آداب الجمعة
الخطيب: وائل فوزي
تاريخ الخطبة: 14 ربيع آخر 1430- 10 ابريل 2008
المكان: مسجد "السيدة مريم- عليها السلام" بمنطقة الهجانة
مدة الخطبة: 30 دقيقة
عناصر الخطبة
1. مقدمة
2. فضل يوم الجمعة
3. فضل صلاة الجمعة
4. التحذير من ترك صلاة الجمعة
5. آداب الجمعة
6. مسائل فقهية خاصة بصلاة الجمعة
أما بعد،،،
· اصطفي الله تعالى من البشر الأنبياء، واصطفي من الأنبياء الرسل، واصطفي من الرسل خمسة هم أولو العزم، وهم: نوح وإبراهيم وعيسي وموسى ومحمد –صلى الله عليهم وسلم- واصطفي من هؤلاء، ومن جميع البشر مولانا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يقول الرسول –صلى الله عليه وسلم- "أنا سيد ولد آدم ولا فخر"
· واصطفي الله تعالى من الأمم، الأمة الإسلامية، واصطفي من الأمة الصحابة، واصطفي من الصحابة أهل بدر، واصطفي منهم العشرة المبشرون بالجنة، ثم اصطفي منهم أبي بكر وعمر وعثمان وعلى
· واصطفي من النساء أربعة: السيدة مريم والسيدة خديجة، والسيدة آسيا، والسيدة فاطمة، واصطفي منهم السيدة مريم- عليه السلام
· اصطفي الله تعالى من أيام العام كله العشر الأوائل من ذي الحجة، واصطفي من ليالي العام كله العشر الأواخر من رمضان، واصطفي من تلك اليالي ليلة القدر
· واصطفي الله تعالى من أيام الأسبوع يوم الجمعة
* * *
· وحديثنا اليوم عن يوم الجمعة، وهو ذلك اليوم الذي اصطفاه الله تعالى من أيام الأسبوع، وهو يوم خص الله تعالى به هذه الأمة، وجعله لهم عيداً، وشرع لهم فيه أداء شعيرة عظيمة من شعائر الاسلام، وهي صلاة الجمعة
· يقول تعالى في سورة الجمعة ((يا أيها الذين آمنوا اذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا الى ذكر الله وذروا البيع)) فحرم الله تعالى الاشتغال بأمور الدنيا، وبكل صارف عن السعي الى الجمعة
· يقول الرسول ((ما طلعت الشمس ولا غربت على يوم خير من يوم الجمعة))
· وعن أوس بن أوس الثقفي رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة فأكثروا علي من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة علي)) رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة بإسناد صحيح.
· أيضا روي الطبراني في الأوسط بإسناد صحيح من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ((عرضت الجمعة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، جاءه بها جبرائيل عليه السلام في كفه كالمرآة البيضاء، فقال: ما هذه يا جبرائيل؟ قال: هذه الجمعة، يعرضها عليك ربك لتكون لك عيداً ولأمتك من بعدك ولكم فيها خير، تكون أنت الأول وتكون اليهود والنصارى من بعدك وفيها ساعة لا يدعو أحد ربه فيها بخير إلا أعطاه، أو يتعوذ من شر إلا دفع عنه ما هو أعظم منه ونحن ندعوه في الآخرة يوم المزيد))
· وصلاة الجمعة لها أجر عظيم، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله : ((من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام ومن مس الحصى فقد لغا)) رواه مسلم وأبي داود والترمذي وابن ماجة
· وعن أوس بن أوس الثقفي قال: سمعت رسول الله يقول: ((من غسّل يوم الجمعة واغتسل، وبكّر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام فاستمع ولم يلْغ، كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها)) رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن حبان في صحيحه وابن خزيمة بإسناد صحيح.
معنى ((غسّل يوم الجمعة واغتسل)) فيه تأكيد استحباب الغسل يوم الجمعة، ومعنى ((وبكّر وابتكر)) فيه أيضا التأكيد على فضل التبكير أي المسجد يوم الجمعة، ((ومشى ولم يركب)) لذلك يستحب المشى الى المسجد وترك الركوب
* * *
· وكما أن ليوم الجمعة، ولصلاة الجمعة هذا الفضل العظيم، وذلك الثواب الجزيل، فان هناك عقاب، وعقاب شديد جداً لمن يتخلف عن صلاة الجمعة
· وعن يحي بن أسعد بن زراره قال: قال رسول الله : ((من سمع النداء يوم الجمعة فلم يأتها، ثم سمعه فلم يأتها، ثم سمعه فلم يأتها طبع الله على قلبه، وجعل قلبه قلب منافق)) رواه البيهقي في الشعب بإسناد حسن
· وعن أبي الجعد الضمري عن النبي قال: ((من ترك ثلاث جمع متهاونا بها طبع الله على قلبه)) رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن حبان بإسناد حسن
* * *
أداب الجمعة
· الأول: أن يستعد لها من يوم الخميس، عزما لها واستقبالاً لفضلها، فيعد ثيابه وطيبه، ويفرغ قلبه من الأشغال التي تمنعه من البكور الى الجمعة، حتى أن بعض السلف كان يبيت في المسجد لأجلها
· الثاني: أن يغتسل، ويكون غسله قريبا من الذهاب الى الجمعة، ليكون أقرب عهداً بالنظافة، وهذا الغسل مستحب استحباباً مؤكاداً، وذهب بعض العلماء الى وجوبه، يقول الرسول "غسل الجمعة واجب على كل محتلم" متفق عليه
وكان أهل المدينة اذا تساب المتسابان يقول أحدهما للآخر: لأنت أشر ممن لا يغتسل يوم الجمعة
ودخل عثمان المسجد وعمر يخطب، فقال له عمر "أهذه الساعة ؟" ينكر عليه ترك البكور، فقال عثمان : ما زدت بعد أن سمعت الأذان على أن توضأت وخرجت، فقال عمر : والوضوء ايضاً، وقد علمت أن رسول الله كان يأمرنا بالغسل
· الثالث: الزينة، وهي ثلاثة: النظافة والكسوة والطيب، أما النظافة فتكون بتقليم الأظافر، وحلق الشعر واستعمال السواك، وما الى ذلك، والكسوة بأن يرتدي أفضل ما عنده، وأحب الثيباب البيضاء، وكان الرسول له ثياب خاصة بيوم الجمعة، وأما الطيب فيتطيب في هذا اليوم بأطيب طيب عنده
· الرابع: البكور، ومما ورد في فضل التبكير إلى صلاة الجمعة حديث أبي هريرة أن رسول الله قال: ((من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة، ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرّب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجه ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة ليستمعوا الذكر)) متفق عليه
والساعة الأولي: هي من صلاة الفجر حتى طلوع الشمس، والساعة الثانية حتى ارتفاع الشمس، وهكذا
ويروي في الخبر أنه اذا كان يوم الجمعة، قعدت الملائكة على أبواب المساجد بأيديهم صحف من فضة، وأقلام من ذهب يكتبون الأول فالأول
ويروي أنه في القرن الأول كانت الطرقات ترى مملوءة، الناس كلها تذهب الى المسجد، حكأيام العيد، حتى اندرس ذلك، حتى قيل أول بدعة حدثت في الاسلام، ترك البكور الى الجامع
ودخل ابن مسعود الجامع فوجد ثلاثة نفر قد سبقوه بابكور، فاغتم لذلك، وأخذ يعاتب نفسه ويقول: رابع أربعة
· الخامس: أن يطلب الصف الأول، لأن فضله عظيم، وقد قدمنا في الحديث "ودنا من الإمام" فكلما قربت من الامام كان هذا أفضل، وأعظم أجراً
· السادس: ألا يتخطى الرقاب، طبعا يساعد على ذلك البكور، ومعنى تخطى الرقاب، أن يمر بين زحام الجلوس فيؤذيهم، وقد ورد وعيد شديد في ذلك، وري أن رسول الله بينما هو يخطب يوم الجمعة، اذ رأي رجلاً يتخطى رقاب الناس حتى تقدم فجلس، فالرسول بعد الصلاة قال له "ما منعك أن تصلى معنا" ؟ يعني الرسول يشير الى أنه بذلك قد أحبط عمله، قال: أو لم ترني يا رسول الله، فقال: "رأيتك تأنيت وتأذيت" أي تأخرت عن الحضور وآذيت الحضور
· السابع: ألا يمر بين يدي المصلون، يقول الرسول "لأن يقف أربعين عاماً خير له من أن يمر بين يدي المصلى"
· الثامن: أن ينصت الى الإمام، وقد قدمنا في الحديث "ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت" وأن يقطع الكلام بالكلية عند صعود الامام على المنبر، وفي الحديث "من مسَّ الحصى فقد لغا، ومن لغا فلا جمعة له"
· التاسع: أن يكون حسن المراقبة للساعة الشريفة، ففي الحديث "إن في الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسال الله عز وجل فيها شيئاً الا أعطاه" وهذه الساعة مبهمة مثل ليلة القدر، حتى تشتغل سائر اليوم بالدعاء والطاعة
· العاشر: أن يكثر في يوم الجمعة من الصلاة والسلام على رسول الله يقول الرسول من صلى علىَّ في يوم الجمعة ثمانين مرة غفر الله له ذنوب ثمانين سنة، وقد ذكرنا الحديث عن أوس بن أوس الثقفي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خلق آدم وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة فأكثروا علي من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة علي)) رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة بإسناد صحيح.
· الحادي عشر: قراءة القرآن، فليكثر من قراءة القرآن، وليقرأ سورة الكهف خاصة، عن أبي سعيد الخدري أن النبي قال: ((من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين)) رواه النسائي والبيهقي والحاكم ورواه الدارمي في مسنده موقوفا على أبي سعيد ولفظه: ((من قرأ سورة الكهف ليلة الجمعة أضاء له من النور ما بينه وبين البيت العتيق)) وإسنادهما صحيح
* * *
· وبالجملة ينبغي على المسلم أن يجعل يوم الجمعة لالآخرة، فيكف فيها عن جميع الأشغال الدنيوية، ويكثر فيها الطاعات، فإن الله سبحانه وتعالى اذا أحب عبداً استعمله في الأوقات الفاضلة بفواضل الأعمال، وإذا مقته استعمله في الأوقات الفاضلة بسيء الأعمال
· أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، ادعو الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يقبل دعاءا من قلبِ لاهِ
الخطبة الثانية
أما بعد
o هناك بعض الأحكام الفقهية لصلاة الجمعة ومنها: يحرم البيع والشراء بعد النداء، والآية واضحة في ذلك ((يا أيها الذين آمنوا اذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا الى ذكر الله وذروا البيع))
o من أدرك ركعة مع الإمام أتمها جمعة، فيصلى ركعة بعد أن يسلم الإمام، ومن لم يدرك ركعة، يعني اذا دخل مع الامام بعد أن رفع رأسه من الركعة الثانية، يتمها ظهراً
o من الأحكام أيضا، أن صلاة الجمعة ليس هناك سنة قبلها، ولكن تصلى ركعتين تحية للمسجد، واذا دخلت والإمام يخطب فاما أن تصليهما ركعتين خفيفتين، واما أن تجلس مباشرة ولا تصليهما، وهذا هو مذهب مالك، لأن الإستماع الى الخطبة واجب، وتحية المسجد سنة
|