Untitled Document

عدد المشاهدات : 1648

الحلقة (530) من "تَدَبُرَ القُرْآنَ العَظِيم" تفسير وتدبر الآيتين (111) و (112) من سورة "التَوْبًة" (إِنَّ ٱللَّهَ ٱشۡتَرَىٰ .......

الحلقة رقم (530)
(تًدَبُر القُرْآن العَظِيم)
تفسير وتدبر الآيتين (111) و (112) من سورة "التوبة" ص 204
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

(۞إِنَّ ٱللَّهَ ٱشۡتَرَىٰ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ أَنفُسَهُمۡ وَأَمۡوَٰلَهُم بِأَنَّ لَهُمُ ٱلۡجَنَّةَۚ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيَقۡتُلُونَ وَيُقۡتَلُونَۖ وَعۡدًا عَلَيۡهِ حَقّا فِي ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَٱلۡإِنجِيلِ وَٱلۡقُرۡءَانِۚ وَمَنۡ أَوۡفَىٰ بِعَهۡدِهِۦ مِنَ ٱللَّهِۚ فَٱسۡتَبۡشِرُواْ بِبَيۡعِكُمُ ٱلَّذِي بَايَعۡتُم بِهِۦۚ وَذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ ﴿١١١﴾ ٱلتَّٰٓئِبُونَ ٱلۡعَٰبِدُونَ ٱلۡحَٰمِدُونَ ٱلسَّٰٓئِحُونَ ٱلرَّٰكِعُونَ ٱلسَّٰجِدُونَ ٱلۡأٓمِرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَٱلنَّاهُونَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَٱلۡحَٰفِظُونَ لِحُدُودِ ٱللَّهِۗ وَبَشِّرِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ﴿١١٢﴾

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

(۞إِنَّ ٱللَّهَ ٱشۡتَرَىٰ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ أَنفُسَهُمۡ وَأَمۡوَٰلَهُم بِأَنَّ لَهُمُ ٱلۡجَنَّةَۚ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيَقۡتُلُونَ وَيُقۡتَلُونَۖ وَعۡدًا عَلَيۡهِ حَقّا فِي ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَٱلۡإِنجِيلِ وَٱلۡقُرۡءَانِۚ وَمَنۡ أَوۡفَىٰ بِعَهۡدِهِۦ مِنَ ٱللَّهِۚ فَٱسۡتَبۡشِرُواْ بِبَيۡعِكُمُ ٱلَّذِي بَايَعۡتُم بِهِۦۚ وَذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ ﴿١١١﴾
نزلت هذه الآية الكريمة في بيعة العقبة الثانية، ويطلق عليها بيعة العقبة الكبري، والتي كانت في السنة الثانية عشر من البعثة، يعنى قبل هجرة الرسول ﷺ بسنة واحدة، وكان عدد الذين حضروا بيعة العقبة الثانية سبعون رجلًا.
ما معنى بيعة العقبة؟ 
يعنى هذه المجموعة من أهل المدينة بايعوا الرسول ﷺ وعاهدوه على حمايته ﷺ وحماية أصحابه، والدفاع عنهم اذا هاجروا اليهم من مكة الى المدينة.
في هذه البيعة -والتى كانت في الليل بعيدًا عن عيون قريش- خرج العباس عم النبي ﷺ مع الرسول ﷺ وقال: ليتكلم متكلمكم ولا يطيل، فإن عليكم للمشركين عينا، فقام "عبد الله بن رواحة" وقال للنبي ﷺ: اشترط لربك ولنفسك ما شئت، فقال النبى ﷺ: أشترط لربى أن تعبدوه ولا تشكروا به شيئا، وأشترط لنفسى أن تمنعونى مما تمنعون منه أنفسكم وأموالكم، -يعنى تدافعون عنى كما تدافعون عن أنفسكم واموالكم- قال: فمالنا إذا فعلنا ؟ قال ﷺ: " لكم الجنة" فقال "عبد الله بن رواحة": ربح البيع، لا نقيل ولا نستقيل، يعنى: لا نفسخ هذا العقد، ولا نطلب فسخه، فنزلت هذه الآية.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

والعبرة بعموم اللفظ، فهذه الآية عامة فى كل مجاهد فى سبيل الله إلى يوم القيامة.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول تعالى (إِنَّ ٱللَّهَ ٱشۡتَرَىٰ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ أَنفُسَهُمۡ وَأَمۡوَٰلَهُم بِأَنَّ لَهُمُ ٱلۡجَنَّةَ) يعنى مقابل دخول الجنة. 
كان قتادة يقرأ هذه الاية ويقول:
ثامَنَهُم الله، فأغلى لهم الثمن.
يعنى أن الله -سبحانه وتعالى- ثَمَّن المؤمنين فجعل للمؤمنين ثمنًا غاليًا جدًا وهو الجنة.
وقال جعفر الصادق: -رحمه الله-
"ليس لأبدانكم ثمن إلا الجنة فلا تبيعوها إلا بها"

وقال العلماء هذا منتهي اللطف من الله تعالى، لأن الله تعالى هو الذي يملك أنفسهم، وأموالهم، ومع ذلك فهو يشتريها منهم. 
يقول الحسن البصري: ما أكرَمَ الله، فإن أنفسنا هو خلقها، وأموالنا هو رزقها، ثم وهبها لنا، ثم اشتراها منا بهذا الثمن الغالي.
أمر آخر أن الله تعالى غنى عن أنفسنا، وغنى عن أموالنا، ولكنه تعالى -بلطفه وكرمه- يشتريها منا، مقابل: ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
وعن الحسن البصري أنه قال:
إن الله أعطاك الدنيا فاشتر الجنة ببعضها.
وقال بعض الزهاد: اشترى أنفس فانية بجنة باقية .
وهناك أبيات منسوبة الى جعفر الصادق يقول:

أُثَامِنُ بِالنَّفْسِ النَّفِيسَةِ رَبَّهَا     ... وَلَيْسَ لَهَا فِي الْخَلْقِ كُلِّهِمُ ثَمَنُ
بِهَا تُمْلَكُ الْأُخْرَىٰ، فَإِنْ أَنَا بِعْتُهَا ... بِشَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا، فَذَاكَ هُوَ الْغَبَنُ
لَئِنْ ذَهَبَتْ نَفْسِي بِدُنْيَا أُصِيبُهَا ...  لَقَدْ ذَهَبَتْ نَفْسِي، وَقَدْ ذَهَبَ الثَّمَنُ

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

(يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيَقۡتُلُونَ وَيُقۡتَلُونَ) 
قرأت هذه الآية بتقديم الفاعل على المفعول وبتقديم المفعول على الفاعل.
يغنى قرأت (فَيَقۡتُلُونَ وَيُقۡتَلُونَ) وقرأت (فَيُقۡتَلُونَ وَيَقۡتُلُونَ) 
القراءة الأولى: (فَيَقۡتُلُونَ وَيُقۡتَلُونَ)  فيها القوة والغلظة في مواجهة الأعداء.
القراءة الثانية: (فَيُقۡتَلُونَ وَيَقۡتُلُونَ) فيها حرص هؤلاء المؤمنين على الاستشهاد أشد من حرصهم على الحياة.
كان المسلمون يذهبون الى القتال وهم يتمنون ألا يعودوا الى بيوتهم.
وكانت الرسالة التى يرسلها "خالد بن الوليد" الى أعدائه فيزلزلهم بها، يقول:
"جئتك برجال يحرصون على الموت، كما تحرصون أنتم على الحياة"


❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

في الحديث الصحيح أنَّ رجلًا مِنَ الأعرابِ جاءَ إلى النَّبيِّ ﷺ فآمَنَ بِهِ واتَّبعَهُ، ثم خرج معه في غزوة "خيبر" فلما قسم الرسول ﷺ الغنائم، جاء الرجل الى الرسول ﷺ وقال له: يا محمد ما على هذا اتَّبعتُكَ، ولَكِنِّي اتَّبعتُكَ على أن أُرمَى بسَهْمٍ هاهُنا، وأشارَ إلى حلقِهِ، فقالَ ﷺ: إن تَصدُقِ اللَّهَ يَصدُقْكَ، ثمَّ نَهَضوا إلى العدوِّ، فأصابَهُ سَهْمٌ حيثُ أشارَ، فقالَ ﷺ: صدقَ اللَّهَ فصدقَهُ.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَعۡدًا عَلَيۡهِ حَقّا فِي ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَٱلۡإِنجِيلِ وَٱلۡقُرۡءَانِ)  
(وَعۡدًا عَلَيۡهِ حَقّا) 

يعنى أن الله -تعالى- جعل الجنة -تفضلًا منه وكرمًا- حقا للمؤمنين عليه تعالى
(وَعۡدًا عَلَيۡهِ حَقّا فِي ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَٱلۡإِنجِيلِ وَٱلۡقُرۡءَانِ) 
وهذه تحمل معنيين: المعنى الأول: أن كل الأمم أمرت بالجهاد، ووعدت عليه بالجنة.
المعنى الثاني: أن الله تعالى قد ذكر في التوراة والإنجيل أنه قد اشتري من أمة محمد أنفسهم واموالهم بان لهم الجنة.

(وَمَنۡ أَوۡفَىٰ بِعَهۡدِهِۦ مِنَ ٱللَّهِ)  
استفهام بمعنى التقرير يعنى لا أحد أوفي بما وعد من الله تعالى.
(فَٱسۡتَبۡشِرُواْ بِبَيۡعِكُمُ ٱلَّذِي بَايَعۡتُم بِهِ) 
يعنى افرحوا بهذه الصفة الرابحة التى بينكم وبين الله تعالى.
ولذلك روي عَنْ جَابِرِ الأَنْصَارِيِّ أنه قَالَ: لما نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ عَلَى الرَسُولِ ﷺ وقرأها على الناس في المسجد، كَبَّرَ النَّاسُ فِي الْمَسْجِدِ.
(وَذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ) 
يعنى ليس هناك فوز أعظم من هذا الفوز.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
مر برسول الله ﷺ أعرابيٌّ وهو يقرؤها، فقال: يا رسول الله أنزلت هذه الآية؟ قال ﷺ: نعم، قال الأعرابي: بيعٌ والله مُربحٌ، فخرج إلى الغزو واستُشهد.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
قال العلماء: هذه الآية فيها ترغيب فى الجهاد على أبلغ وجه وأحسن صورة، فالله -سبحانه- هو المشتري، والمؤمنون هم البائعون، والانفس والاموال هي المبيع، والثمن جنة المأوي، والواسطة محمد ﷺ، والعقد مسجل فِي كل الكتب السماوية، وناهيك به من صك
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
عن النبي ﷺ قال “من سل سيفه في سبيل الله فقد بايع الله" 
وعن الحسن قال:
اسعوا إلى بيعة بايع الله بها كل مؤمن (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم).


❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

(ٱلتَّٰٓئِبُونَ ٱلۡعَٰبِدُونَ ٱلۡحَٰمِدُونَ ٱلسَّٰٓئِحُونَ ٱلرَّٰكِعُونَ ٱلسَّٰجِدُونَ ٱلۡأٓمِرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَٱلنَّاهُونَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَٱلۡحَٰفِظُونَ لِحُدُودِ ٱللَّهِۗ وَبَشِّرِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ﴿١١٢﴾
اختلف أهل التأويل في هذه الآية هل هي متصلة بالآية السابقة عنها، أو منفصلة عنها.
قال البعض أن هذه الآية مكملة للآية السابقة، يعنى الوعد بالجنة للمجاهدين في الآية السابقة ولكن بشرط الإتصاف بهذه الصفات، وهي (التَّآئِبُونَ الْعَابِدُونَ..... الى آخر الآية)
وروى عن ابن عباس أنه لما نزل قول الله تعالى (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم) أتى رجل من المهاجرين فقال يا رسول الله وإن زنى وإن سرق وإن شرب الخمر؟ فأنزل الله تعالى (التَّآئِبُونَ الْعَابِدُونَ..... الى آخر الآية)
وعن "الضحاك بن مزاحم" وهو من مفسري التابعين أن رجلاً قال له: ألا أحمل على المشركين فأقاتل حتى أقتل، فقال الضحاك: ويلك أين الشرط (التَّآئِبُونَ الْعَابِدُونَ..... الى آخر الآية) 
اذن الراي الأول: أن هذه الآية مرتبطة بالآية السابقة، وأن هذه الصفات شرط في المجاهد، فلا يدخل في المبايعة -المذكورة في الاية السابقة- إلا المؤمنون الذين هم على هذه الأوصاف

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
قال البعض أن هذا الرأي فيه تضييق، وأن هذه الآية ليست متصلة بالآية السابقة عليها، وان الله تعالى وعد الشهداء بالجنة بغير شرط سوي الإيمان، لأن الشهادة في سبيل الله ماحية لكل ذنب إلا مظالم العباد، بل روي أنه -تعالى- يحمل عن الشهيد مظالم العباد ويجازيهم عنه. 
فيكون المعنى أن الله -تعالى- وعد المجاهدين بالجنة في الاية السابقة، ووعد في هذه الاية -أيضًا- بالجنة سائر المؤمنين الذين لم يجاهدوا سواء بسبب العذر، أو لأن الجهاد ليس فرضًا في حقهم.
فيكون التقدير: ومن أهل الجنة أيضاً وإن لم يجاهدوا: (التَّآئِبُونَ الْعَابِدُونَ..... الى آخر الآية)

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وقريب من هذا التفسير من قال أن الله تعالى ذكر أوصاف الكملة من المؤمنين، حتى يستبق المؤمنون الى التحلى بها، ويكونوا في أعلى المراتب.


❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

يقول تعالى: 
(ٱلتَّٰٓئِبُونَ) يعنى: ٱلتَّٰٓائِبُونَ من الذنوب.
يعنى ليس عندهم اصرار على الذنوب، ولكن اذا وقع أحدهم في ذنب تاب ورجع الى الله تعالى.
روي مسلم أن النبي ﷺ قال (
والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ)
فليست المشكلة في الوقوع في الذنب، ولكن المشكلة في الإصرار على الذنب.
قال تعالى
(وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىٰ آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا) قيل: يعنى وَلَمْ نَجِدْ لَهُ اصرار على المعصية.
وقد مدح الله -تعالى- أنبيائه: داوود وسليمان وايوب -عليهم السلام- فقال تعالى
(نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) يعنى كثير الرجوع والتوبة الى الله تعالى.


❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

يقول تعالى (ٱلۡعَٰابِدُونَ) يعنى: الذين عبدوا الله باتباع أوامره، واجتناب نواهيه.
في الحديث الصحيح يقول النبي ﷺ
(اتَّقِ المحارمَ تَكن أعبدَ النَّاسِ) 
وفي رواية (كُنْ وَرِعًا تَكُنْ من أَعْبَدِ الناسِ) والورع هو: اجْتِنابُ الشُّبُهاتِ؛ خوْفًا من الوُقوعِ في المُحرَّماتِ
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول تعالى (ٱلۡحَٰامِدُونَ) يعنى ٱلۡحَٰامِدُونَ الله تعالى على كل حال، سواء في السراء والضراء. 
والحمد أعم من الشكر، لأن الشكر يكون على نعمة، أما الحمد فيكون على كل حال.


❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

يقول تعالى (ٱلسَّٰآئِحُونَ) 
أصل السياحة من "السيح" وهو الذهاب على وجه الأرض الى غير غاية، كما نقول ساح الماء.
وكان العباد من بنى اسرائيل يتركون أوطانهم وديارهم وأهلهم ويسيحون في الأرض، حتى لا يشغلهم شيء عن الله تعالى. 
وجاء الإسلام فقال الرسول ﷺ (لا سياحةَ في الإسلامِ)
ولكن جعل الإسلام هناك مفهوم جديد للسياحة.
روي أن "عثمان بن مظعون" رضي الله عنه -وهو من السابقين في الإسلام- أتي النبي ﷺ وقال: يا رسول الله ائذن لي في السياحة، يعنى أنطلق في الأرض كما كان يفعل عباد بنى اسرائيل، فقال له النبي ﷺ
"سياحة أمتى هو الجهاد في سبيل الله"
فقال بعض المفسرون أن قوله تعالى في هذه الآية (ٱلسَّٰآئِحُونَ) يعنى المجاهدون في سبيل الله.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وقال أكثر المفسرون (ٱلسَّٰآئِحُونَ) هم الصائمون، يقول ابن عباس أن كل ما ذكر في القرآن من السياحة فهو الصيام، مثل قوله تعالى (عابدات سائحات) يعنى صائمات، ويقول الرسول ﷺ "سياحة أمتي الصيام".
ووجه الشبه أن الصائم مثل السائح يترك الشهوات واللذات من المطعم والمشرب والنكاح.
فقوله تعالى (ٱلسَّٰآئِحُونَ) يعنى الذين يديمون الصيام، سواء صيام الفرض أو التطوع.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وقال البعض أن (ٱلسَّٰآئِحُونَ) هم المهاجرون، وقال البعض هم الذين يسافرون في طلب العلم.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
و ذهب كثير من أهل العلم أن المراد بالسائحين هو الذين يداومون على الصيام، وأيضًا أي سير في الأرض يقصد به وجه الله تعالى، مثل الجهاد في سبيل الله، والسفر لطلب العلم، والسفر لنشر العلم، والسفر للدعوة، والسفر للحج أو العمرة، وأي سفر لكل مقصد شريف، وغرض كريم.


❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

يقول تعالى (ٱلرَّٰكِعُونَ ٱلسَّٰجِدُونَ) 
يعنى المحافطون على صلواتهم، سواء صلاة الفرض أو التطوع.
وذكر الركوع والسجود كناية عن الصلاة، للإشارة الى أن الصلاة الممدوحة هي الصلاة ذات الخشوع والخضوع لله تعالى.


❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

(ٱلۡأٓمِرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَٱلنَّاهُونَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ) 
(ٱلۡأٓمِرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ)
يعنى ٱلۡأٓمِرُونَ بكل ما أمر به الله وأمر به رسوله ﷺ.
(وَٱلنَّاهُونَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ) يعنى ٱلنَّاهُونَ عن كل ما نهي عنه الله أو نهي عنه الرسول ﷺ.
ويدخل فيه الدعوة الى الإسلام، لأن قمة الأمر بالمعروف هو الدعوة الى لا اله الا الله محمد رسول الله، وقمة النهي عن المنكر هو النهي عن الشرك بالله.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَٱلۡحَٰفِظُونَ لِحُدُودِ ٱللَّهِ)  
الحافظون لفرائض الله تعالى من الحلال والحرام.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَبَشِّرِ الْمُؤْمنِينَ)
وبشر أيها الرسول المؤمنين المتصفين بهذه الصفات.
وحذف المبشر به للتعظيم، كأن المعنى : وبشرهم بشيء لا يمكن أن يعبر عنه بالكلام

 

❇        

لِمُطَالَعَة بَقِيَةِ حَلَقَات "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم"

لِمُشَاهَدَة حَلَقَاتِ "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم" فيديو

❇