحن نغزو عنك، فقال لهم: قال تعالى: (انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا) ما أرى الله إلا يستنفرنا شبانا وشيوخًا، وخرج للجهاد في الشام فمات في البحر، فلم يجدوا له جزيرة يدفنونه فيها إلا بعد سبعة أيام فدفنوه فيها، ولم يتغير رضي الله عنه .
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
من هؤلاء أيضًا أيوب الأنصاري -وهو الذي نزل الرسول ﷺ في بيته شهرًا كاملًا بعد أن هاجر الى المدينة، حتى تم بناء بيته ﷺ- شارك "أبو أيوب الأنصاري" في غزوة بدر، وفي جميع غزوات الرسول ﷺ، ثم شارك في الغزوات في عهد أبي بكر وعمر وعثمان وعلى، فلما تولى معاوية ودعا الناس للخروج الى فتح القسطنطينية، خرج مع الجيش وكان قد جاوز الثمانين، فقال له أبناءه: أنت شيخ كبير لا تقوي على القتال، فقال لهم قال تعالى: (انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا) وخرج للجهاد، وقاتل حتى قتل -رضى الله عنه-
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول صفوان بن عمرو -وهو من رواة الحديث-: كنت والياً على حمص، فلقيت شيخاً كبيراً قد سقط حاجباه من أهل دمشق على راحلته يريد الغزو.
فقلت له: يا عمّ لقد أعذر الله إليك فرفع بصره الىَّ وقال: يا ابن أخي استنفرنا الله خفافاً وثقالاً..

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وعن الزهري: خرج سعيد بن المسيب إلى الغزو، وقد ذهبت إحدى عينيه، فقيل له: إنك عليل صاحب ضرر، فقال: استنفرنا الله الخفيف والثقيل، فإن لم أستطع الحرب كثرت السواد وحفظت المتاع .
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَجَٰهِدُواْ بِأَمۡوَٰلِكُمۡ وَأَنفُسِكُمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ)  
وقلنا من قبل أن القرآن العظيم دائمًا يقدم الجهاد بالمال على الجهاد بالنفس، ليس لأن الجهاد بالمال -كما يقول البعض- أصعب من الجهاد بالنفس، ولكن لأن الخطوة الأولى لبناء جيش قوي هو أن يكون هناك اقتصاد قوي.
(ذَٰلِكُمۡ خَيۡر لَّكُمۡ) يعنى خَيۡر لَّكُمۡ من التثاقل الى الأرض وترك الجهاد.
(إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ) يعنى: إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ ما لكم من الثَّواب والجزاء


❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

(لَوۡ كَانَ عَرَضا قَرِيبا وَسَفَرا قَاصِدا لَّٱتَّبَعُوكَ وَلَٰكِنۢ بَعُدَتۡ عَلَيۡهِمُ ٱلشُّقَّةُۚ وَسَيَحۡلِفُونَ بِٱللَّهِ لَوِ ٱسۡتَطَعۡنَا لَخَرَجۡنَا مَعَكُمۡ يُهۡلِكُونَ أَنفُسَهُمۡ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ إِنَّهُمۡ لَكَٰذِبُونَ ﴿٤٢﴾
قلنا من قبل أن العرض هو ما يعرض للإنسان ثم يختفي ولا يدوم 
والمقصود به هنا هو المنافع الدنيوية، وسميت عرض لأن الدنيا غير دائمة.
كما في سورة "الأنفال" (تريدون عرض الدنيا) وفي الأعراف (يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَٰذَا الْأَدْنَىٰ) 

(وَسَفَرا قَاصِدا) القاصد هو التوسط، يعنى سفر مش بعيد.
فالمعنى: (لَوۡ كَانَ عَرَضا قَرِيبا) لو كان ما دعوتهم اليه -يا محمد- منفعة من منافع الدنيا، ومنفعة سهلة.
مثل ماذا عرض قريب؟ كأن يدعوهم الرسول ﷺ للخروج لاعتراض عير لقريش مثلًا، فهذه غنيمة سهلة.

(لَّٱتَّبَعُوكَ) يعنى في هذه الحالة يتبعونك.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَلَٰكِنۢ بَعُدَتۡ عَلَيۡهِمُ ٱلشُّقَّةُۚ) 
(ٱلشُّقَّةُۚ) من المشقة والعناء وبذل الجهد.
يعنى: وَلَٰكِنۢ ما دعوتهم اليه من السفر الى تبوك، هو مكان بعيد وسفر فيه مشقة وعناء.
اذن الله تعالى بيكشف المنافقين، لأنهم كانوا يخرجون مع الرسول ﷺ في بعض غزواته. 
فالله تعالى يقول للرسول ﷺ ويقول للمؤمنين لا تغتروا بخروجهم معكم
هم كانوا يخرجون معكم عندما كانت الغنيمة سهلة والسفر قريب، ولكن في هذا الإختبار الصعب سفر بعيد ومشقة وعناء وحنواجه الروم، هنا يتميز المؤمن من المنافق.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَسَيَحۡلِفُونَ بِٱللَّهِ لَوِ ٱسۡتَطَعۡنَا لَخَرَجۡنَا مَعَكُمۡ) 
اذن هذه الآية نزلت قبل الرجوع من غزوة تبوك، فالله تعالى يخبر رسوله ﷺ بأن علامة هؤلاء المنافقين أنهم سيحلفون بِٱللَّهِ لَوِ ٱسۡتَطَعۡنَا لَخَرَجۡنَا مَعَكُمۡ.
ولذلك سـتأتي بعد ذلك قصة الثلاثة مؤمنين الذين لم يخرجوا مع الرسول ﷺ وهم: كَعْبَ بنَ مَالِكٍ، و مُرَارَةُ بنُ الرَّبِيعِ، وهِلَالُ بنُ أُمَيَّةَ، هؤلاء الثلاثة لم يذهبوا للرسول ﷺ وحلفوا له لَوِ ٱسۡتَطَعۡنَا لَخَرَجۡنَا مَعَكُمۡ، انما اعترفوا بخطئهم واعترفوا بذنبهم.
ولذلك من أسماء سورة التوبة "الفاضحة" الله -سبحانه وتعالى- يقول لرسوله ﷺ عندما تعود الى المدينة سيأتي اليك المنافقون ويحلفون لك بالله ويقولون لك: لَوِ ٱسۡتَطَعۡنَا لَخَرَجۡنَا مَعَكُمۡ.
ولذلك يقول ابن عباس لم يكن الرسول ﷺ يعرف المنافقين قبل نزول سورة التوبة، فلما نزلت سورة "التوبة" عرفهم.
وهؤلاء كان عددهم تسعة وثلاثين رجلًا.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول تعالى (يُهۡلِكُونَ أَنفُسَهُمۡ) يعنى هؤلاء بهذه الأيمان الكاذبة يُهۡلِكُونَ أَنفُسَهُمۡ، لأن الحلف الكذب يورث سخط الله تعالى.
وهذه فيها خطورة تعمد الحلف الكذب، وهو ما سماه الرسول ﷺ "اليمين الغموس" لأنها تغمس صاحبها في الإثم، وتغمس صاحبها في النار .

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وقد ذكر البخاري في باب الديات أن خمسين من قبيلة "هذيل" في زمن عمر -رضى الله عنه- حلفوا كذبًا حتى يأخذوا دية ليس من حقهم، وأخذوها بالفعل، وهم في بعض الطريق أصابهم مطر شديد فلجأوا الى غار، فانهدم عليهم وهلكوا جميعًا.
فقوله تعالى: (يُهۡلِكُونَ أَنفُسَهُمۡ) هي هلاك في الدنيا وفي الآخرة.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ إِنَّهُمۡ لَكَٰذِبُونَ) 
يعنى وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ إِنَّهُمۡ يستطيعون الخروج.


❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

(عَفَا ٱللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمۡ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعۡلَمَ ٱلۡكَٰذِبِينَ ﴿٤٣﴾
عندما دعا الرسول ﷺ للخروج لقتال الروم، جاء كثير من المنافقين وضعيفي الإيمان واعتذروا للنبي ﷺ عن الخروج، وكل واحد منهم جاء بعذر، وأذن الرسول ﷺ لكل من استأذن في عدم الخروج، لأن الرسول ﷺ لا يريد في جيشه لا المنافقون ولا ضعيفي الايمان، الرسول ﷺ لا يريد في جيشه الا المؤمنين صادقي الإيمان، مثل قصة طالوت، عندما دعا بنى اسرائيل الى الخروج للقتال فلم يخرج معه الا القليل، وهذا القليل اراد أن يصفيهم، فقال لهم ( قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ) فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ، اذن جيش طالوت كان قليل القليل، وهؤلاء القليل هم الذين حقق بهم النصر.
اذن الرسول ﷺ لا يهمه الكثرة، ولكن يهمه ان يكون الجيش من صادقي الإيمان مهما كان عدد الجيش قليل.
ولذلك أذن الرسول ﷺ في عدم الخروج لكل من طلب الإذن.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ومع ذلك عاتب الله تعالى الرسول ﷺ في هذا الإذن: 
قال تعالى
(عَفَا ٱللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمۡ) 
من توقير الله تعالى واكرامه ولطفه بالرسول ﷺ أنه -تعالى- أَخْبَرَهُ بِالْعَفْوِ قَبْلَ أَنْ يعاتبه.
يقول أحد المفسرون: هل سَمِعْتُمْ بِمُعَاتَبَةٍ أَحْسَنَ مِنْ هَذَا؟! بَدَأَ بِالْعَفْوِ قَبْلَ الْمُعَاتَبَةِ.
يقول القرطبي في تفسيره "أخبره بالعفو قبل الذنب لئلا يطير قلبه فرقًا"


❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

وقد عاتب القرآن العظيم الرسول ﷺ على اجتهاده في موضعين اثنين: هذا الموضع: الإذن للمنافقين بعدم الخروج، والموضع الثاني في أنه قبل الفداء في اسري بدر (ما كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ)
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
لماذا يا رب لا أأذن لهم؟
قال تعالى
(حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعۡلَمَ ٱلۡكَٰذِبِينَ)
يعنى المنافق اذا أذنت له أو لم تأذن له لن يخرج
يقول مجاهد في هذه الاية "إن بعضهم قال نستأذنه فإن أذن في القعود قعدنا وإلا قعدنا"
انما المؤمن اذ لم تأذن له فسيخرج.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(لَا يَسۡتَ‍ٔۡذِنُكَ ٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ أَن يُجَٰهِدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡۗ وَٱللَّهُ عَلِيمُۢ بِٱلۡمُتَّقِينَ ﴿٤٤﴾
هذه الآية الكريمة تحمل معنيين: 
المعنى الأول: يعنى: لَا يَسۡتَ‍ٔۡذِنُكَ ٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ في أن لا يُجَٰهِدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ.
يعنى المؤمن لن يأتي يستاذنك في عدم الخروج
اذن جعل علامة النفاق هو أن يسـتأذنوا الرسول ﷺ في عدم الخروج.
المعنى الثاني: أن تأخذ الآية على ظاهرها.
يعنى المؤمن صادق الإيمان يخرج مباشرة ولا يستأذن في الخروج.
يعنى المؤمن لا يأتي للرسول ﷺ ويقول له: أخرج معك أم أقعد.
لأن هذا السؤال يدل على التردد والاهتزاز والميل الى عدم الخروج.
مثل البخيل اللي يأتي له ضيف فيقول له: تتعشي ولا تنام خفيف؟ تحب تنام هنا ولا اللوكاندة أريحلك؟


❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

(إِنَّمَا يَسۡتَ‍ٔۡذِنُكَ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ وَٱرۡتَابَتۡ قُلُوبُهُمۡ فَهُمۡ فِي رَيۡبِهِمۡ يَتَرَدَّدُونَ ﴿٤٥﴾
كما قلنا أن من أسماء سورة "التوبة" الفاضحة لأنها فضحت المنافقين، ومن أسمائها "الكاشفة" لأنها كشفت المنافقين.
هذه الاية الكريمة واضحة في أن الذين استأذنوا الرسول ﷺ في عدم الخروج، هؤلاء
(لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ)
(وَٱرۡتَابَتۡ قُلُوبُهُمۡ) يعنى وشكت ونافقت قلوبهم.
يعنى في قلوبهم شك في نبوة الرسول ﷺ وفي القرآن وفي الدين كله.
(فَهُمۡ فِي رَيۡبِهِمۡ يَتَرَدَّدُونَ) يعنى يتحيرون.
وهذه هي صفة المنافقين.
كما قال تعالى في آية أخري (مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلك لاَ إلى هؤلاء وَلاَ إِلَى هؤلاء) يعنى مترددين بين الكفر وبين الإِيمان 

❇        

لِمُطَالَعَة بَقِيَةِ حَلَقَات "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم"

لِمُشَاهَدَة حَلَقَاتِ "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم" فيديو

❇