الحلقة رقم (535)
(تًدَبُر القُرْآن العَظِيم)
تفسير وتدبر الايات (120) و(121) و(122) من سورة "التوبة" ص 206
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(مَا كَانَ لِأَهۡلِ ٱلۡمَدِينَةِ وَمَنۡ حَوۡلَهُم مِّنَ ٱلۡأَعۡرَابِ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ ٱللَّهِ وَلَا يَرۡغَبُواْ بِأَنفُسِهِمۡ عَن نَّفۡسِهِۦۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ لَا يُصِيبُهُمۡ ظَمَأ وَلَا نَصَب وَلَا مَخۡمَصَة فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلَا يَطَُٔونَ مَوۡطِئا يَغِيظُ ٱلۡكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنۡ عَدُوّ نَّيۡلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُم بِهِۦ عَمَل صَٰلِحٌۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ ﴿١٢٠﴾ وَلَا يُنفِقُونَ نَفَقَة صَغِيرَة وَلَا كَبِيرَة وَلَا يَقۡطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمۡ لِيَجۡزِيَهُمُ ٱللَّهُ أَحۡسَنَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ ﴿١٢١﴾ ۞وَمَا كَانَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةٗۚ فَلَوۡلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرۡقَةٖ مِّنۡهُمۡ طَآئِفَةٞ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي ٱلدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوۡمَهُمۡ إِذَا رَجَعُوٓاْ إِلَيۡهِمۡ لَعَلَّهُمۡ يَحۡذَرُونَ ﴿١٢٢﴾
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(مَا كَانَ لِأَهۡلِ ٱلۡمَدِينَةِ وَمَنۡ حَوۡلَهُم مِّنَ ٱلۡأَعۡرَابِ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ ٱللَّهِ وَلَا يَرۡغَبُواْ بِأَنفُسِهِمۡ عَن نَّفۡسِهِۦۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ لَا يُصِيبُهُمۡ ظَمَأ وَلَا نَصَب وَلَا مَخۡمَصَة فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلَا يَطَُٔونَ مَوۡطِئا يَغِيظُ ٱلۡكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنۡ عَدُوّ نَّيۡلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُم بِهِۦ عَمَل صَٰلِحٌۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ ﴿١٢٠﴾
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ما زال السياق في أحداث غزوة تبوك فقال تعالى (مَا كَانَ لِأَهۡلِ ٱلۡمَدِينَةِ)
النفي بصيغة (مَا كَانَ) أبلغ في النفي، يعنى: هذا أمر لا ينبغي أن يكون أبدًا، كما تقول "الموضوع ده ما كنش المفروض يحصل أبدًا" فهذا أبلغ في النفي.
(مَا كَانَ لِأَهۡلِ ٱلۡمَدِينَةِ) يعنى مَا كَانَ لِأَهۡلِ ٱلۡمَدِينَةِ من المهاجرين والأنصار.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَمَنۡ حَوۡلَهُم مِّنَ ٱلۡأَعۡرَابِ) وَمَنۡ حَوۡلَهُم مِّنَ قبائل ٱلۡأَعۡرَابِ، وهي قبائل: مزينة وجهينة وغفار واشجع وأسلم، وغيرها من قبائل ٱلۡأَعۡرَابِ.
(أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ ٱللَّهِ) يعنى يَتَخَلَّفُواْ عَن الرَّسُولِ ﷺ اذا خرج للجهاد، كما فعل بعضهم فى غزوة "تبوك"
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَلَا يَرۡغَبُواْ بِأَنفُسِهِمۡ عَن نَّفۡسِهِ) يعنى َولَا يفضلوا أنفسهم عن النبي ﷺ.
كما نقول- "ما يبدوش نفسهم عن الرسول ﷺ"
فليس من ممكن لمؤمن أن لا يخرج للجهاد حتى يريح نفسه، والرسول ﷺ يخرج للجهاد ويتحمل الجهد والمشقة.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
كما في قصة "أبو خيثمة" من الأنصار، حين تخلف عن الخروج للغزو مع النبي ﷺ الى "تبوك" ثم دخل بستانه وكانت له امرأة حسناء، فرشت له في الظلّ، وبسطت له الحصير، وقرّبت إليه الرطب والماء البارد، فنظر فقال: ظلّ ظليل، ورطب يانع، وماء بارد، وامرأة حسناء، ورسول الله ﷺ في الضحّ والريح. (الضحّ هو أشعة الشمس القوية)
ثم قال: ما هذا بخير، فقام وأخذ سيفه ورمحه وانطلق كالريح، حتى أدرك الجيش، ورأي المسلمون رجلًا على الطريق، فقالوا: يا رسول الله هذا رجل يمشي على الطريق، فقال: ﷺ "كن أبا خيثمة" فكان هو.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وفي قصة "خبيب بن عدي" عندما أسرته قريش، وأجمعت على قتله، ثم أخذت تعذبه قبل أن تقتله، فوضعوه على خشبة وأخذوا يطلقوا السهام على يديه ورجليه، ثم اقترب من "أبو سفيان" وهو في هذا العذاب وقال له: أتحب أن محمدًا مكانك، وأنت في أهلك؟، فقال له على الفور: والله ما أحب أني في أهلي، وأن محمدًا شيك بشوكة"، فضرب "أبو سفيان" كفًا بكف وهو يقول "ما رأيت أحدا يحب أحدا، كحب أصحاب محمدٍ محمدا ".
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
اذن (وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ) يعنى: ولا يرضوا لأنفسهم -ابدًا- أن يكون في الراحة والسلامة، والرسول ﷺ في والمشقة والحرب.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ لَا يُصِيبُهُمۡ ظَمَأ)
يعنى هذا بسبب أَنَّهُمۡ لَا يُصِيبُهُمۡ ظَمَأ، يعنى عطش شديد.
وقد اصاب المسلمون في "تبوك" عطش شديد، يقول عمرَ بنِ الخطَّابِ -رضى الله عنه- خرَجْنا إلى تبوكَ في قيظٍ شديدٍ فنزَلْنا منزِلًا أصابنا فيه عطشٌ، حتَّى ظننَّا أنَّ رقابَنا ستنقطِعُ، حتَّى إنَّ الرَّجلَ لَينحَرُ بعيرَه، فيعصِرُ فَرْثَه فيشرِبُه، حتى رفع الرسول ﷺ يديه ودعا الله تعالى، فلم يرجعهما، حتى أظلت سحابة وأمطرت فشربوا وملؤوا أوعيتهم.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَلَا نَصَب) يعنى وَلَا تعب ومشقة وعناء، وقد خرج المسلمون الى "تبوك" في قيظ شديد، والمسافة بعيدة، والظهر قليل فكان الاثنين والثلاثة يتعاقبون على بعير واحد.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَلَا مَخۡمَصَة) ولا جوع، وهي من قولهم: فلان خميص البطن، يعنى ضامر البطن، وهي علامة الجوع الشديد.
وقد أصاب المسلمون الجوع الشديد في غزوة "تبوك"، حتى كان الرجل يشق التمرة مع صاحبه، وكان النفر يتداولون التمرة الواحدة، فيمصها الواحد، ثم يناولها الى صاحيه، حتى لا يبقي منها الى النواة.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَلَا مَخۡمَصَة فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ) فِي سَبِيلِ اعلاء كلمة الله، او فِي طاعة ٱللَّهِ
(وَلَا يَطَُٔونَ مَوۡطِئا يَغِيظُ ٱلۡكُفَّارَ) يعنى ولا يحلون بأرض تغيظ وتزعج وترهب ٱلۡكُفَّارَ.
لأن المسلمون ظلوا في "تبوك" عشرون يومًا كاملة، وقد قلنا أن العرف في ذلك الوقت أن الجيش المنتصر يظل في ارض المعركة ثلاثة أيام، ومع ذلك ظل المسلمون في "تبوك" عشرون يومًا، وهي أرض واقعة تحت سيطرة الدولة الرومانية، فكان ذلك منتهي الإغاظة والإذلال للدولة الرومانية وللقبائل العربية في شمال الجزيرة التابعة للإمبراطورية الرومانية.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَلَا يَنَالُونَ مِنۡ عَدُوّ نَّيۡلًا) يعنى ولا يصيبون مِنۡ عدوهم: هزيمة أو قتل أو اسر أو جرح أو غنيمة.
(إِلَّا كُتِبَ لَهُم بِهِۦ عَمَل صَٰلِحٌ)
يقول الرسول ﷺ: "من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمهما الله على النار".
يقول ابن عباس -رضى الله عنهما- لكل روعة سبعون ألف حسنة.
يعنى كل مرة تخيف فيها العدو وتفزعه لك سبعون ألف حسنة.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
اذن من يخرج للجهاد في سبيل الله، أو من كان خروجه طاعة لله تعالى، فان مشيه وقيامه وقعوده وحركته وسكنته كلها حسنات مكتوبة عند الله، وكذلك القول -بالعكس- في الخروج للمعصية والعياذ بالله.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ)
وهذه اشارة الى أن المجاهد في سبيل الله يدخل مرتبة الإحسان.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
والآية فيها حكم: أنه يجب طاعة ولى الأمر اذا أمر بالخروج للجهاد في حرب مشروعة، ولا يجوز -بحال- معصية ولى الأمر، والقعود والتخلف عن الجهاد.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وبهذه الآية استشهد أصحاب أبي حنيفة أنّ المدد القادم بعد انقضاء الحرب يشارك الجيش في الغنيمة، لأنّ وطء ديارهم مما يغيظهم.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَلَا يُنفِقُونَ نَفَقَة صَغِيرَة وَلَا كَبِيرَة وَلَا يَقۡطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمۡ لِيَجۡزِيَهُمُ ٱللَّهُ أَحۡسَنَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ ﴿١٢١﴾
(وَلَا يُنفِقُونَ نَفَقَة صَغِيرَة وَلَا كَبِيرَة) يعنى وَلَا يُنفِقُونَ نَفَقَة في سبيل الله، أي في الحرب والجهاد، سواء كانت النفقة قليلة أو كثيرة. (قال العلماء تمرة فما فوقها)
(وَلَا يَقۡطَعُونَ وَادِيًا) وهم ذاهبين أو راجعين من الجهاد.
والوادي هو كل فرجة في الجبل تكون منفذ للسيول، وخص الوادي بالذكر لما في قطعه من مشقة.
والمقصود أي جهد يبذل في الجهاد، وكل خطوة وهم في طريقهم الى الجهاد أو عائدين منه.
(إِلَّا كُتِبَ لَهُمۡ) يعنى إِلَّا كُتِب لَهُمۡ ثواب هذه النفقة وهذه الخطوات في سبيل الله.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(لِيَجۡزِيَهُمُ ٱللَّهُ أَحۡسَنَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ)
يعنى: أن الله تعالى سيجزهم على الجهاد في سبيله تعالى، أَحۡسَنَ وأعظم من أي عمل أو طاعة أخري، من أعمالهم وطاعاتهم.
وهذا يدل على أن الجهاد في سبيل الله بالمال والنفس هو اجل الأعمال وأعظمها.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وقريب من هذا المعنى أن الله -تعالى- يَجۡزِيَهُمُ أَحۡسَنُ جزاءًا على أعمالهم، بمعنى أن لأعمالهم جزاء حسناً وأحسن، وهو -تعالى- اختار لهم الأحسن.
مثال: أخبرنا تعالى أن الصدقة تضاعف الى عشر أمثالها الى سبعمائة ضعف.
فجعل تعالى أن النفقة في الجهاد تضاعف الى سبعمائة ضعف.
روي مسلم أن رجلًا جاء الى الرسول ﷺ بنَاقَةٍ، فَقالَ الرجل : هذِه في سَبيلِ اللهِ، فَقالَ الرَسولُ ﷺ: لكَ بهَا يَومَ القِيَامَةِ سَبْعُ مِائَةِ نَاقَةٍ.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(۞وَمَا كَانَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّة فَلَوۡلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرۡقَة مِّنۡهُمۡ طَآئِفَة لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي ٱلدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوۡمَهُمۡ إِذَا رَجَعُوٓاْ إِلَيۡهِمۡ لَعَلَّهُمۡ يَحۡذَرُونَ ﴿١٢٢﴾
لما شددت الايات السابقة على عدم التخلف عن الخروج للجهاد، وذكرت الثواب العظيم للجهاد في سبيل الله، قال المسلمون: والله لا نتخلف عن الغزو أبدًا، فلما بعث الرسول ﷺ السرايا، أراد المسلمون أن يخرجوا جميعا للغزة.
فنزلت هذه الآية الكريمة، يقول تعالى: (وَمَا كَانَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّة) يعنى لا يجب على المؤمنين أن يخرجوا جميعًا للجهاد.
(فَلَوۡلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرۡقَة مِّنۡهُمۡ طَآئِفَة)
فهلا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرۡقَة مِّنۡ المؤمنين طَآئِفَة للجهاد.
(لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي ٱلدِّينِ) يعنى ولتبقي طَآئِفَة أخري مع الرسول ﷺ ليتعلموا أحكام الدين من الرسول ﷺ.
(وَلِيُنذِرُواْ قَوۡمَهُمۡ إِذَا رَجَعُوٓاْ إِلَيۡهِمۡ لَعَلَّهُمۡ يَحۡذَرُونَ) يعنى وليعلموا قَوۡمَهُمۡ الذين خرجوا للجهاد إِذَا رَجَعُوٓاْ إِلَيۡهِمۡ من الغزو
(لَعَلَّهُمۡ يَحۡذَرُونَ) يعنى لعل هؤلاء الراجعين إليهم من الغزو يحذرون ما نهوا عن.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وهذه الآية يفهم منها أن المسلمين فى حالة النفير العام يجب أن يخرجوا كلهم.
لأما في حالة عدم النفير العام، يجب أن يقسموا أنفسهم إلى قسمين :
قسم يبقى مع الرسول ﷺ ليتفقه فى دينه، وقسم آخر يخرج للجهاد فى سبيل الله، فإذا ما عاد المجاهدون، فعلى الذين بقوا مع الرسول ﷺ أن يبلغوا العائدين ما تعلموه من الرسول ﷺ
أما اذا خرج الرسول ﷺ فيجب على كل المسلمين أن يخرجوا معه، لأنه لا سبب لبقائهم في المدينة، بل على العكس اذا خرجوا مع الرسول ﷺ فسيجمعوا بين الخروج للجهاد والتفقه في الدين.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وهذا هو السبب في أن الرسول ﷺ لم يكن يخرج للجهاد كلما تطلب الأمر الى الخروج، فكان يخرج بنفسه أحيانًا (28 غزوة) كما في بدر وأحد وخيبر وفتح مكة والطائف وتبوك، وكان أحيانًا يرسل السرايا بقيادة أحد صحابته، (73 سرية) فلو خرج الرسول ﷺ بنفسه في كل مرة، لشق ذلك على كثير من الصحابة.
يقول الرسول ﷺ: "لولا أن أشقَّ على أمتي ما تخلَّفت خلف سريّة تغزو في سبيل الله"
ويقول أيضًا "وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ لَوْلا ضُعَفَاءُ النَّاسِ مَا كَانَتْ سَرِيَّةٌ إِلا كُنْتُ فِيهَ".
73 سرية و 28 غزوة ، يعنى كل حوالى شهر ونصف يخرج للقتال.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
اذن معنى الآية ومناسبة الاية، أن القرآن الكريم بعد أن عاب على من تخلف عن الخروج مع الرسول ﷺ الى "تبوك" قال الصحابة: لا يرانا الله أن تخلف عن النبي ﷺ لا في غزوة ولا سرية، فأنزل تعالى (وَمَا كَانَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّة) يعنى: لا ينبغي للمؤمنين أن يخرجوا جميعًا للجهاد (فَلَوۡلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرۡقَة مِّنۡهُمۡ طَآئِفَة) يعنى فهلا خرج مِن كُلِّ فِرۡقَة مِّنۡ المؤمنين طَآئِفَة للقتال، وتبقي طَآئِفَة أخري مع النبي ﷺ (لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي ٱلدِّينِ) يعنى: ليتعلموا ما ينزل من القرآن على النبي ﷺ ويسمعوا حديث رسول الله ﷺ ويتعلموا أمور دينهم (وَلِيُنذِرُواْ قَوۡمَهُمۡ إِذَا رَجَعُوٓاْ إِلَيۡهِمۡ) يعنى وليبلغوا ما تعلموه الى اخوانهم الذين خرجوا للغزو، إِذَا رَجَعُوٓاْ إِلَيۡهِمۡ من الغزو (لَعَلَّهُمۡ يَحۡذَرُونَ) لكي يحذروا من الوقوع في المعاصي.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
اذن اذا خرج الرسول ﷺ يجب أن يخرج معه جميع المسلمين الا أصحاب الأعذار، أما اذا قعد الرسول ﷺ وأرسل سرية للقتال فلا ينبغي أن يخرج جميع المسلمين، ولكن تخرج جماعة منهم، وتبقي جماعة أخري حتى يتعلموا من النبي ﷺ ما ينزل من القرآن، ويتعلموا سنة النبي ﷺ ويتفقهوا في الدين، ويكون على هؤلاء واجب أن يعلموا اخوانهم الذين خرجوا للغزو، بعد أن يرجعوا اليهم.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول القرطبى: هذه الآية أصل فى وجوب طلب العلم؛ وإيجاب التفقه في الدين، وأنه على الكفاية دون الأعيان .
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
لِمُطَالَعَة بَقِيَةِ حَلَقَات "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم"
لِمُشَاهَدَة حَلَقَاتِ "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم" فيديو
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
|