Untitled Document

عدد المشاهدات : 3538

الفصل الرابع والستون بعد المائتين: يوم وفاة الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

      أسْرَار السيرة الشَرِيفَة- منهج حياة

الجزء الثالث والعشرون:
 أحداث وفاة الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
الفصل الرابع والستون بعد المائتين
*********************************
يوم وفاة الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
*********************************

*********************************
وفاة الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
كثر الناس في حجرة عائشة، وكانت الشمس قد ارتفعت في يوم الإثنين 12 ربيع الأول، فقال الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- 
- أخرجوا من عندي في البيت
ثم قال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- 
- ادني مني يا عائشة 
فوضع الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رأسه على فخذ أمنا عائشة، وغشيى عليه، ثم أفاق، وجعل الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يدخل يده في اناء من جلد به ماء، ويمسح بها وجهه وهو يقول 
- لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، إِنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ. 
ثم قال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-  
- اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى سَكَرَاتِ الْمَوْتِ.

جعل الرسول يدخل يده في اناء به ماء، ويمسح بها وجهه
============
ووضعت أمنا عائشة رأس الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-  على صدرها، ورفع بصره الى سقف الحجرة، وكأنه يري مقعده من الجنة، ويعرض عليه التخيير بين الموت وبين البقاء في الدنيا
لأن عموم المؤمنين يرون مقاعدهم من الجنة في قبورهم بعد موتهم، ولكن الأنبياء يبشرون بذلك في دنياهم قبل موتهم، يقول الرسول "إِنَّه لَمْ يُقْبَضْ نَبِيٌّ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ، ثُمَّ يُخَيَّرُ".
ورفع الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-  سبابته، وسمعت السيدة عائشة الرسول وهو يقول "مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي، وَأَلْحِقْنِي بِالرَّفِيقِ الأَعْلَى، اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى، اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى، اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى" ويكررها تقول السيدة عائشة، فعرفت أنه الحديث الذي كان يحدثنا به وهو صحيح، تقول فقلت: إذن لا يختارنا
وسقطت يد الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وثقلت رأسه على صدر أمنا عائشة

============
 ما الذي حدث ؟ 
جاء جبريل الى الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وقال: يارسول الله ، ملك الموت بالباب ، يستأذن أن يدخل عليك ، وما استأذن علي أحد من قبلك . فقال النبي : 
- إءذن له يا جبريل 
فدخل ملك الموت علي النبي صلى الله عليه و سلم  وقال : 
- السلام عليك يا رسول الله ، أرسلني الله أخيرك ، بين البقاء في الدنيا وبين أن تلحق بالله . 
فقال النبي صلى الله عليه و سلم   :  
- مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي، وَأَلْحِقْنِي بِالرَّفِيقِ الأَعْلَى، اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى، اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى، اللَّهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى
فوقف ملك الموت عند رأس النبي صلى الله عليه و سلم   وقال : أيتها الروح الطيبه ، روح محمد بن عبد الله ، أخرجي إلي رضا من الله و رضوان ورب راض غير غضبان
تقول السيده عائشه : 
- فسقطت يد النبي صلى الله عليه و سلم  وثقلت رأسه في صدري ، فعرفت أنه قد مات

============
السيدة "عائشة" تخبر الصحابة بوفاة الرسول
فخرجت السيدة عائشة من حجرتها الى المسجد وهي تصرخ، وتضرب وجهها، وتقول "مات رسول الله مات رسول الله" فضج المسجد بالبكاء وارتفعت الأصوات، ورفع عمر سيفه وهو يقول 
- والله ما مات رسول الله، لقد ذهب إلى لقاء ربه كما ذهب موسى إلى لقاء الله، وغاب عن قومه أربعين يوماً وعاد مرة ثانية، ورسول الله ما مات وسيعود
وسقط "على بن أبي طالب" على الأرض لا يستطيع أن يقف، وأذهل جميع الصحابة
وجاء أبو بكر الصديق، ولم يكن في المسجد وقت وفاة الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ودخل الى بيت ابنته عائشة، وجثا على ركبته أمام الحبيب، ووضع يده على صدغيه، وقبله وهو يبكي، وقال: 
- طبت حياً وميتاً يا رسول الله! يا حبيبي! أما الموتة التي قد كتبها الله عليك فقد ذقتها فلا ألم عليك بعد اليوم يا رسول الله! ثم أجهش بالبكاء وهو يقول: واصفياه! واخليلاه! وانبياه!


أذهل جميع الصحابة
============
أبو بكر يتحدث الى المسلمين
وخرج الصديق مطأطأ الرأس فوجد عمر بن الخطاب لا يزال في ثورته وهو يصرخ "من قال بأن محمداً قد مات لأعلونه بسيفي هذا" والناس يسمعون "عمر" ويتمنون صدقه، فقال "أبو بكر" على رسلك يا عمر! اجلس يا عمر ! أمسك يا عمر! أمسكوا أيها الناس! وعمر يأبى إلا أن يتكلم
فانصرف "أبو بكر" عن "عمر" وأقبل على الناس، وقال أيها الناس! أيها الناس! من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيٌ لا يموت، ثم تلا قول الله جل وعلا:  وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ )) ذلك أن الصديق رجل يعيش مع القرآن

أيها الناس! من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات
يقول عمر بن الخطاب: "فلما سمعتها، وعلمت أن رسول الله قد مات عقرت -وقعت على الأرض- ولم تستطع قدماي أن تحملاني، وعلمت أن رسول الله قد مات".
وطفق الناس في المسجد وفي الطرقات وفي  البيوت يرددون هذه الآية ((وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ....)) وكأنهم يسمعونها لأول مرة، مع أنها نزلت قبل هذا التاريخ بسبع سنوات
وارتفع البكاء في كل أنحاء المدينة، أحد التابعين اسمه " أبو ذؤيب الهذلي" رحمه الله، جاء الى المدينة في يوم وفاة الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فلم ير الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولذلك فهو ليس من الصحابة وانما من التابعين، يقول: قدمت المدينة ولأهلها ضجيج بالبكاء، كضجيج الحجيج أهلّوا جميعًا بالإحرام، فقلت: ما هذا ؟
فقالوا: قبض رسول الله .

ارتفع البكاء في كل أنحاء المدينة
============
تغسيل الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
ودخل على الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أربعة يغسلونه، ومعهم جبريل:على بن أبي طالب، والعباس، والفضل بن العباس، وأسامة بن زيد، فكان العباس والفضل يمسكون جسد النبي، وأسامة يكب الماء، وعلى يغسله، دون أن يكشف جسده، وأخذ على يغسله وهو يبكي ويقول: طبت حيا وطبت ميتا يارسول الله 
ووضع الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في قبره في غرفة عائشة وبعد أن يوضع في قبره يقول أنس انتظروا لقد وقع منى خاتمي، يقولون أهذا وقت مثل هذا، ونزل أنس وقد رمي خاتمه حتى ينزل الى قبر النبي مرة أخري
فلما سمعت أصوات المساحين وهي تهيل التراب على جسد الحبيب، ضجت المدينة بالبكاء، وضجت فاطمة، ورفعت صوتها وهي تقول: "وا أبتاه! يا أبتاه! يا أبتاه أجاب رباً دعاه! وا أبتاه إلى جبريل ننعاه! وا أبتاه في جنة الفردوس مأواه"
ثم نظرت فوجدت أنس بن مالك، فقالت له 
- يا أنس أطابت أنفسكم أن تحثوا التراب على وجه رسول
وحان وقت أول صلاة فأذن بلال رضي الله عنه، فلما جاء عند قوله: أشهد أن محمداً رسول الله بكى بلال رضي الله عنه ولم يستطع أن يكمل الأذان فبكى الناس، وضجت المدينة بالبكاء.

بكى بلال رضي الله عنه ولم يستطع أن يكمل الأذان فبكى الناس
============
وهكذا أيها الأحباب! مات الحبيب صلى الله عليه وسلم.، يقول أنس بن مالك "
- لما كان اليوم الذي قدم فيه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ المدينة أضاء منها كل شيء، فلما كان اليوم الذي مات فيه أظلم منها كل شيء
============

 

*********************************

لمطالعة بقية الفصول اضغط هنا

*********************************