Untitled Document

عدد المشاهدات : 2643

خطبة: عِيدُ الأَضْحَى

عِيدُ الأَضْحَى

الخطيب: وائل فوزي

تاريخ الخطبة: 10 ذي الحجة 1430- 27 أكتوبر 2009

المكان: مسجد "السيدة مريم- عليها السلام" بمنطقة الهجانة

مدة الخطبة: 15 دقيقة

 

عناصر الخطبة

1.     قصة ابراهيم واسماعيل            2- الحث على العفو في العيد              3- أحكام الأضحية

 

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إلاه إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد

 

أما بعد،،،

فاليوم هو يوم عيد الأضحى المبارك، وهو يوم النحر، وهو اليوم الذي ابتلي الله تعالى فيه سيدنا ابراهيم –عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام- بذبح ولده اسماعيل، يقول تعالى {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ}ومعنى قوله تعالى ((فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ)) أي كان هذا الموقف العصيب و اسماعيل -عليه السلام- قد وصل الى السن الذي يسعي فيه مع أبيه، يعني بقي يروح وييجي مع أبيه، وهو أكثر سن يكون فيه الأب متعلقاً بإبنه، ويكون الإبن متعلقاً بأبيه

وقد ورد في تفسير هذه الآيات الكريمة أن ابراهيم عليه السلام راي في الرؤيا أنه يذبح ابنه، ورؤيا الأنبياء وحي من الله تعالى، وكان ذلك في اليوم الثامن من ذي الحجة، فتروى ابراهيم ولذلك سميَّ "يوم التروية" وفي اليوم التالي رأي ابراهيم نفس الرؤيا فتأكد وعرف أنه أمر من الله تعالى، وكان ذلك اليوم التاسع من ذي الحجة، فسميَّ بذلك "يوم عرفة"، وفي اليوم الثالث، وهو يوم العاشر من ذي الحجة، رأي نفس الرؤيا، فبادر في ذلك اليوم الى تنفيذ أمر الله تعالى، وقال لولده "انطلق فنقرّب قربانا إلى الله عز وجل" وأخذ معه سكينا وحبلا، ثم مضى مع ابنه حتى إذا كانا بين الجبال، قال له إسماعيل: يا أبت أين قربانك؟ قال: يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى، أي أنني أمرت بذلك في المنام، وعندما قال له ابراهيم –عليه السلام- ((فانظر ماذا ترى)) يريد أن يشرك معه ابنه اسماعيل هذا الثواب العظيم، لا يريد أن يستأثر بالثواب وحده، ويجيبه اسماعيل، كما يذكر القرآن الكريم فيقول((يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين))

يقول أصحاب السير أنَّ اسماعيل قال لوالده: يا أبت اشدد علي رباطي حتى لا أضطرب، واكفف عني ثيابك حتى لا ينتضح عليك من دمي فتراه أمي فتحزن، وأسرع مَرَّ السكين على حلقي ليكون أهون للموت عليّ، فإذا أتيتَ أمي فاقرأ عليها السلام مني.

فأقبل عليه ابراهيم يقبّلُه ويبكي ويقول: نِعْمَ العونُ أنت يا بني على أمر الله عز وجل. ثم إنه أمَرَّ السكين على حلقِه فلم يحْكِ شيئاً، لأن السكين لا تخلق القَطْعَ، كما أنَّ الأكل لا يخلقُ الشِبع، والشُربَ لا يخلقُ الرّي، والأسباب لا تخلق المسَبَّبات وكلٌ بخلق الله تعالى وعلمه ومشيئته، ونودي: يا ابراهيم قد صدّقت الرؤيا وهذا فداء ابنك، فنظر إبراهيم فإذا جبريل عليه السلام معه كبشٌ أمْلَحُ عظيم جاء به من الجنة فكان فداء لاسماعيل عليه السلام

هذه هي قصة ابراهيم واسماعيل –عليهما وعلى نبينا الصلاة والسلام- وهي قصة عظيمة فيها درس عظيم، وهو التزام أوامر الله تعالى والتوكل عليه تعالي

*        *        *

أيها المسلمون : وإن من حكم العيد ومنافعه العظمى، التواصل بين المسلمين، والتزاور، فالعيد مناسبة طيبة لتصفية القلوب، ولنتذكر قول النبي –صلى الله عليه وسلم- ( وما زاد الله عبداً بعفوٍ إلا عزا ) رواه مسلم وذكر الله تعالى من صفات  المتقين من عباده، الذين أعدت لهم جنات النعيم ، فقال في سورة آل عمران: )َالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ( وفي الحديث عن النبي  –صلى الله عليه وسلم-قال: (من كظم غيظا وهو يقدر أن ينفذه ، دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة، حتى يخيره في أي الحور شاء ). أخرجه الترمذي ، وحسنه الألباني

فيا أهل العفو والصفح : هذا نبي الله يوسف عليه السلام أساء له إخوته أشد الإساءة، وكانوا سببا في معاناته أكثر حياته، فأخذوه ووضعوه في البئر وهو غلام صغير، وبيع رقيقاً، وعاني من امرأة العزيز، ومن نسوة المدينة وهن يراودنه عن نفسه، ثم دخل السجن، ولبث فيه سنين طويلة، ثم دارت الأيام بعد ذلك وجُعِّل على خزائن الأرض، ووضع متاع الملك في رحل أخيه، وبعد كل هذه السنوات، يسمع أخوته يقولون ) إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ ( بعد كل هذا، وبعد كل هذه المعاناة، وكل هذه الكراهية، وكل هذه الإساءات المتكررة، لم يقطع يوسف رحمه، بل قال )لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ(  ومن أدبه –عليه السلام- الجم يقول بعد ذلك ((من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين اخوتي)) يعني ارجع كل ذلك الى وسوسة الشيطان، بل بدء بنفسه وقال ((بيني وبين اخوتي))

ولذلك نجد الرسول –صلى الله عليه وسلم- بعد فتح مكة، يقول للمشركين، ما تظنون أنا فاعل بكم ؟ قالوا: أخِ كريم وابن كريم، فقال لهم: أقول لكم كما قال أخي يوسف ((لا تثريب عليكم اليوم)) اذهبوا فأنتم الطلقاء، بعد كل هذه السنين من المعاناة، في مكة ثلاثة عشر عاماً منذ بداية الدعوة، منهم ثلاثة أعوام من الحصار منعوا عنهم فيها الطعام والشراب وسائر المعاملات، وعاني أصحابه من صنوف التعذيب الكثير، حتى استشهد بعضهم من شدة التعذيب، وأخيراً يطاردون ابنته أثناء الهجرة وهي حامل، فتسقط من بعيرها وتصاب بالنزيف –رضى الله عنها- وتموت، ثم ثمانية أعوام من الحرب وتأليب القبائل، وتحزيب الأحزاب، وبعد ذلك يقول لهم الرسول –صلى الله عليه وسلم- ((لاتثرب عليكم اليوم))

فاتقوا الله تعالى ياعباد الله، وبروا والديكم وصلوا أرحامكم، تراحموا وتلاحموا، وتصالحوا وتسامحوا، ولا تقاطعوا ولا تهاجروا ،وأحيوا روح الأخوة الإسلامية، ومحبة الخير للآخرين، وأميتوا التعصب والأثرة وحب الذات والحسد0 فهذه بعض معاني العيد وحكمة ومقاصده0

*        *        *

 

عباد الله: ما عمل ابن آدم يوم النحر عملاً أحب إلى الله من إراقة دم، وإن للمضحي في كل شعرة حسنة، وبكل صوفة حسنة، ويكره تركها لمن قدر عليها، وتجزئ الشاة عن واحد، والبدنة والبقرة عن سبعة

والأضحية لها ثلاثة شروط:

 الشرط الأول: أن تبلغ السن المعتبرة شرعاً، وهي خمس سنين للأبل، وسنتنان في البقر، وسنة كاملة في المعز، وستة أشهر في الضأن

الشرط الثاني: أن تكون سالمة من العيوب، وهي أربعة عيوب: العرجاء، والعوراء، والمريضة البين مرضها، والهزيلة، ولكما كانت أكمل كلما كان ذلك افضل

الشرط الثالث: أن تقع الأضحية في الوقت المحدد، وهو الفراغ من صلاة العيد، وينتهي بغروب الشمس من اليوم الثالث بعد العيد، فصارت الأيام أربعة

ومن كان منكم يحسن الذبح فليذبحها بنفسه، ومن لا يحسنه فليوكل غيره ممن يحسنه، وليرفق الجميع بالبهيمة،  وليحد شفرته، فإن الله كتب الإحسان على كل شيء، حتى في ذبح البهيمة، ولا تذبح البهيمة أمام صاحبتها، ثم ليسمي أحدكم عند ذبحها، ويقول: بسم الله والله أكبر، اللهم هذا منك ولك

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، وكل عام وحضراتكم بخير