رَقَائِقُ الْفَتْحِ
* * *
الْحَلَقَةُ السابعة عَشْرةِ- سِيرَةُ الرَّسُولِ 2/2
*********************************
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الْحَمْدُ للهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، أَمَّا بَعْدُ
*********************************
بَدَأْنَا فِي اللِّقَاءِ السَّابِقِ حَدِيثَنَا تحت عُنْوَانِ "لَقَطَاتٍ مِنْ سِيرَةِ الرَّسُولِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-" وَانْتَهَيْنَا حِينَ هَاجَرَ الرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ.
الرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هَاجَرَ بَعْدَ 13 سنة كَامِلَةٍ هِيَ عُمْرُ الدَّعْوَةِ الْمَكِّيَّةِ، وَكَانَ عُمْرُ الرَّسُولِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- 53 سنة، لإن بداية الوحي كان عمر الرسول 40 سنة، قعد في مكة 13 سنة، يبقي الهجرة انت وعمره 53 سنة
ومع الهجرة بدأت مَرْحَلَةٌ جَدِيدَةٌ مِنَ الْجِهَادِ والصُّعُوبَاتِ، أَوَّلُ صُعُوبَةٍ وَاجَهَهَا الرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْمَدِينَةِ هِيَ طَائِفَتَانِ فِي مُنْتَهَى الْمَكْرِ وَالشَّرِّ وَالْكَرَاهِيَةِ لِلْإِسْلَامِ وَلِلْمُسْلِمِينَ وَلِلرَّسُولِ،
الطائفتين دول هُمَا الْيَهُودُ وَالْمُنَافِقُونَ:
الْيَهُودُ كَانُوا ثَلَاثَةَ قَبَائِلَ كَبِيرَةٍ: بَنِي قَيْنُقَاعَ، وَبَنِيَ النَّضِيرِ، وَبَنِي قُرَيْظَةَ
الْمُنَافِقُونَ كَانُوا بِقِيَادَةِ "عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبِيٍّ ابْنِ سَلُولَ" قَبْلَ الهِجْرَةِ كَانَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بيَسْتَعِدُّوا لِأَنْ يَكُونَ "عَبَدُ اللهِ بْنُ أُبِيٍّ بْنُ سَلُولَ" مَلِكًا عَلَى الْمَدِينَةِ، كان حيبقي أول ملك في تاريخ المدينة، كانوا بيجهزوا التاج اللى هيلبسه، يعنى الموضوع كان محسوم ومسألة وقت، أو مسألة أيام قليلة ويصبح ملك على المدينة، جه الرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَصْبَحَ هُوَ رَئِيسُ الدَّوْلَةِ، وأُخِذَ هَذَا الْأَمْرَ مِنْهُ، َوَلِذَلِكَ أَضْمَرَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ الحِقْد على الرَّسُولِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعلى الْمُسْلِمِينَ، وخطورة "عبد الله بن أبي" ان أتباعه كثيرين جدًا في المدينة
* * *
فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ كَانَتْ غَزْوَةُ بَدْرٍ، وَفِي نَفْسِ السَّنَةِ بتَمُوتُ رُقَيَّةُ بِنْتُ الرَّسُولِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وزَوْجَةُ عُثْمَانَ بن عفان -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-
وَلَكِنْ فِي نَفْسِ السَّنَةِ تَتَزَوَّجُ أُخْتُهَا أُمُّ كُلْثُومَ مِنْ عُثْمَانَ أَيْضًا، لِيُطْلَقَ عَلَيْهِ "ذُو النُّورَيْنِ" وَيُصْبِحَ الرَّجُلَ الْوَحِيدَ فِي التَّارِيخِ الَّذِي يَتَزَوَّجُ ابْنَتَيْ نَبِيٍّ، وَفِي نَفْسِ السَّنَةِ أَيْضًا تَتَزَوَّجُ السَّيِّدَةُ فَاطِمَةُ، مِنَ الْإِمَامِ عَلِيٍّ، مَعْنَى مُهِمٌّ جِدًّا أَنَّ الْحَيَاةَ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى مَوْتِ أَحَدٍ.
في نفس السنة اللى بتموت فيها رقية تتزوج اختاها أم كلثوم وفاطمة ! طب وعملوا فرح بقي وكده ؟ أيوه عملوا فرح ووليمة وكل حاجة !
ساعات فيه ناس حياتها بتتوقف وتنقلب تمامًا عند موت أحد الأعزاء، اللى بيعمل كده بيقي مش فاهم الموت صح، الموت ليس معناه فناء الإنسان، ولكن انتقال من حياة الى حياة أخري، وعشان كده في الإسلام ما ينفعش تعزي بعد 3 أيام، عشان لو عزيت حد بعد 3 ايام يبقي بترجعه لورا، وربنا عاوزك تبص لقدام
فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ كانت غَزْوَةُ أُحُدٍ، وَكَانَ مِنْ رَأْيِ الرَّسُولِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَلَّا يَخْرُجَ لِمُلَاقَاةِ الْمُشْرِكِينَ خَارِجَ الْمَدِينَةِ، وَأَنْ يَتَحَصَّنَ فِي الْمَدِينَةِ، لإن المدينة محصنة بطبيعتها، وفي تاريخ المدينة كله عمر ما حد قدر يقتحم المدينة، خصوصا ان عدد المسلمين في هذه الغزوة كان الف، وعدد قريش كان 3000
لكن الرسول –علسه الصلاة والسلام- نَزَلَ عَلَى رَأْيِ الْأَغْلَبِيَّةِ من شباب المدينة المتحمس، وَخَرَجَ لِمُلَاقَاةِ الْمُشْرِكِينَ
وَفِي الطَّرِيقِ الى المعركة يَعُودُ "عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ" بِثُلْثِ الْجَيْشِ إِلَى الْمَدِينَةِ، لإن كان من رأي "عبد الله بن أبي" زي رأي الرسول هو عدم الخروج والتحصن في المدينة، بيرجع "عبد الله بن ابي" بحوالى 300 مقاتل لإن خطورة "عبد الله بن ابي" زي ما قلنا هوه ان ليه أتباع كتير، ويصبح عدد المسلمين 700 مقاتل فقط أمام 3000 مقاتل، يعنى أقل من النسبة في بدر
ومع ذلك بيَنْتَصِرُ الْمُسْلِمُونَ فِي بِدَايَةِ الْمَعْرَكَةِ، وَلَكِنْ يُخَالِفُ الرُّمَاةُ أَوَامِرَ الرَّسُولِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعد ترك أماكنهم، لإن همه شافوا المعركة خلاص انتهت لصالح المسلمين، وَيَنْكَشِفُ الْمُسْلِمُونَ لذلك، وَيَتَكَالَبُ الْكُفَّارُ عَلَى الرَّسُولِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُرِيدُونَ قَتْلَهُ، لأَنَّه كَانَ هَدَفُ قريش من أُحُدٍ أَمْرَيْنِ: الْأَمْرُ الْأَوَّلُ هُوَ الِانْتِقَامُ لِقَتْلَى بَدْرٍ، وَالْهَدَفُ الثَّانِي هُوَ قَتْلُ الرَّسُولِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى لَا تَقُومَ لِلْمُسْلِمِينَ قَائِمَةً بَعْدَ ذَلِكَ، عُمْرَكَ كَامّ سَنَة الْآنَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ عُمْرُهُ خَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ عَامًا، وَيَتَكَالَبُ عَلَيْهِ جَيْشُ الْكُفَّارِ بِالْكَامِلِ، ثَلَاثَةُ آلَافِ مُشْرِكٍ يُرِيدُونَ قَتْلَ رجل واحد هو الرَّسُولِ –صلى الله عليه وسلم-
وَالْمُسْلِمُونَ قَدِ انْكَشَفُوا لِأَنْ سَرَتْ إِشَاعَةٌ –أطلقها معسكر الكفار- أَنَّ الرَّسُولَ قَدْ قُتِلَ فَأُحْبَطَ مَنْ أُحْبَطَ، وَعَادَ مَنْ عَادَ إِلَى الْمَدِينَةِ
والرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَفَ يُنَادِي: "مَنْ يَدْفَعُهُمْ عَنِّي"
فَيَأْتِي طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ وَيَقُولُ "نَحْرِي دُونَ نَحْرِك يَا رَسُولَ اللهِ" أَنَا رَقَبَتِي تَتَقَطَّعُ وَلَكِنْ لَا يَخْلُصُ إِلَيْكَ شَيْءٌ، وَلَا يَمَّسُكَ شَيْءٌ يَا رَسُولَ اللهِ
وَيَأْتِي -عَلِيٌّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ- يَدْفَعُ عَنِ الرَّسُولِ، من كثرة الإصابات التى اصيبها على في المعركة، الرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يبحث عنه بعد المعركة بين القتلي وَيَأْتِي عَشَرَةُ مِنْ شَبَابِ الْأَنْصَارِ وَيَسْقُطُ الْوَاحِدُ تِلْوَ الْآخَرِ شَهِيدًا بين يدي رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
وتأتي أم عمارة أو "نسيبة بنت كعب" تحمل السيف وتدافع عن الرسول، مع ان هيه كانت خارجة بتسقي الجيش، يقول الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "ما التفت يميناً ولا شمالاً إلا وأنا أراها تقاتل دوني" يعنى ما أبصش يمين ولا شمال الا وألاقيها بتقاتل وتدافع عنى
ويأتي ابن قمئة الكافر يريد قتل الرسول فيجد أم عمارة واقفة قدامه ماسكة السيف، فيضربها ضربة يطيح السيف من يدها، وهي واقفة لا تتحرك، كان من عادة العرب عدم قتل النساء، فأخذ يضربها بمقبض السيف على كتفها ضربات شديدة جدًا حتى سقطت مضرجة في دمائها، ويأتي ابنها لينقذها، فتقول له: دعنى، دونك رسول الله، وبالفعل يتركها ابنها ويقف يدافع عن الرسول –صلى الله عليه وسلم-
وَيَسْقُطُ الرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حُفْرَةٍ، ويُصَابُ فَتُكْسَرُ أَسْنَانُهُ، وَيجرح وَجْهُهُ، ويَمْتَلِأُ وَجْهُهُ بِالدَّمِ، فأخذَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَهو يَقُولُ "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ"
كَانَ مِنْ نَتَائِجِ غَزْوَةِ أُحُدٍ أَنْ يَمُوتَ "حَمْزَةُ" عَمُّ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَخُوهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ، يعنى الرسول كان بيحبه جدًا، وَيجد الرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن الْكُفَّارُ قد مثلوا بجُثَّتِهِ، وَقَطَعُوا أَنْفَهُ وَأُذُنَيْهِ وَبَقَرُوا بَطْنَهُ، فَقَالَ: "لَنْ أُصَابَ بِمِثْلِكَ أَبَدًا، مَا وَقَفَتْ قَطُّ مَوْقِفًا أَغْيَظُ إِلَيَّ مِنْ هَذَا"، وَعِنْدَمَا يَعُودُ إِلَى الْمَدِينَةِ يَسْمَعُ الْبُكَاءَ فِي بُيُوتِ الْمَدِينَةِ عَلَى قَتْلَاهُمْ، وَلَكِنْ لَا أَحَدَ يَبْكِي عَلَى "حَمْزَةَ" لِأَنَّ قَرَابَتَهُ جَمِيعًا فِي مَكَّةَ، فَيَحْزَنُ لِذَلِكَ وَيَقُولُ "لَكِنَّ حَمْزَةَ لَا بَوَاكِي لَهُ" فَبَلَغَ ذَلِكَ نِسَاءَ الْأَنْصَارِ فَجِئْنَ يَبْكِينَ عَلَى حَمْزَةَ، فَانْتَبَهَ رَسُولُ اللهِ مِنْ اللَّيْلِ فَسَمِعَهُنَّ وَهُنَّ يَبْكِينَ، فَقَالَ: "وَيْحَهُنَّ لَمْ يَزَلْنَ يَبْكِينَ بَعْدُ مُنْذُ اللَّيْلَةِ، مُرُوهُنَّ فَلْيَرْجِعْنَ وَلَا يَبْكِينَ عَلَى هَالِكٍ بَعْدَ الْيَوْمِ"
شوف المعنى العظيم ده، الرسول بيقول: همه لسه بيبكوا من امبارح، هوه احنا حنقعد طول عمرنا نبكي على معركة اتهزمنا فيها، لأ، نقل الصفحة ونبص قدامنا
وشوف حزم الرسول "مُرُوهُنَّ فَلْيَرْجِعْنَ وَلَا يَبْكِينَ عَلَى هَالِكٍ بَعْدَ الْيَوْمِ"
* * *
فِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ، تَتَكَالَبُ الْجَزِيرَةُ كُلُّهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَيَتَحَزَّبُ الْأَحْزَابُ عَلَى الْمَدِينَةِ، وَيَزْحَفُونَ بِجَيْشٍ لَمْ تَشْهَدْ الْجَزِيرَةُ مِثْلِهِ، وَيَنْقُضُ يَهُودُ بَنِي قُرَيْظَةَ الْعَهْدَ، وَيَنْضَمُّونَ إِلَى الْأَحْزَابِ، وَتُحَاصَرُ الْمَدِينَةُ شَهْرًا كَامِلًا، حَتَّى يَخْتَلِفَ الْكُفَّارُ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَيَعُودُونَ إِلَى ديارهم
* * *
وَفِي هَذِهِ الظُّرُوفِ الصَّعْبَةِ يَتَكَلَّمُ الْمُنَافِقُونَ عَنِ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ وَيَتَّهِمُونَهَا بالزِّنَا، شَهْرٌ كَامِلٌ وَالْمُنَافِقُونَ يَطْعَنُونَ فِي عَرْضِ الرَّسُولِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَرْضِ أَحَبُّ زَوْجَاتِهِ إِلَيْهِ، وَيَقِفُ الرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَخْطُبُ فِي الْمُسْلِمِينَ وَيَقُولُ (يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ ، وَاللهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا خَيْرًا، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجْلًا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا، وَمَا يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا مَعِي) شوف يعنى عدل الرسول، وتواضعه، مش بيدافع عن السيدة عائشة فقط، لأ ده بيدافع أيضا عن الرجل اللى اتهمت معه بالزنا
وَيَنْزِلُ الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ بِتَبْرِئَةِ السَّيِّدَةِ -رِضِي اللهُ عَنْهَا- فِي آيَاتٍ مِنْ سُورَةِ النُّورِ تتلى الي يوم القيامة
* * *
فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ، صُلْحُ الْحُدَيْبِيَةِ
وَفِي نَفْسِ السَّنَةِ غَزْوَةُ خَيْبَرَ، وهكذا يقضى على اليهود في الجزيرة كلها
وَفِي نَفْسِ السَّنَةِ يُرْسِلُ إِلَى الْمُلُوكِ حَوْلَ الْجَزِيرَةِ يَدْعُوهُمْ إِلَى الْإسْلَامِ، فمنهم من يقبل، ويدخل في الإسلام، ويضع رسالة الرسول –صلى الله عليه وسلم- فوق رأسه، زي النجاشي ملك الحبشة، ومنهم من يرفض ويمزق رسالة الرسول –صلى الله عليه وسلم- زي كسرى ملك فارس، فيدعو عليه الرسول –صلى الله عليه وسلم- ويقول "مزق الله ملكه" ولم تمر سنوات قليلة حتى انتهت دولة فارس الى الأبد
* * *
فِي السَّنَةِ الثَّامِنَةِ غَزْوَةُ مُؤْتَةَ ضِدَّ الرُّومِ، وَيُسْتَشْهَدُ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ "زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ" حِبُّ رَسُولِ اللهِ، يعنى حبيب الرسول –صلى الله عليه وسلم- كان الرسول بيحبه حب شديد جدًا، هوه اللى كان معاه في رحلة الطائف، ثُمَّ يُسْتَشْهَدُ ابْنُ عَمِّهُ "جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ" أخو سيدنا على، كان عنده 33 سنة، ثم يستشهد"عَبَدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ"
* * *
وَفِي نَفْسِ السَّنَةِ "فَتْحُ مَكَّةَ" وَيَدْخُلُ الرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مكة، لَيْسَ مِثْلَ الْقَادَةِ الْفَاتِحِينَ، رَافِعًا رَأْسَهُ فِي اسْتِعْلَاءٍ، وَإِنَّمَا مُطَأْطَأً رَأْسِهِ حَتَّى تَكَادَ رَأْسُهُ أَنْ تَمَسَّ رَاحِلَتَهُ.
حتعمل ايه يا رسول الله مَعَ أَهْلِ مَكَّةَ ؟
تذكر يَا رَسُولَ اللهِ اللى عملوه معاك، 13 سنة من الإيذاء الشديد جدًا، تذكر لما كنت ساجد عند الكعبة وجابوا أحشاء جمل رموه عليك، تذكر ان همه كانوا السبب فِي وَفَاةِ زَوْجَتِكَ الْحَبِيبَةِ خَدِيجَةَ، تذكر ان همه كانوا سبب فِي وَفَاةِ رُقَيَّةَ بنتك ضناك
تذكر ازاي عَذَّبُوا أَصْحَابَكَ، تذكر اللى اتشوه جسده من التعذيب زي بلال، تذكر اللى فَقَدَ بَصَرَهُ من التعذيب، تذكر اللى مات من التعذيب، فاكر سمية وياسر
الرَّسُولَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بيكسر الأصنام حول الكعبة، كانوا 360 صنم، ويَطُوفُ بِالْكَعْبَةِ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَقِفُ وَيَقُولُ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ مَا تَقُولُونَ؟ قَالُوا: نَقُولُ: ابْنُ أَخٍ وَابْنُ عَمٍّ رَحِيمٌ كَرِيمٌ، قَالَ: فَإِنِّي أَقُولُ كَمَا قَالَ أَخِي يُوسُفُ: لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمِ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ.
شوف التواضع: يعنى أنا ما بعملش حاجة ما حدش عملها، لا أنا بقلد بس أخي يوسف، والكلام ده قالوا سيدنا يوسف لمين ؟ لإخواته، يعنى انتم زي " لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمِ الْيَوْمَ" يعنى ما فيش حتى عتاب عليكم
وَفِي وَسَطِ هَذَا يَجِدُ الرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- امْرَأَةً عَجُوزًا يَفْرِدُ لَهَا ثَوْبَهُ وَيَجْلِسُ يَتَحَدَّثُ إِلَيْهَا، تَقُولُ لَهُ السَّيِّدَةُ عَائِشَةُ: مَنْ هَذِهِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ يَقُولُ لَهَا: هَذِهِ كَانَتْ تَأْتِينَا أَيَّامَ خَدِيجَةَ، جَلَسْنَا نَتَذَكَّرُ أَيَّامَ خَدِيجَةَ.
يعنى من صديقات خديجة، قعد يتذكر أيام خديجة، يعنى تقوله فاكر الموقف الفلاني لما خديجة عملت كذا وقالت كذا، وهوه يقولها فاكرة لما حصل كذا، وشوف وفاء الرسول، وتعلقه الشديد بأمنا خديجة رضى الله عنها
* * *
فِي نَفْسِ الْعَامِ غَزْوَةُ حُنَيْنَ، وَلِأَوَّلِ مَرَّةٍ يَكُونُ عَدَدُ الْمُسْلِمِينَ أَكْبَرَ مِنْ عَدَدِ الْمُشْرِكِينَ، الْمُسْلِمُونَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا، وَالْمُشْرِكُونَ عَشَرَةُ آلَافٍ، وَيَغْتَرُّ الْمُسْلِمُونَ بِكَثْرَتِهِمْ، حَتَّى أَبُو بَكْر نفسهٍ يَقُولُ: لَنْ نُغْلَبَ الْيَوْمَ مِنْ كَثْرَةٍ، يعنى كل المواجهات اللى بين المسلمين والكفار كان المسلمين أقل وبينتصروا، ايش حال بقي لما يبقوا أكتر منهم ؟
وَلَكِنَّ الْمُشْرِكِينَ يَعْمَلُونَ كَمِينًا لِلْمُسْلِمِينَ، وَيَنْكَشِفُ الْمُسْلِمُونَ، وَ يَثْبُتُ الرَّسُولَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَحْدَهُ فِي الْمَعْرَكَةِ، وَيَنْزِلُ مِنْ عَلَى بَغْلَتِهِ وَهُوَ يَصِيحُ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: "أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبَ، أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمَطْلَبِ" وَيَجْتَمِعُ إِلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ، وَيُكْتَبُ النَّصْرُ لِلْمُسْلِمِينَ فِي هَذِهِ الْمَعْرَكَةِ الْفَاصِلَةِ.
* * *
فِي السَّنَةِ التَّالِيَةِ، سَنَةُ تِسْعَةِ هِجْرِيَّةٍ، تَأْتِي الْوُفُودُ مِنْ أَنْحَاءِ الْجَزِيرَةِ الْعَرَبِيَّةِ لِمُبَايَعَةِ الرَّسُولِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيُسَمَّى هَذَا الْعَامُ عَامُ الْوُفُودِ، وَلَا يَخْرُجُ الرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِلْحَجِّ، وَذَلِكَ حَتَّى يَسْتَقْبِلَ الْوُفُودَ، ودي طبعا خد منها الإمام الشافعي أن الحج على التراخي وليس على الفور
* * *
وَفِي هَذَا الْعَامِ يَخْرُجُ الرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِآخِرِ غَزَوَاتِهِ، وَهِيَ غَزْوَةُ "تَبُوكَ"، الْمَسَافَةُ بَيْنَ تَبُوكَ وَالْمَدِينَةِ أَلْفُ كِيلُو مِتْرٍ، زِيّ الْمَسَافَةِ بَيْنَ الْقَاهِرَةِ وَأُسْوَانَ، وَالْجَوُّ كَانَ شَدِيدَ الْحَرَارَةِ، وَالْمُؤَنُ قَلِيلَةٌ، وَالْمَاءُ أَقَلُّ، وَالطُّرُقُ وَعِرَةٌ، عشان كده سُمِّيَتْ غَزْوَةُ "الْعَسِرَةِ"، كَانَ سِنُّكَ كَام سَنَةٍ يَا رَسُولَ اللهِ عِنْدَمَا خَرَجَتْ هَذِهِ الْغَزْوَةَ؟ كَانَ سِنُّهُ اثْنَيْنِ وَسِتِّينَ سَنَةً !
وَفِي السَّنَةِ دي بتموت أُمُّ كُلْثُومَ بِنْتُ الرَّسُولِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَيُوَاسِي الرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زَوْجَهَا عُثْمَانَ وَيَقُولُ لَهُ "لَوْ كَانَتْ عِنْدَنَا ثَالِثَةٌ لَزَوَّجْنَاكَهَا يَا عُثْمَانُ"
وقبل أم كلثوم، " في السنة الثامنة، ماتت "زينب" أكبر بنات الرسول –صلى الله عليه وسلم-
* * *
فِي السَّنَةِ الْعَاشِرَةِ يَمُوتُ أَيْضًا إِبْرَاهِيمُ ابْنُ الرَّسُولِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الرَّسُولُ كَانَ بيحبه جِدًّا، الْوَلَدُ الْوَحِيدُ لَهُ، وَبَعْدينِ جَالَهُ وَهُوه فَوْقَ السِّتِّينَ، كَانَ مِنْ فَرْحَةِ الرَّسُولِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِإِبْرَاهِيمَ عِنْدَمَا وُلِدَ أَنَّهُ حَمَلَهُ وَأَخَذَ يَطُوفُ بِهِ بُيُوتَ الصَّحَابَةِ، وَيَقُولُ لَهُمْ: شوفوا ابْنِي إِبْرَاهِيمَ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ.
* * *
وفي وسط ده كله، الرسول –صلى الله عليه وسلم- كان أكثر الناس تبسمًا، ويعود المريض، ويتبع الجنائز، ويسابق زوجاته، ويعلم أصحابه، ويقوم الليل حتى تتورم قدماه
ما هذا يا رسول الله ؟ ولذلك في 23 سنة فقط غير تاريخ العالم كله
* * *
وَيَخْرُجُ الرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِحِجَّةِ الْوَدَاعِ، وَيَنْزِلُ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)) فَيَبْكِي أَبُو بَكْرٍ الصَّدِيقُ، وَيَقُولُونَ لَهُ: مَاذَا يُبْكِيكَ؟ يَقُولُ لَهُمْ: هَذَا نَعْيُ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، طَالَمَا أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ، يبْقَى خَلَاص الرِّسَالَة وَصَلَتْ، دَوْرُكَ انْتَهِي يَا مُحَمَّدُ.
وَكَانَتْ آخَرُ آيَةٍ تَنْزِلُ مِنَ الْقُرْآنِ قَوْلَ اللهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ ((وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ۖ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)) الْآيَةُ 281 مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، آخِرُ رِسَالَةٍ مِنَ الْحَقِّ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- إِلَيْنَا هِيَ هَذِهِ الْآيَةُ، وَتَنَزَّلَ هَذِهِ الْآيَةُ قَبْلَ وَفَاةِ الرَّسُولِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِتِسْعَةِ أَيَّامٍ.
وَقَبْلَ الْوَفَاةِ بِسَبْعَةِ أَيَّامٍ يَزُورُ الرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شُهَدَاءَ أُحَدٍ، وَيَقِفُ وَيَقُولُ: "السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ ، بِكُمْ لَاحِقُونَ، وَدِدْتُ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا إخْوَانَنَا" قَالُوا : أَوَلَسَنَا إِخْوَانَكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ "أَنْتُمْ أَصْحَابِي، وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمَّ يَأْتُوا بَعْد" الرسول قبل ما يموت بيقول كان نفسه يشوفنا
* * *
تَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ لَحَظَاتُ وَفَاةِ الرَّسُولِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَيَبْدَأُ الْأَمْرُ أَنَّ الرَّسُولَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَعَرَ بِالتَّعَبِ، كَانَ دَه قَبْلَ الْوَفَاةِ بِثَلَاثَةٍ أَيَامٍ، وَكَانَ الرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَهُ يَوْمٌ فِي كُلِّ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ زَوْجَاتِهِ، كَانَ فِي هَذَا الْيَوْمِ فِي بَيْتِ السَّيِّدَةِ مَيْمُونَةَ، فَجَمَعَ أَزْوَاجَهُ وَقَالَ لَهُمْ: أَتَأْذُنُونَ لِي أَنْ أُمْرَضَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ، قَالُوا: أَذِنَّا لَك يَا رَسُولَ اللهِ، شوف أدب الرسول –صلى الله عليه وسلم-
جَاءَ الرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُومُ فَمَا اسْتَطَاعَ، فَجَاءَ عَلِيٌّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَجَاءَ "الْفَضْلُ بْنُ الْعَبَّاسٍ" أولاد عمه، فَحَمَلَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ بَيْتِ مَيْمُونَةَ إِلَى بَيْتِ عَائِشَةَ، وَرَآهُ الْمُسْلِمُونَ مَحْمُولًا، أَوَّلُ مَرَّةٍ يشوفوا النَّبِيَّ متشال، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَتَنَادَوْ: هَلُمُّوا إِلَى الْمَسْجِدِ، هَلُمُّوا إِلَى الْمَسْجِدِ، فَامْتَلَأَ الْمَسْجِدُ بِالْمُسْلِمِينَ، وَرَسُولُ اللهِ بِالدَّاخِلِ، وَأَخَذَ الرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَعْرَقُ عَرَقًا شَدِيدًا، تَقُولُ السَّيِّدَةُ عَائِشَةُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أُزِيحَ ا
|