Untitled Document

عدد المشاهدات : 800

الحلقة (591) من "تَدَبُرَ القُرْآنَ العَظِيم تفسير وتدبر الآيتين (7) و (8) من سورة "يُوُسُف" (لَّقَدۡ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخۡوَتِهِ.......

الحلقة رقم (591)
(تًدَبُر القُرْآن العَظِيم)
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
تفسير وتدبر الآيتين (7) و (8) من سورة "يُوُسُف"- ص 236
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

(۞ لَّقَدۡ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخۡوَتِهِۦٓ ءَايَٰت لِّلسَّآئِلِينَ ﴿٧﴾ إِذۡ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰٓ أَبِينَا مِنَّا وَنَحۡنُ عُصۡبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٍ ﴿٨﴾ 
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

ما زالت الآيات الكريمة تتحدث عن قصة يُوسُف -عَلَيْهِ السَّلامُ-
وانتهينا في اللقاء السابق الى أن يُوسُف -عَلَيْهِ السَّلامُ- رؤيا عجيبة،
وهو أنه رأي أحد عشر كوكبًا والشمس والقمر رآهم يسجدون به،
فلما قص يوسف هذه الرؤيا على أبيه يعقوب -عَلَيْهِ السَّلامُ-
أمره يعقوب بأن يكتم هذه الرؤيا ولا يقصها على اخوته.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

ثم يقول تعالى: (۞ لَّقَدۡ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخۡوَتِهِۦٓ ءَايَٰت لِّلسَّآئِلِينَ)
يعنى قصة يُوسُفَ مع إِخۡوَتِهِ فيها الكثير من العبر والعظات.
وقرأت (
ءَايَٰة لِّلسَّآئِلِينَ) بالإفراد، 
يعنى قصة يوسف علامة على صدق نبوة الرسول ﷺ.
لأن كفار قريش عندما التقوا ببعض اليهود، وجلسوا يتحدثون ويتباحثون في أمر الرسول ﷺ 

فقال اليهود لكفار قريش: سلوا محمدًا لم انتقل آل يعقوب من الشام الى مصر، وسلوه عن قصة يوسف.
يعنى إذا كنتم تريدون أن تفحموا محمدًا، وتثبتوا أنه ليس نبيًا: سلوه لم انتقل آل يعقوب من الشام الى مصر؟ 
لأن يعقوب وبنيه كان موطنهم الشام، فما الذي جعلهم ينتقلون الى مصر، وتزيد أعدادهم في مصر، حتى بعث موسي بعد ذلك بأربعمائة سنة، ووقعت أحداث خروج بنى إسرائيل من مصر؟  

فنزلت سورة يوسف فيها الإجابة عن هذا السؤال، وفيها تفصيل لقصة يوسف.
فكان اخبار الرسول ﷺ عن قصة يوسف بهذا التفصيل، علامة على صدق نبوة الرسول ﷺ، 
لأن الرسول ﷺ كان أميًا لا يقرأ، ولم يجلس الى معلم، ولم يكن في مكة -أصلًا- علماء.
فاخبار الرسول ﷺ بقصة يوسف هي آية أو علامة على صدق نبوة الرسول.


❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

(إِذۡ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰٓ أَبِينَا مِنَّا وَنَحۡنُ عُصۡبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَٰل مُّبِينٍ ﴿٨﴾
يعنى قال اخوة يُوسُف بينهم وبني بعض: (لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ)
معنى ذلك أنهم يفرقون بينهم وبين يُوسُف وَأَخُوهُ.
لأنهم من أم ويُوسُف وَأَخُوهُ من أم أخري.
ليسوا اخوة أشقاء ليوسف، ولكن اخوة من أب فقط وهو يعقوب.
ويوسف ليس له أخ شقيق الا واحد فقط وهو "بنيامين" 

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰٓ أَبِينَا مِنَّا)
يُوسُف -عَلَيْهِ السَّلامُ- كان هو أحب أبناء يعقوب اليه، 
ثم بعد ذلك أخيه بنيامين.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وقلنا أنه ورد في قصة يوسف في التوراة 
وجاء في كثير من كتب التفسير نقلًا عن التوراة
أن السبب في حب يعقوب ليوسف وأخيه أكثر من بقية أبناءه
أم يوسف وبنامين ماتت أثناء ولادة "بنيامين" 
فكان يعقوب يريد أن يعوضهما عن فقد أمهما.
وقلنا في الحلقة السابقة أنه ليس هناك دليل لا من القرآن ولا من السنة على أن أم يوسف قد ماتت، ويوسف في سن صغيرة.
 بل الأصح أنها كانت موجودة في كل أحداث القصة، 
بدليل قوله تعالى في نهاية القصة 

(ورفع أبويه على العرش) والأبوين تطلق على الأب والأم، 
ولا تطلق على الأب وزوجة الأب.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ولكن حب يعقوب ليوسف عن باقي أخوته، 
لأن يوسف أحسن خلقا وبرا من اخوته.
وفيه حلم ووداعة ونجابة، 
وأخلاق وطباع يوسف  هي أخلاق وطبائع نبوة، حتى قبل أن يوحي اليه، والأنبياء هم نماذج للكمال البشري حتى قبل أن يوحي اليهم.
وفي المقابل فان أخوة يوسف فيهم طيش وتهور، 
وفي قلوبهم غلظة وقسوة، حتى على أبيهم نفسه الذي يدعون حبه.
فكان من الطبيعي أن يكون حب يعقوب ليوسف أكبر من حبه لبقية اخوته.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول تعالى (إِذۡ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ)
اللام لام التأكيد ويعنى والله لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ.
(وَأَخُوهُ) يعنى أخوه لأمه، وهو بنيامين.
وكان بنيامين هو أحسنهم خلقًا بعد يوسف، 
وهذا ما ستدل عليه القصة

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(إِذۡ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰٓ أَبِينَا مِنَّا وَنَحۡنُ عُصۡبَةٌ)
(وَنَحۡنُ عُصۡبَةٌ)
يعنى نَحۡنُ الأكثر عددًا
الأشقاء من هذه الأم أكثر من ابناء أم يوسف   
ونحن الأقوي، نحن الأنفع ، ونحن الذي يعتمد عليهم يعقوب 
فنحن الذين نرعي أغنامه وابله، ونحن الذين نقوم بمصالحه.
فالمفروض أن نكون نحن المقدمين عنده، وهذه نظرة مادية بحتة.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ثم يقولون (إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَٰل مُّبِينٍ) 
يعنى تفضيله ليوسف خطأ فادح.
اذن أخوة يوسف يخدعون أنفسهم، ولا يريدون الاعتراف بأن حب يعقوب ليوسف سببه هو حسن أخلاق وطباع يوسف، في مقابل سوء ورداءه طباعهم وأخلاقهم، وانما يرجعون هذا الحب الى عدم عدل أبيهم معهم، والى خطأ أبيهم في تقدير الأمور.
أو أنهم  اعتبروا ان سبب هذا الحب،  هو أن أباهم يحب أم يوسف وبنيامين، أكثر من حبه لأمهم.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

وهنا تجدر الإشارة الى أن تآمر أخوة يوسف على يوسف، 
ليس بسبب شعورهم بالغيرة من حب ابيهم الأكثر منهم ليوسف.

لأن الذي يحب أباه لدرجة المنافسة على المكانة في قلبه، 
يستحيل أن يحرق قلب أبيه بهذه القسوة، 
ويحرمه من أحب أبناءه
ويأتي بقميصه عليه دم كذب
ويقول له أن هذا هو 
دم ابنك وقد أكله الذنب، 
ويلقيه في هذا الحزن الدائم العظيم.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ولكن الأمر كما ذكرنا في الحلقة السابقة، 
هو طمع كل واحد منهم أن يرث النبوة من أبيه يعقوب.
لأن أبيهم يعقوب، ورث النبوة من أبيه اسحق.
واسحاق ورث النبوة من أبيه إبراهيم.
اذن فهناك من آل يعقوب من سيرث النبوة من يعقوب.
فكان كل واحد منهم يطمع أن يكون هو الذي سيرث النبوة من يعقوب.
فلما راي أخوة يوسف ميل ابيهم الشديد والظاهر الى يوسف
تيقنوا أن يوسف هو الذي سيرث النبوة من أبيه يعقوب.
وذلك كان قرار أخوة يوسف المنكر والطائش، 
هو ضرورة التخلص من يوسف
وبذلك تكون النبوة لواحد منهم.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ولذلك هذه الآية تقول (لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰٓ أَبِينَا مِنَّا)
ومع ذلك الآية التالية تقول (اقتلوا يُوسُفُ أو اطرحوه أرضًا)
لماذا لم يقولوا (اقتلوا يُوسُفُ وأخوه) ؟
 عندما قالوا
(لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰٓ أَبِينَا مِنَّا)
يعنى هو يفضل يوسف وأخوه لأنه يجب أمهما أكثر من امنا
وهذا ظلم من يعقوب، ولذلك قالوا بعدها 

 (إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٍ)
وبعد ذلك قالوا (اقتلوا يُوسُفُ) 
ولم يقولوا (اقتلوا يُوسُفُ وأخوه) ؟
لأن المنافس الحقيقي لهم على منصب النبوة 
هو يوسف وليس أخوه.
اذن الموضوع ليس حب ولا غيره 
ولكن الموضوع هو المنافسة على منصب النبوة


❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

ومن فوائد هذه الآيات الكريمة عدم تفضيل بعض الأبناء على بعض، لأن هذا يؤدي الى وقوع التحاسد والتباغض بينهم.
وهذا من الدروس الواضحة في قصة يوسف: 
عدم تفضيل بعض الأبناء على بعض.
ولكن هل كان يعقوب ذلك خافيًا على يعقوب؟
أو هل أخطأ يعقوب عندما ظهر حبه ليوسف أكثر من أخوته؟

أولًا الحب يظهر على الإنسان رغمًا عنه
كما قال الشاعر

دلائل العشق لا تخفى على أحد... 
كحامل المسك لا يخلو من العبق.

لكن الملفت أن يعقوب لم يكن يحاول أن يخفي حبه ليوسف.
بل على العكس كان يظهر حبه ليوسف 

 (إنه ليحزنني أن تذهبوا به)
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
نقول لم يخطأ يعقوب في اظهار حبه ليوسف أكثر من أخوته.
لأن هذا التفضيل بين الأبناء يكون أمرًا سلبيًا وأمرًا مضرًا.
اذا كان بسبب هوي في النفس.
أو كان بسبب تفضيل الذكور على الإناث.
أو تفضيل الإناث على الذكور.
أو بسبب مواهب لأحد الأبناء ليست عند غيره.
كأن يكون أكثر ذكاءًا أو أكثر جمالًا أو أكثر قوة أو أكثر مهارة.
في هذه الحالات يكون تفضيل أحد الأبناء على أخوته أمرًا سلبيًا ومضرًا، ويؤدي الى وقوع التحاسد 
والتباغض بين الإخوة بعضهم بعض.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
أما إذا كان تفضيل بعض الأبناء أو أحد الأبناء على أخوته 
بسبب أنه أكثر أدبًا وأحسن أخلاقًا وألطف عشرة.
فهذا ليس محرمًا، بل على العكس هذا أمر مندوب، 
لأنه يشجع باقي اخوته على أن يحذوا حذوه ويكونوا مثله.
حتى في مجال العمل، بعض الموظفين يتم ترقيتهم 
ويحصلون على مكافآت، تشجيعًا لغيرهم حتى يحذوا حذوهم،
 ويكون ذلك في النهاية في مصلحة العمل.
وفي قصة يوسف، كان يعقوب يحب يوسف أكثر من أخوته، 
ليس لهوي في نفس يعقوب، ولكن لأن يوسف 
أفضل من أخوته بخلقه وعشرته، 
فكان يجب على أخوته بدلًا من أن يحاولوا التخلص منه، 
أن يحاولوا أن يتخلقوا بأخلاقه.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
اذن لم يخطأ يعقوب في اظهار حبه ليوسف
لأنه حب يعقوب ليوسف ليس لهوي في نفس يعقوب.
ولكن لأن يوسف كان متفوقا على اخوته 
في خلقه وأدبه وبره وتدينه.
فكان يظهر هذا الحب حتى يشجع أخوته 
على أن يحذو حذو يوسف في ادبه وخلقه وتدينه.
والخطأ كان من أخوة يوسف
لأنهم بدلًا من أن يحاولوا أن يتخلقوا بخلقه
حاولوا أن يتخلصوا منه

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ولكن لا شك أن من فوائد هذه الآيات الكريمة ومن دروسها الهامة هو عدم تفضيل بعض الأبناء على بعض، 
لأن هذا يؤدي الى وقوع التحاسد والتباغض بينهم.


❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
الآيات التالية تتناول تفاصيل المؤامرة التى حاكها اخوة يوسف ضد يوسف -عليه السلام-

 

        

لِمُطَالَعَة بَقِيَةِ حَلَقَات "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم"

الملِمُشَاهَدَة حَلَقَاتِ "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم" فيديو

❇