Untitled Document

عدد المشاهدات : 187

الحلقة (600) من "تَدَبُرَ القُرْآنَ العَظِيم" تفسير وتدبر الآيات من (58) الى (62) من سورة "يُوُسُف" (وَجَآءَ إِخۡوَةُ يُوسُفَ......

الحلقة رقم (600)
(تًدَبُر القُرْآن العَظِيم)

تفسير وتدبر الآيات من (58) الى ( 62 ) من سورة "يُوُسُف"- ص 242
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَجَآءَ إِخۡوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُواْ عَلَيۡهِ فَعَرَفَهُمۡ وَهُمۡ لَهُۥ مُنكِرُونَ ﴿٥٨﴾ وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمۡ قَالَ ٱئۡتُونِي بِأَخٖ لَّكُم مِّنۡ أَبِيكُمۡۚ أَلَا تَرَوۡنَ أَنِّيٓ أُوفِي ٱلۡكَيۡلَ وَأَنَا۠ خَيۡرُ ٱلۡمُنزِلِينَ ﴿٥٩﴾ فَإِن لَّمۡ تَأۡتُونِي بِهِۦ فَلَا كَيۡلَ لَكُمۡ عِندِي وَلَا تَقۡرَبُونِ ﴿٦٠﴾ وَقَالَ لِفِتۡيَٰنِهِ ٱجۡعَلُواْ بِضَٰعَتَهُمۡ فِي رِحَالِهِمۡ لَعَلَّهُمۡ يَعۡرِفُونَهَآ إِذَا ٱنقَلَبُوٓاْ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِمۡ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ ﴿٦٢﴾

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

(وَجَآءَ إِخۡوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُواْ عَلَيۡهِ فَعَرَفَهُمۡ وَهُمۡ لَهُۥ مُنكِرُونَ ﴿٥٨﴾
هناك فترة زمنية طويلة بين الآيات السابقة (قَالَ ٱجۡعَلۡنِي عَلَىٰ خَزَآئِنِ ٱلۡأَرۡضِ) (وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي ٱلۡأَرۡضِ) وبين هذه الآية الكريمة (وَجَآءَ إِخۡوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُواْ عَلَيۡهِ) وهذا من اختصار القرآن المعجز.
ولذلك بدأت الآية بالواو والمد في
(وَجَآءَ إِخۡوَةُ يُوسُفَ)
لأن مجيء اخوة يوسف لطلب الطعام، يعنى أن سنوات الخصب السبعة قد مرت، وادخر يوسف في هذه السنوات السبع، ثم جاءت السبع الشداد، ولم يقف القحط والجدب عند حدود مصر، وانما خرج خارج حدود مصر الى الدول المجاورة، حتى وصل الى اخوة يوسف، ثم جاء اخوة وسف الى مصر ليحصلوا على الطعام
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وقنا ان خطة يوسف لم تكن توفير الطعام في سنوات الجدب لأهل مصر فقط، ولكن الخطة كانت هي توفير الطعام لكل شعوب المنطقة.
وهذه الخطة التي وضعها يوسف ستحقق مصلحة هذه الشعوب، وتنقذها من المجاعة، وتحقق -أيضًا- مصلحة الدولة المصرية، لأن هذه الدول ستأتي لشراء الطعام من مصر مقابل أموال وبضائع، وبالتالي يحقق الثراء لمصر.
ومن جهة أخري، فان منع الطعام عن هذه الدول، يمكن أن يؤدي الى اعتداء هذه الدول على مصر من أجل الحصول على الطعام.
ولذلك وجه يوسف في سنوات الخصب، الى ادخار غالبية المحصول، واستهلاك القليل منه، (قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله الا قليلًا مما تأكلون) يعنى سندخر في سنوات الرخاء أغلب المحصول، ولا نستهلك الا القليل.
لماذا أمر يوسف بذلك، لأنه يريد محصول في سنوات القحط لا يكفي فقط أهل مصر، ولكن يكفي كل شعوب المنطقة.
وهذا أمر -كما ذكرنا- ينقذ هذه الشعوب من المجاعة، ويحقق الثراء لمصر، يجنب مصر شر هذه الشعوب. 

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول تعالى: (وَجَآءَ إِخۡوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُواْ عَلَيۡهِ فَعَرَفَهُمۡ وَهُمۡ لَهُۥ مُنكِرُونَ ﴿٥٨﴾
يعنى بعد أن وصل القحط الى إِخۡوَةُ يُوسُفَ، وكانوا قريتهم على حدود فلسطين والأردن، جاء إِخۡوَةُ يُوسُفَ الى مصر يطلبون الطعام مقابل بضائع جاءوا بها، لأن يوسف لم يكن يتصدق على هذه الشعوب، وانما كان يعطي الطعام مقابل أموال، أو مقابل بضائع بنظام المقايضة.
فقيل إنهم جاءوا بدراهم ودنانير، وقيل إن بضاعتهم كانت جلود ونعال.
وكان يوسف لا يعطي الشخص الواحد أكثر من حمل بعير.
وهذا من حسن تدبيره، حتى يكفي الطعام كل الناس، خصوصًا أن الناس في وقت قلة الطعا تلجأ الى تخزين الطعام. 


❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

(فَدَخَلُواْ عَلَيۡهِ فَعَرَفَهُمۡ وَهُمۡ لَهُۥ مُنكِرُونَ) يعنى لما دخلوا على يُوسُفَ، عرفهم أنهم اخوته، ولكنهم لم يعرفوا أنه يُوسُفَ.
وجاء كلمة
(فَعَرَفَهُمۡ) بصيغة الماضي، بعنى بمجرد دخولهم عليه عرفهم.
وجائت
(وَهُمۡ لَهُۥ مُنكِرُونَ) جملة اسمية، يعنى طوال حديثهم معه لم يعرفوه.
والسبب ان آخر مرة راي فيها يوسف اخوته ورأوه كانوا شبابًا أو رجالًا، وذلك فلم تتغير ملامحهم كثيرًا، بينما كان يوسف غلامًا، ولذلك تغيرت ملامح يوسف تمامًا، أصبح رجل وأصبح له لحية.
لو حسبنا الفترة بين القاء يوسف في البئر وبين هذا اللقاء.
لنفرض أنهم القوا يوسف وعمره عشرة سنوات، وظل في قصر العزيز عشر سنوات، ثم دخل السجن عشر سنوات، ثم مرت سنوات الخصب السبعة، ثم دخت السبع العجاف.
اذن مر على الأقل ثلاثين عامًا بين القاء يُوسُفَ في البئر، وبين لقائهم بيوسف بعد ذلك.

يقول ابن عباس: وكان بين أن قذفوه في البئر وبين أن دخلوا عليه أربعون سنة، فلذلك أنكروه.
أضف الى هذا أن يوسف كان في زي الملوك، وجالس على عرش الملك، وحوله الحراس والخدم والعبيد، ولم يكن أحد من أخوة يوسف يتخيل أن يصل يوسف الى هذا المنصب الرفيع في مصر.
قالوا ايضًا أن يوسف تكلم معهم باللغة القبطية، وهي لغة أهل مصر، عن طريق ترجمان، بالرغم من أن يوسف كان يجيد اللغة العبرانية التي يتكلمون بها، وذلك حتى يشوش عليهم.
وروي -أيضُا- أن يوسف كان متلثماً أبداً ستراً لجماله، ولذلك لم يعرفوه.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ومما يلفت في الآية الكريمة، أن يوسف -عليه السلام- كان هو الذي يتولى توزيع الطعام بنفسه، مع أن يوسف كان رأس الهرم الإداري، وهذا يدل على الجهد الكبير الذي كان يبذله يوسف، وسهره على مصالح الناس.
وهذه من دروس سورة يوسف: أن المدير الناجح لا يجلس في مكتبه، ويعتمد على ما يرفع اليه من تقارير، وانما يتصفح الأمور بنفسه، ويهتم بالتفاصيل.


❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

(وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمۡ قَالَ ٱئۡتُونِي بِأَخٖ لَّكُم مِّنۡ أَبِيكُمۡۚ أَلَا تَرَوۡنَ أَنِّيٓ أُوفِي ٱلۡكَيۡلَ وَأَنَا۠ خَيۡرُ ٱلۡمُنزِلِينَ ﴿٥٩﴾
(وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمۡ)
الجَهاز، تنطق بفتح الجيم وكسرها، وبالفتح أفصح.
والجَهاز هو ما يحتاج إليه المسافر من زاد ومتاع، يقال: جهزت المسافر، يعنى هيأت له ما يحتاج إليه في سفره، ومنه جهاز العروس وهو ما تحتاج اليه في بيتها بعد الزواج.
فقوله تعالى
(وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمۡ) يعنى بعد أن أعطاهم يوسف، ما كانوا قد جاءوا اليه من الطعام، وزاد أيضًا ما يحتاجونه في سفرهم.
وهنا استخدم حرف الواو في (وَلَمَّا) والتى لا تفيد السرعة.
كأنهم لما وصلوا الى مصر، تعمد يوسف أن يظلوا فترة طويلة نسبيًا.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(قَالَ ٱئۡتُونِي بِأَخٖ لَّكُم مِّنۡ أَبِيكُمۡ) هذا يعنى أن حديثُا دار بين يوسف وبين أخوته، وأن هذا الحديث ذكروا فيه ليوسف أن لهم أخ لم يأت معهم، 
ما الحديث الذي دار بين يوسف وبين أخوته؟

قيل إن القحط عندما وصل الى اخوة يوسف، وكانوا بالشام -كما ذكرنا- كان قد ذاع أمر يوسف، وانتشر بين الناس عدله ورحمته ورأفته بالناس، فقال يعقوب -عليه السلام- لأبنائه: يا بَني، إِنه قد بلغني أن بمصر ملكاً صالحاً يبيع الطعام، فانطلقوا إِليه واشتروا منه، وأقرئوه مني السلام.
فلما قدم اخوة يوسف الى مصر ودخلوا عليه، وعرفهم، وهم لم يعرفونه، قال لهم يوسف:
- أخبروني من أنتم وما أمركم؟ 
قالوا له: نحن قوم رعاة من أرض الشام، أصابها الجهد والجوع، فجئنا نطلب الطعام.
فقال لهم يوسف: لعلكم جواسيس جئتم تنظرون عورة بلادي.
قالوا: لا والله ما نحن بجواسيس، إنما نحن إخوة بنو أب واحد، وهو شيخ صديق يقال له يعقوب نبي من أنبياء الله، وهو يقرأ السلام.
فلما سمع يوسف ذلك ذرفت عيناه، وعصر عينيه حتى لا يروا بكاءه 
ثم قال يوسف: وكم أنتم؟ 
قالوا‏:‏ كنا اثني عشر، وخرج أخ لنا في البرية فهلك فيها.
قال يوسف: فكم أنتم ها هنا.
قالوا: عشرة.
قالك فأين الآخر.
قالوا: عند أبينا، لأنه أخو الذي هلك لأمه، فأبونا يتسلى به.
قال: فمن يشهد لكم أنكم لستم بعيون وأنّ الذي تقولون حق؟
قالوا: أيها الملك إنا ببلاد لا يعرفنا فيها أحد فيشهد لنا، فبأي شيء تصدقنا.
قال يوسف: فاتوني بأخيكم الذي من أبيكم إن كنتم صادقين، وأنا أرضى بذلك.
قالوا: سنراود عنه اباه، فان اباه لا يقدر على فراقه.


❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

يقول تعالى (قَالَ ٱئۡتُونِي بِأَخٖ لَّكُم مِّنۡ أَبِيكُمۡۚ أَلَا تَرَوۡنَ أَنِّيٓ أُوفِي ٱلۡكَيۡلَ وَأَنَا۠ خَيۡرُ ٱلۡمُنزِلِينَ)
(قَالَ ٱئۡتُونِي بِأَخٖ لَّكُم مِّنۡ أَبِيكُمۡ) يعنى ٱئۡتُونِي بأخيكم الذي ليس شقيقًا لكم، وانما أخيكم الذي من جهة أَبِيكُمۡ فقط.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(أَلَا تَرَوۡنَ أَنِّيٓ أُوفِي ٱلۡكَيۡلَ وَأَنَا۠ خَيۡرُ ٱلۡمُنزِلِينَ) 
يشجعهم يوسف على أن يعودوا اليه مرة أخري. فيقول:
(أَلَا تَرَوۡنَ أَنِّيٓ أُوفِي ٱلۡكَيۡلَ) يعنى أَلَا تَرَوۡنَ أني أعطي الناس حقهم في الميزان كاملًا.
(وَأَنَا۠ خَيۡرُ ٱلۡمُنزِلِينَ) 
يعنى وَأَنَا۠ وأكرم وأضيف من يأتي الىَّ.
وقيل إن يوسف كان قد أعد أماكن اقامة لمن يأتي من الأغراب ليطلب الطعام 

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(فَإِن لَّمۡ تَأۡتُونِي بِهِۦ فَلَا كَيۡلَ لَكُمۡ عِندِي وَلَا تَقۡرَبُونِ ﴿٦٠﴾
(فَإِن لَّمۡ تَأۡتُونِي بِهِ) يعنى فَإِن عدتم تطلبون الطعام مرة ثانية، ولَّمۡ تَأۡتُونِي بِأخيكم الذي طلبت، فهذا يعنى أنكم تكذبون، وأنكم جواسيس بالفعل.
(فَلَا كَيۡلَ لَكُمۡ عِندِي) فلن أبيعكم أو أعطيكم أي طعام
(وَلَا تَقۡرَبُونِ) ولا تدخلوا بلادي ولا حتى تقتربوا مها، وهذه مبالغة في التحذير.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
هكذا ضمن يوسف بأنهم سيأتون له بأخيه، لأنهم سيحتاجون الى الطعام، بعد أن ينفذ ما معهم من طعام، وليس هناك طعام في كل المنطقة الا عند يوسف فقط
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
كل من يتدبر سورة يوسف، عندما يصل الى هذه النقطة، يثور في ذهنه سؤالين: 
أولًا: لما لم يخبرهم يوسف، بمجرد أن عرفهم، بأنه أخوهم، وأسرع باستدعاء أبيه؟
ثانيًا: لماذا سعي يوسف واحتال لاستدعاء أخيه "بنيامين" ثم حبسه عنده -كما ستاتي الآيات- وهذا أمر أحزن أباه يعقوب -عليه السلام- حزنًا شديدًا، حتى فقد بصره من شدة الحزن.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
الظاهر أن كل ما فعله يوسف مع أخوته كان بوحي وأمر من الله تعالى، لقوله تعالى (وكذلك كدنا ليوسف)
وقد تحدث العلماء عن حكمة الله في ألا يعرف يوسف أخوته بأنه أخوهم. قالوا: لأن أخوة يوسف كانوا لا يزالون على خبثهم وضلالهم وقسوة قلوبهم، (وقد جاءت الآيات بعد ذلك لتدل على ذلك) فأراد الله أن يؤدبهم، وأن يصل بهم الى أن يعترفوا بخطئهم، وأن يتوبوا اليه تعالى.
أما حكمته -تعالى- في أن يحتال يوسف لاستدعاء أخيه، ويمسكه عنده، فقالوا: حتى يشتد البلاء على يعقوب، فيعظم الله له الأجر والثواب على صبره.
جاء في الحديث الصحيح " إن العبد إذا سبقتْ له من اللهِ منزلةٌ لم يبلغهَا بعملهِ ابتلاهُ اللهٌ في جسدِهِ أو في مالهِ أو في ولدِهِ ثم صبَّرهُ على ذلكَ حتى يبلغهُ المنزلة التي سبقتْ لهُ من اللهِ تعالى"
كأن الله تعالى قدر ليعقوب منزلة عالية في القرب منه تعالى، وهي منزلة لا يصل اليها الا بالصبر على مثل هذا الابتلاء العظيم.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
اذن لماذا فعل يوسف ذلك؟ لماذا لم يخبر أخوته بأنه يوسف من أول ما دخلوا عليه؟ لماذا احتال ليستقدم أخاه ثم حبسه عنده مع أن ذلك أمر يحزن أباه حزنًا عظيمًا، حتى فقد بصره من شدة الحزن؟ 
كل ذلك بوحي من الله تعالى.
لم يعرفهم يوسف بنفسه، تأديبًا لهم، وحتى يأخذ بأيديهم الى التوبة.
واحتال حتى حبس أخيه عنده، حتى يشتد البلاء على أبيه، ويعظم الله له الثواب على صبره.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
 روي عن وهب بن منبه، قال‏:‏ لما جمع الله بين يوسف ويعقوب، قال له يعقوب‏:‏ بيني وبينك هذه المسافة القريبة، ولم تكتب إِليَّ تعرِّفني‏؟‏ فقال‏:‏ إِن جبريل أمرني ألا أعرِّفك.
يعنى بعد أن أصبح في قصر العزيز لماذا لم يحاول أن يرسل الى أبيه؟
وبعد أن أصبح عزيز مصر، لماذا لم يحاول أن يصل الى أبيه
كل ذلك كان بوحي من الله تعالى.

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(قَالُواْ سَنُرَٰوِدُ عَنۡهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَٰعِلُونَ ﴿61)
قلنا من قبل أن المراودة، هي أن يحاول طرف أن يقنع طرف آخر برفق ولين ومحايلة.
(قَالُواْ سَنُرَٰوِدُ عَنۡهُ أَبَاهُ) يعنى سنحاول أن نقنع أبانا بأن يرسل معنا أخانا.
والتعبير يدل على أنهم يعلمون أن موافقة أبيهم أمر صعب.
وقولهم
(وَإِنَّا لَفَٰعِلُونَ) يعنى سنحاول بكل الطرق أن نقنع أبانا بذلك، لأن هذه هي فرصتهم الوحيدة للحصول على الطعام، بعد أن ينفذ ما معهم من طعام.


❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

(وَقَالَ لِفِتۡيَٰنِهِ ٱجۡعَلُواْ بِضَٰعَتَهُمۡ فِي رِحَالِهِمۡ لَعَلَّهُمۡ يَعۡرِفُونَهَآ إِذَا ٱنقَلَبُوٓاْ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِمۡ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ ﴿٦٢﴾
(وَقَالَ لِفِتۡيَٰنِهِ) وَقَالَ يوسف لِفِتۡيَٰنِهِ، وهم خدمه، ومن يعملون تحت إمرته.
(ٱجۡعَلُواْ بِضَٰعَتَهُمۡ فِي رِحَالِهِمۡ) 
(بِضَٰاعَتَهُمۡ) يعنى البضاعة التي جاءوا بها، ودفعوها مقابل الطعام الذي أخذوه.
وقلنا إن هذه البضائع اما أن تكون دراهم أو دنانير أو -كما روي- جلود ونعال.
والرحل هو ما يوضع على ظهر البعير.
والتي هي الآن حقائب السفر.
ومنه سمي البعير "راحلة"
فقوله (ٱجۡعَلُواْ بِضَٰعَتَهُمۡ فِي رِحَالِهِمۡ) 
يعنى ضعوا هذه البضائع داخل أمتعتهم

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ثم يقول (لَعَلَّهُمۡ يَعۡرِفُونَهَآ إِذَا ٱنقَلَبُوٓاْ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِمۡ) 
يعنى خبوها بحيث لا يكتشفون وجودها، الا بعد أن يعودوا الى ديارهم، ويفتحوا أمتعتهم.
لأنهم لو اكتشفوا وجودها وهم في مصر أو حتى وهم في منتصف الطريق سيعودون حتى يعيدوا هذه البضاعة. 
وهو لا يريد أن يعودوا الا ومعهم أخيه "بنيامين"

❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ثم يقول (لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ) 
يعنى كي يرجعوا مرة أخري.
لماذا يكون رد بضائعهم إليهم سببًا في رجوعهم الى يوسف مرة أخري؟
قيل لأن يوسف خشي ألا يكون عندهم من بضائع إذا احتاجوا الى الطعام بعد ذلك
فأعاد إليهم بضاعتهم حتى إذا احتاجوا الى الطعام وجدوا ما يدفعونه مقابل الطعام.
أو أن يوسف قدر أنهم سيعودون حتى يردوا البضاعة، على اعتبار أنها وضعت في رحالهم عن طريق الخطأ، فلن يستحلوا أن يأخذوا بضاعة بغير ثمن.
أو أن يوسف قدر الأمرين، فإما أنهم يعودوا فورًا حتى يردوا هذه البضاعة التي وضعت بالخطأ
أو إذا استحلوا أخذها، فيعودون بعد أن ينفذ ما معهم من طعام، فيكون معهم بضاعة مقابل الطعام.
في الحالة الأولي يعودون فورًا، وفي الحالة الثانية سيعودون عبد فترة، 
وفي كلا الحالتين، اشترط عليهم يوسف أن يأتوا ومعهم أخيهم "بنيامين"


❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇

اذن تحدثت هذه الآيات عما دار بين يوسف واخوته بعد أن دخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون، وبعد أن طلب منهم واشترط عليهم ألا يعودوا الا ومعهم أخوهم "بنيامين"
ماذا حدث بعد أن عاد اخوة يوسف الى أبيهم يعقوب، والى ديارهم؟
هذا حديثنا في الحلقة القادمة ان شاء الله تعالى.

 

        

لِمُطَالَعَة بَقِيَةِ حَلَقَات "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم"

لِمُشَاهَدَة حَلَقَاتِ "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم" فيديو

❇