الحلقة رقم (538)
(تًدَبُر القُرْآن العَظِيم)
تفسير وتدبر الآيتين (130) و(131) من سورة "التوبة" ص 207
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(لَقَدۡ جَآءَكُمۡ رَسُولٞ مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ عَزِيزٌ عَلَيۡهِ مَا عَنِتُّمۡ حَرِيصٌ عَلَيۡكُم بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ رَءُوفٞ رَّحِيمٞ ﴿١٢٨﴾
فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَقُلۡ حَسۡبِيَ ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ عَلَيۡهِ تَوَكَّلۡتُۖ وَهُوَ رَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡعَظِيمِ ﴿١٢٩﴾
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يختم الله -تعالى- سورة التوبة بهاتين الآيتين الكريمتين، وقيل إن هاتان الآيتان نزلتا بمكة، يعنى كل سورة التوبة نزلت بعد الهجرة، وهاتان الآيتان نزلتا بمكة قبل الهجرة، وهاتين الآيتين لهما قصة، سنذكرها في نهاية الدرس.
ولكن نقول إن هاتان الآيتان فيهما أسمي وأكرم الصفات للرسول ﷺ وروي أنهما نزلتا ومعهما سبعون ألف صف من الملائكة؟
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول تعالى: (لَقَدۡ جَآءَكُمۡ رَسُول مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ) والخطاب لمشركي قريش ومشركي بصفة عامة: (لَقَدۡ جَآءَكُمۡ رَسُول مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ) يعنى هذا الرَسُول واحد منكم، تعرفون نسبه وصدقه وأمانته وعفافه وطهارته وأخلاقه، وأنتم الذين لقبتموه قبل الرسالة بالصادق الأمين، وأنتم الذين في قمة عداوتكم للرسول ﷺ -لدرجة أنكم تخططون لقتله- لم تجدوا رجل في مكة كلها تستأمنونه على ودائعكم وعلى أشيائكم النفيسة الا محمد ﷺ
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
عندما جاء الوحي للرسول ﷺ أول مرة وعاد ﷺ الى بيته يرتجف، وقال لأمنا العظيمة السيدة "خديجة": أي خديجة ما لي لقد خشيت على نفسي، وقص عليها ما حدث، فقال له خديجة: "كلا أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدا، والله إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق" هذه هي صفات الرسول ﷺ قبل البعثة.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وفي الحوار الشهير الذي كان بين "أبو سفيان" وبين "هرقل" امبراطور الروم، وكان "هرقل" قد سمع ببعثة الرسول ﷺ وأراد أن يجمع عنه المعلومات بنفسه، وكان "أبو سفيان" لا يزال على الكفر، بل كان هو قائد المشركين الذين يحاربون الرسول ﷺ وسأل هرقل "أبو سفيان" أسئلة كثيرة، وكان من بين الأسئلة قال له: كيف نسبه فيكم؟ قال "أبو سفيان": هو فينا ذو نسب.
ثم قال هرقل: هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قال: لا.
قال هرقل: فهل يغدر؟ قال أبو سفيان: لا
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
اذن قوله تعالى (لَقَدۡ جَآءَكُمۡ رَسُول مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ) يعنى هذا الرَسُول واحد منكم، تعرفون صدقه وأمانته وعفافه وطهارته وأخلاقه
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وقُرِأَتْ (لَقَدۡ جَآءَكُمۡ رَسُول مِّنۡ أَنفَسِكُمۡ) بفتح الفاء، وهي من النَفَاسة ومن الشيء النفيس الغالي القيم.
فمِّنۡ أَنفَسِكُمۡ بفتح الفاء، يعنى هذا الرَسُول هو أفضلكم وهو أشرفكم
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
روي مسلم من حديث "وائلة بن الأسقع" قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "إن الله اصطفى كِنَانة من ولد اسماعيل، واصطفى قريشًا من كنانة، واصطفى من قريش بنى هاشم، واصطفاني من بنى هاشم"
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
اذن قوله تعالى (لَقَدۡ جَآءَكُمۡ رَسُول مِّنۡ أَنفَسِكُمۡ) يعنى واحد منكم تعرفون صدقه وأمانته وأخلاقه، و(مِّنۡ أَنفَسِكُمۡ) يعنى هو أنفسكم وأفضلكم وأشرفكم
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(عَزِيزٌ عَلَيۡهِ مَا عَنِتُّمۡ)
(عَزِيزٌ عَلَيۡهِ) يعنى يعز عليه، ويصعب عليه، ويشق عليه، كما تقول يعز علىَّ أن تسافر وتتركنا.
(مَا عَنِتُّمۡ) يعنى عندكم، واصراركم على رفض الإيمان، كما نقول: فلان هذا متعنت.
فقوله تعالى (عَزِيزٌ عَلَيۡهِ مَا عَنِتُّمۡ) يعنى يعز ويشق ويصعب على النبي ﷺ، تعنتكم ورفضكم الإيمان بالله تعالى.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وفيها معنى آخر: (عَزِيزٌ عَلَيۡهِ مَا عَنِتُّمۡ) يخاطب المؤمنين، يعنى يَعُز عَلَيۡهِ أي شدة أو مشقة تقع على المؤمنين.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول تعالى (حَرِيصٌ عَلَيۡكُم) الحرص على الشيء هو شدة الرغبة في هذا الشيء.
فـ(حَرِيصٌ عَلَيۡكُم) يعنى: الرسول ﷺ حَرِيصٌ على ايمانكم وعلى هدايتكم.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ رَءُوف رَّحِيم) أي شديد الرأفة والرحمة بالمؤمنين
ما الفرق بين: الرَءُوف والرَّحِيم؟
قيل إن الرَءُوف أرق وأخص من الرَّحِيم
وقيل: رؤوف بالمطيعين، رحيم بالمذنبين.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
من رحمة الرسول ﷺ بعد أن آذت ثقيف الرسول ﷺ جاء مَلَكَ الجِبالِ الى النبي ﷺ وقال له: يا مُحَمَّدُ، إنْ شِئْتَ أنْ أُطْبِقَ عليهمُ الأخْشَبَيْنِ -يعنى الجبلان حول الكعبة- فقالَ النَّبيُّ ﷺ: "بَلْ أرْجُو أنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِن أصْلابِهِمْ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ وحْدَهُ لا يُشْرِكُ به شيئًا"
من رحمة الرسول ﷺ ما رواه البخاري ومسلم وغيرهما أن النبي ﷺ قال "لكلِّ نبيٍّ دعوةٌ مستجابةٌ، فتعجَّل كلُّ نبيٍّ دعوتَه، وإني اختبأتُ دعوتي شفاعةً لأمتي، في الآخِرَةِ"
يقول "الحسين بن فضل" وهو أحد مفسري القران في القرن الثالث الهجري: لم يجمع الله -تعالى- لأحد من الأنبياء اسمين من أسمائه إلا للنبي ﷺ فإنه – تعالى- قال (بالمؤمنين رَءُوفٌ رَّحِيمٌ) وقال عن ذاته -تعالى- (إِنَّ الله بالناس لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ)
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وهنا دقيقة، قوله تعالى (بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ رَءُوف رَّحِيم) اسلوب يفيد الحصر، يعنى هذه الرأفة وهذه الرحمة خاصة -فقط- بالمؤمنين، يعنى لا رأفة ولا رحمة مع الكافرين، وهذا يتفق مع ما في السورة من التغليظ على الكفار والمنافقين.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ثم انتقل -تعالى- من خطاب المؤمنين إلى خطاب النبي ﷺ فقال تعالى: (فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَقُلۡ حَسۡبِيَ ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ عَلَيۡهِ تَوَكَّلۡتُۖ وَهُوَ رَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡعَظِيمِ ﴿١٢٩﴾
(فَإِن تَوَلَّوۡاْ) فَإِن رفضوا الإيمان بك يا محمد.
(فَقُلۡ حَسۡبِيَ ٱللَّهُ) يعنى فَقُلۡ يكفينى ٱللَّهُ
(لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ) يعنى لا معبود بحق الا الله.
(عَلَيۡهِ تَوَكَّلۡتُ) تفيد الحصر يعنى لا أتوكل ولا أعتمد ولا أفوض أمري إلا الى الله وحده.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَهُوَ رَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡعَظِيمِ)
يعنى وَهُوَ تعالى رَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡعَظِيمِ، ولذلك هُوَ الذي يجب أن تتوكل عليه وليس على غيره.
وهذا مثل قوله تعالى (رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا)
كأنه تعالى يقول: إذا أردت أن تتوكل، فكن حصيفًا، لا تتوكل على مخلوق يمكن أن يموت في أي لحظة (وتوكل على الحي الذي لا يموت)، اذا أردت أن تتوكل فلا تتوكل على مخلوق ضعيف مثلك، ولكن توكل على: (رب المشرق والمغرب) توكل على (رَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡعَظِيمِ)
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول ابْنِ عَبَّاسٍ: سُمِّيَ الْعَرْشُ عَرْشًا لارْتِفَاعُهُ.
وعَنْ وَهْبِ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْعَرْشَ مِنْ نُورِهِ تعالى.
وقالوا إن الْعَرْش هو أعظم مخلوقات الله.
وعن مجاهد: أن الأرض والسَّمَاوَاتُ السبع كَحَلْقَةٍ فِي أَرْضٍ فَلَاةٍ بالنسبة للسماء الأولى، والسماء الأولى كَحَلْقَةٍ فِي فَلَاةٍ بالنسبة للسماء الثانية، والثانية كَحَلْقَةٍ فِي فَلَاةٍ للثالثة، وكذلك الثالثة للرابعة، والرابعة للخامسة حتى السابعة، والسماء السابعة كَحَلْقَةٍ فِي فَلَاةٍ بالنسبة للكرسي، والكرسي هو موضع قدمي الملك، والكرسي بالنسبة للعرش كَحَلْقَةٍ فِي فَلَاةٍ.
ولذلك يقول ابْنِ عَبَّاسٍ: الْعَرْشُ لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ قَدْرَهُ.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وهذه الآية الكريمة آية مباركة، وقد أوصي الرسول ﷺ بقراءتها في الصباح والمساء، روي أبي داود عن أبي الدرداء أن النبي ﷺ قال: "من قال إذا أصبح وإذا أمسى: حَسۡبِيَ ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ عَلَيۡهِ تَوَكَّلۡتُۖ وَهُوَ رَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡعَظِيمِ، سبع مرات كفاه الله تعالى ما أهمه "
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
هاتين الآيتين هما آخر ما جمع من القرآن على عهد أبي بكر الصديق.
والقصة أن الرسول ﷺ مات والقرآن لم يجمع في مصحف واحد، ولكن كان القرآن مكتوبًا مفرقًا -عند الصحابة- على رقاع الجلد، وقطع الخشب، والجزء العريض من جريد النخل، والأكتاف وهي عظام الأكتاف للبعير، وغير ذلك، وكان ذلك مفرقًا عند الصحابة، وليس مجموعًا في كتاب واحد أو في مصحف واحد.
وبعد وفاة الرسول ﷺ وفي خلافة أبي بكر الصديق، وقعت حروب الردة، ومات كثير من حفظة القرآن في هذه الحروب، وخاصة في معركة اليمامة، فأشار "عمر بن الخطاب" على "أبي بكر الصديق" بجمع القرآن في مصحف واحد، وبالفعل كلف "أبو بكر الصديق" "زيد بن ثابت" بجمع القرآن، وتم ذلك بالفعل، وكان ذلك تحت اشراف كامل من "عمر بن الخطاب" وكان منهج "زيد" -رضى الله عنه- في جمع القرآن، أن تكون السورة مكتوبة، وفي نفس الوقت يحفظها على الأقل اثنان.
وطبق "زيد بن ثابت" هذا المنهج في كل آيات القرآن الكريم، الا في آيتين فقط، وهما هاتين الآيتين من أواخر سورة "التوبة" لم يكن يحفظهما الا "خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابت" الأنصاري، ومع ذلك قبل "زيد بن ثابت" الآيتين من "خُزَيْمَةُ" وأثبتهما في المصحف.
تقول الروايات أن "خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابت" عندما جاء بالآيتين تذكرهما كثير من الصحابة، ومنهم "زيد بن ثابت" نفسه.
ولكن لماذا قبل "زيد بن ثابت" الآيتين من "خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابت" عندما جاء بهما وحده في أول الأمر؟
لأن "خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابت" الأنصاري هو الصحابي الوحيد الذي جعل الرسول ﷺ شهادته تعدل شهادتين، حتى عرف بين الصحابة بذي الشهادتين.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وهذه لها قصة أن الرسول ﷺ اشتري فرسًا من أحد الأعراب، وبعد أن اتفق معه على الثمن، جاء للإعرابي ثمن أكبر، فأنكر الأعرابي أنه اتفق مع الرسول ﷺ على البيع، وقال: وَاللَّهِ مَا بِعْتُهُ لك، فَقَالَ النَّبِيِّ ﷺ بَلَى قَدِ ابْتَعْتُهُ مِنْكَ، فأخذ الأَعْرَابِيُّ يَقُولُ: هَلُمَّ شَهِيدًا يَشْهَدُ أَنِّي بَايَعْتُكَ! فجاء خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابت وقال: أَنَا أَشْهَدُ أَنَّكَ بَايَعْتَهُ، فلما مضى الأعرابي قال الرسول ﷺ لخُزَيْمَةُ: "مَا حَمَلَكَ عَلَى الشَّهَادَةِ، وَلَمْ تَكُنْ مَعَنَا حَاضِرًا؟" فقَالَ خُزَيْمَةُ: يا رسول الله صَدَّقْتُكَ في خبر السماء ولا أصدقك في فرس ابتعته، فقال ﷺ “مَنْ شَهِدَ لَهُ خُزَيْمَةُ، أَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ، فَحَسْبُهُ" فعُرِّفَ " خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابت" منذ ذلك الوقت بذي الشهادتين.
كأن الله تعالى ساق هذه الحادثة، وعلم كل الناس أن شهادة "خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابت" تعدل شهادة رجلين، حتى يأتي بعد ذلك بسنوات طويلة "زيد بن ثابت" ويضع هذه الضوابط لجمع القرآن، وتكون شهادة "خُزَيْمَةُ" وحدها تتفق مع الضوابط التي وُضَّعَت لجمع القرآن العظيم، وصدق تعالى (انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون)
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
هذه هي نهاية هذه السورة العظيمة وهي سورة التوبة.
هذا وما كان من توفيق فمن الله.. وما كان من خطأ أو نسيان فمنى ومن الشيطان.. والله ورسوله منه براء.. وأعوذ بالله أن أذكركم به وأنساه
نبدأ -ان شاء الله تعالى- في الحلقة القادمة في تدبر سورة "يونس"
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
لِمُطَالَعَة بَقِيَةِ حَلَقَات "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم"
لِمُشَاهَدَة حَلَقَاتِ "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم" فيديو
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
|