Untitled Document

عدد المشاهدات : 5501

خطبة: قصة عيسى -عليه السلام- 3

((عِيسَى- علَيْهِ السَلَام))

(الجزء الثالث)

الخطيب: الشيخ/ وائل فوزي

تاريخ الخطبة: 1431- 2010

المكان: مسجد "الوادي" بمدينة نصر، ومسجد "السيدة مريم- عليها السلام" بمنطقة الهجانة

مدة الخطبة: 30 دقيقة

أما بعد

فاليوم هو لقائنا الثالث والأخير –ان شاء الله- عن عيسى بن مريم –عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام- وانتهينا في اللقاء السابق حين عادت السيدة مريم الى قومها وهي تحمل وليدها على كتفها، لأنها واثقة بأنها لا تحمل دليل ادانتها، وانما تحمل دليل برائتها، واتهم بنى اسرائيل السيدة مريم بالزنا، ولكنها لم تتحدث اليهم كما أمرها الله تعالى بذلك وانما اشارت الى وليدها، ((قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا)) وهنا تحدث أول معجزة لعيسى –عليه السلام- حيث يتكلم وهو لا يزال طفلًا لا يتعدي عمره أيام، ويشاء الله تعالى أن تكون أول كلمة ينطق بها المسيح –عليه السلام- أنه يعلن عبوديته لله تعالى ((قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا))

لايذكر القرآن الكريم كيف استقبل بنو اسرائيل الأمر، ولكن لا شك أن هذه المعجزة الباهرة قد أخرست السنتهم

ايضًا لم يذكر القرآن الكريم ولا السنة الصحيحة أي أحداث عن الفترة من ولادة المسيح حتى بداية دعوته -عليه السلام- وان كانت قد حفلت كتب بنى اسرائيل بكثير جدًا من القصص والأعاجيب، وقد أمرنا الرسول –صلى الله عليه وسلم- ألا نصدقهم وألا نكذبهم، ألا نصدقهم لأن الثابت أن كتبهم قد تعرضت للتحريف والتبديل والزيادة والنقصان، وألا تكذبهم لأن قد تكذب نصًا لم يتعرض للتحريف

ومن الأحداث التى ذكرت في كتب بنى اسرائيل والتى لا نصدقها ولا نكذبها هو أن المسيح وُلِدَ في "بيت لحم" في زمن ملك طاغية يدعى "هيردوس" فلما ولد جاء مجوس من الشرق الى "أورشليم" وقالوا اين ملك اليهود، فانا رأينا نجمة في المشرق وأتينا نسجد اليها، ووصل هذا الى "هيردوس" فأمر بقتل كل صبى دون السنتين، فظهر جبريل الى "يوسف النجار" والذي كان قد تزوج السيدة مريم، وقال له: خذ الصبى وأمه واهرب الى مصر، فقام وأخذ المسيح وأمه السيدة مريم ليلًا وجاءوا جميعًا الى مصر، وكان عمر المسيح وقتها عامان،  واتخذت هذه الرحلة مسارًا من العريش الى اسيوط، مروا خلالها بخمسة وعشرون مكانًا، تحول معظمها الآن الى كنائس وأديرة تحوى آثارًا تتنوع بين آبار يقال أن المسيح باركها، وأشجارًا يقال أنه قد استظل بها

ظل المسيح وأمه السيدة مريم ويوسف النجار في مصر أربعة أعوام، حتى مات "هيردوس" فظهر جبريل –مرة أخرى- ليوسف النجار وأخبره أن "هيردوس" قد مات، وأمره أن يعود مرة أخرى الى موطنه

*         *        *

بعد ذلك ينزل الوحي على عيسى –عليه السلام- ويصدر الأمر من الله تعالى أن يبدأ دعوته وكان عمره وقتها ثلاثون عامًا، فأرسل عيسى –عليه السلام- الى بنى اسرائيل ليكون هو آخر أنبياء بنى اسرائيل، مصدقًا لما بين بين يديه من التوراة، وليحل لهم بعض الذي حُرِمَ عليهم، داعيًا الى وحدانية الله تعالى

ويذكر القرآن الكريم أن الحق –سبحانه وتعالى- قد أيد عيسى -عليه السلام- بروح القدس، يقول تعالى ((إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَىٰ وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ)) ورُوحِ الْقُدُسِ هو جبريل –عليه السلام- يقول العلماء أن جبريل كان ملازمًا لعيسى –عليه السلام- طوال بعثته، وهذه خصوصية لعيسى –عليه السلام- ليست لغيره من الأنبياء والمرسلون، لأن جميع المرسلين يأتيهم جبريل ولكنه لا يمكث معهم طوال الوقت، أما عيسى –عليه السلام- فقد كان جبريل ملازمًا حتى رُفِعَ، ولعل ذلك أحد أسباب أن عيسى –عليه السلام- عاش حياته كلها ولم يتزوج

ويؤيد الله تعالى عيسى بالمعجزات، وأول تلك المعجزات قبل بعثته: حين وُلِدَ من غير أب، وحين تكلم في المهد، وهاتان المعجزتان كانتا قبل بعثته بثلاثون عامًا، ولكن لا شك أنهما حادثتان كانتا لا يزالان في الأذهان بعد ثلاثون عامًا من حدوثهما، لأنهما حادثان عجيبان، يعنى بعد ثلاثون عامًا حين بعث عيسى كانت كل الناس تعلم أن هذا هو عيسى الذي وُلِدَ من غير أب، وهو هذا الطفل الرضيع الذي تكلم في المهد وبرا أمه السيدة مريم بعد أن اتهمها قومها بالزنا، وأنه حين تحدث قَالَ ((إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا *  وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا *  وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا  *  وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا))

 المعجزة الثالثة حدثت بعد بعثته وهي تعلمه التوراة، يقول تعالى ((وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ)) لماذا تَعَلِم عيسى للتوراة معجزة، لأن التوراة التى أنزلت على موسى  كانت قد اختفت تحت ركام التحريفات التى قام بها أحبار اليهود، فكان تعلم عيسى ومعرفته بالتوارة الحقيقة التى نزلت على موسى هي آية ومعجزة من الله تعالى

المعجزة الرابعة: هي تصويره من الطين كهيئة الطير ثم ينفخ فيه فيكون طيرًا بإذن الله، يجيب شوية طين ويعمل تمثال من الطين، ثم ينفخ فيه فيكون طيرً حقيقيًا ويطير في السماء أمام أعين جميع الناس

المعجزة الخامسة: هي ابراءه الأكمه والأبرص، والأكمه هو الذي وُلِد كفيفًا، أما البرص فهو المرض الجلدي المعروف، وهو أن تبيض بقع في جلد الانسان، لماذا هذه المعجزة لأن قوم عيسى –عليه السلام- كانوا نابغين في الطب، وقد قلنا من قبل أنه قد جرت سنت الله تعالي علي أن تكون معجزة كل رسول من جِنْسِ ما برع فيه قومه، لأنه حين يعجزهم بأمر هم نابغين فيه،  وهم يعلمون أن النبوغ بين البشر محصور بينهم، فإن ذلك دليل علي أن ما جاء به هذا الرسول ليس من عنده، و إنما وراءه قوة أخري، ولذلك كانت معجزة إبراهيم –عليه السلام- أن نجاه الله تعالى من النار، لأن قومه كانوا عبدة كواكب، والكواكب قريبة من النار، و كانت معجزة موسى-عليه السلام- أمور تبطل السحر، لأن المصريين في ذلك الوقت كان قد شاع فيهم السحر، وهنا معجزة عيسى- عليه السلام - هي إبراء الأكمه والأبرص لأنهما كانا من الأمراض المستعصية في ذلك العصر، الرومان كانوا قد وصلوا في ذلك الوقت الى القمة في الطب، ولكنهم مع نبوغهم هذا قد وقفوا عاجزين أمام هاذين المرضين، الذي وُلِدَ كفيفًا وهذا المرض الجلدي

وروي أن عيسى –عليه السلام- مر بدير فيه عميان ، فقال: ما هؤلاء ؟ فقيل: هؤلاء قوم طٌلِبٌوا للقضاء فطمسوا أعينهم بأيديهم، فقال لهم عيسى: ما دعاكم الى هذا ؟ قالوا خفنا عاقبة القضاء، فصنعنا بأنفسنا ما ترى، فقال: أنتم العلماء والحكماء والأحبار والفاضل، لمسحوا أعينكم بايديكم وقولوا باسم الله: ففعلوا ذلك فإذا هم جميعًا يبصرون !

المعجزة السادسة: هي احياءه الموتي، وهي أعظم معجزات عيسى –عليه السلام- وقد كانت سببًا في افتتان الكثير من الخلق به، ويروى أن عيسى –عليه السلام- قد أحيي أربعة أنفس:

العازر، وكان صديقًا له، وابنًا لعجوز، وبنتًا كانت وحيدة أمها، وكل واحدة له قصة طويلة، لا يتسع الوقت لذكرها

وكن هؤلاء الثلاثة ماتوا في ايامه، فقال له اليهود: أنت تحيي من كان موتهم قريبًا، فلعلهم لم يموتوا بل أصابتهم سكتة، وطلبوا منه أن يبعث من الموت "سام بن نوح" فذهب عيسي معهم الى قبر "سام بن نوح" ودعا الله تعالى أن يحييه، فخرج سام من قبره وقد شاب رأسه، فقال له عيسى: كيف شاب رأسك، ولم يكن في زمنكم مشيب ؟

قال سام: يا روح الله، أنت دعوتنى فسمعت صوتًا يقول: أجب روح الله، فظننت أن القيامة قد قامت، فمن هول ذلك شاب راسي !

.

وقيل من معجزات عيسى –عليه السلام- مشيه على الماء، ويروى أنه خرج في بعض سياحته ومعه رجل من اصحابه كان كثير اللزوم له، فلما انتهى عيسى الى البحر قال: باسم الله ومشى على وجه الماء، فقال الرجل: باسم الله ومشى على وجه الماء، فداخل الرجل العجب لذلك، وقال هذا عيسى روح الله يمشى على الماء، وأنا أمشى على الماء، فانغمس في الماء، فاستغاث بعيسى، فتناوله عيسى من الماء وأخرجه

وروى عن معاذ بن جبل أنه قيل يا رسول الله بلغنا أن عيسى ابن مريم مشى على الماء ؟ قال الرسول –صلى الله عليه وسلم- : "نعم ولو ازداد خوفًا ويقينًا لمشى على الهواء" قالوا: يا رسول الله ما كنا نرى الرسل تقصر ! فقال الرسول –صلى الله عليه وسلم- : "إن الله أبلغ شأنًا من أن يبلغ أحد شأنه"

*         *        *

ومن معجزات المسيح –عليه السلام- نزول المائدة من السماء، والقصة أن عيسى -عليه السلام- كان اذا خرج تبعه الآلاف، بعضهم من الحواريين وهم خاصة اتباعه، ويقال أنهم صاموا ولم يكن معهم طعام، فسالوا عيسى –عليه السلام- أن يسال الله تعالى أن ينزل عليهم مائدة من السماء، فقال لهم عيسى "اتقوا الله" يعنى ما جئتكم به من الآيات فيه الكفاية، قالوا: نريد أن ناكل منها، وتطمئن قلوبنا ونكون عليها من الشاهدين" ويقف عيسى –عليه السلام- يدعو الله تعالى ويبتهل اليه، ويبكي حتى جرت الدمع على لحيته، وتنزل من السماء مائدة عظيمة بين غمامتين، غمامة من فوقها وغمامة من تحتها والناس ينظرون اليها، فهبطت بين يدي عيسى وهم يجدون لها رائحة طيبة لم يجدوا لمثلها قبل ذلك

 

*         *        *

 

 ويروى أن سيدنا عيسى -عليه السلام-  كان بصحبته رجل من اليهود وكان معهما ثلاثة أرغفة من الخبز، ولما أرادا أن يتناولا طعامهما وجد عيسى -عليه السلام-  أنهما رغيفان فقط! فسأل اليهودي: أين الرغيف الثالث ؟! فأجاب: والله ما كانا إلا اثنين فقط !

لم يعلق نبي الله وسارا معاً، حتى أتيا رجلاً أعمى، فوضع عيسى -عليه السلام- يده على عينه، ودعا الله له فشفاه الله عز وجل، ورد عليه بصره، فقال اليهودي متعجباً: سبحان الله !

قال عيسى -عليه السلام- لليهودي: بحق من شفا هذا الأعمى، ورد عليه بصره، أين الرغيف الثالث ؟!

 فرد اليهودي: والله ما كانا إلا اثنين !!

 ثم سارا حتى أتيا نهرا كبيراً،  فقال اليهودي : كيف سنعبره ؟ فقال له عيسى -عليه السلام-: قل باسم الله واتبعني، فسارا على الماء، فقال اليهودي متعجبا: سبحان الله!

 و سأل عيسى -عليه السلام- صاحبه اليهودي مرة ثالثة: بحق من سيرنا على الماء أين الرغيف الثالث؟ فأجاب: والله ما كانا إلا اثنين !!!

وعندما وصلا الضفة الأخرى جمع عيسى -عليه السلام- ثلاثة أكوام من التراب ثم دعا الله أن يحولها ذهباً،  فتحولت إلى ذهب، فقال اليهودي متعجبا: سبحان الله لمن هذه الأكوام من الذهب؟!

 فقال عيسى -عليه السلام-: الأول لك، والثاني لي ، وسكت قليلا ، فقال اليهودي: والثالث ؟!  فقال عيسى -عليه السلام-: الثالث لمن أكل الرغيف الثالث! ، فرد بسرعة: أنا الذي أكلته (!)  فقال عيسى -عليه السلام-: هي كلها لك، ومضى تاركاً اليهودي غارقاً في لذة حب المال والدنيا !

لم يلبث اليهودي إلا قليلا حتى جاءه ثلاثةُ فرسان، فلما رأوا الذهب ترجلوا، وقاموا بقتله شر قتلة

 وهكذا مات هذا اليهودي، ولم يستمتع بالذهب إلا دقائق معدودة

 بعد أن حصل كل واحد منهم على كومة من الذهب، بدأ الشيطان يلعب برؤوسهم جميعا ، فدنا أحدهم من أحد صاحبيه قائلا له: لم لا نأخذ أنا وأنت الأكوام الثلاثة ونزيد نصف كومة إضافية  بدلا من توزيعها على ثلاثة ؟! فقال له صاحبه: فكرة رائعة!  فنادوا الثالث وقالا له: هل يمكن أن تشترى لنا طعاما لنتغدي قبل أن ننطلق ؟

ووافق هذا الثالث ومضى لشراء الطعام؟ وفي الطريق حدثته نفسه فقالت له: لم لا تتخلص منهما وتظفر بالمال كله وحدك ؟!

وقام هذا الرجل بوضع السم في الطعام ليقتل صاحباه ويحصل على المال كله بمفرده، وعندما عاد استقبلاه بطعنات في جسده حتى مات، ثم جلسا يتناولان الطعام الذي أحضره لهما، وهما لا يعلمان –بالطبع- أنه مسموم، فنما لبثا أن لحقا بصاحبيهما وماتا

وعندما رجع نبي الله عيسى -عليه السلام- وجد أربعة جثث ملقاة على الأرض ووجد الذهب وحده، فقال: "هكذا تفعل الدنيا بأهلها وطلابها"

*       *       *

وتنتشر دعوة عيسى ويتبعه الآلاف أغلبهم من الضعفاء والفقراء، بينما يحاربه السادة ويشيعون عليه أنه ساحر، وأن هذه المعجزات الباهرة التى كان يأتي بها بسبب اتصاله بالشياطين

ويحاربه كذلك كهنة اليهود لأن عيسى كشف نفاقهم وتحريفهم للتوراة ولأن دعوته قامت على اساس أنه لا توسط بين الخالق والمخلوق

وتهتف الجموع لعيسي في الهيكل ليحررهم من استعباد الرومان لهم، وبدأت المؤامرات  تدبر لعيسى من الكهنة للإيقاع بينه وبين السلطة الحاكمة ممثلة في الرومان أحضروا له امرأة وقعت في الزنا، وقالوا له: كيف تحكم على هذه المرأة، وهم يعلمون أن التوراة الحقيقة تقضى برجم الزانية، بينما القانون الروماني لا يقضى برجم الزانية، فلو قال عيسى أنها ترجم يكون قد قضى بخلاف القانون الروماني ويصطدم بالسلطة الحاكمة، ولو قال لا ترجم يكون قد قال بخلاف التوراة وخلاف شريعة موسى

فأجابهم عيسى في حكمة عظيمة: من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر

.

مرة اخرى يقول له الكهنة أمام الجموع "يا معلم نَعْلَمُ أَنَّكَ صَادِقٌ وَلَا تُبَالِي بِأَحَدٍ، أَيَجُوزُ أَنْ تُعْطَى جِزْيَةٌ لِقَيْصَرَ أَمْ لَا؟ فَقَالَ لَهُمْ: اِيتُونِي بِدِينَارٍ لِأَنْظُرَهُ، فَأَتَوْا بِهِ، فَقَالَ لَهُمْ: لِمَنْ هذِهِ الصُّورَةُ وَالْكِتَابَةُ؟ فَقَالُوا لَهُ: لِقَيْصَرَ فَأَجَابَهم: أَعْطُوا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا لِلّهِ لِلّهِ

ويفشل مخططهم مرة أخرى، لأنهم كانوا يخططون لإيقاع المسيح في شباكهم مهما كانت اجابته، فاذا قال ندفع الجزية ينفر الناس منه، لأنهم ضجروا من الضرائب العالية، والتى هي رمز استعباد قيصر لهم، واذا أجاب بعدم دفع الضرائب تكون معهم حجة كافية لتسليمه للسلطة الحاكمة كمثير للفتنة ضد قيصر الذي وضع هذه الضرائب

*       *       *

ويعجز اليهود عن وقف دعوة المسيح وانتشارها بين الناس، واجتمع رؤساء الكهنة ويقرروا قتل المسيح، ويقف رئيس الكهنة ويتظاهر بالغيرة على الدين، ويمزق ثيابه بطريقة مسرحية وهو يقول: ان عيسى قد كفر، وكانت هذه هي عادة اليهود اذا سمع أو راي شيئًا يتضمن اهانة الله تعالى

واستطاع الكهنة اقناع الوالي الروماني بأن عيسي يدبر مؤامرة للدولة الرومانية، ويخون عيسي أحد أتباعه وهو "يهوذا الأسخريوطي" فيدل عليه مقابل مال زهيد جدًا، وهكذا تم احكام المؤامرة، وتدنوا الجنود من المكان الذي كان فيه عيسي، فتأتي الملائكة فيحملونه ويرفعونه الى السماء، ويأتي "يهوذا" الخائن فيدخل الغرفة التى أُصْعِد منها المسيح بعنف، وأخذ يبحث عن المسيح بجنون، ولكن الله تعالى يغير وجهه ويغير صوته فيصير شبيهًا بالمسيح، فيقبض عليه الرومان ويصلبونه ويقتلونه شر قتلة

 

الخطبة الثانية

تكثر دائمًا في نهاية كل عامٍ ميلادي  تنبؤات ما يطلق عليهم علماء الفلك، حكم الدين في قراءة هذه التنبؤات أن من يقرئها ويصدقها فقد كفر لحديث الرسول –صلى الله عليه وسلم- "من أتي عرافًا أو كاهنًا فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد" لماذا كفر لأن الله تعالى يقول (قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ) النمل/65

أما اذا يقرأ هذه التنبؤات ولا يصدقها، يعنى يقولك أنا أقرأها على سبيل التسلية، لم تقبل له صلاة اربعين ليلة، لقول الرسول –صلى الله عليه وسلم- "من أتي عرافًا فساله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة" والحديث رواه مسلم

*       *       *