أسْرَار السَيرَةِ الشَرِيفَة- منهج حياة
الجُزْءُ الثَالِث: مِنْ نُزُول الوَحْي حَتَى الهِجْرَة - مَرْحَلَة الدَعْوَة المَكِيَة
الفصل السابع والخمسون
*********************************
الرد على شبهة الفارق العمري الكبير
بين الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والسيدة "عائشة"
*********************************
*********************************
- تحدثنا في الفصل السابق عن الشبهة الأولى في موضوع زواج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من السيدة عائشة وهي شبهة أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قد تزوج من طفلة، وقد بينا أن هذا غير صحيح على الإطلاق، وانما كان زواج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من شابة ناضجة عمرها 18 عامًت
- نأتي الآن الى الشبهة الثانية في موضوع زواج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من السيدة عائشة، وهي الفارق العمري الكبير جدًا بين عمر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبين عمر عائشة حين تزوجها
- فعلى حسب الرواية الأولى الفارق العمري بين النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبين عائشة حين تزوجها 45 سنة، وعلى حسب الرواية الثانية الفرق هو 37 سنة، وهو يعتبر كذلك فارق عمري كبير
- والرد الواضح جدًا والبسيط جدًا على هذه الشبهة أن هذا الفارق العمري في تلك البيئة كان أمرًا عاديًا جدًا، فلا يصح أن نأخذ حدثًا في بيئة معينة في زمن معين، وأن ننقله كما هو الى بيئة جديدة، والى زمان آخر ثم نقيسه وننتقده ونحكم عليع بمعايير وقوانين تلك البيئة الجديدة، وذلك الزمان الآخر
- ونحن حين نقرأ كتب التاريخ والسير نجد أن هذا الفارق العمري الكبير في ذلك الوقت كان أمرًا عاديًا جدًا، بدليل أن الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين تزوج السيدة عائشة، وعمره 55 عامًا وهي شابة عمرها 18 عامًا لم ينتقد هذا الزواج أحد من كفار قريش، وهم الذين كانوا يبحثون عن أي مطعن أو منفذ للتجريح والاتهام، ولم يتركوا سبيل للطعن على الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الا سلكوه حتى لو كان زورًا وبهتانًا
- وسنجد مثلًا أن "عمر بن الخطاب" عرض ابنته حفصة للزواج قبل أن يتزوجها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على "أبي بكر" ثم عرضها على "عثمان بن عفان" و"عمر" أصغر من أبي بكر، وأصغر من عثمان، يعنى أراد أن يزوج ابنته ممن هما أكبر من أبيها
- وسنجد أن "عمر" تزوج بعد ذلك من "ام كلثوم" بنت "على بن أبي طالب" و"عمر" أكبر من "على" بأكثر من 10 سنوات، وعندما تزوج "أم كلثوم" كان أكبر منها بحوالي 50 سنة
- بل ان هذا الفارق العمري الكبير لا يزال موجودًا في بعض البيئات الآن دون أن يوجه اليه انتقاد من داخل تلك البيئات
قبر أمنا عائشة قبل 1926 م وقد هدم الآن وتغيرت معالمه
*********************************
- ان زواج الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من السيدة عائشة وهي صغيرة السن كان له هدف عند الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هام جدًا، وهي أن تعمل على نقل سنة الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعد وفاته، لأن تلك السن الصغيرة تكون قدرتها كبيرة على الحفظ، وتكون لها الفرصة في أن تعيش بعد الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فترة طويلة لتنقل هذا العلم
- فاذا أضفنا لذلك أن "عائشة" هي ابنة صديقه "ابو بكر" والذي كان الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في بيته يوميًا، ويراها الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأدرك أنها تتمتع بذكاء حاد وفطنة وقوة حفظ وحب للعلم والمعرفة، ولذلك اختارها الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بزواجه منها لهذه المهة الجليلة وهي حفظ سنته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ونقلها بعد وفاته
- وقد حدث ذلك بالفعل فأصحبت –رضى الله عنه- التلميذة النبوية النجيبة، وبلغت القمة في تفسير القرآن وعلم الحديث والفقه والشعر بل والطب أيضًا، وكان ترتيبها الرابع في كثرة الرواية بعد أبو هريرة وعبد الله بن عمر وأنس بن مالك، حيث روت 2210 حديثًا عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بل وبلغ من فقهها وعلمها أن كثير من الصحابة كانوا يرجعون اليها ويستفتونها يقول أبو موسى الأشعري (ما أشكل علينا أصحاب رسول الله حديث قط فسألنا عائشة الا وجدنا عندها منه علما) ويقول عروة بن الزبير (ما رأيت أعلم بفقه ولا طب ولا شعر من عائشة)
- رحم الله أمنا "عائشة" ورضى عنها
*********************************
لمطالعة بقية الفصول اضغط هنا
*********************************
|