الحلقة رقم (537)
(تًدَبُر القُرْآن العَظِيم)
تفسير وتدبر الايات من (124) الى (129) من سورة "التوبة" ص 207
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَإِذَا مَآ أُنزِلَتۡ سُورَةٞ فَمِنۡهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمۡ زَادَتۡهُ هَٰذِهِۦٓ إِيمَٰناۚ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فَزَادَتۡهُمۡ إِيمَٰنٗا وَهُمۡ يَسۡتَبۡشِرُونَ ﴿١٢٤﴾ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ فَزَادَتۡهُمۡ رِجۡسًا إِلَىٰ رِجۡسِهِمۡ وَمَاتُواْ وَهُمۡ كَٰفِرُونَ ﴿١٢٥﴾ أَوَلَا يَرَوۡنَ أَنَّهُمۡ يُفۡتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٖ مَّرَّةً أَوۡ مَرَّتَيۡنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمۡ يَذَّكَّرُونَ ﴿١٢٦﴾ وَإِذَا مَآ أُنزِلَتۡ سُورَةٞ نَّظَرَ بَعۡضُهُمۡ إِلَىٰ بَعۡضٍ هَلۡ يَرَىٰكُم مِّنۡ أَحَدٖ ثُمَّ ٱنصَرَفُواْۚ صَرَفَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُم بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَفۡقَهُونَ ﴿١٢٧﴾
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
قلنا إن أحد أهم محاور سورة "التوبة" هو الحديث عن المنافقين، وهنا تختم السورة حديثها المطول عن المنافقين، فيقول تعالى: (وَإِذَا مَآ أُنزِلَتۡ سُورَة فَمِنۡهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمۡ زَادَتۡهُ هَٰذِهِۦٓ إِيمَٰناۚ) يعنى: وَإِذَا مَآ أُنزِلَتۡ سُورَة أو آيات من سُورَة من سورة القرآن الكريم، يقول المنافقون بعضهم لبعض في سخرية واستهزاء، أو يقولوا هذا لضعفاء الإيمان من المسلمين طمعًا في ردهم الى الكفر (أَيُّكُمۡ زَادَتۡهُ هَٰذِهِۦٓ إِيمَٰناۚ) ؟
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ثم يرد القرآن العظيم عليهم فيقول: (فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فَزَادَتۡهُمۡ إِيمَٰنا)
فَأَمَّا الذين آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ سور القرآن إِيمَاناً على ايمانهم، وزادَتْهُمْ قربًا وخَشْيَةٌ من الله تعالى.
وكان عمر يأخذ بيد الرجل والرجلين من أصحابه، ويقول لهم: هَلُمُوا نَزْدَد ايمانًا، فيجلسون ويذكرون الله تعالى.
وأنت عندما تجلس وتقرأ القرآن بتدبر وخشوع وحضور قلب، تشعر بأن ايمانك قد زاد في قلبك.
فقوله تعالى (فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فَزَادَتۡهُمۡ إِيمَٰنا) يعنى كلما نزلت سورة من القرآن واستمع اليها المؤمنون، يزدادون إِيمَاناً على ايمانهم.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَهُمۡ يَسۡتَبۡشِرُونَ)
يعنى: وَهُمۡ يفرحون بنزول القرآن، وَيسۡتَبۡشِرُونَ بوعد الله لهم في القرآن بدخول الجنة يوم القيامة.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَض فَزَادَتۡهُمۡ رِجۡسًا إِلَىٰ رِجۡسِهِمۡ وَمَاتُواْ وَهُمۡ كَٰفِرُونَ ﴿١٢٥﴾
(وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَض) وهو النفاق والشك.
وسمي الشك والنفاق مرضًا، لأنه فساد في القلب يحتاج الى العلاج، كما أن الأمراض العضوية هي فساد في البدن.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(فَزَادَتۡهُمۡ رِجۡسًا إِلَىٰ رِجۡسِهِمۡ)
الرجس هو القذارة
والمعنى: زَادَتۡهُمۡ كفرًا إِلَىٰ كفرهم.
لأن هؤلاء المنافقون كافرون بالسور النازلة من القرآن قبل ذلك، فاذا أنزلت سورة جديدة وكفروا بها، انضم كفرٌ الى كفرٍ، فازدادوا كفرًا الى كُفْرِهِم.
(وَمَاتُواْ وَهُمۡ كَٰفِرُونَ) بيان لسوء عاقبتهم وهم أنهم سيموتون على الكفر، وهذه أسوأ نهاية لأي انسان أن يموت على الكفر.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(أَوَلَا يَرَوۡنَ أَنَّهُمۡ يُفۡتَنُونَ فِي كُلِّ عَام مَّرَّةً أَوۡ مَرَّتَيۡنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمۡ يَذَّكَّرُونَ ﴿١٢٦﴾
هذه الآية توبيخ لهؤلاء المنافقين، على غفلتهم، وانطماس بصيرتهم، حتى أنهم لا يعتبرون ولا يتعظون بما ينزل بهم من مصائب.
فيقول تعالى أَوَلَا يري هؤلاء المنافقون أن الله ينزل بهم المصائب والبلايا في بعض الأعوام مَّرَّة، وفي بعضها مَرَّتَيۡنِ.
وهذه المصائب اما مصائب تصيب أفرادهم كالأمراض أو موت الأبناء، أو خسارة في التجارة، واما تصيب جماعتهم كالقحط، أو تحقق نصر للمؤمنين، أو غير ذلك.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمۡ يَذَّكَّرُونَ)
(ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ) يعنى وهم برغم ذلك لَا يَتُوبُونَ من نفاقهم.
(وَلَا هُمۡ يَذَّكَّرُونَ) وَلَا هُمۡ يعتبرون أويتَّعظون.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَإِذَا مَآ أُنزِلَتۡ سُورَة نَّظَرَ بَعۡضُهُمۡ إِلَىٰ بَعۡضٍ هَلۡ يَرَىٰكُم مِّنۡ أَحَد ثُمَّ ٱنصَرَفُواْۚ صَرَفَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُم بِأَنَّهُمۡ قَوۡم لَّا يَفۡقَهُونَ ﴿١٢٧﴾
تتحدث الآية عن حال المنافقين عندما تنزل سُورَة من القرآن، ويتلوا الرسول ﷺ هذه السورة على أصحابه، فان هؤلاء المنافقون يكرهون سماع القرآن
يقول تعالى (وَإِذَا مَآ أُنزِلَتۡ سُورَة نَّظَرَ بَعۡضُهُمۡ إِلَىٰ بَعۡضٍ هَلۡ يَرَىٰكُم مِّنۡ أَحَد) يعنى تسارقوا النظر، وتغامزوا بأعينهم.
(هَلۡ يَرَىٰكُم مِّنۡ أَحَد) يعنى قال بعضهم لبعض بلغة العيون، هَلۡ يراكم أَحَد من المؤمنين إذا قمتم وتركتم المجلس
(ثُمَّ ٱنصَرَفُواْ) يعنى ثُمَّ ٱنصَرَفُواْ من المجلس، مع أول فرصة سانحة لترك المجلس، وذلك كراهة لسماع القرآن
وحرف (ثُمَّ) يفيد التراخي، يعنى هناك وقت من القول والفعل، لأن كل واحد ينتظر سنوح فرصة للتسلل وترك المجلس.
(صَرَفَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُم) يعنى فكان عاقبة ذلك أن الله تعالى صَرَفَ قلوبهم عن الإيمان والهدي
(بِأَنَّهُمۡ قَوۡم لَّا يَفۡقَهُونَ) ذلك بسبب أَنَّهُمۡ قَوۡم لَّا يَفۡقَهُونَ، والفقه هم الفهم، فهؤلاء لا فهم لهم ولا عقل.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
لِمُطَالَعَة بَقِيَةِ حَلَقَات "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم"
لِمُشَاهَدَة حَلَقَاتِ "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم" فيديو
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
|