Untitled Document

عدد المشاهدات : 904

الحلقة (575) من "تَدَبُرَ القُرْآنَ العَظِيم تفسير وتدبر الآيات من (42) و(43) و(44) من سورة "هًود" (وَهِيَ تَجۡرِي بِهِمۡ فِي مَوۡج كَٱلۡجِبَالِ ….

الحلقة رقم (575)
(تًدَبُر القُرْآن العَظِيم)

        

تفسير وتدبر الآيات من (42) و(43) و(44) من سورة "هًود"- ص 226
        

(وَهِيَ تَجۡرِي بِهِمۡ فِي مَوۡج كَٱلۡجِبَالِ وَنَادَىٰ نُوحٌ ٱبۡنَهُۥ وَكَانَ فِي مَعۡزِل يَٰبُنَيَّ ٱرۡكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ ٱلۡكَٰفِرِينَ ﴿٤٢﴾ قَالَ سَ‍َٔاوِيٓ إِلَىٰ جَبَل يَعۡصِمُنِي مِنَ ٱلۡمَآءِۚ قَالَ لَا عَاصِمَ ٱلۡيَوۡمَ مِنۡ أَمۡرِ ٱللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَۚ وَحَالَ بَيۡنَهُمَا ٱلۡمَوۡجُ فَكَانَ مِنَ ٱلۡمُغۡرَقِينَ ﴿٤٣﴾ وَقِيلَ يَٰٓأَرۡضُ ٱبۡلَعِي مَآءَكِ وَيَٰسَمَآءُ أَقۡلِعِي وَغِيضَ ٱلۡمَآءُ وَقُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ وَٱسۡتَوَتۡ عَلَى ٱلۡجُودِيِّۖ وَقِيلَ بُعۡدا لِّلۡقَوۡمِ ٱلظَّٰلِمِينَ ﴿44﴾

        

ما زلنا في قصة نوح، وقلنا أن سورة "هود" التي معنا، هي أكثر سورة فيها تفصيل لقصة نوح -عليه السلام، يقول تعالى:

(وَهِيَ تَجۡرِي بِهِمۡ فِي مَوۡج كَٱلۡجِبَالِ وَنَادَىٰ نُوحٌ ٱبۡنَهُۥ وَكَانَ فِي مَعۡزِل يَٰبُنَيَّ ٱرۡكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ ٱلۡكَٰفِرِينَ ﴿٤٢﴾
(وَهِيَ تَجۡرِي بِهِمۡ) أي السفينة.
(فِي مَوۡج كَٱلۡجِبَالِ)
(المَوۡج) جمع موجة، وأصل الموج الاضطراب، يقول تعالى (وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض)
وشبه تعالى الموج لارتفاعه كأنه جبال.
يقول تعالى
(وَهِيَ تَجۡرِي بِهِمۡ فِي مَوۡج كَٱلۡجِبَالِ)
ولم يقل: على مَوۡج، وانما قال (فِي مَوۡج) كأن السفينة تجري داخل الموج، ليصور احاطة الموج بالسفينة من كل جانب، وارتفاعه حولها، كأن السفينة داخلة فيه.

        

أحد البحارة يصف سفره في المحيط الهندي في الوقت الرياح الموسمية، يقول كانت السفينة تهبط كأنها تهبط في واد سحيق، فنري البحر حولنا كجبال عالية تكاد تطبق علينا، ثم يحمل الموج السفينة الى الأعلى، فكأننا في أعلى جبل، والملاحون يربطون أنفسهم بالحبال، حتى لا يجرفهم الموج الذي يفيض على ظهر السفينة.
عندما وقع تسونامي في اندونيسيا، والتسونامي هو زلزال يقع تحت سطح البحر، تنتج عنه أمواج عاتية، ووصلت هذه الأمواج الى ثلاثة وثلاثين مترًا، يعنى ارتفاع الموجة أكبر من عمارة سكنية عشرة أدوار.

والأمواج العالية تكون عند وقوع الرياح الشديدة العاصفة، وهذا يدل على أن في نفس وقت الطوفان كانت هناك رياح شديدة عاصفة، اذن كل عناصر الرهبة في الطبيعة كانت متجمعة في الطوفان.


        

عن عَائِشَةَ -رضى الله عنها- قَالَت لَوْ رَحِمَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- مِنْ قَوْمِ نُوحٍ أحد لَرَحِمَ أُمَّ الصَّبِيِّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَانَ نُوحٌ مَكَثَ فِي قَوْمِهِ أَلْفَ سَنَةٍ وَغُرِسَ الشجر مائة سنة، ثُمَّ قَطَعَهَا ثُمَّ جَعَلَهَا سَفِينَةً وَيَمُرُّونَ عَلَيْهِ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُ وَيَقُولُونَ: يَعْمَلُ سَفِينَةً فِي الْبِرِّ فَكَيْفَ تَجْرِي؟ قَالَ سَوْفَ تَعْلَمُونَ، فلما فرغَ منها، فار التَّنُّورُ، وَنَبَعَ الْمَاءُ وَصَارَ فِي السِّكَكِ، خَشِيتْ أُمُّ صَّبِيِّ عَلَيْهِ، فَخَرَجَتْ إِلَى الْجَبَلِ حَتَّى بَلَغَتْ ثُلُثَهُ، فَلَمَّا بَلَغَهَا الْمَاءُ صعدت بِهِ حَتَّى اسْتَوَتْ عَلَى الْجَبَلِ، فَلَمَّا بَلَغَ الْمَاءُ رَقَبَتَهَا رفعتْه بين يديها ، حتى ذهب بها الماء، فَلَوْ رَحِمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُمْ أَحَدًا لَرَحِمَ أُمَّ الصَّبِيِّ.
والحديث رواه الألباني في السلسلة الضعيفة.

        

(وَنَادَىٰ نُوحٌ ٱبۡنَهُۥ وَكَانَ فِي مَعۡزِل)
كان لنوح أربعة أبناء "حام" و"سام" "ويافث" و"كنعان"
أما "حام" و"سام" "ويافث" فكانوا مؤمنين، وهؤلاء ركبوا في السفية مع نوح.
وأما "كنعان" وقيل أن أسمه "يام" فكان كافرًا، وكانت أمه أيضًا، -وهي زوجة "نوح"- كانت كافرة.
فلما وقع الطوفان لم تركب زوجة نوح مع المؤمنين في السفينة، ولم يركب ابنه "كنعان" في السفينة.
قال تعالى
(وَنَادَىٰ نُوحٌ ٱبۡنَهُۥ وَكَانَ فِي مَعۡزِل)
يعنى وَكَانَ فِي مَكان منعزل ومنفرد عن السفينة وعن أهله الذين ركبوا في السفينة.
وقيل
(وَكَانَ فِي مَعۡزِل) من الكفار، يعنى كان في مكان بعيد عن الكافر، كأنه كان في حالة تردد بين الإيمان وركوب السفينة، أو أن يظل مع الكفار، ولذلك قيل أنه كان منافقًا، يظهر الإيمان ويبطن الكفر، والمنافق يكون متردد، كما قال تعالى (مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَٰلِكَ لَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ وَلَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ)  
فلما رآه نوح واقفًا هذا الموقف، فِي مَعۡزِل من الكفار، طمع في ايمانه، فناداه بأعلى صوته (يَٰبُنَيَّ ٱرۡكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ ٱلۡكَٰفِرِينَ) يعنى: يَٰبُنَيَّ آمن وٱرۡكَب مَّعَنَا وَلَا تَكُن مَّعَ ٱلۡكَٰفِرِينَ.


        

وهذا النداء من نوح -عليه السلام- كان بعاطفة الأبوة. 
لأن الله -تعالى- كان قد أخبر نوح أنه لن يؤمن من قومك الا من قد آمن.
ولكن نوح -بشر- لم يستطع أن يري ابنه يغرق، ثم الخلود في النار بعد ذلك، دون أن يحاول هذه المحاولة الأخيرة.
(يَٰبُنَيَّ ٱرۡكَب مَّعَنَا)

        

(قَالَ سَ‍َٔاوِيٓ إِلَىٰ جَبَل يَعۡصِمُنِي مِنَ ٱلۡمَآءِۚ قَالَ لَا عَاصِمَ ٱلۡيَوۡمَ مِنۡ أَمۡرِ ٱللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَۚ وَحَالَ بَيۡنَهُمَا ٱلۡمَوۡجُ فَكَانَ مِنَ ٱلۡمُغۡرَقِينَ ﴿٤٣﴾
(قَالَ سَ‍َٔاوِيٓ إِلَىٰ جَبَل يَعۡصِمُنِي مِنَ ٱلۡمَآءِ)
رد ابن نوح على أبيه وقَالَ سَ‍َٔاوِيٓ إِلَىٰ جَبَل يَعۡصِمُنِي مِنَ ٱلۡمَآءِ، 
يعنى يَحمينى مِنَ ٱلۡمَآءِ، وكانت هذه هي عادة البشر قديمًا عندما يكون هناك سيول وغير ذلك فانه يصعد الى الجبل، ولذلك سمي المكان المرتفع "نجوي" 
لأن من يصعد على المكان المرتفع ينجو من الخطر.

        

(قَالَ لَا عَاصِمَ ٱلۡيَوۡمَ مِنۡ أَمۡرِ ٱللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ)
هذا هو النداء الأخير من نوح -عليه السلام لإبنه.
وفيه يحاول نوح أن يذل كل ما يستطيع لنجاة ابنه من هذا المصير المؤلم.

(قَالَ لَا عَاصِمَ ٱلۡيَوۡمَ مِنۡ أَمۡرِ ٱللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ)
(لَا عَاصِمَ ٱلۡيَوۡمَ)
لا نجاة لأحد اليوم
(مِنۡ أَمۡرِ ٱللَّهِ) من عذاب الله تعالى
(إِلَّا مَن رَّحِمَ) إِلَّا مَن رَّحِمَه الله تعالى.


        

(وَحَالَ بَيۡنَهُمَا ٱلۡمَوۡجُ فَكَانَ مِنَ ٱلۡمُغۡرَقِينَ)
لم يمهل الطوفان نوح حتى يكمل حديثه لابنه.
(وَحَالَ بَيۡنَهُمَا ٱلۡمَوۡجُ) جاء ٱلۡمَوۡجُ فأصبح حاجزًا بين نوح وبين ابنه.
لم يعد نوح يري ابنه ولا يصل اليه صوته.
وهذا من رحمة الله تعالى بنوح ألا يري ابنه، وهو في هذا المشهد وهو مشهد الغرق.
حتى لا يتألم قلبه برؤية هذا المشهد، ويظل هذا المشهد عالقًا بذهنه الى آخر ما قدر له من عمر.

) فَكَانَ مِنَ ٱلۡمُغۡرَقِينَ) فَكَانَ مِنَ الكفار الذين غرقوا وهلكوا في الطوفان.

        

وقد وصف الله -تعالى- الطوفان في سورة القمر: ، بأسلوب وجيز بليغ، 
قال تعالى
( كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر * فدعا ربه أني مغلوب فانتصر * ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر * وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر * وحملناه على ذات ألواح ودسر * تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر * ولقد تركناها آية فهل من مدكر * فكيف كان عذابي ونذر)


        

ومن الطبيعي ان المؤمنين من قوم نوح كانوا في حالة خوف شديد وهم داخل السفينة، لأن السفينة كانت تجري بهم في موج كالجبال، ولا شك أن نوح كان يحاول أن يطمئن المؤمنين معه في السفينة بالرغم من مصابه في ابنه كنعان الذي غرق في الطوفان. 
        

(وَقِيلَ يَٰٓأَرۡضُ ٱبۡلَعِي مَآءَكِ وَيَٰسَمَآءُ أَقۡلِعِي وَغِيضَ ٱلۡمَآءُ وَقُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ وَٱسۡتَوَتۡ عَلَى ٱلۡجُودِيِّۖ وَقِيلَ بُعۡدا لِّلۡقَوۡمِ ٱلظَّٰلِمِينَ ﴿٤٤﴾
قال علماء البلاغة الفنية أن هذه الآية هي أبلغ آية في القرآن الكريم.
(وَقِيلَ يَٰٓأَرۡضُ ٱبۡلَعِي مَآءَكِ)
صدر الأمر من الله تعالى للأرض وللسماء (وَقِيلَ يَٰٓأَرۡضُ ٱبۡلَعِي مَآءَكِ وَيَٰسَمَآءُ أَقۡلِعِي)
(ٱبۡلَعِي مَآءَكِ) تدل على السرعة، كانت العرب تقول بلع اطعام إذا لم يمضغه.

        

قوله تعالى (وَقِيلَ يَٰٓأَرۡضُ ٱبۡلَعِي مَآءَكِ)
وقال (مَآءَكِ) لأن ماء الطوفان: سواء ماء المطر أو الماء الذي خرج من الأرض كل هذا جاء من الأرض.
لأن ماء المطر هو ماء تبخر من الأرض ثم تكثف وعاد الى الأرض فماء الطوفان كله جاء من الأرض.
فكلمة
(مَآءَكِ)
فيها إشارة علمية دقيقة لدورة المياه التي تعمل في الأرض، وهي من الإعجاز العلمي ومن دقة أداء القرآن، لأن الاعتقاد الذي كان سائدًا وقت نزول القرآن، أن ماء المطر ينزل من السماء مباشرة، وأول من تحدث عن دورة المياه هو "الكندي" العالم العربي المسلم المتوفي سنة 256 هـ


        

(وَقِيلَ يَٰٓأَرۡضُ ٱبۡلَعِي مَآءَكِ) (وَيَٰسَمَآءُ أَقۡلِعِي)
أقلع عن الشيء يعنى تركه كما نقول أقلع عن الذنب يعنى تركه، أو أقلع عن شرب الخمر أو أقلع عن السجائر، يعنى تركها.
(وَيَٰسَمَآءُ أَقۡلِعِي) يعنى: وَيَٰاسَمَآءُ توقفي عن المطر.

        

(وَغِيضَ ٱلۡمَآءُ) يعنى نقص ٱلۡمَآءُ وغار في الأرض.
(وَقُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ) انتهي ونفذ الأمر بإهلاك الظالمين، ونجاء المؤمنين.
يقول ابن عباس: غرق مَنْ غرق، ونجا مَنْ نجا.

(وَٱسۡتَوَتۡ عَلَى ٱلۡجُودِيِّ)
يعنى استقرت السفينة أخيرًا ورست على جبل الجودي.
معنى هذا أن السفينة ظلت تسير من المنطقة التي كان فيها قوم نوح
وهي -كما ذكرنا- المنطقة التي بين نهري دجلة والفرات في العراق الآن.
وظلت تتجه الى اتجاه الشمال.
ولم يكن بالسفينة وسائل للقيادة، بل كانت تسير برعاية خاصة من الله تعالى، كما قال تعالى (تجري بأعيننا) وظلت السفينة تتجه الى الشمال حتى استقرت أخيرًا على جبل الجودي في أقصى جنوب تركيا.

        

وقيل إنها رست على الجودي يوم عاشوراء 
وأن نوح صام هذا اليوم ومن معه من المؤمنين شكرًا لله تعالى.
وقيل: أكرم الله ثلاثة جبال بثلاثة نفر: الجودي بنوح، 
وطور سيناء بموسى، وجبل النور الذي فيه غار حراء بمحمد ﷺ

        

(وَقِيلَ بُعۡدا لِّلۡقَوۡمِ ٱلظَّٰلِمِينَ)
يعنى: يعنى بُعۡدا من رحمة الله وهلاكا وسحقا  لهؤلاء القَوۡمِ المشركين ٱلظَّٰالمِينَ لأنفسهم.
وهذا اما من كلام نوح أو من كلام الله تعالى.

        

وقيل أن السفينة لما رست على جبل الجودي، هبط نوح والمؤمنين الى أسفل الجبل، وسكنوا في قرية.
وسميت هذه القرية قرية الثمانين، لأن عددهم كان ثمانين.
وقيل إن نوح بعد رسو السفينة اتجه هو ومن معه من المؤمنين من أقصي جنوب تركيا الى مكة المكرمة، وعاش هناك بقية حياته ودفن في هذا المكان.

        

سؤال: ما ذنب من أُغرق من الأطفال من قوم نوح؟
قال بعض المفسرون أن الله -تعالى- أعقم أرحام نساء قوم نوح قبل الغرق بأربعين سنة، فأصغر من غرق كان ابن أربعين، فلم يهلك الله بالغرق طفلًا لم تقم عليه الحجة.
وخالفهم ابن جرير الطبري والضحاك وقالا: أن الطوفان لم يكن عقوبة للأطفال، ولكن وافق الطوفان آجالهم، فكان سببًا لموتهم. 
ويؤكد ذلك الرواية التى ذكرنها "لو رحم الله أحد من قوم نوح لرحم أم الصبي"

        

في التوراة في سفر التكوين أن بعد انتهاء الطوفان فتح نوح طاقة في الفلك، وأرسل حمامة ليري اذا كان قد قل الماء في الأرض، فعادت الحمامة ولم تجد موضعًا لرجليها، وبعد سبعة ايام ارسل الحمامة مرة أخري، فعادت الحمامة وفي فمها غصن زيتون، فعلم نوح أن الماء قد قل وظهرت رؤوس الأشجار، ثم أرسلها بعد سبعة أيام، فلم تعد الحمامة فعلم نوح أن الأرض قد ظهرت، فنزل من السفينة.
ولا أعرف لماذا عندما فتح نوح الكوة في الفلك لم ينظر بنفسه أو أن ينظر أي انسان في السفينة (؟!) ما الداعي الى ان يرسل الحمامة.


        

ونتوقف عن قول الله تعالى (وَٱسۡتَوَتۡ عَلَى ٱلۡجُودِيِّ)
يعنى ورست سفينة نوح على جبل ٱلۡجُودِيِّ.
وهذا من اعجاز القرآن العظيم.
لأن سفينة نوح تم اكتشافها -كما أخبر القرآن العظيم- على جبل ٱلۡجُودِيِّ.
وقد تم هذا الاكتشاف سنة 1948 ميلادية.

        

بل وأخبر القرآن العظيم أنه سيتم اكتشاف سفينة نوح في يوم من الإيام. 
قال تعالى في سورة القمر (
وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ)

        

ليس هذا فحسب بل وأخبر الله -تعالى- بأن اكتشافها سيكون عبرة لجميع البشر.
قال تعالى في سورة العنكبوت
﴿فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾
 يعنى سيكون اكتشاف سفينة نوح عبرة لِّلْعَالَمِينَ، أي لجميع البشر.
ولذلك أخر الله -تعالى- اكتشاف السفينة حتى وقت انتشار وسائل الإعلام، لتكون عبرة للعالمين كما أخبر القرآن الكريم.

        

وقد كان اكتشاف السفينة إشارة الى عدة أوجه من أوجه اعجاز القرآن الكريم.
وفيها الدليل أيضًا بما لا يدع مجالًا للشك على تعرض التوراة للتحريف.
أولًا: أن بقايا السفينة اكتشفت على جبل الجودي -كما أخبر القرآن العظيم- ويطلق عليه بالتركية Cudi
وليس على جبال أراراط كما جاء في التوراة.

        

ثانيًا: عندما تم اكتشاف السفينة وجدوا أن طولها حوالي 150 متر وعرضها حوالى 20 متر، وهذا الحجم الصغير لا يحتمل أن يحمل على ظهره الا عددا قليلا، ربما لا يتجاوز الا ثلاثين فردًا.
ولذلك قال تعالى
(وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلا قَلِيلٌ)

بينما التوراة المحرفة تقول أن نوح حمل معه كل أنواع الحيوانات التى على وجه الأرض، وهذا أمر مستحيل.

        

عندما اكتشفوا سفينة نوح، وجد العلماء بقايا معدنية في بقايا السفينة، 
وفسروا ذلك بأنها بقايا المسامير التى ثبتت بها ألواح السفينة
وهذا يتطابق مع ما جاء في القرآن الكريم
 يقول تعالى في سورة القمر
(وَحَمَلْنَاهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ)
والدُسُرٍ هي المسامير.
ولم يكن أحد يتخيل أن البشرية قد اكتشفت الحديد وصنعت المسامير في هذا الوقت المبكر من تاريخ البشرية.

        

ومن معجزات القرآن أن بقايا سفينة نوح عليه السلام وجدت مطمورة في رسوبيات مياه عذبة، وهذا يتطابق مع ما جاء في القرآن العظيم من أن مياه الطوفان كانت من ماء المطر وعيون الماء، وهذه مياه عذبة قال تعالى (ففتحنا أبواب السماء بماءٍ منهمرٍ وَفَجَّرْنَا ٱلْأَرْضَ عُيُونًا فَٱلْتَقَى ٱلْمَآءُ عَلَىٰٓ أَمْرٍۢ قَدْ قُدِرَ)

        

لِمُطَالَعَة بَقِيَةِ حَلَقَات "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم"

لِمُشَاهَدَة حَلَقَاتِ "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم" فيديو

❇