((قيام الليل 2/2))
من سلسلة العبادات- الصلاة- الحلقة التاسعة
الخطيب: الشيخ/ وائل فوزي
تاريخ الخطبة: 1432- 2011
المكان: مسجد "الوادي" بمبدنة نصر - "السيدة مريم- عليها السلام" بمنطقة الهجانة
مدة الخطبة: 35 دقيقة
أما بعد
قيام الليل في حياة السلف
1. سعيد بن المسيب –سيد التابعين رحمه الله- صلى الفجر خمسين سنة بوضوء العشاء
2. كان أحد الصالحين يصلي حتى تتورم قدماه فيضربها ويقول يا أمّارة بالسوء ما خلقتِ إلا للعبادة .
3. كان عبد العزيز بن أبي روّاد رحمه الله يُفرش له فراشه لينام عليه بالليل، فكان يضع يده على الفراش فيتحسسه ثم يقول: ما ألينك !! ولكن فراش الجنة ألين منك !! ثم يقوم إلى صلاته .
4. قيل للحسن البصري رحمه الله : ما بال المتهجدين بالليل من أحسن الناس وجوها ؟ فقال لأنهم خلو بالرحمن فألبسهم من نوره
5. الحسن البصرى كانت عنده جارية فباعها لأناس، فلما كان جوف اليل: قلت يا أهل الدار الصلاة الصلاة، قالوا لها: أطلع الفجر ؟ قالت لهم: ألا تصلون الا الصلوات الخمسة ؟ ثم عادت الى الحسن البصري وقالت له: يا سيدي ردني فقد بعتنى لأناس لا يصلون الا الصلوات الخمس
6. كان ثابت البناني يقول كابدت نفسي على القيام عشرين سنة !! وتلذذت به عشرين سنة
7. قال معمر : صلى إلى جنبي سليمان التميمي رحمه الله بعد صلاة العشاء فسمعته يقرأ في صلاته : {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} حتى أتى على هذه الآية {فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} فجعل يرددها حتى خف أهل المسجد وانصرفوا ، ثم خرجت إلى بيتي، فما رجعت إلى المسجد لأؤذن الفجر فإذا سليمان التميمي في مكانه كما تركته البارحة !! وهو واقف يردد هذه الآية لم يجاوزها {فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا}.
8. قال مخلد بن الحسين: ما انتبه من الليل إلا أصبت إبراهيم بن أدهم رحمه الله يذكر الله ويصلي إلا أغتم لذلك ، ثم أتعزى بهذه الآية { ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء} .
9. عن جعفر بن زيد رحمه الله قال : خرجنا غزاة إلى [ كأبول ] وفي الجيش [ صلة بين أيشم العدوي ] رحمه ، قال : فترك الناس بعد العتمة ( أي بعد العشاء ) ثم اضطجع فالتمس غفلة الناس ، حتى إذا نام الجيش كله وثب صلة فدخل غيضة وهي الشجر الكثيف الملتف على بعضه ، فدخلت في أثره ، فتوضأ ثم قام يصلي فافتتح الصلاة ، وبينما هو يصلي إذا جاء أسد عظيم فدنا منه وهو يصلي !! ففزعت من زئير الأسد فصعدت إلى شجرة قريبة ، أما صلة فوالله ما التفت إلى الأسد !! ولا خاف من زئيره ولا بالى به !! ثم سجد صلة فاقترب الأسد منه فقلت : الآن يفترسه !! فأخذ الأسد يدور حوله ولم يصبه بأي سوء ، ثم لما فرغ صلة من صلاته وسلم ، التفت إلى الأسد وقال : أيها السبع اطلب رزقك في مكان آخر !! فولى الأسد وله زئير تتصدع منه الجبال !! فما زال صلة يصلي حتى إذا قرب الفجر !! جلس فحمد محامد لم أسمع بمثلها إلا ما شاء الله ، ثم قال : الله إني أسألك أن تجيرني من النار ، أو مثلي يجترئ أن يسألك الجنة !!! ثم رجع رحمه الله إلى فراشه ( أي ليوهم الجيش أنه ظل طوال الليل نائماً ) فأصبح وكأنه بات على الحشايا (وهي الفرش الوثيرة الناعمة والمراد هنا أنه كان في غاية النشاط والحيوية) ورجعت إلى فراشي فأصبحت وبي من الكسل والخمول شيء الله به عليم .
10. كان العبد الصالح عبد الواحد بن يزيد رحمه الله يقول لأهله في كل ليلة : يا أهل الدار انتبهوا !! ( أي من نومكم ) فما هذه ( أي الدنيا ) دار نوم ، عن قريب يأكلكم الدود !!
11. قال محمد بن يوسف : كان سفيان الثوري رحمه الله يقيمنا في الليل ويقول : قوموا يا شباب !! صلوا ما دمتم شبابا !! إذا لم تصلوا اليوم فمتى ؟!!
12. دخلت إحدى النساء على زوجة الإمام الأوزاعي رحمه الله فرأت تلك المرأه بللاً في موضع سجود الأوزاعي ، فقالت لزوجة الأوزاعي : ثكلتك أمك !! أراك غفلت عن بعض الصبيان حتى بال في مسجد الشيخ ( أي مكان صلاته بالليل ) فقالت لها زوجة الأوزاعي : ويحك هذا يُصبح كل ليلة !! من أثر دموع الشيخ في سجوده .
13. رأى أحد الصالحين في منامه خياماً مضروبة فسأل : لمن هذه الخيام ؟!! فقيل هذه خيام المتهجدين بالقرآن !! فكان لا ينام الليل!!
14. كان شداد بن أوس رضي الله عنه إذا دخل على فراشه يتقلب عليه بمنزلة القمح في المقلاة على النار!! ويقول اللهم إن النار قد أذهبت عني النوم !! ثم يقوم يصلي إلى الفجر .
15. قال الفضيل بن عياض - رحمه الله - : إني لأستقبل الليل من أوله فيهولني طوله فأفتتح القرآن فأُصبح وما قضيت نهمتي
16. قال أحد الصالحين "ثمن السيادة ترك الوسادة"
17. أحد التابعين رأي في المنام حورية في الجنة، فقال لها: ما مهرك ؟ قالت له: طول القيام
كان عمرو بن عتبة بن فرقد -رحمه الله- يخرج للغزو في سبيل الله ، فإذا جاء الليل قام ليصلى ويقوم الليل، وكان الجيش الذي يخرج مع "عمرو بن عتبة" لا يكلفون أحداً من الجيش بالحراسة؛ لأن "عمرو بن عتبة"يقوم طول الليل، خلاص هوه اللى بيتولى الحراسة
وذات ليلة وبينما "عمرو بن عتبة" يصلي من الليل والجيش نائم، إذ سمعوا زئير فهربوا وبقي "عمرو" في مكانه يصلي وما قطع صلاته !! ولا التفت فيها !! فلما انصرف الأسد ذاهبا عنهم، رجعوا لعمرو وقالوا له: أما خفت الأسد وأنت تصلي ؟!! فقال: إن لأستحي من الله أن أخاف شيئاً سواه وأنا بين يديه !!
18.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
أوحى الله تبارك وتعالى إلى داود : " يا داود أن لى عباداً أحبهم ويحبوننى وأشتاق إليهم ويشتاقون إلي، إن قلدتهم يا داود أحببتك" فقال
داود: يا رب، دلنى عليهم، فقال سبحانه وتعالى : "يراعون الظلال بالنهار، ويحنون إلى الليل كما تحن الطيور إلى اوكارها، حتى إذا جهنم
الليل وخلى كل حبيب بحبيبه، نصبوا الىَّ أقدامهم، وفرشوا إلىَّ وجوههم، وناجوني بكلامي، وتملقوا إلى بأنعامي فهم بين صارخ وباك وبين متأوه
وشاك، أتعلم يا داود .. ؟ اعطهم ثلاثة أشياء: الأول: لو كانت السماوات السبع والأراضين السبع فى ميزانهم يوم القيامة لاستقللتها عليهم ،
والثاني: اقذف من نوري فى وجوههم وقلوبهم، والثالثة: أقبل عليهم بوجهي، افرأيت يا داود من أقبلت عليه بوجهي أيعلم أحد ماذا أريد أن
أعطيه ؟
الخطبة الثانية
روى البخاري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- "يتنزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له"
لذلك نحن بين ايدينا كنز ونحن غافلون عنه اسمه "الثلث الخير من الليل" كل ليه الحق –سبحانه وتعالى- يتنزل الينا ويقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، ونحن نائمون غافلون ! من منا ليس له حاجة، مين فينا معدنوش مشكلة أو عدة مشاكل في حياته، طب ما عندك ربنا أهوه ينادي عليك في كل ليلة
لأحببتكلأ
هناك أشياء تساعدك على قيام الليل، عدم الإكثار من الطعام قبل النوم، عدم اجهاد النفس في النهار بما لا فائدة منه، نوم القيلولة، وأهم هذه الأسباب ترك الذنوب في النهار، لن يقيمك الحق –سبحانه وتعالى- بين يديه في الليل وأنت تعصيه في النهار، قيام الليل هدية من الله تعالى، والله تعالى يعطي هديته للطائع ولا يعطي هديته للعاصى، ولذلك قيل للحسن البصرى: لماذا لا نستطيع أن نقوم الليل ؟ قالك أقعدتكم ذنوبكم، ويقول الثوري: حرمت قيام الليل خمسة اشهر بذنب اذنبته، قيل له وما هو هذاالذنبك قال رأيت رجلًا يبكي في المسجد فقلت في نفسي مرائي
تجد على النت منتديات لعشاق قيام الليل، تقرأ رسالة لفتاة في بداية العشرينات تقول أنها تستيقظ كل يوم قبل الفجر بساعة، وتقسم هذه الساعة أربعة أقسام كالآتي: أول ربع ساعة قراءة قرآن، ثم ثاني ربع ساعة تصلى ركعتين ثم توتر بثلاثة ركعات، ثم ربع ساعة دعاء، ثم ربع ساعة استغفار
تجد أبحاث قيمة تتحدث عن الإعجاز العلمي في قيام الليل، وفوائد طبية كثيرة جدًا لقيام الليل، أنا الحقيقة دهشت عندما علمت أن قيام الليل يساعد في علاج عشرات الأمراض من القلب والضغط والسكر وغير ذلك
أبحاث تتحدث كيف أن قيام الليل له تأثير على حل المشاكل الزوجية، والرسول –صلى الله عليه وسلم- اشار الى هذاالأمر في الحديث الذي رواه أبو داود من حديث أبو هريرة "رحم الله رجلا قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فصلت فإن أبت نضح في وجهها الماء، رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها فإن أبى نضحت في وجهه الماء"
أول نصيحة في قيام اليل هو التدرج، ممكن بعد أن تسمع هذه الخطبة وتسمع فضل قيام الليل تقوم ساعيتن أو ثلاثة، وثاني يوم تترك قيام الليل، لا ابدأ بصلاة ركعتين بعد صلاة العشاء، وحاول تصحي قبل الفجر بنصف ساعة، لو صحيت كان بها، لو ما صحيتش أديك صليت في اول الليل، واستمر على كده شهر أو اثنين، خلاص الأمر أصبح بالنسبة ليك عادي زود الوقت، "أفضل الأعمال أدومها وان قل" وقلنا حديث الرسول –صلىالله عليه وسلم- يا عبد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل"
النصيحة الثانية اجعل لنفسك ورد لقيام الليل، لأن طبيعة الانسان الطموح، اجعل لنفسك ورد خاص بقيام الليل، يعنى تقرأ مثلًا كل يوم صفحتين من القرآن في قيام الليل، سواء من مصحف تحطه على استاند أمامك أو تسمكه في ايدك
هناك قصة حقيقة عن امرأة تدعي "خديجة" بعد ثلاثة سنوات من الزواج علمت أنها حامل، فكانت فرحتها هي وزوجها عظيمة، وفي أحد الزيارات للطبيبة وبعد ارجاء الفحوصات أخبرتها أن الطفلة التي تحملها في أحشائها عندها كلية واحدة فقط!! وأنه ليس هناك أي حل فوري لهذه الحالة، ولكن بعد الولادة يمكن أن تجري فحوصات على المولودة لتحديد صلاحية الكلية الواحدة، خرجت "خديجة" من عند الطبيبة وهي في حالة ذهول، وأخذت هي وزوجها يبحثان عن أفضل الأطباء في هذا المجال، ولكن كان التشخيص واضح، حتى قال لها آخر طبيب ألا تتعب نفسها لأن التشخيص لن يتغير، علمت "خديجة" أنه ليس بيدها شيء سوى التوجه لله تعالى بالدعاء، ومنذ ذلك اليوم قررت أن تقوم كل يوم في الثلث الأخير من الليل للصلاة والدعاء لإبنتها التى لم تولد بعد، في كل ليلة تقوم "خديجة" قبل الفجر بساعة أو أكثر، تصلى وتدعو الله تعالى وهي ساجدة حتى تبتل سجادتها أن يرزقها طفلة بصحة جيدة وبكليتين، وجاء موعد الولادة ورزقت بطفلة جميلة أسمتها "فاطمة" ووجدوا في ظهرها نقرة أو نغزة قرب موقع الكلية، بعد أسبوعين قرر الأطباء اجراء فحصوات مكثفة لمعرفة صلاحية الكلية، جاء اليوم الموعود وجلست "خديجة" مع زوجها في غرفة الانتظار يترقبان خروج الطبيبة لتخبرهما عن حالة الكلية الواحدة، وهل تستطيع هذه الكلية الواحدة أن تقوم بعمل الكليتين، أم ستحتاج "فاطمة" الى كلية جديدة، تأخرت الطبيبة وأخيرًا خرجت وعلى وجهها ابتسامة باهتة وقالت: لا أدري ماذا اقول وليس عندي تفسير لما حدث، لكن ابنتك بصحة جيدة وبكليتين !
القصة الثانية
قصة يرويها شاب سعودي عن جدته –رحمها الله- يقول أن جدته كانت من أهل قيام الليل، يقول عندما كان عمري خمسة سنوات كنت أحب أن أنام مع جدتى لأني كنت أشعر بالأمان معها يقول وكانت جدتي تقوم قبل الفجر بحوالي ساعتين فتصلي وتدعو وتستغفر، يقول فكنت اذا استيقظت على صوتها وهي تقرأ القرآن أشعر بشعور جميل من السكينة يجعله يعود للنوم بهدوء، يقول: وكانت تستيقظ كل يوم في نفس الموعد دون منبه أو موقظ، يقول: وفي أحد الأيام وفيما كنت مستغرقًا في نومي، إذ استيقظت فجأة على صوت طارق يطرق باب الغرفة، وكان طرقًا متواصلًا ليس بالقوى وليس بالضعيف، بحيث يسمعه من بالغرفة بوضوح ولا يتجاوزها الى غيرها، فاستيقظت جدتي وسمعتها تقول: ان شاء الله، ان شاء الله ، جزاكم الله خيرا، الله يجعلكم من جيران محمد، يقول شعرت بشيء من الخوف والدهشة، فمن هذا الذي يطرق في هذا الوقت، ولا أحد في البيت يستيقظ قبل اذان الفجر، ولو كان أحد من أهل البيت لتكلم ولسمعنا صوته، عندما طلع الفجر سأل الصبي جدته: أماه من الذي طرق علينا الباب ؟ فقالت له: إنهم من اخواننا المسلمين، يقول: علمت فيما بعد أن هذه الحادثة كانت تتكرر مع جدتي اذا نامت ولم تستيقظ في موعدها قبل الفجر
|