أسْرَار السيرة الشَرِيفَة- منهج حياة
الجزء الثامن عشر: فتح مكة
الفصل السابع والعشرون بعد المائتين
*********************************
فتح مكة- الجزء الثامن
سرايا تحطيم الأصنام
*********************************
*********************************
]دخل الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مكة على راحلته، وهو مطأطأً رأسه تواضعًا لله تعالى، وأراد أن يستلم الحجر الأسود ولكنه كان مزدحمًا، فأشار الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الى الحجر الأسود بمحجنه، وهي عصا كانت في يده -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثم بدء يطوف حول الكعبة
وكان حول الكعبة وعلى الكعبة عدد كبير من الأصنام: 360 صنمًا بعدد أحياء العرب، وكانت أقدام كل صنم مثبتة في الأرض بالرصاص، فجعل الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يدفع هذه الأصنام بالعصا التى معه، أو يشير اليها بهذه العصا وهو يقول (وَقُلْ جَآء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَطِلُ إِنَّ الْبَطِلَ كَانَ زَهُوقًا) فيسقط الصنم على وجهه أو ظهره وينكسر، ثم أمر الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بأن تخرج هذه الحجارة من المسجد فأخرجت وأحرقت
وأرسل الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مناديًا ينادي في مكة
- من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدع في بيته صنما إلا كسره
كان حول الكعبة وعلى الكعبة 360 صنم بعدد أحياء العرب
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وظل الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في مكة تسعة عشر يومًا، وخلال هذه الأيام التسعة عشر أرسل الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عدد من السرايا لتحطيم الأصنام في المناطق المحيطة بمكة، وذلك لتطهير الجزيرة العربية من رموز الشرك والوثننية، وكانت هذه السرايا اشارة الى أن الجزيرة العربية مقبلة على مرحلة جديدة من التوحيد الإعتقادي والعملي
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
بعث "سعد بن زيد" الأشهلى الى "مناة"
"مناة" هي أحد الأصنام التى عبدها العرب، وقد كانت طرفا في الثالوث الإلهي، وهم اللات والعزي ومناة، قال تعالى في سورة النجم ((أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى ((
وكانت الجزيرة بها كثير من المعبودات، ولكن هؤلاء الثلاثة كانوا اهم المعبودات عند العرب، لأن العرب كانت تعتقد أن هؤلاء الثلاثة بنات الله، وبعض العرب اعتقد أن اللات ومناة بنات العزي
وكانت العرب تعظم جدًا صنم "مناة" حتى أنها كانت تحج اليه، وكانت في منطقة على ساحل البحر الأحمر تعرف بالمُشَلَّل
فأرسل الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "سعد بن زيد الأشهلى" ومعه عشرون فارسًا في الرابع والعشرين من رمضان لهدم هذا الصنم
ولما انتهي اليها قابله سادنها، والسادن هو خادم الصنم، كما يمكن أن يطلق الآن على خادم المسجد الحرام، وخادم الكعبة، وخادم المسجد الأقصى
فقال له سادن الصنم:
- ماذا تريد ؟
فقال:
- هدم مناة
فقال له:
- أنت وذاك
فلما اقترب منها صاح السادن:
- مناة دونك بعض عصاتك
فأقبل "سعد بن زيد" على الصنم فهدمه
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
سرية خالد بن الوليد لهدم العزي
"العزي" هو أحد أطراف الثالوث الإلهي الذي تكلمنا عنه وهي: اللات والعزي ومناة، والتى ذكرها الله تعالى فقال ((أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى ((
و"العزي" اسم اشتقوه من اسم الله تعالى "العزيز" ولذلك كانوا يسمون "عبد العزي"
وبلغ من تعظيم العرب للعزي أن جعلوا له حرمًا مثل حرم مكة، وكانت في مكان اسمه "نخلة" في شمال شرق مكة
فأرسل الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "خالد بن الوليد" في 25 من رمضان على رأس ثلاثين فارسًا لهدم هذا الصنم على رؤوس الأشهاد، فوصل اليها خالد فكسر الصنم وهدم البيت الذي كانت فيه وهو يردد
- كفرانك لا سبحانك إني رأيت الله قد أهانك.
أرسل الرَسُولُ "خالد بن الوليد" على رأس ثلاثين فارسًا لهدم صنم "العزي
سرية خالد بن الوليد لهدم العزي
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
سرية "عمرو بن العاص" الى "سواع"
وكان "سواع" كذلك من أشهر أصنام العرب، وقد كان يعبد منذ زمن "نوح" عليه السلام، وقد ذكره الله تعالى فقال ﴿وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً﴾ وكان هذا الصنم عند قبيلة "هذيل"
فأرسل الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "عمرو بن العاص" لهدمه في رمضان من السنة الثامنة، وكانت على بعد حوالى خمسة كيلو مترات من مكة
فلما انتهي اليه "عمرو بن العاص" كان عند الصنم "سادن الصنم" فلما رأي السادن الخيول، قال لعمرو بن العاص:
- ما تريد ؟
فقال له عمرو بن العاص:
- أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أهدمه
فقال السادن:
- لا تقدر على ذلك
قال عمرو:
- لِمَ؟
قال:
- تُمنع
قال له عمرو:
- ويحك ! حتى الآن أنت في الباطل، وهل يسمع أو يبصر؟!
ثم تقدم "عمرو بن العاص" فكسره، ثم قال للسادن:
- كيف رأيت؟.
فقال السادن:
- أسلمت لله.
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وفي أثناء اقامة الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في مكة وصل اليه أن عدد كبير من قبائل "هوازن" قد اجتمعت لأول مرة في تاريخها لحرب المسلمين، وقبائل "هوازن" من القبائل القوية المتغطرسة والتى رفضت أن تستسلم وأن تخضع للرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فاجتمعت هذه القبائل في جيش كبير، وجعلت لها قائدًا واحدًا وهو "مالك ابن عوف النَّصْري" وخرج هذا الجيش واتجه الى مكة لحرب الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
وهذا يبين لنا حكمة الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في أن يحيط التحرك الى مكة بهذه السرية الشديدة
ما الذي حدث بعد ذلك ؟ هذا سيكون حديثنا في الجزء القادم
*********************************
لمطالعة بقية الفصول اضغط هنا
*********************************
|