أسْرَار السيرة الشَرِيفَة- منهج حياة
الجزء الرابع والعشرون:
من أخلاق الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
*********************************
الفصل السبعون بعد المائتين
خلق الرحمة
عند الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
*********************************
*********************************
نتحدث في هذا الفصل عن خلق آخر من أخلاق الرَّسُولِ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو خلق الرَحْمَةِ
==========
رحمة الرسول بالْأَطْفالُ
نَبْدَأُ بِرَحْمَةِ وَرِفْقِ النبي –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْأَطْفَالِ
رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ:
"مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَرْحَمَ بِالصِّبْيَانِ وَالْعِيَالِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ "
انَّ الْبِيئَةَ الَّتِي كَانَ فِيهَا الرَّسُولُ -الْبِيئَةَ الْعَرَبِيَّةَ- كَانَتْ تَرَى رَحْمَةَ الصَّغِيرِ لَوْنًا مِنْ أَلْوَانِ الضَّعْفِ، التى لا تليق بالرجال
وتأمل مارواه الْبُخَارِيُّ: أَنَّ الَّنِبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَبَّلَ "الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ" وَكَانَ عِنْدَهُ "الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ" و الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ كان من سادات العرب، فَقَالَ الْأَقْرَعُ:
- إِنَّ لِي عَشَرَةَ مِنَ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أَحَدًا
و"الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ" يَفْتَخِرُ أَنَّ لَهُ عَشَرَةَ أَوْلَادٍ ولم يقبل أَحَدًا مِنْهُمْ، ويري أن هذا من الرجولة، فقال لَهُ الرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
- مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ
رَوَى كذلك الْبُخَاِريُّ وَمُسْلِمٌ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ يحمل حفيدته "أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ" فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا، وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا، وذلك في كل ركعة
==========
يقول "شَدَّادُ بْنُ الْهَادِ" خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَهُوَ يحمل الْحَسَينَ ووضعه إِلَى جِوَارِ قَدَمِهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ كَبَّرَ لِلصَّلَاةِ، وَفِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ سَجَدَ سَجْدَةً طويلة جدًا، فقَلَقَ"شَدَّادُ بْنُ الْهَادِ" عَلَى الرَّسُولِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَوَجَدَ الْحَسَينَ عَلَى ظَهْرِ الرَسُولِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ سَاجِدٌ،
فَلَمَّا انْتَهَتِ الصَّلَاةُ، قَالَ النَّاسُ:
- يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّكَ سَجَدْتَ سَجْدَةً أَطَلْتَهَا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ قَدْ حَدَثَ أَمْرٌ
فقال لهم الرَسُولِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
"ابْنِي ارْتَحَلَنِي فَكَرِهْتُ أَنْ أُعَجِّلَهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ"
==========
كَانَ الرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَوْقَ الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ فرأي الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ مقدمين وهما يرتديان قمصان طويلة (جَلَالِيبَ) ويتعثران فيها، فَنَزَلَ مِنَ عَلَى الْمِنْبَرِ ووضعهما الى جنبه وَهُوَ يَقُولَ:
- صَدَقَ اللهُ ((إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ))
==========
فِي يَوْمٍ أتي الْحَسَنُ الى الرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأخذه وأقعده فِي حِجْرِهِ، فتبول الْحَسَنُ، فقام اليه الصَّحَابَةُ، فقال لهم الرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
- دَعُوا ابْنِي، لَا تُفْزِعُوا ابْنِي
ثم دَعَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَاءٍ يُصَبُّ عَلَيْهِ.
==========
لقى الرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- طِفْل صَغِير اسْمَهُ "أَبَا عُمَيْرٍ" حَزِينًا، و"أَبَا عُمَيْرٍ" هو الأخ الصغير لخادمه "أَنَسٍ بْنِ مَالِكٍ" فسال -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
- مَا لِي أَرَى أَبَا عُمَيْرٍ حَزِينًا ؟
فَقَالُوا:
- مَاتَ نُغْرُهُ الَّذِي كَانَ يَلْعَبُ بِهِ
و"النُّغْرُ" هُوَ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الْعَصَافِيرِ
فقال الرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأَبَا عُمَيْرٍ وقال له:
- أبَا عُمَيْرٍ، مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ
==========
كَانَ الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا مَرَّ بِصِبْيَانٍ يَلْعَبُونَ يُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ
يقول "جَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ" خرج النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاسْتَقْبَلَهُ وِلْدَانُ الْمَدِينَةِ، فَجَعَلَ يَمْسَحُ خَدَّيْ أَحَدِهِمْ وَاحِدًا وَاحِدًا يقول: وَأَمَّا أَنَا فَمَسَحَ خَدِّي فَوَجَدْتُ لِيَدِهِ بَرْدًا ورِيحًا كَأَنَّمَا أَخْرَجَهَا مِنْ جُونَةِ عَطَّارٍ
"جُونَةِ العَطَّارٍ" هو الآنية التى يحفظ فيها العطار العطر
==========
أُتِيَ الرَسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِشَرَابٍ فَشَرِبَ مِنْهُ، وكان علي يمينه غُلامٌ وعلى شماله فقال الرسول –عليه الصلاة والسلام- للغلام:
- أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَ هَؤُلَاءَ
فقال الْغُلَام:
- وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لا أُوثِرُ بِنَصِيبِي مِنْكَ أَحَدًا0
فبدأ به الرَسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
==========
ورأي الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في يوم عيد طفل لا يلعب مع الصبيان، فسأل عنه، فعلم أنه يتيم، فأخذه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الى بيته وأعطاه ثم قال له:
- إِذَا سَأَلَكَ أَحَدٌ عَنْ أَبِيكَ وَأُمِّكَ فَقُلْ أَبِي مُحَمَدًا وَأُمِّي عَائِشَةَ.
==========
رحمة الرسول بالنِّسَاءُ
انْظُرْ إِلَى رِفْقِ النَّبِيِّ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالنساء
يقول الرَّسُولُ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ "اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا"
وَيَقُولُ الرَّسُولُ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ- فِي آخِرِ خُطْبَةٍ لِلْمُسْلِمِينَ، قبل موته، "اتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ" وَأَخَذَ يُكَرِّرُهَا
==========
يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
"إِنِّي لَأَقُومَ فِي الصَّلَاةِ أُرِيدُ أَنْ أُطَوِّلُ فِيهَا فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأَتَجَوَّزَ فِي صَلَاتِي كَرَاهِيَةَ أَنْ أَشُقُّ عَلَى أُمِّهِ"
==========
عندما رَجِعَ الرَّسُولُ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ خَيْبَرَ وَتَزَوَّجَ من السَّيِّدَةَ "صَفِيَّةَ" كَانَ يَجْلِسُ عِنْدَ بَعِيرِهِ، وتأتي السَّيِّدَةَ صَفِيَّةُ فتضع رِجْلَهَا عَلَى رُكْبَتِهِ حتى تَرْكَبَ بعيرها
==========
وكان الرَّسُولَ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسْتُرُ السَّيِّدَةَ عَائِشَةَ بِثَوْبِهِ حَتَّى تُشَاهِدَ الْحَبَشَةَ وهم يلعبون بالحراب فِي الْمَسْجِدِ فِي يَوْمِ عِيدٍ، تَقُولُ "حَتَّى أَكُونَ أَنَا الَّذِي أَسْأَمُ"
هنا كان يقف الرسول يستر السيدة عائشة بثوبه
==========
كانت السَّيِّدةُ عَائِشَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- فِي سَفَرٍ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِلنَّاِس: تَقَدَّمُوا، فَتَقَدَّمُوا، تقول السيدة عائشة: ثُمَّ قَالَ لِي: "تَعَالَيْ أُسَابِقُكِ"
فَسَابَقْتُهُ فَسَبَقْتُهُ، تَقُولُ حَتَّى بَدِنْتُ –زاد وزني- خَرَجْتُ مَعَهُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، فَقَالَ لِلنَّاسِ: تَقَدَّمُوا فَتَقَدَّمُوا، ثُمَّ قَالَ: "تَعَالَي حَتَّى أُسَابِقَكِ"
فَسَابَقْتُهُ فَسَبَقَنِي، فَجَعَلَ يَضْحَكُ وَهُوَ يَقُولُ: "هَذِهِ بِتِلْكَ"
==========
يَقُولُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلسَّيِّدَةِ عَائِشَةَ:
- إِنِّي لَأَعْلَمَ إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، وَإِذَا كُنْتِ عَليَّ غَضْبَى
قَالَتْ:
- وَمِنْ أَيْنَ تَعْرِفُ ذَلِكَ؟
قَالَ:
- أَمَّا إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً فَإِنَّكِ تَقُولِينَ: لَا وَرَبُّ مُحَمَّدٍ، وَإِذَا كُنْتِ غَضْبَى قُلْتِ: لَا وَرَبُّ إِبْرَاهِيمَ
==========
رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
- أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟
قَالَ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
- عَائِشَةُ
==========
رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ وَمَعَهُ أَصْحَابُهُ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ السَّيِّدَةُ "زَيْنَبُ" بِقَصْعَةٍ فِيهَا طَعَامٍ، - طبق ويكون غالبًا من الخشب- فَغَارَتْ مِنْهَا السَّيِّدَةُ "عَائِشَةُ" فضَرَبَتْ السَّيِّدَةُ "عَائِشَةُ"يَدَ الرَّسُولِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَقَطَتْ الْقَصْعَةُ وانْكَسَرَتْ
فضم الرَّسُولِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- القصعة، وجمع فيها الطعام، ثم قال للصحابة
- غَارَتْ أُمُّكُمْ كُلُوا
وَمِنْ عَدْلِ الرَّسُولِ أَنَّهُ أَرْسَلَ إِلَى السَّيِّدَةِ زَيْنَبَ اللى كُسِرَتْ قَصْعَتُهَا، قَصْعَة صَحِيحَةً مِنْ بَيْتِ عَائِشَةَ.
==========
رحمة الرسول بالْخَدَمُ
أَشْهَرُ مَنْ خَدَمَ الرَّسُولَ هُوَ "أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ" حَتَّى أَنْ لَقَبَهُ هُوَ "خَادِمَ رَسُولِ اللهِ
وَقد خَدَمَ "أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ" الرَّسُولَ–صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَشَرَةَ سَنَوَاتٍ، منذ هاجر الرَّسُولَ–صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الى الْمَدِيَنةَ حَتَّى تُوُفِيَ، وَكَانَ عُمْرُهُ عِنْدَمَا خَدَمَ النَّبِيَّ عَشْرَ سَنَوَاتٍ، فخدمه حتى بلغ عِشْرِينَ سَنَةٍ.
يقول أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ أَحْسَنِ النَّاسِ خُلقًا، وَأَرْحَبِهِمْ صَدْرًا، وَأَوْفَرِهِمْ حَنَانًا
ويقول: ما مسست خزًّا قطُّ ولا حريرًا ولا شيئًا كان ألين من كفِّ رسول الله –الخز اللى هوه القطيفة- ولا شممت مسكًا قطُّ ولا عطرًا كان أطيب من عرق رسول الله
ويقول: وَاللهِ لَقَدْ خَدَمْتُهُ عَشْرَ سِنِينٍ، فَمَا قَالَ لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ:لِمَ صَنَعْتَهُ؟! وَلَا لِشَيْءٍ تَرَكْتُهُ: لِمَ تَرَكْتَهُ.
أرسل الرسول –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ" ليشتري له شيئًا من السوق، فوجد "أنس" بعض الأطفال تلعب في السوق، فقعد يلعب معهم يقول أنس: حتى شَعَرْتُ بِإِنْسَانٍ يَقِفُ خَلْفِي، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا رَسُولُ اللهِ-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَبَسَّمُ وَيَقُولُ: يَا أُنَيْسُ أَذَهَبْتُ إِلَى حَيْثُ أَمَرْتُكَ ؟ يقول: فَارْتَبَكْتُ وَقُلْتُ: نَعَمْ، إِنِّي ذَاهِبٌ الْآنْ يَا رَسُولَ اللهِ
==========
كان "أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ" يضرب عبد عنده بالسوط، فسمع صوت من خلفه يقول: اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ
فالتفت فوجد الرسول –صلى الله عليه وسلم- يقول: فَسَقَطَ السَّوْطُ مِنْ يَدِي، مِنْ هَيْبَتِهِ
فقال له الرسول:
- اعْلَمْ أَبَا مَسْعُودٍ؛ أَنَّ اللهَ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَى هَذَا الْغُلَامِ
فقال أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ:
- لَا أَضْرِبُ مَمْلُوكًا بَعْدَهُ أَبَدًا
==========
رحمة الرسول بالْحَيَوَانُ
مر الرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على رجل وهو يحد شفرته أمام بهيمته قبل أن يذبحها، فقال له الرَّسُولُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- :
- أَفَلَا قَبْلَ هَذَا؟
ثم قال له الرَّسُولُ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
- أَتُرِيدُ أَنْ تُمِيتَهَا مَوْتَتَيْنِ
==========
رَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ الرَّسُولَ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَأَى حِمَارًا قَدْ وُسِمَ فِي وَجْهِهِ، وَالْوَسْمُ هُوَ الْكَيُّ بِالنَّارِ، فَقَالَ "لَعَنَ اللهُ الَّذِي وَسَمَهُ"
قَالَ الرَّسُولَ "لَعَنَ اللهُ الَّذِي وَسَمَهُ"
==========
رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالْحَاكِمُ وَغَيْرُهِمَا أَنَّ النَّبِيَّ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ مَزْرَعَةً لِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، فأتي اليه جمل وَأَخَذَ يَبْكِي، فَأَخَذَ الرَّسُولُ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَمْسَحُ عَلَى ظَهْرِهِ وَسِنَامِهِ وَأُذُنَيْهِ، ثُمَّ قَالَ:
لِمَنْ هٰذا الْجَمَلُ؟ " فَجَاءَ فَتَى مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ : هُوَ لِي يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: "أَلَا تَتَّقِي اللهَ فِي هٰذِهِ البَهيمَةِ الَّتِي مَلَّكَكَ اللهُ إِيَّاها، فَإِنَّهُ شَكَا لِي أَنَّكَ تُجيعُهُ وَتُتْعِبُه".
أتي الجمل الى الرسول وبكى
==========
رَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رَضِي اللهُ عَنْهُ- قَالَ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في سَفَرٍ ، فانطلَقَ لِحَاجَتِهِ، فَرَأَيْنَا حَمَامَةً مَعَهَا فَرْخَانِ ، فَأَخَذْنَا فَرخَيْهَا، فَجَاءَتِ الْحَمَامَةُ وَهِيَ تَفْرِشُ، يَعْنِي تُرَفْرِفُ بِجِنَاحَيْهَا وَتَبْحَثُ عَنْ هَذَيْنِ الْفَرْخَيْنِ، فَجَاءَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقالَ : "مَنْ فجَّعَ هَذِه بوَلدِها ؟ رُدُّوا وَلَدَهَا إِلَيْهَ"
مَنْ فجَّعَ هَذِه بوَلدِها
==========
رحمة الرسول بالْكُفَّارُ
الرَّسُولِ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-كان رحيمًا حتى بالكفار
اسلم "ثمامة بن أثال" سيد بنى حنيفة ثم قال:
- يا رسول الله إِنَّ خَيْلَكَ أَخَذَتْنِي، وَأَنَا أُرِيدُ الْعُمْرَةَ ، فَمَاذَا تَرَى ؟
فأذن له الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بأداء العمرة فدخل مكة، ورفع صوته بالتلبية، فكان يقال أنه أول مسلم يعتمر، ولكن كان "سعد بن معاذ" أسبق منه
وقالت له قريش: صَبَوْتَ ؟! قَالَ: لا، وَلَكِنْ أَسْلَمْتُ مَعَ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلا، وَاللَّهِ لَا يَأْتِيكُمْ مِنْ الْيَمَامَةِ حَبَّةُ حِنْطَةٍ حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –
وكانت يمامة ريف مكة، فانصرف إلى بلاده، ومنع الحمل إلى مكة، حتى جهدت قريش، فكان أول من قام بالمقاطعة الإقتصادية في الإسلام
ثم كتبت قريش إلى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يسألونه بأرحامهم أن يكتب إلى ثُمَامَةَ أن يسمح بارسال المواد الغذائية الى مكة، ففعـل النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –
هذا بالرغم من أن قريش كانت قد حاصرت المسلمين في شعب أبي طالب ثلاثة سنوات كاملة، حتى كان المسلمون يأكلون أوراق الشجر، وحتى قال أحد الصحابة "كنا نبعر كما يبعر البعير" ولكن لم يرض النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –أن تجوع قريش وأن يجوع الشيوخ والنساء والأطفال
اقليم اليمامة بالجزيرة
==========
رحمة الرسول بالجماد
الرسول –صلى الله عليه وسلم- كان رحيمًا حتى بالجماد !
عن جابر بن عبد الله كان رسول الله –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يخطب يوم الجمعة إلى جذع نخلة، فقال له الناس: يا رسول الله، قد كثر الناس، وإنهم يحبون أن يروك، فلو اتخذت منبرا تقوم عليه، فقال الرسول –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إن شئتم، فلما صعد الرسول –صلى الله عليه وسلم- المنبر، صاحت النخلة صياح الصبي، ثم نزل النبي –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فضمها إليه، تئن أنين الصبي الذي يسكن
والقصة في صحيح البخاري، وسمعها جميع الصحابة، يقول عبد الله بن عمر "سمعتها وأنا في آخر المسجد"
ويقول الرسول –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لو لم أحتضنه لحنّ إلى يوم القيامة
==========
رحمة الرسول بأمَّتِهِ
نختم برحمة الرسول –صلى الله عليه وسلم- بأمته
رَوَى مُسْلِمٌ أَنَّ الرَّسُولَ –صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَبْكِي فَأَنْزَلَ اللـهُ إِلَيْهِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَالَ:
يَا جِبْرِيلُ سَلْ مُحَمَّدًا مَا الَّذِي يُبْكِيكَ ؟ -وَهُوَ أَعْلَمُ- فَنَزَلَ جِبْرِيلَ وَقَالَ:
مَا يُبْكِيكَ يَا رَسُولَ اللـهِ؟
قَالَ: أُمَّتِي، أُمَّتِي يَا جِبْرِيلُ، فَصَعَدَ جِبْرِيلُ إِلَى الْمَلِكِ الْجَلِيلِ،
وَقَال: يَبْكِي عَلَى أُمَّتِهِ وَاللَّـهُ أَعْلَمُ، فَقَالَ لِجِبْرِيلَ:
انْزِلْ إِلَى مُحَمَّدٍ وَقُلْ لَهُ إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ.
|