أسْرَار السيرة الشَرِيفَة- منهج حياة
الجزء الثاني والعشرون:
الأحداث من غزوة تبوك
حتى وفاة الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
الفصل الثاني والستون بعد المائتين
*********************************
سرية أسامة بن زيد
*********************************
*********************************
في صفر من السنة الحادية عشر من الهجرة، وقبل وفاة الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بخمسة عشر يومًا، أَمَّر الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أسامة بن زيد على سرية لغزو الشام، وأمره أن يسير حتى يصل الى "مؤتة" وهو المكان الذي مات فيه أبوه في غزوة "مؤتة" وقال له الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
- سر إلى موضع مقتل أبيك
وكان هذا هو ثالث تحرك للرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الى الروم، الأول "مؤتة" ثم "تبوك" والآن بعث "أسامة" مع أن الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يرسل أي سرية لمواجهة الإمبراطورية الفارسية، والسبب هو أن الشام بها القدس، والروم هم الذين يسيطرون على المسجد الأقصى، والمسجد الأقصى هو ثالث الحرمين، ويجب أن يكون تحت حكم المسلمين
==========
وبدأ المسلمون يستعدون للخروج، ولكن بعد يومين بدأ الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يشعر بصداع في راسه
وكان الجيش في ذلك الوقت يتجمع في معسكر في منطقة "الجُرف" على بعد حوالى 7 كم من المدينة
منطقة "الجُرف" على بعد حوالى 7 كم من المدينة
==========
وكان عمر "أسامة بن زيد" عشرون عامًا، والجيش به عددًا كبيرًا من شيوخ المهاجرين والأنصار، فكان فيهم: أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وأبو عبيدة بن الجراح، وسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، وكان هذا يدل مرة أخري على قناعة الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بامكانيات الشباب الهائلة
ولكن تكلم الناس في هذا، وقالوا "يستعمل هذا الغلام على المهاجرين الأولين".
وعلم الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بما يتكلم به الناس، فخرج وقد عصب على رأسه عصابة، وكان ذلك يوم السبت 10 ربيع الأول، قبل وفاته بيومين اثنين، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
- أما بعد، أيها الناس فما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامة، ولئن طعنتم في إمارتي أسامة، لقد طعنتم في إمارتي أباه من قبله، وأيم الله إن كان للإمارة لخليقًا، وإن ابنه من بعده لخليق للإمارة، فاستوصوا به خيرًا، فإنه من خياركم
ثم دخل الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بيته، وجاء المسلمون الذين يخرجون مع أسامة يودّعون النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وجعل الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول
- أنفذوا بعث أسامة
في اليوم التالي: الأحد 11 ربيع الأول، أي قبل وفاة الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بيوم واحد، خرج "أسامة" من معسكره، ودخل على الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقد اشتد بالنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الألم، فطأطأ أسامة فقبله، و الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا يتكلم، وجعل الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يرفع يده الى السماء ويضعها على أسامة، يقول أسامة "فعرفت أنه يدعو لى"
ثم خرج "أسامة" وعاد الى معسكره
وفي اليوم التالي: يوم الإثنين 12 ربيع الأول، جاء "أسامة" الى الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مرة أخري، فوجد الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مفيقًا، وقال له الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
- اغد على بركة الله
فعاد "أسامة" الى المعسكر، وأمر الجيش بالتحرك
أمر "أسامة بن زيد" الجيش بالتحرك
==========
وبينما الجيش يتأهب للتحرك، جاء "أسامة" رسول من امه "أم أيمن" يقول "إن رسول الله يموت فأقبل" فعاد وعاد كل الجيش الى المدينة، وجاء حامل اللواء، واسمه "بريدة بن الحصيب" فغرس اللواء عند بيت الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
==========
لما بويع "أبو بكر" بالخلافة، كان أول قرار هو انفاذ جيش أسامة، وأمر حامل اللواء "بريدة بن الحصيب" بأن يأخذ اللواء من عند بيت الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ويخرج به الى معسكرهم الأول
وارتد بعض العرب، فرأي أكثر المسلمون أن يؤجلوا انفاذ جيش أسامة حتى توجه كل الجهود لمحاربة المرتدين، ولكن "أبو بكر" أصر على انفاذ جيش أسامة وقال:
- والله لو ظننت أن السباع تخطفنى لأنفذت بعث أسامة كما أمر الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وانطلق جيش أسامة وحقق جميع الأهداف التى أمر بها الرَسُــــولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وعاد الجيش سالمًا بلا قتيل واحد ولا حتى جريح واحد، وصدق الرسول حين قال " وإنه لخليق للإمارة"
نتحدث في الفصل القادم عن وفاة الرَسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
سرية أسامة بن زيد
*********************************
لمطالعة بقية الفصول اضغط هنا
*********************************
|