Untitled Document

عدد المشاهدات : 1840

الفصل الثاني والخمسون: عام الحزن

 أسْرَار السَيرَةِ الشَرِيفَة- منهج حياة  

الجُزْءُ الثَالِث: مِنْ نُزُول الوَحْي حَتَى الهِجْرَة - مَرْحَلَة الدَعْوَة المَكِيَة

الفصل الثاني والخمسون

*********************************

عام الحزن

*********************************

 

*********************************

تحدثنا عن الحصار الذي فرضته قريش على المسلمين، وعلى بنى هاشم حتى يتخلوا عن حمايتهم للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-

وقلنا أن هذا الحصار وتلك المقاطعة استمرت ثلاثة أعوام، حتى بلغ الجهد بالمحاصرين وحتى كان يسمع أصوات بكاء الأطفال وهم يصرخون من شدة وألم الجوع، وحتى اضطروا إلى أكل الجلود، والى أكل أوراق الشجر

وانتهي الحصار –كما ذكرنا- بعد ثلاثة سنوات، وكان ذلك في نهاية السنة التاسعة من بعثة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-

ولم يمر على نهاية الحصار فترة كبيرة، وفي بداية السنة العاشرة من البعثة يموت "أبو طالب" عم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبعد وفاة "أبو طالب" بثلاثة أيام فقط ماتت السيدة "خديجة" زوجة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-

 

قبر أمنا خديجة رضى الله عنها

في عام واحد، بل في ثلاثة ايام فقط فقد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-  النصير القوي خارج البيت وهو عمه "أبو طالب" والحضن الدافيء داخل البيت، وهي الزوجة الوفية العظيمة السيدة "خديجة"

وحزن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على موتهما حزنًا شديدًا، حتى أطلق على هذا العام، وهو العام العاشر من البعثة عام الحزن

والحقيقة أن سنوات الحصار الثلاثة ربما كانت سببًا لوفاة "أبو طالب" والسيدة "خديجة" لأنهما كانا قد تقدما في السن: كان أبو طالب قد تعدي الثمانين، وكان سن السيدة خديجة خمسة وستون سنة، فلم يتحملا هذا النقص الشديد في الغذاء لمدة ثلاثة اعوام كاملة، ولذلك كان موتهما بعد انتهاء الحصار

 

*********************************

وكان توقيت وفاة "أبو طالب" والسيدة خديجة توقيتًا دقيقًا جدًا، ففي أكثر فترات الدعوة حرجًا فقد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النصير القوي خارج البيت، والحضن الدافيء داخل البيت

لو كنا نحن الذي نضع الأحداث، لما اخترنا على الاطلاق هذا التوقيت لوفاة "أبو طالب" والسيدة "خديجة" ربما اخترنا وفاتهما بعد الهجرة، بعد أن يكون للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنصار يحمونه، ولكن العجيب أن يختار الله لوفاة "أبو طالب" والسيدة "خديجة" هذا التوقيت الذي يعتبر من اصعاب وأحرج فترات الدعوة

وكأن الله تعالى يلفت نظر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ويلفت أنظارنا جميعًا الى معنى هام جدًا، وهو ان النصر من عند الله تعالى، وليس من عند "أبو طالب" ولا "خديجة" ولا أي أحد

الحق –سبحانه وتعالى- يعطي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- درسًا عمليًا في التوكل على الله تعالى، وهو أن يعتمد القلب بالكامل على الله تعالى، وليس أن يكون القلب معتمدًا على الله، ويكون هناك جزءًا من القلب معتمدًا على أحد من البشر

 

*********************************

وبعد وفاة "أبو طالب" تجرأت قريش على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كما لم تتجرأ من قبل، واشتد ايذاء قريش للرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-

وهذا سيكون حديثنا في الفصل القادم

*********************************

لمطالعة بقية الفصول اضغط هنا

*********************************