الحلقة رقم (607)
(تًدَبُر القُرْآن العَظِيم)
تفسير وتدبر الآيات من (108) الى ( 111 ) من سورة "يُوُسُف"- ص 248
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(قُلۡ هَٰذِهِۦ سَبِيلِيٓ أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِيۖ وَسُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ ﴿١٠٨﴾ وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ إِلَّا رِجَالٗا نُّوحِيٓ إِلَيۡهِم مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡقُرَىٰٓۗ أَفَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۗ وَلَدَارُ ٱلۡأٓخِرَةِ خَيۡرٞ لِّلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ ﴿١٠٩﴾ حَتَّىٰٓ إِذَا ٱسۡتَيَۡٔسَ ٱلرُّسُلُ وَظَنُّوٓاْ أَنَّهُمۡ قَدۡ كُذِبُواْ جَآءَهُمۡ نَصۡرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَآءُۖ وَلَا يُرَدُّ بَأۡسُنَا عَنِ ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡمُجۡرِمِينَ ﴿١١٠﴾ لَقَدۡ كَانَ فِي قَصَصِهِمۡ عِبۡرَةٞ لِّأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِۗ مَا كَانَ حَدِيثٗا يُفۡتَرَىٰ وَلَٰكِن تَصۡدِيقَ ٱلَّذِي بَيۡنَ يَدَيۡهِ وَتَفۡصِيلَ كُلِّ شَيۡءٖ وَهُدٗى وَرَحۡمَةٗ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ ﴿١١١﴾
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ثم يختم الله -تعالى- السورة الكريمة بهذه الآيات الكريمة
(قُلۡ هَٰذِهِۦ سَبِيلِيٓ أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِيۖ وَسُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ ﴿١٠٨﴾
(قُلۡ هَٰذِهِۦ سَبِيلِيٓ) يعنى قُلۡ يا محمد هَٰذِا هوۦ طريقي وسنتي ومنهجي.
والسبيل هو الطريق السهل الميسور الذي سبلته السابلة
ولذلك فالسبيل يأتي غالبًا مع الخير.
بينما الطريق اذا أتى مع الخير لابد أن يضاف له وصف.
(أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ) أن أَدۡعُوٓاْ إِلَى عبادة ٱللَّهِ وحده.
هذا هو طريقي في الحياة ومنهجي في الحياة هو الدعوة الى الله.
(عَلَىٰ بَصِيرَةٍ) البصيرة هو الأمر الواضح.
يعنى أنا عَلَىٰ وضوح ويقين وهداية.
(أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِي) يعنى: وَمَنِ ٱتَّبَعَنِي وآمن بي، فانه يدعو إلى الله كما أدعو، فشرط الاتباع هو الدعوة الى الله.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وهذه نأخذ منها أن كل مسلم عليه واجب الدعوة الى الله تعالى.
ونأخذ منها أن الدعوة الى الله لابد أن تكون (عَلَىٰ بَصِيرَةٍ) يعنى على علم.
وحرف على يفيد التمكن.
يعنى يكون متمكنًا من علمه.
وليس معنى هذا أن الدعوة الى الله تكن في حدود علماء الدين فقط.
ولكن الدعوة تكون في حدود ما عنده من علم.
وعلى سبيل المثال فان "أبو بكر" الصديق ، أسلم على يديه في أول أسبوع من اسلامه ستة من المبشرين بالجنة.
مع أن العلم الذي كان عند "أبو بكر" في ذلك الوقت كان أقل من العلم الذي عند أي مسلم الآن.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
سمعت قصة لرجل بسيط جلس في أحد دروس العلم الى حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم"
فحفظ هذا الحديث، وأصبح يقوله لكل من يقابله.
حتى أصبح أصحابه وأهله يمزحون معه ويقولون له أليس عند غير هذا.
ثم أصيب بغيبوبة ونقل على أثرها الى المستشفى.
ثم أفاق من غيبوبته وهو في المستشفى وكان بجانبه الطبيب المعالج.
فنظر الى طبيبه وقال له: يا دكتور "كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم" ثم مات.
فتعجب الطبيب وسأل أبناءه عن ذلك فقصوا عليه قصته.
فهذا الرجل مات على طاعة الله، وكانت آخر كلماته دعوة الى الله تعالى، لأنه كان يدعو الى الله تعالى بما عنده من العلم.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
لكن إذا تصدي المسلم لمناقشة غير المسلمين في أديانهم فهذا باب في العلم أسمه "علم مقارنة الأديان"
لابد أن يكون عنده علم بهذه الأديان، ولابد أن يكون عنده علم بالرد على الشبهات التي تثار ضد الإسلام، لأنهم لابد أن يهاجموا الإسلام.
فاذا تصدي المسلم لمناقشة غير المسلمين في أديانهم دون أن يكون (عَلَىٰ بَصِيرَةٍ) فانه سيضر الإسلام، ولن ينفعه.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
فاذن هذه الاية الكريمة (قُلۡ هَٰذِهِۦ سَبِيلِيٓ أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِي)
طريق ومنهجي في الحياة، وطريق ومنهج كل رسل الله، وطريق ومنهج كل مسلم هو الدعوة الى الله.
ولذلك روي أن هذه الآية الكريمة (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي... إلى آخرها )كانت مكتوبة على رايات يوسف عليه السلام.
والآية تدل أيضًا –كما ذكرنا- على وجوب أن يكون الداعي على علم بما يدعو اليه.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ويجوز ان نقرأ (قُلۡ هَٰذِهِۦ سَبِيلِيٓ أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ) ونقف ولذلك نجد عليها علامة الوقف جائز.
يعنى هذا هو طريقي ومنهجي ان أدعوا الى عبادة الله وحده.
ثم نبدأ: (عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِي) يعنى أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِي عَلَىٰ بَصِيرَةٍ ويقين وهداية.
(وَسُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ) وتنزيهًا لله عما أشركوا
(وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ) وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ، الذين اتخذوا مع الله شركاء
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ إِلَّا رِجَالٗا نُّوحِيٓ إِلَيۡهِم مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡقُرَىٰٓۗ أَفَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۗ وَلَدَارُ ٱلۡأٓخِرَةِ خَيۡرٞ لِّلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ ﴿١٠٩﴾
من ضمن شبهات المشكرين أنهم كانوا يقولون أن الله أجل وأعلى من أن يرسل رسلًا من البشر، وأن الله اذا أراد أن يرسل رسولًا فانه يرسل ملك من الملائكة.
قال تعالى في سورة فصلت على لسان المشركين (لَوْ شآءَ رَبُّنَا لأَنزَلَ ملائكة)
وقال تعالى على لسان المشركين أيضًا (أبعث الله بشراً رسولاً)
فيقول تعالى في هذه الآية الكريمة ردًا عليهم (وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ إِلَّا رِجَالٗا نُّوحِيٓ إِلَيۡهِم)
يعنى لم نرسل رسلًا من قبلك رسلًا من ملائكة، ولكن أرسلنا رِجَالٗا حتى يكونوا قدوة لغيرهم، وحتى يسهل الأتصال بهم.
وهذه الآية أخذوا منها أنه لم يكن هناك رسل من النساء.
وقيل أن هذه الآية نزلت في "سجاح بنت الحارث" وهي المرأة التى أدعت النبوة.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ثم يقول تعالى (مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡقُرَىٰٓ) والقري تطلق على القرية الصغيرة أو المدينة
وسميت القرية بذلك الإسم من القرار أو الثبات.
فيقول تعالى أن جميع الرسل كانوا من أهل القري أو المدن أو الحضر الاستقرار، وليسوا من أهل البادية.
قالوا لأن أهل الحضر أكثر حلمًا وعقلًا، أما أهل البادية فيغلب عليهم القسوة والجفاء، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:
"من بدا جفا"
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ثم يقول تعالى (أَفَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ)
يعنى أَفَلَمۡ يَسِيرُواْ هؤلاء المشركين فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ نظر اعتبار كَيۡفَ كَانَت نهاية الأمم المكذبة لرسلها، فيعتبروا بهم.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(وَلَدَارُ ٱلۡأٓخِرَةِ خَيۡرٞ لِّلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ)
وَلَدَارُ ٱلۡأٓخِرَةِ وهي الجنة خَيۡرٞ لِّلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْۚ من الدنيا وزينتها
(أَفَلَا تَعۡقِلُونَ) يعنى أَفَلَا تَعۡقِلُونَ فتفضلوا الدنيا على الآخرة
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وقال بعضهم في هذه الآية أن الثواب على الصبر على فترات الاستضعاف في الدنيا، خير من أن يتحقق للمؤمن النصر والتمكين في الدنيا,
يقول الرسول في الحديث الذي رواه مسلم " ما مِن غازِيَةٍ أوْ سَرِيَّةٍ، تَغْزُو فَتَغْنَمُ وتَسْلَمُ، إلَّا كانُوا قدْ تَعَجَّلُوا ثُلُثَيْ أُجُورِهِمْ، وما مِن غازِيَة، أوْ سَرِيَّةٍ، تُخْفِقُ وتُصابُ، إلَّا تَمَّ أُجُورُهُمْ"
لذلك على الآنسان ألا يحزن اذا مات قبل أن يري النصر
لأنه يدخر له يوم القيامة خير من ذلك
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(حَتَّىٰٓ إِذَا ٱسۡتَيَۡٔسَ ٱلرُّسُلُ وَظَنُّوٓاْ أَنَّهُمۡ قَدۡ كُذِبُواْ جَآءَهُمۡ نَصۡرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَآءُۖ وَلَا يُرَدُّ بَأۡسُنَا عَنِ ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡمُجۡرِمِينَ ﴿١١٠﴾
(حَتَّىٰٓ إِذَا ٱسۡتَيَۡٔسَ ٱلرُّسُلُ) استيأس غير يأس
يأس يعنى ليس عنده أمل، ولكن استيأس يعنى قارب على اليأس.
والمعنى حَتَّىٰٓ إِذَا يكاد ٱلرُّسُلُ أن ييأسوا من ايمان أقوامهم.
في قوله (قَدۡ كُذِبُواْ) وردت قراءتان: (كُذِبُواْ) بالتخفيف، و(كُذِّبُواْ) بتشديد الدال.
وكل قراءة تأتي بمعنى مختلف
فعلى القراءة بالتشديد (كُذِّبُواْ)
(وَظَنُّوٓاْ أَنَّهُمۡ قَدۡ كُذِّبُواْ) يعنى وغلب على ظن هؤلاء ٱلرُّسُلُ أن أقوامهم قد كذبوهم.
عندما وصلوا الى هذا الحد من الضيق من أقوامهم جاءهم نصرنا
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وهذا القراءة بالتشديد ليس فيها أي مشكلة.
أو لم يحدث خلاف فيها بين المفسرين.
أنما القراءة الثانية (قَدۡ كُذِبُواْ) هي التي تحدث فيها المفسرون كثيرًا قديمًا وحديثُا.
(كُذِبُواْ) فعل مبنى للمجهول، فعل لم يسم فاعله.
فمن الذين كُذِبُواْ، يعنى من الذين كذب عليهم، ومن الذين كذب عليهم.
اذا مشينا على القاعدة اللغوية: أن الفعل يعود على أقرب مذكور
فاذن الذين(كُذِبُواْ) يعنى الذين كذب عليهم هم الإنبياء.
وهذا التفسير لم يوافق عليه أغلب المفسرون.
لأنه غير منطقي أن يصل الأمر بأي نبي بأنه يظن أنه قد كذب عليه في الوحي.
يعنى وعد بالنصر، ولكن كذب عليه في الوعد بالنصر.
وقالت السيدة عائشةُ رضي اللَّه عنها مَعَاذَ اللَّهِ، أنْ تَظُنَّ الرُّسُلُ ذَلِكَ بِرَبِّهَا.
وان كانت هناك رواية لابن عباس عندما سئل عن هذه الآية قال انهم بشر، ورواية عن سعيد ابن جبير عندما سئل عنها قال: "انها التي تكره"
يعنى يمكن أن يكون قد جاء لهم مثل هذا الخاطر بموجب طبيعتهم البشرية، ولكنهم صرفوه عنهم.
ولكن أغلب المفسرون لا يوافقون على هذا التفسير، وقالوا لا يجوزُ هذا على الرسُلِ، وأين العَصْمة والعِلْم.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
طيب مش موافقين على هذا التفسير
قلى من الذين (كُذِبُواْ) ومن الذي كذب عليهم؟
قالوا معنى (وَظَنُّوٓاْ أَنَّهُمۡ قَدۡ كُذِبُواْ)
قالوا إن بعض أتباع الرسل ظنوا أن الرسل قد كذبوا عليهم في الوعد بالنصر والتمكين.
أو أن الكفار من أقوامهم غلب على ظنهم أن الرسل قد كذبوا عليهم في نزول العذاب بهم.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول الحكيم الترمذي في هذه الآية: أن الرسل كانت تخاف بعد أن وعدهم الله النصر، أن يتخلف النصر، لا عن تهمة بوعد الله، بل عن تهمة لنفوسهم أن تكون قد أحدثت حدثاً ينقض ذلك الشرط، فكان النصر إذا طال انتظاره واشتد البلاء عليهم، دخلهم الظن من هذه الجهة، وهذا يدل على شدة محاسبة الرسل -عليهم الصلاة والسلام- لنفوسهم، وحسن صلتهم بخالقهم - عز وجل –
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ومع ذلك هناك معنى واحد يجمع الآراء.
وهو أن البلاء عندما يشتد على أهل الحق الى أقصي احتمال بالنسبة لهم، يأتي نصر الله تعالى.
لماذا؟ لماذا يشتد البلاء حتى يصل الى أقصى احتمال أهل الحق؟
لأن هناك أنواع من العبودية لا تتحقق في قلب العبد الا في وقت البلاء,
هناك عبوديات ما كان يمكن أن تتحقق لإبراهيم الا إذا ألقي في النار، وابتلي بالأمر بذبح ابنه.
هناك عبوديات ما كان يمكن أن تتحقق ليعقوب الا إذا ابتلي بفقد يوسف.
كما قال ابن الجوزي رحمه الله: "فلولا النازلة ما رُؤي بعضُ العبّاد على باب اللجأ"
وكلما اشتد البلاء كلما تحققت في قلب المؤمن عبوديات اعظم واعمق.
هذا البلاء الى أي حد؟
الى آخر نقطة تحمل يعلمها الله
اللى لو زاد البلاء عن ذلك فلن تتحمل
لأن الله لا يكلف نفسها الا وسعها
الى آخر نقطة تحمل ليخرج آخر عبودية منك
عندما تصل الى هذه النقطة، يأتي نصر الله تعالي
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
يقول تعالى (جَآءَهُمۡ نَصۡرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَآءُۖ وَلَا يُرَدُّ بَأۡسُنَا عَنِ ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡمُجۡرِمِينَ)
جَآءَهُمۡ نَصۡرُنَا الذى وعدناهم به، فأنزل العذاب على أعدائهم، ونجي الله المؤمنون بالرسل، ولا يرد بأسنا وعذابنا عن القوم المجرمين عند نزوله بهم .
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(لَقَدۡ كَانَ فِي قَصَصِهِمۡ عِبۡرَةٞ لِّأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِۗ مَا كَانَ حَدِيثٗا يُفۡتَرَىٰ وَلَٰكِن تَصۡدِيقَ ٱلَّذِي بَيۡنَ يَدَيۡهِ وَتَفۡصِيلَ كُلِّ شَيۡءٖ وَهُدٗى وَرَحۡمَةٗ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ ﴿١١١﴾
يختم القرآن الكريم هذه السورة الكريمة، فيقول تعالى:
(لَقَدۡ كَانَ فِي قَصَصِهِمۡ عِبۡرَةٞ لِّأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ)
يعنى لَقَدۡ كَانَ فِي قَصَصِ هؤلاء الأنبياء الكرام عبرة وعظة لأصحاب العقول السلمية.
يقول أبن جرير الطبري وجه العبرة في قصة يوسف لمشركي قريش أن يوسف بعد أن ألقي في البئر وبيع بيع العبيد بثمن بخس، وبعد أن دخل السجن، ملكه الله تعالى مصر، ومكن له في الأرض، فالذي فعل ذلك مع يوسف لا يتعذر عليه فعل ذلك مع محمد –صلى الله عليه وسلم- فيمكن له في الأرض وان مرت به الشدائد.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(مَا كَانَ حَدِيثٗا يُفۡتَرَىٰ) الفرية هي الكذب، والمعنى لا يمكن أن يكون هذا القرآن العظيم قد جاء به محمد –صلى الله عليه وسلم- من عند نفسه، كما كان يقول كفار قريش.
(وَلَٰكِن تَصۡدِيقَ ٱلَّذِي بَيۡنَ يَدَيۡهِ)
يعني وهذا القرآن نزل مصدقًا للكتب التى أنزلت قبله، ويشهد على أنها كلها من عند الله تعالى.
وقيل تَصۡدِيقَ لِمَا كَانَ قَبْلَهُ مِنَ الْخَبَرِ عَنْهُ.
يعنى الكتب السابقة جائت وبشرت بالقرآن العظيم.
فجاء القرآن كما بشرت به الكتب السابقة.
(وَتَفۡصِيلَ كُلِّ شَيۡءٖ)
وفيه تفصيل وتوضيح وبيان كُلِّ شَيْءٍ يحتاج اليه العباد
(وَهُدٗى وَرَحۡمَةٗ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ)
وفيه الهداية من الضلالة والرحمة الشاملة لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ به، ويعملون بما فيه.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
لِمُطَالَعَة بَقِيَةِ حَلَقَات "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم"
لِمُشَاهَدَة حَلَقَاتِ "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم" فيديو
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
|