Untitled Document

عدد المشاهدات : 7460

الفصل السادس والعشرون بعد المائتين: فتح مكة- الجزء السابع- الذين أهدر الرسول دمائهم وعفا عنهم

 أسْرَار السيرة الشَرِيفَة- منهج حياة

الجزء الثامن عشر: فتح مكة
الفصل السادس والعشرون بعد المائتين
*********************************
 
فتح مكة- الجزء السابع
الذين أهدر الرسول دمائهم وعفا عنهم
*********************************

*********************************
تحدثنا في عن الفتح الأعظم وهو فتح مكة في 20 رمضان من السنة الثامنة من الهجرة، وقلنا أن الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وضع خطته ليدخل مكة بدون قتال، وقام الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في سبيل ذلك بعدة اجراءات تحدثنا عنها، وبالفعل تم فتح مكة بدون قتل رجل واحد من أهل مكة
ومع ذلك فقد أصدر -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أوامره بقتل خمسة عشر من أهل مكة حددهم بالإسم، وأمر صحابته بقتلهم  وان وجدوا متعلقين بأستار الكعبة
ولم يقتل من هؤلاء الخمسة عشر سوي اربعة فقط، وعفى الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن الباقين
وهؤلاء الذين أمر الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بقتلهم قد قاموا بجرائم شديدة ضد الدولة الإسلامية
 ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
مِقْيس بن صبابة: 
كان قد أسلم، وحدث أن قتل أحد الأنصار أخيه خطأ في أحد الغزوات ظنًا منه أنه من العدو، فأخذ الدية ثم قتل هذا الأنصاري، وارتد وعاد مشركًا الى قريش، فلما كان الفتح قتل قصاصًا
 ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
عبد الله بن الأخطل، والجاريتين المغنيتين
وكان "عبد الله بن الأخطل" قد أسلم وهاجر الى المدينة، ثم بعثه الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأخذ الصدقة، وكان معه مولى له مسلمًا، فأمر مولاه بأن يصنع له طعامًا، ثم نام، فلما استيقظ وجد مولاه نائمًا ولم يصنع شيئًا، فقتله، ثم خاف أن يقام عليه الحد، فارتد مشركًا وعاد الى مكة
وكان شاعرًا فأخذ يهجو الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وكان له جاريتان يغنيان بهذا الشعر، فأمر الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بقتله وقتل الجاريتين
وكان أمره -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بقتاه قصاصًا لقتله هذا الرجل المسلم، وأمر -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بقتل الجاريتين من أجل الحفاظ على هيبة الدولة الإسلامية، لأن الشاعر ومن يتغنى بشعره كان بمثابة الفضائية المتحركة، وكل العرب تردد شعره، ويكون تأثيره في الناس أفعل من الحروب 
 فلما كان يوم الفتح ركب "عبد الله بن الأخطل" فرسه ولبس درعه وأقسم لا يدخلها الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلما رأي خيل المسلمين خاف وذهب الى الكعبة وتعلق بأستارها، فرآه الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كذلك فقال الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأصحابه: اقتلوه فان الكعبة لا تمنع من اقامة الحد، فقتل، وقتلت احدي الجاريتين، وأما الثانية فطٌلِب من الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-  العفو عنها فعفا عنها وعاشت حتى خلافة "عثمان" 

كان تأثير الشعر في الناس أفعل من الحروب
 ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
الحويرث بن نقيد
كان "الحويرث بن نقيد" من أشد قريشًا ايذاءُا للمسلمين، واشترك مع رجل آخر من أهل مكة وهو "هبار بن الأسود" في محاولة منع السيدة "زينب" بنت الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من الهجرة، وأخذوا ينخسون الجمل الذي كانت تركبه، حتى سقطت على صخرة، وكانت حامل فسقط جنينها، ولم تزل مريضة حتى ماتت
فلما كان فتح مكة قتله "على بن ابي طالب"

قتل "على بن ابي طالب""الحويرث بن نقيد"
 ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
هبار بن الأسود
كان كذلك من أشد قريش ايذاءًا للمسلمين، وهو الذي اشترك مع "الحويرث بن نقيد" في  اعتراض طريق السيدة "زينب" ونخس جملها وسقطت وكان ذلك سببًا في موتها بعد ذلك
فلما أهدر الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دمه يوم الفتح، هرب واختفي حتى عاد الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الى المدينة، ثم دخل يومًا على الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو في مسجده، فقال الصحابة: يا رسول الله هذا هَبّار بن الأسود !
فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: قد رأيته
وأراد بعض القوم القيام اليه ليقتلوه كما أمر الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فأشار اليهم الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يجلسوا، ثم وقف "هبار" أمام النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقال:
- السلامُ عليك يا رسول الله، إني أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنك رسول الله، لقد هربتُ منك في البلاد يا رسول الله، وأردتُ اللحوق بالأعاجم، ثم ذكرت فضلك وبرّك وصَفْحَك عمّن جهل عليك، فاصفَح عن جهلي وعما كان يبلغك عَنّي، فإني مُقرٌ بسوأتي معترف بذنبي 
يقول الصحابة، وأخذ "هبار" يعتذر ويعتذر، والرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يطرق رأسه حياءًا من كثرة اعتذار هبّار

أخذ "هبار" يعتذر والرَسُولُ يطرق رأسه حياءًا من كثرة اعتذاره
 ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
عبد الله بن أبي سرح 
كان  قد أسلم، وكان يكتب الوحي للرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثم ارتد ولحق بمكة، وصار يدعي على الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كلامًا غير صحيح، فيقول أن الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يملي عليه "عزيز حكيم" فيقول هو "أو عليم حكيم" فيقول الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-"نعم كل صواب" وكان أهل مكة يصدقونه، لأن الإنسان الذي على باطل يريد أن يصدق أي كلام يزين له هذا الباطل حتى ولو كان كلامًا غير معقول
فلما أهدر دمه يوم الفتح، لجأ الى "عثمان بن عفان" وكان أخا له في الرضاع، وقال: يا أخي استأمن لي رسول الله قبل أن يضرب عنقي، فغيبه عثمان -رضي الله عنه- في بيته حتى هدأ الناس، ثم أخذه "عثمان" من يده وأتى به إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ، وقال: يا رسول الله بايع عبد الله" فلم يرد عليه الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وطال الصمت، فعاود "عثمان" قوله فلم يرد عليه الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فكرر طلبه للمرة الثالثة، فمد الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يده وبايعه وأمنه  
فلما انصرف قال الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأصحابه:
- أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حيث رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله ؟.
فقالوا:
- ألا أومأت إلينا بعينك ؟.
فقال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
- إنه لا ينبغي لنبي أن يكون له خائنة أعين 
وقد حسن اسلام "عبد الله بن السرح" بعد ذلك

ألا أومأت إلينا بعينك ؟.
 ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
سارة 
تحدثنا عن سارة في الحلقة الثالثة من فتح "مكة" وقلنا أن "سارة" كانت أمة عند "أبو لهب" عم الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وكانت تغنى في مكة بهجاء الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثم قدمت المدينة تشكو الحاجة، فقال لها الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "ما كان في غنائك ما يغنيك؟" فقالت: ان قريشًا تركوا الغناء منذ قتل منهم من قتل ببدر، فعرض عليها الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الإسلام فرفضت، فأعطاها الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقبل منها أن تظل بالمدينة على كفرها 
ولكنها خانت كل ذلك وحملت كتاب "حاطب بن أبي بلتعة" الى قريش تخبرهم بمسير الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اليهم
فلما كان فتح مكة اختفت ثم جائت الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- واستئمنته وأسلمت وعاشت حتى خلافة ابو بكر الصديق
 ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
زهير بن أمية والحارث بن هشام:
كانا شديدا في كفرهما، فاختبئا في بيت "أم هانيء" بنت عم الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والتى تربت معه في بيت واحد، فلما علم أخوها "على بن ابي طالب" أصر على قتلهما، فذهبت الى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقالت:
- يَا رَسُولَ اللَّهِ، زَعَمَ ابْنُ أُمِّى أَنَّهُ قَاتِلٌ رَجُلاً قَدْ أَجَرْتُهُ فُلاَنَ وفلان. 
فَقَالَ الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- 
- قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ 
 ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وحشي بن حرب
وهو الذي قتل حمزة رضي الله عنه يوم أُحد، وكانت الصحابة أحرص شيء على قتله، فلما فتحت مكة هرب إلى الطائف، ثم جاء النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأسلم وعفا عنه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- 
ولما مات الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خرج وقاتل في حروب الردة في خلافة أبو بكر، فكان هو الذي قتل "مسيلمة الكذاب" بحربته التى قتل بها "حمزة" فكان يقول: أرجو ان تكون هذه بتلك
أي قتله لمسيلمة يكفر به قتله لحمزة

قتل "وحشي بن حرب" حمزة يوم أحد
 ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
هند بنت عتبة
 تحدثنا عن "هند بنت عتبة" في الحلقة السابقة، وقلنا أنها زوجة أبي سفيان وأم ابنه معاوية، وكانت شديدة في كفرها، وهي التى مثلت بحمزة عم الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلما كانت يوم الفتح لزمت منزلها، حتى دخلت على الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهي منتقبة تخفي وجهها، ثم قالت:
- يا رسول الله، الحمد لله الذي أظهر الدين الذي اختاره لنفسه، لتنفعني رحمك
فقال الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: من ؟
فكشفت النقاب عن وجهها وقالـت: هند بنت عتبة يا رسول الله
فتبسم لها الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقال: مرحبًا بك، وعفا عنها الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- 
 ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
صفوان بن أمية: 
كان من أشد قريش عداوة للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وايذاءًا للمسلمين، وهو ابن "أمية بن خلف" أحد صناديد قريش، وقد قتل في "بدر" فلما كان فتح مكة هرب "صفوان بن أمية"، ثم جاء ابن عمه "عمير بن وهب" وقال: 
- يا نبي الله إن صفوان سيد قومه، وقد هرب فأمنه، فانك أمَّنت الأحمر والأسود
فقال له الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- 
- أدرك ابن عمك فهو آمن
فقال: اعطنى آية
فأعطاه الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- العمامة التى دخل بها مكة، فذهب الى "صفوان" قبل ان يركب البحر، فقال له:
- أي صفوان جئتك من عند أفضل الناس وأبرّ الناس وأحلم الناس وخير الناس وهو ابن عمك عزه عزك وشرفه شرفك وملكه ملك
فقال صفوان: 
- إني أخافه على نفسي
قال: 
- هو أحلم من ذلك وأكرم
ثم أراه عمامة الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فعاد "صفوان" ودخل على الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وعرض عليه الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال له صفوان: 
- أمهلنى بالخيار شهرين
فقال له الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- 
- أنت بالخيار أربعة أشهر

قال صفوان: أمهلنى بالخيار شهرين
ثم لما أراد الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الخروج لحرب "هوازن" طلب من "صفوان" أن يقترض منه أربعين ألف درهم، وطلب دروعًا كانت عنده، فقال "صفوان بن أمية" 
- أغصبًا يا محمد ؟ 
قال الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: 
- لا بل عارية
ثم خرج مع الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لحرب هوازن وهو على شركه، فلما قسم الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الغنائم أعطاه: مائة من الإبل، ثم مائة، ثم مائة، ثم رآه يرمق شعبًا مملؤا بالأنعام، فقال له: يعجبك هذا ؟ قال: نعم، فقال له الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هو لك، فأخذ صفوان كل في الشعب، ثم قال:
- إن الملوك لا تطيب نفوسها بمثل هذا، ما طابت نفس أحد قط بمثل هذا إلا نبي، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله
هكذا أسلم "صفوان" قبل مهلة الأربعة أشهر، وحسن اسلامه بعد ذلك
 ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
عكرمة بن أبي جهل
كان من أشد قريش عداوة للرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقاتل مع قريش في بدر، وكان ميسرة الفرسان في احد، واشترك في الخندق وأحد الذين اقتحموا الخندق مع "عمرو بن ود" قبل أن يقتل وفر هو هاربًا، وكان أخيرًا قائد جيش المشركين الذين تصدوا للمسلمين في فتح مكة عند جبل "الخندمة"
فلما دخل المسلمون مكة هرب واتجه الى اليمن، وكانت امرأته "أم حكيم" قد أسلمت، فدخلت على الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وطلبت الأمان لزوجها، فأمنه الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فخرجت في طلبه الى اليمن، ولحقته قبل أن يركب البحر، وقيل لحقته وهو في السفينة قبل أن تتحرك، فرجع معها وأسلم، وفرح الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- باسلامه، وكان من فضلاء الصحابة –رضى الله عنه- وما خاض المسلمون بعد اسلامه معركة الا خاضها معهم، واشترك في حروب الردة، ثم لما فرغ اتجه الى الشام، واشترك في معركة اليرموك، ولما اشتد الكرب على المسلمين في معركة اليرموك، نزل من على جواده وكسر غمد سيفه، ونادي بأعلى صوته: من يبايعنى على الموت، فباعيه البعض على الموت، وأوغل في صفوف الروم فبادر إليه "خالد بن الوليد" وقال: لا تفعل يا عكرمة فإن قتلك سيكون شديداً على المسلمين، فقال: 
- إليك عني يا خالد فلقد كان لك مع رسول الله سابقة، أما أنا وأبي فقد كنا من أشد الناس على رسول الله، فدعني أكفر عما سلف مني
وظل يقاتل حتى مات شهيدًا رضى الله عنه

ظل "عكرمة" يقاتل يوم اليرموك حتى مات شهيدًا
 ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
كعب بن زهير: 
كان من أكبر شعراء العرب، وكان يهجو النبي الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-  بشعره، وكان الشعر –كما ذكرنا- هو الوسيلة الإعلامية الوحيدة والمؤثرة جدًا عند العرب
فلما بلغه أن الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قد أهدر دمه، هرب من مكة، ثم قدم على الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو في المدينة، وأسلم أمامه، وأنشد قصيدته المعروفة، والتى عرفت باسم قصيدة "البردة"  والتى أولها
بانَتْ سُعادُ فَقَلْبي اليَوْمَ مَتْبولُ
فلما وصل الى البيت الذي قال فيها:
إنَّ الرَّسُولَ لَنورٌ يُسْتَضاءُ بِهِ مُهَنَّدٌ مِنْ سُيوفِ اللهِ مَسْلُولُ
فلما وصل إلى هذا البيت رمى عليه الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إليه بردة كانت عليه، وهي كساء مخطط كان يلتحف به، فلما كان "معاوية" في زمن خلافته عرض على "كعب بن زهير" عشرة آلاف درهم ليأخذها منه، فرفض "كعب" وقال: ما كنت لأؤثر بثوب رسول الله الذي أعطانيه أحدا، فلما مات "كعب" بعث معاوية إلى ورثته بعشرين ألفا وأخذها منهم، وظلت هذه البردة الشريفة عند السلاطين، وكانوا يلبسونها في الأعياد، وقيل أنها فقدت في وقعة التتار، وقيل أنها لا زالت موجودة في أحد المتاحف في اسطنبول 
وهذه البردة غير "بردة البوصيري" والتى هي أشهر قصائد المدح النبوي


بردة الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في أحد متاحف اسطنبول
 ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
اذن –كما رأينا- أهدر الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعد فتح مكة دماء خمسة عشر، لم يقتل منهم سوي أربعة فقط، بينما عفا الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن بقيتهم، وهؤلاء الذين قتلوا، قتلوا قصاصًا لأنهم قتلوا من المسلمين أو لحفظ هيبة الدولة الإسلامية
*********************************

لمطالعة بقية الفصول اضغط هنا

*********************************