أسْرَار السيرة الشَرِيفَة- منهج حياة
الجزء الثاني والعشرون:
الأحداث من غزوة تبوك
حتى وفاة الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
الفصل الخامس والخمسون بعد المائتين
*********************************
وفد نصاري نجران
*********************************
*********************************
من هم نصاري نجران ؟
ما زلنا نتحدث عن الوفود التى جائت الى المدينة في السنة التاسعة والسنة العاشرة من الهجرة
من أهم الوفود التى قدمت المدينة هو وفد نصاري نجران، وغير معروف بالتحديد متى جاء هذا الوفد الى المدينة
و"نجران" هي بلد كبيرة في جنوب الجزيرة العربية، بالقرب من مدينة "صنعاء" باليمن الآن، وكانت تدين بالنصرانية
نجران في جنوب المملكة السعودية الآن
وكان الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قد أرسل اليهم كتابًا يدعوهم فيه الى الإسلام، فان ابو فدفع الجزية
فلما وصلهم الكتاب قرروا أن يرسلوا وفدًا الى المدينة، وكان عدد هذا الوفد ستون رجلًا
مشهد أثري من مدينة نجران
نجران الآن
=======
شهادة "أبو حارثة بن علقمة"
وكان في الوفد رجل اسمه "أبو حارثة بن علقمة" وكان هو أسقفهم وامامهم، وكانوا يرون له كرامات وكان ملوك الروم قد شرفوه وبنوا له الكنائس ويرسلون له الأموال
فلما خرج الوفد وفيهم "أبو حارثة" عثرت به بغلته، وكان الى جواره أخ له اسمه "كرز" فقال كرز:
- تعس الأبعدُ
يقصد بذلك الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال له أبو حارثة
- بل أنت تَعِسْتَ.
فقال كرز:
- ولِمَ يا أخى؟
فقال:
- واللهِ إنه النبىُّ الأُمىُّ الذى كنا ننتظرُه.
فقال له كُرز:
- فما يمنعُك من اتِّباعه وأنت تعلمُ هذا؟
فقال أبو حارثة:
- ما صنع بنا هؤلاء القومُ: أكرمونا وشرَّفونا، وموَّلونا، ولو فعلتُ نزعوا منا كُلَّ ما ترى
فأضمرها "كرز بن علقمة" حتى أسلم بعد ذلك
قال كُرز: فما يمنعُك من اتِّباعه
=======
جدال وفد "نجران" للرسول
قدم هذا الوفد الى المدينة ودخلوا المسجد وهم يلبسون الحرير والذهب حتى يبهروا المسلمين، فرفض الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن يتحاور معهم وهم على هذه الهيئة، فلما كان اليوم التالي جائوا بملابس الرهبان فتحدث معهم الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
وعندما دخلوا كانت صلاة العصر، فقام المسلمون يصلون، وقام الوفد يصلى صلاته في مسجد الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأراد الناس منعهم، ولكن الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال لهم "دَعُوهُم"
وكان وفد "نجران" مختلفًا عن بقية الوفود، لأن جميع الوفود جائت لتعلن الإسلام وتتعلم الإسلام، ولكن وفد نجران جاء رافضًا للإسلام، ولذلك عندما عرض عليهم الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الإسلام لم يقبلوه بل قالوا له "كنا مسلمين قبلكم" وهذا الكلام صحيح لو كانوا متبعين لكتبهم الإصلية قبل تحريفها، ولذلك أنكر عليهم الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قولهم "كنا مسلمين قبلكم" وقال"يمنعكم من الإسلام ثلاثة: عبادتكم الصليب، وأكلكم لحم الخنزير، وزعمكم أن لله ولداً"
ثم قالوا "ما لك تشتم صاحبنا؟ -يقصدون عيسى عليه السلام- وتقول: إنه عبد لله عز وجل" فقال الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أجل إنه عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول.
فقالوا: هل رأيت إنساناً قط من غير أب، فإن كنت صادقاً فأرنا مثله؟
فقال الله عز وجل في ذلك: ((إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)) فالنصاري لا ينكرون أن آدم قد خلق بلا أب ولا أم، فاذا كانوا يرون أن عيسى إلاهًا لأنه خلق من غير أب، فالأولى هو "آدم" لأنه خلق بلا أب ولا أم
=======
الرسول يدعو الوفد للمباهلة
وأخذ الوفد يجادل الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ساعات طويلة بل عدة أيام، والآيات في صدر سورة "آل عمران" حتى الآية رقم (80) هي ردود على وفد "نجران" وعلى جميع النصاري، حتى قال الله –عز وجل- في الآية (61) وهي آية المباهلة ((فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ))
و"المباهلة" طريق جديدة لإقامة الحجة، وهي تعنى أن يجمع كل طرف أهله، ويقف وجها لوجه مع الطرف الثاني، ويبتهل كل منهما أن ينزل الله عز وجل لعنته على الذي يكذب وينكر الحق
فخلا الوفد بعضهم ببعض وتشاوروا، وقالوا "ما باهل قوم نبياً إلا هلكوا" فلما جاء الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في صباح اليوم التالي ومعه عائلته المكونة من فاطمة رضي الله عنها ابنته، وعلي بن أبي طالب زوجها، والحسن والحسين رضي الله عنهم أجمعين، وقال الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إذا دعوت فأمنوا" قالوا للرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "احكم علينا بما أحببت" وأقروا الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على دفع الجزية
ما باهل قوم نبياً إلا هلكوا
=======
نبدأ في الفصل القادم الحديث عن بعض الأحداث التى وقعت في السنة العاشرة من الهجرة
*********************************
لمطالعة بقية الفصول اضغط هنا
*********************************
|