أسْرَار السَيرَةِ الشَرِيفَة- منهج حياة
الجُزْءُ السابع: ملحمة بدر الكبري
*********************************
الفصل السادس والتسعون
ملحمة بدر الكبري- الجزء الخامس
قبل المعركة بيوم واحد
الخلاف في جيش قريش
وبناء العريش للرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
*********************************
*********************************
وصل المسلمون الى بدر، وأخذ الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- برأي الحباب بن المنذر وتقدم الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بجيشه، وجعل كل آبار بدر خلف ظهره، وردم كل هذه الآبار، ولم يترك الا بئرًا واحدً
وصل جيش مكة الى بدر فوجدوا المسلمين الذين سبقوهم الى هذا المكان يتحكمون في مصدر المياه الوحيد
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
الخلاف في صفوف جيش قريش
بعثت قريش "عمير بن وهب الجمحي" ليستطلع قوة جيش المدينة، فدار "عمير" بفرسه حول معسكر المسلمين، ثم رجع الى قريش وقال: ثلاثمائة رجل، يزيدون قليلًا أو ينقصون، ولكن أمهلوني حتى أنظر أللقوم كمين أو مدد" فانطلق "عمير" في الصحراء في المنطقة المحيطة يبحث اذا كان هناك بقية لجيش المسلمين، فلم ير شيئًا، فرجع الى قريش وقال:
- ما وجدت شيئاً، ولكني قد رأيت يا معشر قريشٍ البلايا تحمل المنايا، نواضح يثرب تحمل الموت الناقع، قوم ليس معهم منعة ولا ملجأ إلا سيوفهم، والله ما أرى أن يُقتل رجلٌ منهم حتى يَقتلَ رجلاً منكم، فإذا أصابوا منكم أعدادكم، فما خير العيش بعد ذلك، فروا رأيكم
البلايا معروفة جمع بلية وهي المصيبة، تحمل المنايا، يعنى تحمل الموت، نواضح يثرب يعنى دواب يثرب تحمل الموت الناقع وهو الموت الكثير، فإذا أصابوا منكم أعدادكم، يعنى هم ثلاثمائة، فأقل تقدير أن يقتل كل رجل منهم رجلًا منكم، فما خير العيش بعد ذلك
قد رأيت يا معشر قريشٍ البلايا تحمل المنايا
ليس هذا فحسب قام "عتبة بن ربيعة" وقال:
- يا قوم أطيعوني في هؤلاء القوم، فإنكم إن فعلتم لن يزال ذلك في قلوبكم، ينظر كل رجل إلى قاتل أخيه وقاتل أبيه، فاجعلوا حقها برأسي وارجعوا
فصاح فيه أبو جهل:
- جبنت والله حين رأيت محمدًا وأصحابه
فقال عتبة:
- ستعلم من الجبان المفسد لقومه، أما والله إني لأرى قومًا كأن رؤوسهم الأفاعي وكأن وجههم السيوف
قال "أبو جهل" جبنت والله حين رأيت محمدًا وأصحابه
هكذا دب الخلاف بين قريش، وتزعزعت صفوفهم الداخلية، وفي الجانب الآخر كانت الروح المعنوية للمسلمين عالية جدًا، والرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يخطب فيهم ويشجعهم، ويقول لهم أن الله تعالى قد وعده احدي الطائفتين، العير أو النفير، يعنى اما تجارة قريش، أو جيش قريش، وطالما أن العير قد فلتت فلابد أن يتحقق وعد الله تعالى بالانتصار على الجيش
ويقول لهم الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن عددهم هو نفس عدد جند طالوت عندما هزموا جالوت، وقال تعالى فيهم ((كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإذْنِ اللَّهِ))
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
بناء العريش للرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
وأتي "سعد بن معاذ" الشاب سيد الأوس، واقترح على الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ألا يشترك بنفسه في المعركة، وانما يشرف على المعركة، فاذا انهزم المسلمون يعود الى المدينة، يقول سعد:
- يا نبي الله ألا نبنى لك عريشًا تكون فيه، ونعد عنده ركائبك، ثم نلقي عدونا فان أظهرنا الله عليهم كان ذلك ما أحببنا، وان كانت الأخري لحقت بما ورائنا من القوم يمنعك الله بهم ويجاهدون معك
فأثنى الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عليه خيرًا ودعا له، وبنى المسلمون للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عريشًا على تل مرتفع يشرف منه على ساحة المعركة، كما تم اختيار مجموعة من شباب الأنصار لحراسة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بقيادة "سعد بن معاذ" نفسه، وقد بُنِىَ في نفس مكان العريش الآن مسجد جميل، أطلق عليه مسجد العريش
وكان هذا الموقف يدل على فقه الصحابة وحسن فهمهم لسنن الله تعالى في كونه، وأن التوكل لا يعنى عدم الأخذ بالإسباب، وانما التوكل هو اعتماد القلب على الله بعد الأخذ بجميع الأسباب
مسجد العريش
لماذا قرر -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عدم الإشتراك في القتال
وكان قرار الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عدم الاشتراك في القتال، قرارًا حكيمًا، لأن اشتراك الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بنفسه في القتال سيربك المسلمين، ويجعلهم يفقدوا التركيز، بسبب قلقهم على الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
كما سيجعل جيش مكة يتجمع في نقطة واحدة حول الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لقتله، فيتجمع المسلمون بدروهم للدفاع عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومن ثم يسهل على جيش قريش محاصرة المسلمين في هذه البقعة
*********************************
لمطالعة بقية الفصول اضغط هنا
*********************************
|