الحلقة رقم (596)
(تًدَبُر القُرْآن العَظِيم)
تفسير وتدبر الآيات من (36) الى (42) من سورة "يُوُسُف"- ص 239
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَدَخَلَ مَعَهُ ٱلسِّجۡنَ فَتَيَانِۖ قَالَ أَحَدُهُمَآ إِنِّيٓ أَرَىٰنِيٓ أَعۡصِرُ خَمۡرٗاۖ وَقَالَ ٱلۡأٓخَرُ إِنِّيٓ أَرَىٰنِيٓ أَحۡمِلُ فَوۡقَ رَأۡسِي خُبۡزٗا تَأۡكُلُ ٱلطَّيۡرُ مِنۡهُۖ نَبِّئۡنَا بِتَأۡوِيلِهِۦٓۖ إِنَّا نَرَىٰكَ مِنَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ ﴿٣٦﴾ قالَ لَا يَأۡتِيكُمَا طَعَامٞ تُرۡزَقَانِهِۦٓ إِلَّا نَبَّأۡتُكُمَا بِتَأۡوِيلِهِۦ قَبۡلَ أَن يَأۡتِيَكُمَاۚ ذَٰلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّيٓۚ إِنِّي تَرَكۡتُ مِلَّةَ قَوۡمٖ لَّا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَهُم بِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ كَٰفِرُونَ ﴿٣٧﴾ وَٱتَّبَعۡتُ مِلَّةَ ءَابَآءِيٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَإِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَۚ مَا كَانَ لَنَآ أَن نُّشۡرِكَ بِٱللَّهِ مِن شَيۡءٖۚ ذَٰلِكَ مِن فَضۡلِ ٱللَّهِ عَلَيۡنَا وَعَلَى ٱلنَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَشۡكُرُونَ ﴿٣٨﴾ يَٰصَٰحِبَيِ ٱلسِّجۡنِ ءَأَرۡبَابٞ مُّتَفَرِّقُونَ خَيۡرٌ أَمِ ٱللَّهُ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّارُ ﴿٣٩﴾ مَا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِهِۦٓ إِلَّآ أَسۡمَآءٗ سَمَّيۡتُمُوهَآ أَنتُمۡ وَءَابَآؤُكُم مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلۡطَٰنٍۚ إِنِ ٱلۡحُكۡمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُۚ ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلۡقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ ﴿٤٠﴾ يَٰصَٰحِبَيِ ٱلسِّجۡنِ أَمَّآ أَحَدُكُمَا فَيَسۡقِي رَبَّهُۥ خَمۡرٗاۖ وَأَمَّا ٱلۡأٓخَرُ فَيُصۡلَبُ فَتَأۡكُلُ ٱلطَّيۡرُ مِن رَّأۡسِهِۦۚ قُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ ٱلَّذِي فِيهِ تَسۡتَفۡتِيَانِ ﴿٤١﴾ وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُۥ نَاجٖ مِّنۡهُمَا ٱذۡكُرۡنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَىٰهُ ٱلشَّيۡطَٰنُ ذِكۡرَ رَبِّهِۦ فَلَبِثَ فِي ٱلسِّجۡنِ بِضۡعَ سِنِينَ ﴿٤٢﴾
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
انتهينا في الحلقة السابقة عند قول الله تعالى (ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّنۢ بَعۡدِ مَا رَأَوُاْ ٱلۡأٓيَٰتِ لَيَسۡجُنُنَّهُۥ حَتَّىٰ حِينٖ ﴿٣٥﴾
يعنى بالرغم من تأكدهم من براءه يُوُسُف،
ومع ذلك قرروا أن يُدْخِلوا يُوُسُف السجن (حَتَّىٰ حِينٖ) يعنى الى وقتٍ غيرِ محدد
ثم تتحدث الآيات من (36) الى (42) عن أحوالِ يُوُسُف داخل السجن،
نلاحظ أن سورة يوسف عبارة عن مشاهد، المشهد في الآيات من (36) الى (42) هو مشهد يوسف داخل السجن.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول تعالى: (وَدَخَلَ مَعَهُ ٱلسِّجۡنَ فَتَيَانِ)
يعنى دخل فَتَيَانِ ٱلسِّجۡنَ في نفس وقت دخول يُوُسُف ٱلسِّجۡنَ.
و(فَتَيَانِ) مثنى فتى، و كانوا يطلقون على المملوك فتى.
لأنهما كانا مملوكين للملك.
فكان أحدهما يعمل خبازًا للملك،
وكان الثاني مسئولًا عن صنع وتقديم الخمر للملك.
وقيل أنهما دخلا السجن في تهمة محاولة دس سم للملك في الخيز او في الخمر.
وهذه المؤامرة اما محاولة للإنقلاب على الملك من داخل القصر، أو بايعاز من الفراعنة الذين كانوا في صراع مع دولة الهكسوس.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(قَالَ أَحَدُهُمَآ إِنِّيٓ أَرَىٰنِيٓ أَعۡصِرُ خَمۡرٗا)
(قَالَ أَحَدُهُمَآ) وهو ساقي الملك،
(إِنِّيٓ أَرَىٰنِيٓ أَعۡصِرُ خَمۡرٗا) يعنى رأيت في نومي إني أعصر عنبًا ليصير خمرًا.
(وَقَالَ ٱلۡأٓخَرُ إِنِّيٓ أَرَىٰنِيٓ أَحۡمِلُ فَوۡقَ رَأۡسِي خُبۡزٗا تَأۡكُلُ ٱلطَّيۡرُ مِنۡهُۖ)
(وَقَالَ ٱلۡأٓخَرُ) وهو خباز الملك، إِنِّيٓ رأيت في نومي أني أَحۡمِلُ فَوۡقَ رَأۡسِي سلالًا بها خبز، و ٱلطَّيۡرُ تأكل من هذا الخبز.
(نَبِّئۡنَا بِتَأۡوِيلِهِ)
يعنى أخبرنا بتفسير هذه الرؤي.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(إِنَّا نَرَىٰكَ مِنَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ)
جائت باسلوب التوكيد
قيل انه كان من احسان يُوُسُف وحسن سيرته في ٱلسِّجۡنَ، انه اذا كان هناك مريضًا يقوم على خدمته، واذا كان هناك حزينًا يواسيه، واذا كان هناك محتاجًا للطعام جمع له من فضل طعام الآخرين، وكان يوسع للناس في المجالس، وغير ذلك من مكارم الأخلاق، وكان يواسي الناس وينصحهم بالصبر على السجن.
فأحبه كل المساجين، ووقروه واحترموه، حتى حارس السجن كان يحبه ويوقره، وقيل أن حارس السجن قال له:
والله لو استطعت لخلَّيت سبيلك ، ولكن سأحسن إسارك، فكن في أيِّ بيوت السجن شئت.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وسنجد ان الايات تدل على أن يوسف قد أوحي اليه وهو في السجن،
يعنى بدأ دعوته الى توحيد الله -تعالى- في السجن
فكانت أول خطوة قام بها يوسف -عليه السلام- في سبيل الدعوة الى الله -تعالى- هو انه كان محسنًا.
مثل الرسول ﷺ كان أول تمهيد للرسالة، أنه ﷺ كان معروفًا بين قريش -فبل الرسالة- بالصدق وبالإمانة، وكانوا يدعونه بينهم بالصادق الأمين.
وفي قصة أصحاب الأخدود، بدأت دعوة الغلام بأنه كان يداوي الناس، فكانت كل الناس تحتاج اليه، وتذهب اليه، ويداويهم، ثم بدأ يدعو الى الله تعالى.
هنا أيضًا كانت أول خطوة من خطوات ادعوة التي قام بها يوسف، أنه كان محسنًا، وكان محبوبًا، ومحترمًا، وموقرًا.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ثم يقول تعالى (قالَ لَا يَأۡتِيكُمَا طَعَامٞ تُرۡزَقَانِهِۦٓ إِلَّا نَبَّأۡتُكُمَا بِتَأۡوِيلِهِۦ قَبۡلَ أَن يَأۡتِيَكُمَاۚ ذَٰلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّيٓۚ إِنِّي تَرَكۡتُ مِلَّةَ قَوۡمٖ لَّا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَهُم بِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ كَٰفِرُونَ ﴿٣٧﴾
لما علم يوسف -عليه السلام- من تفسير الرؤيا أن أحد الرجل -وهو الرجل الذي راي انه يحمل فوق راسه خبزًا تأكل الطير منه- لما علم أن هذا الرجل سيقتل، اجتهد يوسف في أن يدعوه الى التوحيد، حتى لا يموت على الكفر.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول تعالى: (قالَ لَا يَأۡتِيكُمَا طَعَامٞ تُرۡزَقَانِهِۦٓ إِلَّا نَبَّأۡتُكُمَا بِتَأۡوِيلِهِۦ قَبۡلَ أَن يَأۡتِيَكُمَا
هنا رأي يوسف أنه لو أخبرهما بتأويل الرؤيا فورًا لانصرفوا عنه، لأن كل واحد قد أخذ حاجته.
فاراد يوسف أن يستغل أو يقتنص فرصة اقبالهما عليه وحاجتهما اليه، في أن يدعوهما الى التوحيد.
فقال لهما سأخبركما بتاويل الرئا.
ولكن ليس الآن حالًا، ولكن بعد قليل من وقت.
وهذا الوقت هو قبل احضار الطعام.
لأنهم في السجن ولا يرون الشمس، فكانوا يقسمون يومهم باحضار الطعام.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ثم قال يوسف (ذَٰلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّيٓ) يعنى هذا العلم من تفسير الرويء ليس من عند نفسي، كما انه ليس كهانة ولا تنجيم، ولكنه علم علمنيه رَبِّيٓ.
ثم بدأ يعرفهم على ربه فقال:
(إِنِّي تَرَكۡتُ مِلَّةَ قَوۡمٖ لَّا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَهُم بِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ كَٰفِرُونَ)
وانظر هنا الى ذكاء دعوة يوسف -عليه السلام- واختياره لكلماته بدقة.
(إِنِّي تَرَكۡتُ مِلَّةَ قَوۡمٖ)
الملة هي الدين.
و(قَوۡمٖ) يعنى مش معنى أنهم كثيرين، يعنى انهم على حق.
والقَوۡمٖ الذين يقصدهم يُوُسُف -عليه السلام- هم الكنعانيين الذين نشأ بينهم يُوُسُف عندما كان مع أبيه.
بدليل أنه قال (وَهُم بِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ كَٰفِرُونَ) والمصريون كانوا يؤمنون بالبعث والثواب والعقاب في الحياة الأخري.
بينما الكنعانيون كانوا ينكرون البعث مثلهم مثل مشركي العرب
فكأن يُوُسُف لا يرد أن يبدأ بانكار عقيدتهم مباشرة حتى لا ينفرهم من موعظته،
فذكر الكنعانيين الذين نشأ بينهم تعريضًا بالمصريين لأنهم يماثلوهم في الشرك.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَٱتَّبَعۡتُ مِلَّةَ ءَابَآءِيٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَإِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَۚ مَا كَانَ لَنَآ أَن نُّشۡرِكَ بِٱللَّهِ مِن شَيۡءٖۚ ذَٰلِكَ مِن فَضۡلِ ٱللَّهِ عَلَيۡنَا وَعَلَى ٱلنَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَشۡكُرُونَ ﴿٣٨﴾
هنا بعد أن انتقد عقيدتهم، بدأ يعرفهم على دينه وهو دين التوحيد، فيقول: (وَٱتَّبَعۡتُ مِلَّةَ ءَابَآءِيٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَإِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَ) وسمي: إِبۡرَٰاهِيمَ وَإِسۡاحَٰقَ آباء لأن الأجداد آباء.
وهنا أراد يوسف أن يظهر لرفيقيه في السجن شرفه ومكانته.
مثما نري المحاضرين في كورسات التنمية البشرية، أول شيء يبدأ به هو التعريف نفسه: اسمه وشهاداته العلمية، وخبراته في المجال الذي يريد أن يدرب فيه.
فهنا بدأ يوسف بأن يظهر شرفه، حتى يكون ذلك أدعي لقبولهم لموعظته، وقبولهم لرسالته.
فذكر أنه نبي ابن نبي ابن نبي ابن نبي،
وهذه السلسلة من النبوة لم تتحقق لأي أحد في التاريخ الا ليوسف
يقول الرسول - إنَّ الكريمَ ابنَ الكريمِ ابنِ الكريمِ ابنِ الكريمِ يوسفُ بنُ يعقوبَ بنِ إسحاقَ بنِ إبراهيمَ خليلِ الرحمنِ.
وخصوصًا أن ابراهيم كان مشهورًا في كل العالم القديم، وكذلك كان اسحق ويعقوب اسماء معروفة.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ثم بدا يعرفهم على عقيدته، وعقيدة إِبۡرَٰهِيمَ وَإِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَ، فقال:
(مَا كَانَ لَنَآ أَن نُّشۡرِكَ بِٱللَّهِ مِن شَيۡءٖ)
وهذا تنزيه عن الشرك بأبلغ أسلوب
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(ذَٰلِكَ مِن فَضۡلِ ٱللَّهِ عَلَيۡنَا)
وهي الهداية.
بالرغم من أنه في السجن، ولكنه مستشعر نعمة الله عليه بالهداية.
أعظم نعم الله هي الهادية.
ولذلك فالدعاء الوحيد الذي فرض على المسلم أن يقوله كل يوم سبعة عشر مرة، هو انا يسال الله -تعالى- الهداية، فيقول في صلاته (اهدنا الصراط المستقيم)
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
روي أن إبراهيم بن أدهم -رحمه الله- وهو أحد علماء السنة الصوفية، كان يسير في الطريق فوجد رجلاً علي قارعة الطريق مقطوع الأطراف لا يدين ولا رجلين، وهو اعمي لا يري، وفي حالة رثة، والناس يمرون فربما وضع أحدهم كسرة خبز في فمه إشفاقاً عليه، وسمع "ابراهيم بن أجهم" الرجل وهو يقول: الحمد لله الذي فضلنى على كثير من عباده، فتعجب "ابراهيم بن أدهم" وقال للرجل: السلام عليكم، فقال الرجل: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته يا ابراهيم، قال ابراهيم: كيف عرفتني؟ قال الرجل: ما جهلت شيئاً منذ عرفت الله، قال ابراهيم: ماذا كنت تقول آنفاً؟ قال الرجل: كنت أقول الحمد لله الذي فضلنى على كثير من عباده، قال ابراهيم: ما الذي جري لأطرافك؟ قال بترت، قال: أين بصرك؟ قال: كُفَّ، قال أين بيتك؟ قال قارعة الطريق التي تراني عليها، قال ابراهيم: فأين النعم التى فضلك الله بها عن قال: يا ابراهيم، ألم يُبقي لي لساناً ذاكراً وقلباً شاكراً؟ قال: بلى، فقال: فأي نعمة أكبر من هذه؟!
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(ذَٰلِكَ مِن فَضۡلِ ٱللَّهِ عَلَيۡنَا)
وهي الهداية والتوحيد.
(وَعَلَى ٱلنَّاسِ)
يعنى وَعَلَى غيرنا من ٱلنَّاسِ، الذين هداهم الله للإيمان.
ويقول ابن عباس : من فضل الله علينا أن جعلنا أنبياء ، وعلى الناس أن بعثنا إليهم رسلاً .
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَشۡكُرُونَ)
يقول ابن عباس يعنى وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يوحدون الله بالعبادة.
لأن شكر نعمة ارسال الرسل يكون بالإيمان بالرسل وبتوحيد الله تعالى.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(يَٰصَٰحِبَيِ ٱلسِّجۡنِ ءَأَرۡبَابٞ مُّتَفَرِّقُونَ خَيۡرٌ أَمِ ٱللَّهُ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّارُ ﴿٣٩﴾
(يَٰصَٰحِبَيِ ٱلسِّجۡنِ) نداء فيه تحبب اليهما.
لإن فيها نحن مشتركون في نفس البلاء.
كما نقول "احنا في الهوا سوا"
وفيها تذكير بالبلاء، فنحن في حاجة الى الله تعالى.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(ءَأَرۡبَابٞ مُّتَفَرِّقُونَ خَيۡرٌ أَمِ ٱللَّهُ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّارُ)
كان المصريون لهم عدد كبير من الالهة: فهناك اله خالق البشر، واله للشمس، واله للقمر، واله للخصوبة، واله للحرب، واله للريح، واله لحماية الجبانة، واله للصحراء الغربية، واله لحماية الأمهات اثناء الحمل والولادة، واله للنيل، واله للإسماك.
حتى وصل عدد المعبودات فى الحضارة المصرية القديمة إلى نحو 1500 إله!
وهذا العدد الكبير لم يكن في وقت واحد.
ولكن كان المصري يعبد في الوقت الواحد حوالى ثلاثين اله.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
هنا يسألهما يوسف (ءَأَرۡبَابٞ مُّتَفَرِّقُونَ) يعنى عدة آلهة خَيۡرٌ أَمِ ٱللَّهُ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّارُ؟
يعنى يكون لك عدة ألهة، وكل اله يستعبدك، وكل اله أنت تخاف منه، وكل اله تحاول أن تسترضيه، هل هذا خير لكما، أم يكون لكما اله واحد، تخافه وحده، وتطيعه وحده، وترجوه وحده.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ثم ذكر يوسف صفة واحدة من صفات هذا الأله الواحد ، وهو صفة القهار.
فقال (أَمِ ٱللَّهُ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّارُ)
فذكر أكثر صفة وهم في السجن في حاجة اليها، وهي صفة القهار.
يعنى الله تعالى قادر على أن يقهر السجان، وقادر أن يقهر الوزير، وقادر أن يقهر الملك.
قهار، يعنى لا يغلبه أحد، ولا يقاومه أحد.
واذا اراد أمرا امضاه وانفذه
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(مَا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِهِۦٓ إِلَّآ أَسۡمَآءٗ سَمَّيۡتُمُوهَآ أَنتُمۡ وَءَابَآؤُكُم مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلۡطَٰنٍۚ إِنِ ٱلۡحُكۡمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُۚ ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلۡقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ ﴿٤٠﴾
(مَا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِهِ) يعنى مَا تَعۡبُدُونَ مِن غير الله تعالى
(إِلَّآ أَسۡمَآءٗ سَمَّيۡتُمُوهَآ) يعنى أصنام أنتم سميتموها آلهة وهي ليست كذلك.
أسماء فارغة بلا مسمي.
(أَنتُمۡ وَءَابَآؤُكُم)
حتى يقطع عليهم الحجة المتكررة، ويقولوا (إنا وجدنا آباءنا كذلك يفعلون) فيقول أن آباكم كانوا مثلكم في الضلال.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلۡطَٰنٍ) السُلۡطَٰانٍ هو الحجة والدليل.
ليس هناك أي دليل من الله تعالى على أنها آلهة، أو أنهم شركاء لله، أو أنها تشفع لكم عند الله،
وهذا مثل عقيدة الثالوث عند النصاري، ليس لها أصل من الوحي،
يعنى ليس لها أصل حتى في الإنجيل بعد تحريفه.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(إِنِ ٱلۡحُكۡمُ إِلَّا لِلَّهِ)
ليس هناك حكم ولا قضاء لهذه الآلهة المزعومة في أي شيء.
ولكن الحكم والقضاء لله وحده في الأمر والنهي، وفي العقائد والعبادات والمعاملات وكل شيء.
وهذه الجملة من قواعد سورة يوسف
وتكررت مرتين، هذه المرة مع يوسف، وستأتي مرة أخري مع يعقوب.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(أَمَرَ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُ)
أمر - تعالى- عباده أن لا يجعلوا عبادتهم إلا له وحده ، لأنه هو خالقهم وهو رازقهم .
(ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلۡقَيِّمُ)
يعنى هذا الذي أمركم الله به، وهو دين التوحيد، هو (ٱلدِّينُ ٱلۡقَيِّمُ) يعنى المستقيم الذي ليس فيه اعوجاج، وغيره من الأديان معوج وليس بمستقيم.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ)
ولكن أكثر الناس لا يعلمون أنه لا يجوز عبادة غيره.
و لا يعلمون ما للمطيعين من الثواب وما للعاصين من العقاب.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(يَٰصَٰحِبَيِ ٱلسِّجۡنِ أَمَّآ أَحَدُكُمَا فَيَسۡقِي رَبَّهُۥ خَمۡرٗاۖ وَأَمَّا ٱلۡأٓخَرُ فَيُصۡلَبُ فَتَأۡكُلُ ٱلطَّيۡرُ مِن رَّأۡسِهِۦۚ قُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ ٱلَّذِي فِيهِ تَسۡتَفۡتِيَانِ ﴿٤١﴾
شرع يوسف -أخيرًا- في تفسير رؤياهما.
ثلاثة ايات يدعوهم يوسف فيها الى التوحبد ونبذ عبادة الصنام.
وهذه الايات الثلاثة ملخص لحديث طويل، ربنا استمر عدة ساعات,
وقلنا أن يوسف أخر تفسير رؤياهما حتى يقتنص ويستغل فرصة اقبالهما عليه، وحاجتهما اليه، في أن يدعوهما الى التوحيد.
وهذه من أهم دروس هذه الايات الكريمة:
اذا كنت صاحب مصنع أو متجر أو شركة، وعندك مجموعة من الموظفين أو العمال، هؤلاء جعل الله أرزاقهم بيدك، استغل حاجتهم اليك في توجيههم الى الله تعالى.
اذا كنت تعين موظفات، اشترط أن تكون الموظفة محجبة.
بعض الشركات لا تقبل أن تكون الموظفة منقبة، رحب أنت بالمنقبات.
أحد المصانع بنى فيه صاحب المصنع مسجدًا، فاذا جاء وقت الصلاة، يتوقف العمل، والكل يأتي للصلاة.
اذا كنت طبيب استغل حاجة الناس اليك في الدعوة الى الله تعالى.
اذا كنت محامي استغل حاجة الناس اليك في الدعوة الى الله.
اذا كنت صاحب سلطة استغل حاجة الناس اليك، في توجيههم الى الله تعالى.
اذا كنت ماهر في اصلاح الكمبيوتر أو الموبايل، استغل حاجة الناس اليك في الدعوة الى الله.
اذا كنت صاحب اي وظيفة، أو صاحب اي حرفة، استغل حاجة الناس اليك في توجيههم الى الله تعالى,
كل أب وكل أم، الأبناء دائمًا في حاجة اليكم، ومصروفهم بأيديكم، اربط هذا العطاء بطاعة الله، وحفظ القرآن، والصلاة في المسجد، وحضور دروس العلم.
القيمة الوحيدة للسلطان الدنيوي أن تستغل هذه السلطة في الدعوة الى الله تعالى.
وهذه من أهم دروس هذه الآية الكريمة.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
بعد أن انتهي يوسف من الدعوة الى التوحيد، شرع يوسف في تفسير رؤياهما، فقال:
(يَٰصَٰحِبَيِ ٱلسِّجۡنِ أَمَّآ أَحَدُكُمَا) وهو ساقي الملك.
(فَيَسۡقِي رَبَّهُۥ خَمۡرٗا) فَيَسۡقِي رَبَّهُۥ يعنى يسقي سيده وهو الملك خَمۡرٗا.
وكان يطلق الرب على السيد الكبير.
اذن ستثبت براءته من تهمة محاولة قتل الملك، ويطلق سراحه، ويعود الى عَمَلِهِ في قَصْر المَلِك.
(وَأَمَّا ٱلۡأٓخَرُ) وهو خباز الملك
(فَيُصۡلَبُ) يعنى فَيُقتل ويصۡلَبُ
(فَتَأۡكُلُ ٱلطَّيۡرُ مِن رَّأۡسِه) يعنى بعد موته تأكل الطير من راسه.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ولم يعين يوسف من الذي سيسقى ربه خمرا ، ومن هو الذى سيصلب ، وإنما اكتفى بقوله " أما أحدكما . . . وأما الآخر " تلطفًا بمن مصيره هو القتل والصلب.
وان كان تعبيره يشير الى مصير كل منهما.
ولكن يوسف أراد يحذر من اقترب أجله، حتى يسرع بالتوبة والرجوع عن الشرك وأن يؤمن بالله وحده.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(قُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ ٱلَّذِي فِيهِ تَسۡتَفۡتِيَانِ)
قيل لما عبر يوسف الرؤيا قال خباز الملك: أم أر شيئًا انما كنت ألعب.
فقال يوسف: (قُضِيَ ٱلۡأَمۡرُ ٱلَّذِي فِيهِ تَسۡتَفۡتِيَانِ)
يعنى سيقع وسيكون ما قلت لا شك في ذلك.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُۥ نَاجٖ مِّنۡهُمَا ٱذۡكُرۡنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَىٰهُ ٱلشَّيۡطَٰنُ ذِكۡرَ رَبِّهِۦ فَلَبِثَ فِي ٱلسِّجۡنِ بِضۡعَ سِنِينَ ﴿٤٢﴾
وَقَالَ يوسف للفتى الذي اعتقد أَنَّهُۥ سينجو مِّنۡهُمَا وهو ساقي الملك: (ٱذۡكُرۡنِي عِندَ رَبِّكَ) يعنى اذكر قصتى عند الملك، وأني مظلوم محبوس بغير جُرْم.
(فَأَنسَىٰهُ ٱلشَّيۡطَٰنُ ذِكۡرَ رَبِّهِ) يعنى بعد أن عاد الساقي الى عمله، لم يذكر وصية يوسف -عليه السلام- ونسي أن يذكره عند الملك.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
التعبير (فَأَنسَىٰهُ ٱلشَّيۡطَٰنُ)
كأن ٱلشَّيۡطَٰانُ خائف، ولا يريد ان يخرج يوسف من السجن
كأن الشيطان يستخدم اولياءه لإعاقة الدعاة الى الله من الخروج الى الناس.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(فَلَبِثَ فِي ٱلسِّجۡنِ بِضۡعَ سِنِينَ)
يعنى كانت النتيجة أن ظل يوسف في السجن (بِضۡعَ سِنِينَ)
والبضع من ثلاثة الى تسعة
وقد اختلفوا فى المدة الى قضاها يوسف فى السجن على أقوال من أشهرها أنه لبث فيه سبع سنين.
يقول وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ: أَصَابَ أَيُّوبَ الْبَلَاءُ سَبْعَ سِنِينَ ، وَلَبِثَ يُوسُفُ فِي السِّجْنِ سَبْعَ سِنِينَ
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وقال البعض أن قوله تعالى: (فَأَنسَىٰهُ ٱلشَّيۡطَٰنُ ذِكۡرَ رَبِّهِ)
يعنى أنسي الشيطان يوسف أن يذكر حاجته لله وحده، وألا يطلب الا من الله وحده، فكانت النتيجة أن لبث في السجن بضع سنين، عقابًا من الله تعالى لأنه اعتمد على مخلوق ولم يعتمد على الله وحده.
وقالوا أن الإستعانة بالناس في رفع الظم أمر جائز شرعًا، إلا أن حسنات الأبرار سيئات المقربين،
فاذا كانت الإستعانة بالناس جائزة لعامة الخلق ، إلا أن الأولى بالأنبياء والصديقين أن يقطعوا نظرهم عن الأسباب بالكلية، وألا يشتغلوا إلا بمسبب الأسباب.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول الإمام الرازي في تفسيره معلقًا على ذلك: والذى جربته من أول عمري إلى آخره أن الإِنسان كلما عول فى أمر من الأمور على غير الله ، صار ذلك سببا إلى البلاء وإلى المحنة، وإذا عول العبد على الله ولم يرجع إلى أحد من الخلق حصل ذلك المطلوب على أحسن الوجوه.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وروي ان يوسف حيت استغاث بالملك جاءه جبريل وقال له: ان الله يقول لك: يَا يُوسُفُ، مَنِ اسْتَنْقَذَكَ مِنَ الْجُبِّ إِذْ أَلْقَوْكَ فِيهِ؟
قال يوسف: أنت يا رب. قال: من عصمك من الخطيئة وقد هممت بها؟ قال: أنت يا رب.
قال: فكيف تركتني، واستغثت بعبد مثلك؟
قال يا رب كلمة تكلم بها لساني مِنْ كَثْرَةِ الْبَلْوَى.
قال تعالى: وَعِزَّتِي لأُخَلِدَنَّكَ السِّجْنَ بِضْعَ سِنِينَ.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول الحسن البصري: قال نبيُّ الله ﷺ: رْحَمُ اللَّهُ يُوسُفَ، لَوْلا الْكَلِمَةُ الَّتِي قَالَهَا: اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ مَا لَبِثَ فِي السِّجْنِ مَا لَبِثَ،
ثم يبكي الحسن البصري ويقول: نحن إذا نـزل بنا أمرٌ فزعنا إلى الناس.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وسواء الراي الأول وهو الراجح او الراي الثاني.
فالدرس المستفاد هو الا يتعلق قلب العبد الا بالله تعالى.
حتى لو أخذ بالأسباب -ونحن مطلوب منا أن نأخذ بالأسباب-
فنأخذ بالأسباب ونحن نوقن أن الأمر كله بيد الله تعالى.
يقول على -رضى الله عنه- "أطلبوا الحاجات بعزة الأنفس فإن بيد الله قضاءها"
حكي أن موسي -كليم الله- اصيب بألم شديد في اسنانه، فتكلم الى الله -تعالى- في هذا الألم، فوصف الله له عشبة، فذهب موسى وتناول العشبه وسكن الألم.
ثم مرت فترة وعاد الالم لموسي فذهب الى العشبه وتناولها، لكن هذة المرة لم يذهب الالم.
فاشتكي موسي الى ربه
تكلم مع الله وسأل عن السبب قال الله : ياموسي المرة الاولي انت استعنت بي فأعنتك، والمرة الثانية استعنت بالعشبه فلم تفعل لك شيئا.
أظننت يا موسي ان الشفاء بيد العشبه
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
لو افترضنا أن ساقي الملك كان قد تذكر يوسف بعد أن خرج من السجن، وافترضنا أن الملك قد استجاب وخرج يوسف من السجن.
أقصى ما يمكن أن يحدث أن يكون يوسف خادم في قصر الملك.
وكانت ستنتهي قصة يوسف عند هذا الحد.
ولكن تقدير الله تعالى أن يظل يوسف في السجن سبع سنوات.
ولا شك أن هذه السنوات السبع كانت اعدادًا من نوع خاص ليوسف -عليه السلام-
وبعد هذه السنوات السبع تقع رؤيا الملك، والملك هو الذي سيطلب أن يقابل يوسف، ويرفض يوسف ثم يعود فيطلب مرة أخري أن يري يوسف.
أكيد يوسف وهو في السجن كان مستاءًا ان الساقي قد نسيه.
وهذه أيضًا من أهم دروس هذا المشهد من قصة يوسف
أن الله -تعالى- قد يقدر أمورا على عكس ما يريد الإنسان، ولكن هي عين الخير لهذا الإنسان.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
لِمُطَالَعَة بَقِيَةِ حَلَقَات "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم"
لِمُشَاهَدَة حَلَقَاتِ "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم" فيديو
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
|