الحلقة رقم (608)
(تًدَبُر القُرْآن العَظِيم)
(بين يدي سورة الرَعد)
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
سورة الرعد هي السورة الثالثة عشر في ترتيب المصحف،
وعدد آياتها ثلاث وأربعون آية.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
واختلف العلماء هل سورة الرعد مكية أم مدنية
يعنى هل نزلت قبل الهجرة أم بعد الهجرة؟
أغلب أقوال السلف أن سورة الرعد سورة "مدينة"
وذهب بعض العلماء الى أنها "مكية"
نظرًا الى طبيعة الموضوعات التى تتناوبها سورة الرعد،
هي نفس موضعات السور المكية، من حيث التركيز على أساسيات العقيدة، والتدبر في آيات الكون التى تدل على وجود الله ووحدانيته وقدرته.
وربما السبب في هذا الخلاف الى أن بعض آيات سورة الرعد نزلت قبل الهجرة والبعض نزل بعد الهجرة.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
سورة الرعد تتناول قضية الصراع بين الحق والباطل.
وكيف أن الحق قوي وراسخ، بينما الباطل ضعيف ومهزوم،
ومع ذلك فان الباطل مع ضعفه وهشاشته يعلو أحيانَا على الحق.
وهذا هو الواقع الذي نعيشه الآن:
أن الباطل مستعلى على الحق في كل مكان في العالم.
ولكن هذه الحقيقة غائبة عن أغلب الناس، سواء مسلمين أو غير مسلمين، فينخدعون بهذا الإستعلاء المؤقت للباطل على الحق،
وبالتالى نجدهم طول حياتهم في المعسكر الخاطيء، وهو معسكر الباطل.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ولهؤلاء الناس تقول لهم سورة "الرعد" أن قوة الباطل مهما ظهرت ومهما استعلت، فهي هشة، ليس لها أي جذور في الأرض.
وأن الحق مهما توارى أو اختفى عن أعين الناس، فهو راسخ ومتين في الأرض.
الباطل مهزوم في النهاية، والحق هو المنتصر في النهاية.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وهذا هو سبب تسمية السورة بسورة الرعد.
قلنا من قبل أن اسم السورة يشير الى المحور الرئيسي أو المقصد الرئيسي للسورة
ورد ذكر" الرعد" في الآية (13) في قول الله تعالى
(ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته)
واختيار هذه الظاهرة الكونية بالتحديد، لتكون هي اسم السورة،
لأن الرعد فيه الرعب والخوف، لكنه يحمل الخير والمطر للناس.
صوته رهيب من الخارج، لكن باطنه يسبح الله،
وبالتالى فهو يحمل هذه الرسالة الهامة،
وهي أن لا ننخدع بظاهر الأشياء، بل ننظر إلى باطنها.
لا تنخدع ببريق الباطل المزيف،
ولا تنخدع بهذا الإستعلاء المؤقت للباطل على الحق
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ويضرب الله –تعالى- في الآية (17) مثالًا ليؤكد على أن الحق راسخ وقوي وان لم يكن ظاهرًا، وأن الباطل هش وضعيف ولا قيمة له، وإن كان ظاهرًا وعلى السطح
فيقول تعالى (أَنَزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا)
الماء النازل من السماء يمثل الوحي، وما يحمل من الخير للناس، كما يحمل الماء الخير للناس.
(فسالت أودية بقدرها) يغنى امتلأت الأودية بالماء، وهذا يمثل قوة الحق وعظمته
(فَٱحْتَمَلَ ٱلسَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا) تجمع على سطح الماء الزبد وهو فقاقيع الماء الصغيرة، أو هو القش والفضلات التى لا قيمة لها.
وهذا الزبد الذي لا قيمة له هو الظاهر وهو المستعلى على الماء، بينما الماء الذي فيه الخير كله، وهو الذي يحتاج اليه الناس، مغمورًا تحت الزبد، ولا يراه أحد.
هذا هو صورة الذي نراه الآن من استعلاء الباطل على الحق.
ثم ينتقل الى مثال أخري
(وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِى ٱلنَّارِ ٱبْتِغَاء حِلْيَةٍ أَوْ مَتَـٰعٍ زَبَدٌ مّثْلُهُ)
حتى تنقي أي معدن من الشوائب، فتضع هذا المعدن -وهو في صورته التى هو عليها في الطبيعة- فِى ٱلنَّارِ، فتصعد الشوائت التى في داخله على السطح، ويبقي المعدن النفيس في الأسفل.
نفس المشهد الذي في الماء، شوائب المعدن أو الوسخ هو الظاهر وهو المستعلى، بينما المعدن النفيس
والذي ينفع الناس مغمور تحت هذا الوسخ ولا يراه أحد.
فيقول تعالى (وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِى ٱلنَّارِ ٱبْتِغَاء حِلْيَةٍ) وهو الذهب أنفس المعادن (أَوْ مَتَـٰعٍ) وهو الحديد أكثر المعادن نفعًا للإنسان
(زَبَدٌ مّثْلُهُ) يعنى ينتج عن وضع الذهب أو الحديد في النار، زبد يكون ظاهرًا ومستعليًا على المعدن النفيس، مثل الزبد الذي يكون على سطح الماء.
ثم يقول (فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض)
هذا هي النهاية الحتمية الزبد سيذهب جفاء، وما ينفع الناس هو الذي سيبقي.
ثم يقول تعالى (كَذٰلِكَ يَضْرِبُ ٱلله ٱلْحَقَّ وَٱلْبَـٰطِلَ)
هكذا الصراع بين الحق والباطل.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وسورة الرعد فيها عدد كبير من الآيات الكونية والعلمية.
والذي تشهد بأن هذا القرآن العظيم لا يمكن أن يكون صناعة بشرية، بل هو كلام الله الخالق
وهي أكثر السور التى ذكرت فيها الآيات الكونية بالنسبة الى عدد الآيات.
وربما هي أكثر السور التى ذكرت فيها الآيات الكونية على الإطلاق.
وتسمية السورة باسم "الرعد" هو اشارة الى الآيات الكونية الكثيرة في السورة الكريمة.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
سورة "الرعد" فيها عدد كبير من المقاصد والأهداف
وفيها ثلاثة أمثلة رائعة، تعرفنا –باختصار- على واحدة منها.
فيها عدة آيات لها أسباب نزول
فيها عددٍ مِن الأدلةِ التي تدُلُّ على قُدرةِ اللهِ تعالى الباهرةِ ووحدانيتِه.
فيها بعضِ مقترحاتِ الكفَّارِ ومطالبِهم المتعنتةِ معَ الردِّ عليهم.
فيها بعض أقوالِ المشركينَ المتعلقةِ بالبعثِ معَ الردِّ عليهم.
فيها بيانُ لحسنِ عاقبةِ المتَّقينَ، وسوءِ عاقبةِ المكذِّبينَ.
فيها تقوية لقلب الرسول ﷺ والمؤمنين
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
لِمُطَالَعَة بَقِيَةِ حَلَقَات "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم"
لِمُشَاهَدَة حَلَقَاتِ "تَدَبُر القُرْآن العَظِيم" فيديو
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
|