Untitled Document

عدد المشاهدات : 2345

خطبة: صلاة الفجر

موضوع الخطبة: صلاة الفجر

الخطيب: وائل فوزي

مكان الخطبة: مسجد "السيدة مريم- عليها السلام" بمنطقة الهجانة

تاريخ الخطبة: 14 ذو الحجة 1429 (12/12/2008)

مدة الخطبة: 25 دقيقة

صلاة الفجر

أما بعد،،،

·   يقول الله تعالى ((الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا))  فالحياة التي نحياها كلها اختبار من الله تعالى، سواء كان خيراً أو غير ذلك

·   فالمال اختبار، هل ستؤدي شكر هذا المال، وتخرج زكاة مالك وتتصدق أم لا ؟ والفقر أيضا اختبار، هل سترضى أم تسخط ؟ الصحة والقوة والجاه والسلطان، كل هذه اختبارات ، ماذا ستفعل بقوتك وصحتك وجاهك وسلطانك؟ والمرض أيضا اختبار هل ستصبر أم تسخط، وهكذا كل شيء في الحياة اختبار من الحق سبحانه وتعالى، كأنك في لجنة امتحان شديدة الصرامة، وأمامك ورقة الإجابة، أسئلة الامتحان هي تلك الاختبارات التي تمر بها في الحياة، ومدة الامتحان هي أجلك 00 حياتك، وتسحب منك ورقة الإجابة فجأة عند انتهاء أجلك

·   وحديثنا اليوم عن أحد هذه الاختبارات هامة التي يختبرنا بها الله تعالى، وهو اختبار يومي، ينجح فيه من ينجح ويرسب فيه من يرسب، هذا الاختبار هو اختبار صلاة الفجر

·   هذا الاختبار شديد الأهمية، لأن هذا الاختبار هو مقياس المؤمن والمنافق، الرسول –صلى الله عليه وسلم-  جعل من ينجح في هذا الاختبار من المؤمنين، ومن يرسب فيه من المنافقين، الرسول –صلى الله عليه وسلم-   يقول " إن أثقل صلاة على المنافقين ، صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا" لو يعلم المنافق -ليس المؤمن- هذا المنافق لو يعلم ما في صلاة العشاء وصلاة الفجر من الخير الكثير، والثواب العظيم، وكان لا يستطيع أن يذهب إلى الصلاة في المسجد، وليس عنده من يساعده في الذهاب إلى الصلاة في المسجد، لكان –رغماً عن هذا- سيذهب إلى المسجد "ولو حبوا" أي ولو زحفاً على يديه ورجليه !

·        نأخذ من هذا الحديث أمرين:

1.  الأول كما ذكرنا هو أن هذه الصلاة هي مقياس المؤمن والمنافق، من ينجح فيه فهو مؤمن ومن يرسب فيه فهو منافق

2.  الثاني هو أن هذا الاختبار اليومي ليس أن تصلى في بيتك، ولكن الاختبار هو أن تذهب وأن تصلى جماعة في المسجد، وللنساء أن تصلى في بيتها في أول الوقت

*        *         *

·        صلاة الفجر لها خصائص ليست لغيرها من الصلوات، بل ليست لغيرها من سائر العبادات

·        أول هذه الخصائص هي الأجر العظيم

·   يقول الرسول –صلى الله عليه وسلم- "من صلى العشاء في جماعة فكأنما صلى نصف الليل، ومن صلى الفجر في جماعة فكأنما قال الليل كله" والليل يبدأ من صلاة المغرب حتى فجر اليوم التالي، فأنت إذا أديت ركعتي الصبح فقط، فكأنك في صلاة متصلة منذ صلاة المغرب حتى فجر اليوم التالي

·        يقول الرسول –صلى الله عليه وسلم- "بشر المشاءين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة"

" المشاءين" الذين يكثرون المشي "الظلم" صلاة العشاء وصلاة الفجر "بالنور التام يوم القيامة" لأن يوم القيامة مظلم، والنار نفسها مظلمة، وكما تشع نار الدنيا نوراً تشع نار الآخرة ظلاماً، إنما المؤمنين "نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم" إذا كنت تريد أن يكون لك نورا في هذا الظلام الدامس الشديد المخيف، عليك أن تحافظ على صلاة العشاء وصلاة الفجر في المسجد

·   الذي يصلى الفجر له وعد بعدم دخول النار، يقول الرسول–صلى الله عليه وسلم- "لم يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها" رواه مسلم

·   الذي يصلى الفجر، هناك وعد له صريح وواضح بدخول الجنة، يقول الرسول–صلى الله عليه وسلم- "من صلى البردين دخل الجنة" البردان هما الفجر والعصر

·   بل هناك أكثر من هذا، هوه فيه أكثر من الجنة، أيوه: رؤية الحق سبحانه وتعالى، عن جرير بن عبد الله –رضي الله عنه- يقول: كنا جلوسا عند رسول الله–صلى الله عليه وسلم-  إذ نظر إلى البدر وقال: "إنكم سترون الله ربكم كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم" هنا بقي بيديك الوسيلة التي تصل بها إلى هذه الرؤية الجليلة، وهذه المكانة الرفيعة " فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس، وصلاة قبل غروب الشمس فافعلوا"

·   الخاصية الثانية هي أن صلاة الفجر هي الصلاة الوحيدة اللي رسول –عليه الصلاة والسلام- عظم جداً سنتها، يقول الرسول–صلى الله عليه وسلم- "ركعتي الفجر خير من الدنيا وما فيها" وإذا كان هذا هو شأن سنة الفجر فما بالك بثواب الفرض

·   الخاصية الثالثة الموضوع ليس موضوع ثواب فقط، هناك أيضا عقاب وعقاب شديد جدا، لمن ينام عن صلاة الفجر، الرسول–صلى الله عليه وسلم- رأي رؤيا، ورؤيا الأنبياء حق، رأى رجل مضطج -رجل نائم- الملائكة تهوى على رأسه بحجر، فيثلغ رأسه، -يعني يشق رأسه- فيتدحرج الحجر، فيأخذون الحجر، ويعود رأسه كما كان، ثم يهون على رأسه مرة أخرى، فالرسول –صلى الله عليه وسلم- انزعج من هذا المشهد انزعاجاً شديداً، قال سبحان الله ما هذا، قال "الرجل يأخذ القرآن فيرفضه، وينام عن الصلاة المكتوبة" يعني يأخذ حكم الله ويرفضه، ما هي الصلاة التي ننام عنها، هي صلاة الصبح، طبعا أي صلاة تنام عنها هذا عقابها، ولكن المشهور والذي ننام عنه دائما هو صلاة الفجر

·   الخاصية الرابعة: أنت إذا صليت الصبح فأنت في حفظ الله ورعايته سائر يومك يقول الرسول –صلى الله عليه وسلم- :"من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة الله" يعني في حماية الله، في عهد الله، في ضمان الله، تشعر بثقة عجيبة سائر يومك إذا أديت صلاة الصبح في المسجد

*        *         *

·   لو كان عنك موعد لطائرة أو قطار في وقت مبكر في الساعة الخامسة صباحاً أو حتى الثالثة أو الثانية، هل كنت ستسمح بأن يفوتك هذا الموعد

·   إذا كان عملك سيقتضى منك أن تستيقظ يوميا في الخامسة صباحاً مثلا، هل كنت ستلتزم بذلك، أم تعتذر لصاحب العمل كل يوم

·   لو قيل لك أنك إذا ذهبت إلى المسجد كل يوم ولك ألف جنيه كل يوم، بذمتك حتفوت يوم واحد، ألف جنيه يعني معاك آخر العام 365 ألف جنيه، ثم دعني أسالك: أيهما أفضل لك إذا مت في آخر هذا العام، أن تموت وفي خزينتك 365 ألف جنيه، وليس في صحيفة أعمالك صلاة فجر واحدة، أم تموت وليس معك جنيه واحد، وفي خزينة أعمالك 365 صلاة فجر

*        *         *

·   ولذلك انظر إلى حرص السلف على صلاة الصبح، روى الأمام مالك في موطأه أن عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- فقد سليمان بن أبي حثمة –رحمه الله- وده كان من كبار التابعين، فذهب عمر إلى أم سليمان –رضي الله عنها- فقال لها: لم أرَّ سليمان في الصبح، قالت: أنه بات يصلى فغلبته عيناه، لم يعذره عمر بن الخطاب، وقال "لأن أشهد صلاة الصبح في جماعة أحب إلىَّ من أن أقوم ليلة بكاملها"

·   يروى أيضا الإمام مالك –رحمه الله- في موطأه أن المسور بن مخرمة –رحمه الله- أنه دخل على عمر بن الخطاب في الليلة التي طعن فيها، يقول المسور فايقظت عمر لصلاة الصبح، فقال عمر: "نعم00 ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة" ثم قام عمر فصلى صلاة الصبح وجرحه يَثْعَبَ دما

·   كان أنس بن مالك –رضي الله عنه- كان يبكي بكاءا مراً كلما تذكر فتح تُسَْتًُر، تستر مدينة فارسية حصينة، حاصرها المسلمون سنة ونصف، وفي النهاية فتحت تستر وتحقق للمسلمين نصراً عظيماً من أصعب الفتوح، وكانت من المعارك الفاصلة التي مهدت بعد ذلك لسقوط دولة الفرس بالكامل، عدد المسلمين في هذا المعركة كان ثلاثون ألف مسلم، وعد الفرس مائة وخمسون ألف فارسي، إذا كانت الصورة هكذا جميلة ومشرقة فلماذا يبكي "أنس" كلما تذكر تستر، لقد فتح باب حصن تستر قبيل الفجر، وانتهت المعركة بعد شروق الشمس، وضاعت صلاة الصبح في هذا اليوم، ويبكي أنس على ضياع صلاة الصبح مرة واحدة في حياته، ويقول "وما تستر"

*        *         *

·   لذلك كانوا ينتصرون، هناك مقولة شهيرة أن أحد قادة الكيان الصهيوني يقول: " لن ينتصر المسلمون علينا إلا حين يصل عدد المصلين في صلاة الفجر مثل عددهم في صلاة الجمعة" سواء كان هذا القول صحيح أم لا، إلا أن المعنى صحيح، لن ننتصر على أعدائنا إلا بتمسكنا بديننا، ولن ننتصر على أعدائنا ونحن نضيع صلاة الفجر، احنا قلنا الحديث "من صلى الصبح فهو في ذمة الله" تخيل الأمة كلها تصلى الصبح، يبقي الأمة كلها في ذمة الله تعالى" إن أمة تحافظ على صلاة الفجر اقترب موعد تمكينها في الأرض، أنا مش بقول إننا لا نأخذ بالأسباب، لا بالطبع، نأخذ بالأسباب ونعد لهم ما نستطيع من قوة، ولكن قبل ذلك لا بد أن نتمسك بديننا، زى صلاح الدين، أخذ بجميع الأسباب، ولكن مع ذلك، بل وقبل ذلك كان يحرص على أن يصلى جنوده صلاة الصبح، ويدعوهم إلا قيام الليل

 

(((الخطبة الثانية)))

·   كنت أتحدث الى أحدهم منذ أيام عن صلاة الصبح، فقال ليك أنا ما أقدرش أصلى الصبح! قلت له: ليه ؟! قال: يا أخي لا يكلف الله نفسا إلا وسعها! وقلت له: أولا "لا يكلف الله نفساً إلا وسعها" حجة عليك وليست لك، فالبعض يستخدم هذه الآية، أو هذا الجزء من الآية استخداماً خطئا، فالمعنى أن الحق –سبحانه وتعالى- إذا أمرك بشيء فلابد أن هذا الشيء في وسعك، وإذا نهاك عن شيء فلابد أن تستطيع أن تنتهي عنه، فإذا أمرك الله تعالى بصلاة الفجر فلابد أنه يمكنك أن تقوم وتصلى الفجر

·   هناك بعض الوسائل التى تعيننا على صلاة الصبح، أولا: الإخلاص والعزيمة الصادقة، لو عندك فعلا الرغبة والحرص على صلاة الصبح في جماعة، حتصحى وتصلى وتنام بدري، وتضبط المنبه، وتخليه بعيد عن متناول يدك، وتوصى أخ لك في الله عدي عليه واضرب الجرس، أو اتصل بيه وصحيني وترتب حياتك كلها على هذا الترتيب

·   ثانيا ترك الذنوب، لأن صلاة الفجر هدية من الله تعالى، والله تعالى يعطي هديته للمؤمن الطائع، وليس للعاصي، لذلك سأل الحسن البصري –رحمه الله- "لماذا لا نستطيع قيام الليل" قال: "أقعدتكم ذنوبكم"

·        هناك الكثير من الوسائل الأخرى لا يتسع لها الوقت، ثم الدعاء والصحبة الصالحة

·   نريد أن يكون عدد المصلين في صلاة الصبح في هذا المسجد غداَ هو نفس العدد الموجود الآن، نريد أن نري تلك الوجوه الطيبة هي نفسها في صلاة الصبح غداَ

·        واعلم أنك إذا أضعت صلاة الصبح في أي يوم، فانك لن تستطيع تعويضه، لأن هذا اليوم لن يعود مرة أخرى

نسأل الله تعالى أن ييسرنا لليسرى وأ