الحلقة رقم (592)
(تًدَبُر القُرْآن العَظِيم)
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
تفسير وتدبر الآيات من (9) الى (18) من سورة "يُوُسُف"- ص 236
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(ٱقۡتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ ٱطۡرَحُوهُ أَرۡضا يَخۡلُ لَكُمۡ وَجۡهُ أَبِيكُمۡ وَتَكُونُواْ مِنۢ بَعۡدِهِۦ قَوۡمٗا صَٰلِحِينَ ﴿٩﴾ قَالَ قَآئِلٞ مِّنۡهُمۡ لَا تَقۡتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلۡقُوهُ فِي غَيَٰبَتِ ٱلۡجُبِّ يَلۡتَقِطۡهُ بَعۡضُ ٱلسَّيَّارَةِ إِن كُنتُمۡ فَٰعِلِينَ ﴿١٠﴾ قَالُواْ يَٰٓأَبَانَا مَالَكَ لَا تَأۡمَ۬نَّا عَلَىٰ يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُۥ لَنَٰصِحُونَ ﴿١١﴾ أَرۡسِلۡهُ مَعَنَا غَدا يَرۡتَعۡ وَيَلۡعَبۡ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ ﴿١٢﴾ قَالَ إِنِّي لَيَحۡزُنُنِيٓ أَن تَذۡهَبُواْ بِهِۦ وَأَخَافُ أَن يَأۡكُلَهُ ٱلذِّئۡبُ وَأَنتُمۡ عَنۡهُ غَٰفِلُونَ ﴿١٣﴾ قَالُ قَالُواْ لَئِنۡ أَكَلَهُ ٱلذِّئۡبُ وَنَحۡنُ عُصۡبَةٌ إِنَّآ إِذا لَّخَٰسِرُونَ ﴿١٤﴾ فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِۦ وَأَجۡمَعُوٓاْ أَن يَجۡعَلُوهُ فِي غَيَٰبَتِ ٱلۡجُبِّۚ وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمۡرِهِمۡ هَٰذَا وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ ﴿١٥﴾ وَجَآءُوٓ أَبَاهُمۡ عِشَآءٗ يَبۡكُونَ ﴿١٦﴾ قَالُواْ يَٰٓأَبَانَآ إِنَّا ذَهَبۡنَا نَسۡتَبِقُ وَتَرَكۡنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَٰعِنَا فَأَكَلَهُ ٱلذِّئۡبُۖ وَمَآ أَنتَ بِمُؤۡمِنٖ لَّنَا وَلَوۡ كُنَّا صَٰدِقِينَ ﴿١٧﴾ وَجَآءُو عَلَىٰ قَمِيصِهِۦ بِدَمٖ كَذِبٖۚ قَالَ بَلۡ سَوَّلَتۡ لَكُمۡ أَنفُسُكُمۡ أَمۡرٗاۖ فَصَبۡرٞ جَمِيلٞۖ وَٱللَّهُ ٱلۡمُسۡتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ ﴿١٨﴾
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
انتهينا في الآيات السابقة عند قول الله تعالى
(۞ لَّقَدۡ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخۡوَتِهِۦٓ ءَايَٰت لِّلسَّآئِلِينَ ﴿7﴾ (إِذۡ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰٓ أَبِينَا مِنَّا وَنَحۡنُ عُصۡبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَٰل مُّبِينٍ ﴿٨﴾
تبدأ -بعد ذلك- الآيات الكريمة في ذكر تفاصيل المؤامرة المنكرة والطائشة التى قام بها أخوة يوسف ضد أخيهم يوسف-عَلَيْهِ السَّلامُ-
فيقول تعالى على لسان اخوة يوسف
(ٱقۡتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ ٱطۡرَحُوهُ أَرۡضا يَخۡلُ لَكُمۡ وَجۡهُ أَبِيكُمۡ وَتَكُونُواْ مِنۢ بَعۡدِهِۦ قَوۡما صَٰلِحِينَ ﴿٩﴾
قال أخوة يوسف بعضهم لبعض (ٱقۡتُلُواْ يُوسُفَ)
(أَوِ ٱطۡرَحُوهُ أَرۡضا) يعنى ارموه في أي حتة بعيدة.
وكان هذا الخيار الثاني هو ايضًا قتل ليوسف.
بدليل أن أحدهم قال في الآية التالية على الخيارين (لَا تَقۡتُلُواْ يُوسُفَ)
لأن الإلقاء في الصحراء يعنى أن يموت من الجوع والعطش أو أن يفترسه حيوان مفترس.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ثم قالوا (يَخۡلُ لَكُمۡ وَجۡهُ أَبِيكُمۡ وَتَكُونُواْ مِنۢ بَعۡدِهِۦ قَوۡما صَٰلِحِينَ)
يعنى ان تخلصتم من يوسف لن يكون هناك من ينافسكم على المكانة والحظوة عند أبيكم.
ولن يكون هناك من ينافسكم على ميراث النبوة من أَبِيكُمۡ.
كما قلنا إن سبب رغبة أخوة يوسف في التخلص من يوسف
ليس حبًا في أبيهم، لأن الذي يحب ابيه بهذه الدرجة لدرجة المنافسة على المكانة في قلبه
يستحيل في حقه أن يحرق قلب أبيه بهذه القسوة
فيأخذ منه أحب أبناءه ويلقيه في هذا الحزن الدائم والعظيم
وكن كان الذي يحرك أخوة يوسف
هو خوفهم من ان يرث يوسف النبوة من أبيه
وقد كان كل واحد منهم يطمح أن يكون هو الذي سيرث النبوة من ابيه يعقوب.
ولذلك كان التركيز على قتل يوسف
مع أنهم قالوا (لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰٓ أَبِينَا مِنَّا)
ومع ذلك كان التآمر على قتل يوسف، وليس قتل يوسف وأخيه.
لأن يوسف الذي يهدد طمعهم في النبوة.
لأن يوسف هو الذي يصلح أن يكون نبيًا وليس أخوه.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ثم بعد ما تقتل أخيك هل ستكون صالح للنبوة بعد ذلك؟
ولذلك قالوا بعده: (وَتَكُونُواْ مِنۢ بَعۡدِهِۦ قَوۡما صَٰلِحِينَ)
يعنى بعد التخلص من يوسف تتوبون الى الله، وتكونوا صالحين، ومؤهلين للنبوة.
اذن فهم يستحضرون التوبة قبل الوقوع في المعصية.
واستحضار التوبة قبل المعصية استخفاف بصفات جلال الله تعالى.
لأن الله تعالى له صفات جمال وصفات جلال.
صفات الجمال مثل: الرحمن الرحيم الغفور الودود التواب.
صفات الجلال مثل: القوي العزيز المنتقم الجبار.
فالذي يعصى الله تعالى، ثم يقول سأتوب بعد المعصية.
يكون قد اتكل على صفات الجمال،
ولكنه استخف بصفات جلال الله تعالي.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
الفكرة نفسها: نقتله وبعد كده نكون صَٰلِحِينَ.
تفكير فيه حماقة، وغباء
وهذا يعطيك صورة من صور استخفاف الشيطان بعقول أصحاب المعاصي.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(قَالَ قَآئِلٞ مِّنۡهُمۡ لَا تَقۡتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلۡقُوهُ فِي غَيَٰبَتِ ٱلۡجُبِّ يَلۡتَقِطۡهُ بَعۡضُ ٱلسَّيَّارَةِ إِن كُنتُمۡ فَٰعِلِينَ ﴿١٠﴾
(قَالَ قَآئِلٞ مِّنۡهُمۡ) يعنى واحد مِّنۡهُمۡ.
قيل إن اسمه "يَهُوذَا" وقيل إن اسمه "رُوبِيلُ" وقيل اسمه "شمعون"
وكان هو أكبرهم سنًا وأعقلهم وأفضلهم.
(قَالَ قَآئِلٞ مِّنۡهُمۡ لَا تَقۡتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلۡقُوهُ فِي غَيَٰبَتِ ٱلۡجُبِّ)
لم يوافقهم أخوهم الأكبر "يَهُوذَا" على قتل يوسف.
ومع ذلك لم يستطع أن يقف في وجه أخوته.
ولذلك وضع خطة بديلة للتخلص من يُوسُفَ.
وهي خطة -أيضًا- شريرة
قال (لَا تَقۡتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلۡقُوهُ فِي غَيَٰبَتِ ٱلۡجُبِّ)
وقرأت (غيابات ٱلۡجُبِّ)
وٱلۡجُبِّ هو البئر الغير المبطن بالحجارة
لأنه لو مبطن بالحجارة فممكن أن يتسلق ويخرج
وقولهم (غَيَٰبَتِ ٱلۡجُبِّ) يعنى في قعر الجب بحيث يغيب داخله.
لإنه لو ألقي في هذا البئر الغويط الغير مبطن بالحجارة
يستحيل أن ينجح في الخروج منه بمفرده بأي شكل من الأشكال
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(يَلۡتَقِطۡهُ بَعۡضُ ٱلسَّيَّارَةِ إِن كُنتُمۡ فَٰعِلِينَ)
السيارة يعنى القوافل التي تسير في هذا الطريق.
يعنى إذا وضعتموه في هذا البئر، فستمر به أحد القوافل وستخرجه من البئر.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ولذلك هو لم يقل: َألۡقُوهُ فِي غَيَٰبَتِ جُبِّ.
لأن ليس أي بئر
ولكن قال (غَيَٰبَتِ ٱلۡجُبِّ) يعنى بئر معين هم يعرفونه، ويعرفون أنه في طريق المسافرين، وأن هناك من يمر عليه في الذهاب والإياب.
ومع ذلك وارد جدًا أن يلقي في البئر ولا يمر أحد ويموت يوسف من الجوع.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(إِن كُنتُمۡ فَٰعِلِينَ) يعنى إِن كُنتُمۡ مصرين على قتله.
وهذا يدل على أنه لم يكن موافقًا اخوته على التخلص من يوسف.
والذي يدل -كذلك- على أنه لم يكن موافقًا على قتل يوسف.
أنه في خلال القصة هذا الأخ قال لإخوته بعد أن فقدوا "بنيامين"
قال (ومن قبل ما فرطتم في يوسف) لم يقل ما فطرنا.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ولكن هذا الأخ بالرغم من أنه كان رافضًا لفكرة التخلص من بوسف بهذه الطريقة وبرغم من انه كان أكبرهم سنًا.
الا أنه كان ضعيف الشخصية لدرجة أنه لم يستطع أن يقف أمام أخوته.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ونجد هذا الأخ أيضًا في أحداث القصة.
عندما احتجز يوسف أخيه بنيامين في مصر لم يستطع أن يواجه أبوه
وقال (فلن أبرح الأرض حتى يأذن لى أبي أو يحكم الله لى)
هناك مواقف ما ينفعش الإنسان يكون فيها سلبي.
في حروب الردة: أبو بكر الشخصية الرقيقة أصبح كالأسد
لدرجة ان عمر يقترح عليه أن يلين قليلًا
فينهره أبو بكر، ويقول له: "أجبار في الجاهلية خوار في الإسلام"
فهناك مواقف ما ينفعش الإنسان يكون فيها سلبي.
حتى لو كانت طبيعته هي عدم حب المشاكل.
فسلبية هذا الأخ وضعفه كانت نتيجته الكثير من الأحداث المؤلمة لأبيه وليوسف.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
أيضًا كلمة (يَلۡتَقِطۡهُ بَعۡضُ ٱلسَّيَّارَةِ)
تدل على سن يوسف عندما ألقاه أخوته في البئر.
كثير من المفسرين قالوا إن سن يوسف حين ألقي في البئر كان سبعة عشر عامًا.
وهذا غير صحيح لأن كلمة (يَلۡتَقِطۡهُ)
يعنى وزن يوسف كان خفيف عندما أخرجوه من البئر
لو كان وزنه ثقيل، وزن شاب كان قال (يخرجهُ بَعۡضُ ٱلسَّيَّارَةِ)
فكلمة (يَلۡتَقِطۡهُ) تدل على أنه كان خفيف الوزن.
يعنى كان طفل أو غلام، يعنى لا يزيد عن 12 عام.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(قَالُواْ يَٰٓأَبَانَا مَالَكَ لَا تَأۡمَ۬نَّا عَلَىٰ يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُۥ لَنَٰصِحُونَ ﴿١١﴾
هنا بدء أخوة يُوسُفَ في تنفيذ خطتهم الشريرة الماكرة وهي القاء يُوسُفَ في البئر.
(قَالُواْ يَٰٓأَبَانَا مَالَكَ لَا تَأۡمَ۬نَّا عَلَىٰ يُوسُفَ)؟
(يَٰٓأَبَانَا) فيها استمالة لقلب يعقوب.
(مَالَكَ لَا تَأۡمَ۬نَّا عَلَىٰ يُوسُفَ)؟ مما الذي يجعلك لا تأتمننا على يُوسُفَ؟
وهذا يعنى أنهم حاولوا عدة مرات، قبل هذه المرة، اصطحاب يُوسُفَ معهم بعيدًا عن أبيه، حتى يستطيعوا تنفيذ خطتهم، ولكن كان يعقوب يرفض في كل مرة أن يسمح لهم باصطحاب يُوسُفَ.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ثم يقولون (وَإِنَّا لَهُۥ لَنَٰصِحُونَ) يعنى خروج يوسف معنا سيفيده،
لأننا سنقدم له النصائح، نعلمه كيف يصطاد، كيف كذا، كيف كذا.
انما طول ما هوه لازق فيك كده، لن يتعلم اي شيء.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(أَرۡسِلۡهُ مَعَنَا غَدا يَرۡتَعۡ وَيَلۡعَبۡ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ ﴿١٢﴾
وقرأت (نرۡتَعۡ وَنلۡعَبۡ)
كانت العرب تقول رتعت البعير يعنى أكلت كيف شاءت.
(أَرۡسِلۡهُ مَعَنَا غَدا يَرۡتَعۡ) ينطلق (وَيَلۡعَبۡ) محتاج يلعب في هذه السن
(وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ) أسلوب تأكيد.
(حنشيله في أعيننا)
يعنى يستخدمون كل الوسائل لإغراء يعقوب واغراء يوسف نفسه، حتى يضغط على أبوه حتى يسمح له بالخروج معهم.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(قَالَ إِنِّي لَيَحۡزُنُنِيٓ أَن تَذۡهَبُواْ بِهِۦ وَأَخَافُ أَن يَأۡكُلَهُ ٱلذِّئۡبُ وَأَنتُمۡ عَنۡهُ غَٰفِلُونَ ﴿١٣﴾
(ٱلذِّئۡبُ) قرأت (ٱلذِّيبُ) بالياء بدل الهمز.
وهذه لغة أو لهجة، فبعض القبائل تطلق على هذا الحيوان "ذِّئۡبُ" وبعضهم تطلق عليه "ذِّيبُ"
وكان من كلام العرب: تذاءَبَتِ الريح: إِذا جاءت من كل جهة، لأن الذئاب عندما تهاجم فإنها تهاجم من كل جهة.
(قَالَ إِنِّي لَيَحۡزُنُنِيٓ أَن تَذۡهَبُواْ بِهِ)
هذا هو رد يعقوب على ابنائه عندما ألحوا في طلب ذهاب يُوسُفَ معهم.
(إِنِّي لَيَحۡزُنُنِيٓ أَن تَذۡهَبُواْ بِهِ) لأن يعقوب كان لا يطيق أن يغيب عن يُوسُفَ ولو فترة قصيرة، فكيف يغيب عنه يومًا كاملًا.
والتعبير (إِنِّي لَيَحۡزُنُنِيٓ) يدل على شدة حب يعقوب وتعلقه بيوسف
يعنى مش حيوحشتني لا بل سيوقعنى في الحزن.
(وَأَخَافُ أَن يَأۡكُلَهُ ٱلذِّئۡبُ)
لأن المنطقة التي كانوا فيها كان فيها كثير من الذئاب.
وقيل إن يعقوب رأي رؤيا أن ذئبًا قد عدا على يُوسُفَ، ولذلك كان يخشي على يُوسُفَ من الذئاب.
(وَأَنتُمۡ عَنۡهُ غَٰفِلُونَ) يعنى وَأَنتُمۡ منشغلون عَنۡهُ برعي أغنامكم وأعمالكم.
أي أنا لا أتهمكم أنتم، ولكن ما أخشاه هو ان تنشغلوا عنه بغيره فيأكله الذنب.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(قَالُواْ لَئِنۡ أَكَلَهُ ٱلذِّئۡبُ وَنَحۡنُ عُصۡبَةٌ إِنَّآ إِذا لَّخَٰسِرُونَ ﴿١٤﴾
قَالُواْ له: لَئِنۡ أَكَلَ ٱلذِّئۡبُ يُوسُفَ من بيننا،
(وَنَحۡنُ عُصۡبَةٌ)
ونحن جماعة كبيرة عشرة رجال أقوياء معه.
(إِنَّآ إِذا لَّخَاٰسِرُونَ) إِنَّآ إِذا لخائبون.
يعنى لا نستحق أن نكون رعاة، ولا نستحق أن نكون رجالًا يعتمد عليهم.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِۦ وَأَجۡمَعُوٓاْ أَن يَجۡعَلُوهُ فِي غَيَٰبَتِ ٱلۡجُبِّۚ وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمۡرِهِمۡ هَٰذَا وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ ﴿١٥﴾
في التوراة أنهم خرجوا بغير يُوسُفَ، ثم لحق بهم يُوسُفَ بعد ذلك.
وهذا يعنى أن يعقوب لمس في يُوسُفَ رغبة في الخروج معهم حتى يرتع ويلعب كما وعدوا، فلما خرجوا أشفق يعقوب على يُوسُفَ، وسمح له بأن يلحق بأخوته.
وهذا يدل على أن اخوة يُوسُفَ كانوا قد غيروا معاملتهم مع يُوسُفَ بعد ان وضعوا خطة القاءه في البئر، حتى يغرونه ويشجعونه على الخروج معهم.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ) فَلَمَّا خرجوا به من الغد كما أرادوا.
(وَأَجۡمَعُوٓاْ أَن يَجۡعَلُوهُ فِي غَيَٰبَتِ ٱلۡجُبِّۚ)
أجمع على شيء يعنى عزم وصمم على فعله.
كانوا يقولون: أجمع على السفر، يعنى قرر قرارًا نهائيًا على السفر.
يعنى هم خرجوا وهم مصرين على تنفيذ هذه الجريمة المنكرة، وليس عندهم أي قدر من التردد على تنفيذها.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وهناك عدة روايات، عما حدث بعد خروجهم، وكيف القوة في البئر.
فقيل انهم لما خرجوا وابتعدوا عن ديار يعقوب، أظهروا العداوة ليوسف وأخذوا يسبونه، وبادوا يضربونه، فكان كلما فر من أحدهم ولجأ الى الآخر يضربه، حتى كادوا يقتلونه.
وجعل يُوسُفَ يصيح ويقول: يَا أَبَتَاهُ يَا يَعْقُوبُ، لَوْ تَعْلَمُ مَا صَنَعَ بِابْنِكِ بَنُو الإِمَاءِ.
لأن بعض أخوة يُوسُفَ كان من أمة عند أبيه يعقوب.
فَلَمَّا كَادُوا أَنْ يَقْتُلُوهُ قَالَ لهم أخوهم الكبير (يَهُوذَا):
أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتُمُونِي مَوْثِقًا أَلا تَقْتُلُوهُ.
فَانْطَلَقُوا بِهِ إِلَى الْجُبِّ الذي اتفقوا عليه، وَنَزَعُوا قَمِيصَهُ،
حتى يعودوا به الى أبيه، ويكون دليل براءتهم،
واخذ يُوسُفَ يصيح: يَا إِخْوَتَاهُ، ذَرُوا عَلَيَّ قَمِيصِي،
ثم حملوه وألقوه في البئر، أو أنهم دلوه بحبل في البئر.
وتعلق يوسف في صخرة وأمسك بها حتى لا يغرق في ماء البئر.
ثم ناداه إِخْوَتُهُ بعد ذلك حتى يتأكدوا إذا كان حيًا أو كان قد مات، فَظَنَّ يوسف أَنَّهَا رَحْمَةٌ أَدْرَكْتُهُمْ، فَأَجَابَهُمْ فلما وجدوه حيًا ارادوا أن يلقوا عليه حجارة حتى يقتلوه، فمنعهم كبيرهم وقال لهم:
قَدْ أَعْطَيْتُمُونِي مَوْثِقًا أَلا تَقْتُلُوهُ.
وأخذ يُوسُفَ يبكي وينادي عليهم، فقالوا له:
ادْعُ الأَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ يُؤْنِسُوكَ.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
معنى ذلك أن الرؤيا التي رآها يوسف قد وصلت لإخوته.
وفي التوراة أن أخوته علموا بالرؤيا
لإن خلى بالك يعقوب حذر يوسف انه يقص الرؤيا على أخوته.
فوارد ان يوسف قص الرؤيا على أمه مثلًا وأنها عاوزة تغيظ ضرتها فحكت لها الرؤيا
أو أن يوسف وهو يقص الرؤيا على ابيه سمع بها أحد أخوته.
المهم أنه في التوراة أن أخوة يوسف علموا برؤيا يوسف.
ولذلك عجلوا بمحاولة التخلص من يوسف.
وكانوا دائمًا يسخروا من يوسف ويطلقوا عليه صاحب الأحلام.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول تعالى (وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمۡرِهِمۡ هَٰذَا وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ)
هنا رحمة الله تعالى بيوسف -عليه السلام-
لأن يوسف -عليه السلام- غلام صغير.
يمر بموقف في غاية القسوة.
يجد نفسه محاط بكل هذا الكم من الحقد والكراهية من أقرب الناس اليه.
ثم يلقي في بئر عميقة ومعرض للموت من الجوع
والبئر فيه حيات وعقارب، ثم يأتي عليه الليل وهو في البئر.
وهناك صعوبة في التنفس في هذا المكان الضيق
ولكن الله تعالى -برحمته- ينزل السكينة على قلب هذا الغلام الصغير.
يقول تعالى (وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡهِ)
وهذا الإيحاء المقصود به الإلهام القلبي
كما أوحي الله الى أم موسي، قال تعالى
(وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم)
كيف أدركت أم موسي أن هذا وارد من الله؟
كيف أدرك يوسف أن هذا وحي من الله تعالى؟
الوارد الإلهي لا يجد له معارضة
لا من حديث النفس ولا من وسوسة الشيطان.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول تعالى (وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمۡرِهِمۡ هَٰذَا)
يعنى وألقينا في قلب يُوسُفَ، أنك ستلقي اخوتك بعد ذلك الموقف في يوم من الأيام،
وستخبرهم وتوبخهم على ما فعلوه معك في ذلك اليوم.
وهذه تقوية وطمئنة لقلب يوسف، وبشارة من الله تعالى ، بأنه سينجو من البئر، وبأن رؤياه ستتحقق.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول تعالى (وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمۡرِهِمۡ هَٰذَا وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ)
يعنى عندما ستخبرهم سيكونون لا علم لهم بأنك أنت يُوسُفَ.
وتحقق وعد الله تعالى بعد اربعين عامًا وقف أخوة يوسف أمامه يطلبون منه في ذل وانكسار أن يتصدق عليهم، فيقول لهم يوسف
(قَالَ هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ)
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وكان هذا الجب الذى ألقى فيه يوسف على بعد ثلاثة فراسخ من منزل يعقوب - عليه السلام –
يعنى مسافة حوالى 15 كيلو متر من بيت يعقوب.
وكان بيت يعقوب في منطقة فلسطين .
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَجَآءُوٓ أَبَاهُمۡ عِشَآءٗ يَبۡكُونَ ﴿١٦﴾
وَجَآءُوٓ أَبَاهُمۡ في ظلمة العِشَآءٗ، حتى لا يظهر الكذب على وجوههم.
لأن الذي يكذب يظهر عليه الكذب.
ولذلك اخترعوا جهاز اسمه جهاز كشف الكذب
Lie Detector
هذا الجهاز يعتمد على تغيرات تحدث في جسم الإنسان عند الكذب: يرتفع ضغط الدم، تزداد ضربات القلب، يصبح التنفس أسرع، درجة حرارة الجسم ترتفع، وغير ذلك.
فالذي يكذب يظهر عليه الكذب، وهم قد ارتكبوا جريمة.
ولذك تعمدوا أن يؤخروا رجوعهم الى الليل
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وروي أن يعقوب -عليه السلام- سمع صياحهم وعويلهم،
فخرج اليهم فزعًا، وقال: مالكم يا بني هل أصابكم في غنمكم شيء؟ قالوا: لا.
كأن يعقوب لم يأت بخلده أبدًا أن أبناءه يمكن أن تصل بهم القسوة الى أن يفرطوا في أخيهم.
فقال يعقوب في لهفة: فما أصابكم.
ثم بحث بعينيه على يوسف فلم يجده، فاردف: وأين يوسف؟.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وروي أن امرأة ذهبت إلى شريح القاضي تشتكي وهي تبكي، ولم يكن مع هذه المرأة قرائن أو أدلة على شكواها،
وكان جالسًا "الشعبي" وهو من فقهاء التابعين،
فقال الشعبي لشريح القاضي: يا شريح أما تراها تبكي؟
فقال شريح: قد جاء أخوة يوسف يبكون وهم كذبة ظلمة.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وهذه ايضًا من دروس قصة يوسف: ألا تحكم بالظاهر، ولاتحكم بالعواطف، ولكن اذا اردت أن تحكم بالعدل، فعليك أن تجنب عواطفك، وألا تأخذ بالظواهر، وانما تحكم بالادلة والقرائن.
ومن الأمثال: "دموع الفاجر بيديه".
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(قَالُواْ يَٰٓأَبَانَآ إِنَّا ذَهَبۡنَا نَسۡتَبِقُ وَتَرَكۡنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَٰعِنَا فَأَكَلَهُ ٱلذِّئۡبُۖ وَمَآ أَنتَ بِمُؤۡمِنٖ لَّنَا وَلَوۡ كُنَّا صَٰدِقِينَ ﴿١٧﴾
عندما قال لهم يعقوب: وأين يوسف؟.
(قَالُواْ يَٰٓأَبَانَآ إِنَّا ذَهَبۡنَا نَسۡتَبِقُ) المقصود بنَسۡتَبِقُ اما العدو على الأقدام،
أو المقصود هو الإستباق في رمي السهام، يعنى كل واحد يرمي سهمه، ثم يذهبون فينظرون أيهم كانت رميته ابعد من الآخر.
المهم أنهم مارسوا نشاطًا، ابتعدوا فيه عن يُوسُفَ.
(وَتَرَكۡنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَٰعِنَا) يعنى وَتَرَكۡنَا يُوسُفَ عِندَ طعامنا وأمتعتنا، حتى يحرسها من السرقة،
أو شفقة عليه من بذل الجهد في السباق.
(وَتَرَكۡنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَٰعِنَا فَأَكَلَهُ ٱلذِّئۡبُ)
اخذوا الحجة من فم ابيهم.
وهذا درس آخر: اذا كنت تتعامل مع خبثاء،
فلا تتبسط معهم في الكلام، ولا تتكلم الا على قدر الحاجة،
حتى لا يستخدموا كلامك معهم ضدك.
ومن خبثهم أنهم قالوا (َأكَلَهُ ٱلذِّئۡبُ) ولم يقولوا َ"أفترسه ٱلذِّئۡبُ"
لأنهم لو قالوا "أفترسه ٱلذِّئۡبُ" معنى ذلك أن هناك بقايا من جثة يوسف بعد الإفتراس، فلابد أن يذهب يعقوب، على الأقل حتى يدفنه.
أما َ(أكَلَهُ ٱلذِّئۡبُ) يعنى ليس هناك أي أثر ليوسف
وبذلك يغلقوا على يعقوب أي محاولة للعثور على بقايا يوسف، وبالتالى ينكشف كذبهم.
وهذا دليل أيضًا على ان يوسف كان صغير السن
والا كيف يأكل الذئب جسم شاب وزنه مثلًا 70 كيلو
(وَمَآ أَنتَ بِمُؤۡمِنٖ لَّنَا وَلَوۡ كُنَّا صَٰدِقِينَ)
وَمَآ أَنتَ بمصدق لَّنَا حتى لَوۡ كُنَّا صَٰدِقِينَ.
وهي عبارة تدل على ترددهم واهتزازهم
كما يقول المثل العرب " كاد المُريب بأن يقول خذوني"
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وهذه الاية الكريمة هي الرد -الذي لا يقبل مناقشة- على من يقول أن أخوة يوسف بعد توبتهم أصبحوا أنبياء.
لأنه يستحيل في حق أي نبي أن يكذب
سواء قبل أن يوحي اليه أو بعد أن يوحي اليه.
ناهيك عن أنهم ارتكبوا من كبائر الذنوب ما يستحيل أن يرتكبها أي نبي سواء قبل الوحي او بعد الوحي.
من هذه الذنوب الكبار "عقوق الأب"
لا أعتقد أن أحدًا في التاريخ عق أباه
مثل عقوق أبناء يعقوب ليعقوب
أوفعوا اباهم في حزن دائم وحزن عظيم لمدة اربعين سنة
حتى فقد بصره من شدة الحزن
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَجَآءُو عَلَىٰ قَمِيصِهِۦ بِدَمٖ كَذِبٖۚ قَالَ بَلۡ سَوَّلَتۡ لَكُمۡ أَنفُسُكُمۡ أَمۡرٗاۖ فَصَبۡرٞ جَمِيلٞۖ وَٱللَّهُ ٱلۡمُسۡتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ ﴿١٨﴾
قبل أن يلقوا يُوسُفَ في البئر خلعوا عنه قميصه، ثم عمدوا الى شاة فذبوحها، ولطخوا بها قميص يوسف، حتى يقدموا هذا القميص الملطخ بالدماء الى أبيهم،
وحتى يصدق حكايتهم الكاذبة ان الذئب قد أكل يُوسُفَ.
قال تعالى (وَجَآءُو عَلَىٰ قَمِيصِهِۦ بِدَمٖ كَذِبٖ)
وقرأت (بِدَمٖ كَدِبٖ) بالدال.
قيل إنهم لما قدموا القميص لأبيهم يعقوب، أمسك يعقوب بالقميص، ووضعه على وجهه، وأخذ يشمه ويقبله،
حتى تخضب وجهه من دم القميص.
ثم تأمل القميص، فوجده سليمًا لم يتمزق.
ولو كان قد أكله الذئب فلابد أن يمزق قميصه.
وكما يقولون ليس هناك جريمة كاملة.
برغم التخطيط للجريمة لعدة أيام، وبرغم أنهم كانوا عشرة رجال، ومع ذلك لم ينتبه واحد منهم الى هذه الثغرة الواضحة التي كشفت وفضحت كذبهم.
فلما رأي يعقوب القميص سليمًا كما هو.
أيقن بفراسة المؤمن -والمؤمن كيس فطن- أن الدم الذي على القميص ليس بدم يوسف، وانما هو دم كذب.
فقال لأبنائه بمرارة: ان هذا لذئب رحيم، أكل أبنى ولم يمزق قميصه.
قال الشافعي -رحمه الله- لقد كان في قميص يوسف ثلاث آيات:
كان دليلًا ليعقوب على كذبهم.
وكان دليلًا على براءة يوسف حين قد من دبر.
ورد الله بصر يعقوب حين ألقي على وجهه.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ثم قال لهم يعقوب (بَلۡ سَوَّلَتۡ لَكُمۡ أَنفُسُكُمۡ أَمۡرٗا)
(بَلۡ) للإضراب، يعنى لم يأكله الذئب.
ولكن (سَوَّلَتۡ لَكُمۡ أَنفُسُكُمۡ أَمۡرٗا)
(سَوَّلَتۡ) السَّوَل هو الاسترخاء.
فقوله تعالى (سَوَّلَتۡ لَكُمۡ أَنفُسُكُمۡ أَمۡرٗا)
يعنى: سهَّلتْ ويَسَّرت وزينت لَكُمۡ أَنفُسُكُمۡ
(أَمۡرٗا) آخر غير الذي تقولونه
قصتكم ملفقة غير صحيحة
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ثم يقول (فَصَبۡرٞ جَمِيلٞ)
يعنى هو يذكر نفسه، ويأمر نفسه بأن يصبر صبرًا جميلًا.
والصبر الجميل هو الصبر الذي لا شكوي فيه.
سئل النبي ﷺ عن "الصبر الجميل" فقال ﷺ
"صبر لا شكوى فيه، ومن بث لم يصبر"
يعنى اللي يقعد يفضفض ده، هذا ليس من الصبر الجميل
ولذلك قال يعقوب بعدها (إِنَّمَا أَشْكُو بَثّى وَحُزْنِى إِلَى الله)
يعنى الشكوى الى الله وحده لا الى غيره.
وكان من دعاء الرسول ﷺ بعد رحلة الطائف: "اللهم اليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس..."
وكان موسي -عَلَيْهِ السَّلامُ- يبدأ مناجاته لله تعالى فيقول:
"اللهم لك الحمد واليك المشتكى"
وكان السلف يكرهون أنين المريض، لأن فيها شكوى لغير الله تعالى.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
روي أن أحمد بن حنبل، أصيب بالحمي ثم برأ، فما كان اليوم التالي، قابله رجل وقال له: كيف تجدك يا أبا عبد الله؟ قال له بخير وعافية، قال له: أصابتك الحمي البارحة، قال له أحمد بن حنبل:
ان قلت لك أنا في عافية فحسبك لا تخرجني إلى ما أكره
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَٱللَّهُ ٱلۡمُسۡتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ)
يعنى والله المستعان على احتمال ما تصفون.
وعندما اتهمت أمنا عائشة كبا وزورًا في قصة الأفك، قالت
(فَصَبۡرٞ جَمِيلٞۖ وَٱللَّهُ ٱلۡمُسۡتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ)
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وفي النهاية ننوه أن بعض كتب التفسير للأسف
تقوم باضافة زيادات على القصة لا أصل لها.
لا أصل لها لا في القرآن ولا في السنة
ولا حتى من قصة يوسف كما وردت في التوراة
يعنى مثلًا يقولون أن أخوة يوسف قالوا آبانا لا يصدقنا.
نأتي له بذئب ونقول له هذا الذي أكل يوسف
ثم اصطادوا ذئبا ولطخوا فمه بالدم وقالوا ليعقوب هذا الذي أكل ابنك
ثم تحدث يعقوب الى الذئب وقال له يا أيها اذئب لم فجعتنى في ولدي
فقال الذئب يا نبي الله والله لم ار وجه ابنك
ولكن أنا جئت من مصر ابحث عن أخي
وأنا والله لا أقعد في بلد يكذب فيها أبناء الأنبياء على الوحوش
فأطلقه يعقوب وقال لأبناءه الذئب جاء يبحث عن أخيه
وأتنم ضيعتم أخاكم
مثل هذه الزيادات والتى هي موجودة للأسف في بعض كتب التفسير
أشيه باساطير ألف ليلة وليلة
ولذلك يستحسنها البعض
ولكن يجب أن نعرض عنها تمامًا
لأن قصص ألف ليلة وليلة ليس مكانها قصص الأنبياء
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
هذا هو الفصل الأول من قصة يوسف،
الآيات التالية تتحدث عن مرحلة جديدة من مراحل حياة يوسف -عليه السلام- وهي المرحلة بعد خروج من البئر وانتقاله الى قصر العزيز.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
لِمُطَالَعَة بَقِيَةِ حَلَقَات "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم"
الملِمُشَاهَدَة حَلَقَاتِ "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم" فيديو
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
|