Untitled Document

عدد المشاهدات : 2480

الفصل الحادي والتسعون: الحكمة في السرايا والغزوات قبل بدر

        أسْرَار السَيرَةِ الشَرِيفَة- منهج حياة  

الجُزْءُ السادس: من الهجرة حتى غزوة بدر الكبري

الفصل الحادي والتسعون

*********************************

الحكمة في السرايا والغزوات قبل بدر

 *********************************

 

 *********************************

كانت عدد الغزوات والسرايا في عشرة شهور فقط منذ الإذن بالقتال حتى "بدر"  ثمانية غزوة وسرية، أي تقريبًا غزوة أو سرية في كل شهر

ماذا كان هدف الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من كل هذه الغزوات والسرايا ؟

ما درج عليه أصحاب السير، وما كنا نتعلمه ونحن صغار أن الهدف من غزوة بدر وما قبلها من غزوات وسرايا، هو أن يسترد المسلمون بعض ما سلبته منهم قريش وقت الهجرة

ولكن نحن نستبعد أن يحرك الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كل هذه الغزوات والسرايا، ويضيع كل هذا الوقت من أجل أن يسترد بعض الأموال

والهدف الحقيقي من هذه الغزوات والسرايا الثمانية، والهدف من غزوة بدر بعد ذلك، هو ان الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أراد أن يفرض –ما نطلق عليه الآن- حصارًا اقتصاديًا الى مكة، وأراد الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كذلك أن يستفز قريش، وأن يحاربها، وذلك أسباب كثيرة:

-        أن قريش تحتل مكة، بلد الله الحرام، وتضع الأصنام حول الكعبة وفوقها، وهناك من يطوف بالبيت عريانًا، وكل هذه أوضاع، غير مقبولة، ولا يمكن أن يسمح الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- باستمرارها

ان الكعبة وبيت الله الحرام ملك للمسملين ويجب أن تكون تحت حكم المسلمين، وهذا هو أهم أسباب سعي الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لحرب قريش

-        أن قريش تمنع المسلمين من زيارة بيت الله الحرام أو العمرة أو الحج، وعندما خرج "سعد بن معاذ" سيد الأوس لأداء العمرة، نزل على صديقه "أمية بن خلف" وانتظر حتى انتصف النهار وخرج يطوف بالبيت، لأنه وقت يأوي الناس فيها إلى بيوتهم؛ لشدة الحرارة في مكة، ورآه "أبو جهل" فقال: من هذا الذي يطوف بالكعبة آمنًا؟ فقال سعد: أنا سعد بن معاذ. فقال أبو جهل: ألا أراك تطوف بمكة آمنًا، وقد آويتم محمدًا وأصحابه، وزعمتم أنكم تنصرونهم وتعينونهم. قال سعد: نعم. قال أبو جهل: والله لولا أنك مع أبي صفوان ما رجعت إلى أهلك سالمًا

-        ان قريش لها مكانتها في الجزيرة، وهي تستغل هذه المكانة في الدعاية ضد المسلمين، وتشويه صورتهم، كما تستغلها في تخويف العرب من الإنضمام لمعسكر المسلمين، أو الدخول في الاسلام، ومن ثم أصبحت قريش هي العائق الأول للرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في نشر الرسالة في الجزيرة ثم في العالم بعد ذلك

-        ان قريشًا قد تفكر في مهاجمة المسلمين في المدينة، فلذلك من الأفضل أخذ المبادرة، عملًا بالقاعدة العسكرية المعروفة "الهجوم خير وسيلة للدفاع"

-        أن قريش تحبس عدد من المستضعفين من المسلمين في مكة، وتعذبهم وتفتنهم عن دينهم، الى جانب وجود بعض المستضعفين من المسلمين الذين يكتمون ايمانهم

-        هذه التحركات العسكرية رفعت من هيبة المسلمين بين القبائل المحيطة بالمدينة، بل في الجزيرة كلها

-        كانت هذه السرايا والغزوات أفضل تدريب للمسلمين على الغزو والقتال، وكانت بمثابة ما يطلق عليه الآن "المناورات العسكرية" وكذلك تدريب بعض الكوادر على القيادة، سواء قيادة السرايا، أو القيادة المدنية في المدينة حين حين خروج الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بنفسه للغزو

-        تم عقد بعض التحالفات والمعاهدات مع القبائل حول المدينة

-        تم اكتشاف والتعرف على المناطق الطرق المحيطة بالمدينة وبمكة

 

تضع قريش الأصنام حول الكعبة، ولا يمكن أن يسمح الرسول بذلك

قبل أن نترك هذه السرايا والغزوات الثمانية، ونبدأ الحديث عن "غزوة بدر الكبري" هناك نقطتان هامتان:

الأولى أن كل هذه الغزوات والسرايا كانت من المهاجرين فقط، لأن الإتفاق الذي كان في بيعة العقبة الثانية، ثم وثيقة المدينة بعد ذلك هو حماية النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من أي اعتداء، وليس الخروج معه في السرايا والغزوات، ولذلك لم يطلب الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من الأنصار الخروج خارج المدينة التزامًا بهذا الإتفاق

النقطة الثانية: خرج في أربعة غزوات، وفي هذه المرات الأربعة التى خرج فيها استخلف فيها على المدينة:

1.  سعد بن عبادة

2.  سعد بن معاذ

3.  زيد بن حارثة

4.  أبا سلمة بن عبد الأسد

وكان تنوع الرجال مقصود حتى يربي الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قيادات تستطيع تحمل المسئولية، ويدربها على القيادة تدريبًا عمليًا

واذا نظرنا الى الأسماء التى استخلفها الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نجد أولًا "سعد بن عبادة" سيد الخزرج، و"سعد بن معاذ" سيد الأوس، ثم استخلف "زيد بن حارثة" و"أبو سليمة بن عبد الأسد" وهما من المهاجرين، و"زيد" كان مولى يباع ويشتري، وكان الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يريد بذلك أن يرسخ أن المدينة كيانًا واحدًا لا فرق فيها بين مهاجر وأنصاري، وأن يرسخ كذلك أن المفاهيم الإسلامية الجديدة أنه لا فرق عند الله تعالى وفي المجتمع الإسلامي بين حر وعبد، أو قوي وضعيف، أو أبيض وأسود، وأن الناس جميعًا عند الله تعالى وفي المجتمع الإسلامي سواسية كأسنان المشط

نبدأ في الجزء القادم ان شاء الله الحديث عن "غزوة بدر الكبري"

*********************************

لمطالعة بقية الفصول اضغط هنا

*********************************