أسْرَار السَيرَةِ الشَرِيفَة- منهج حياة
الجُزْءُ الرابع: قصة الهجرة
الفصل السبعون
*********************************
قصة الهجرة- الجزء التاسع
الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
في بيت "أبو أيوب الأنصاري"
*********************************
*********************************
بركت ناقة رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمام بيت رجل من فقراء الأنصار اسمه "أبو أيوب الأنصاري" فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "أي بيوت أهلنا أقرب؟". فقال أبو أيوب: أنا يا نبي الله، هذه داري وهذا بابي، قال: "فانطلق فهيئ لنا مقيلاً" فأسرع "أبو أيوب الأنصاري" وحمل رحل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأدخله بيته
وهكذا أقام الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في المدينة في بيت "أبو أيوب الأنصاري" قبل أن يبنى مسجده وبيته، وكانت مدة اقامته في بيته سبعة أشهر
بيت أبو أيوب الأنصاري قبل هدمه
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
كان "أبو أيوب" كما ذكرنا من فقراء أهل المدينة، وبيته متواضع جدًا يتكون من طابقين، وكل طابق عبارة عن حجرة صغيرة
وخَيَّرَ "أبو أيوب" الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بين الطابق العلوي أو السفلى، فآثر الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الطابق السفلي، فلما كان الليل وآوي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الى فراشه، صعد ابو أيوب هو وزوجته الى الحجرة العلوية، فلما أغلقا عليهما الباب، قال "أبو أيوب" لزوجته: ويحك ما صنعنا بأنفسنا ؟! أيكون النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أسفل منا، ونحن أعلى منه ؟ إنا اذا لهالكون" ولم يستطع أبو أيوب أن ينام طوال الليل لا هو ولا زوجته
فلما كان الصباح قال أبو أيوب:
- يا رسول الله، والله ما أغمض لنا جفن هذه الليلة، لا أنا ولا أم ايوب
فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
- ومما ذلك يا أبا ايوب ؟
فقال:
- ذكرت أني على ظهر بيت أنت تحته
فقال له النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
- هون عليك يا أبا أيوب، إنه أرفق بنا أن نكون في السفلي، لكثرة من يغشانا من الناس
فامتثل أبو ايوب لطلب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حتى كانت ليلة باردة انكسرت جرة فيها ماء، فجعل أبو أيوب وزوجته ينشفان الماء بلحاف لهما خوفًا من أن يصل الماء الى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولم يكن عندهما لحاف غيره
فطلب أبو أيوب مرة أخري من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يكون النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الحجرة العلوي، وقال:
- بأبي أنت وأمي أني أكره أن أكون فوقك
وقص عليه قصة الجرة، فاستجاب له الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
انكسرت جرة فيها ماء فجعل أبو أيوب وزوجته ينشفان الماء بلحاف لهما
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وكان أبو أيوب يصنع العشاء للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فاذا رد فضل الطعام، يأكلون من المواضع التى كان يأكل منها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- التماسًا للبركة
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ومرة صنع للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طعامًا فيه بصل وثوم، فرد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الطعام دون أن يأكل منه، يقول أبو أيوب الأنصاري: - فجئته فزعًا، وقت يا رسول الله بأبي أنت وأمي رددت عشائك ؟
فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
- اني وجدت فيه ريح هذه الشجرة، وأنا رجل أناجي، فأما أنتم فكلوه
أيضًا يروي "أبو أيوب الأنصاري" أنه صنع طعامًا للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبو بكر على قدر ما يكفيهما، فقال له النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
- اذهب فادع لى ثلاثين من اشراف الأنصار
يقول: فشق ذلك على، ما عندي شيء أزيده، فكأني تثاقلت، فقال له النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "اذهب فادع لى ثلاثين من اشراف الأنصار" فدعوتهم فجاؤوا، فقال "أطعموا" قال: فأكلوا حتى صدروا، ثم قال: النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اذهب فادع لي ستين من أشراف الأنصار، فجاؤوا وأكلوا وانصرفوا، ثم قال "اذهب فادع لى تسعين من أشراف الأنصار" فدعوتهم فأكلوا ثم انصرفوا، قال: فاذهب فادع لي تسعين من الأنصار، قال: فأكل من طعامي هذا مائة وثمانون رجلًا
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
قبل أن نختم كلامنا عن اقامة الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في بيت "أبو أيوب الأنصاري" ، نقول أن "أبو أيوب الأنصاري" كان يحب جدَا الجهاد، وشهد جميع المشاهد مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولما حدث القتال بين "على" و"معاوية" كان في جيش "على بن ابي طالب" ضد معاوية، ومع ذلك بعد مقتل "على" واستقرار الأمر لمعاوية، كان في جيش معاوية الذي توجه لفتح القسطنطينية، وهذا موقف عظيم جدًا لأنه يحارب من أجل الله تعالى ولا يحارب من أجل على أو معاوية، وكان قد تعدي التسعين من عمره
كان "أبو أيوب الأنصاري" في الجيش الذي توجه لفتح القسطنطينية
ومرض "أبو أيوب الأنصاري" وهو في حصار "القسطنطينية" فطلب أن يدفن في أقرب مكان للعدو، فمشوا بجنازته حتى دفنوه عند أسوار القسطنطينية، وظل قبره مطمورًا حتى فتح القسطنطينية بعد ذلك بمئات السنين، فبنوا على قبره مسجدًا، موجود الى الآن واسمه مسجد "أيوب سلطان"
مسجد " أيوب سلطان" باسطنبول
ضريح "أبو أيوب الأنصاري"
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
انتهي الجزء الرابع من "موسوعة السيرة الشريفة" ويليه الجزء الخامس بعنوان"وصف الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ووصف أشيائه"
*********************************
لمطالعة بقية الفصول اضغط هنا
*********************************
|