Untitled Document

عدد المشاهدات : 1984

الحلقة السابعة: تدبر ((مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)) - تدبر القُرْآن العَظِيم

 تدبر القُرْآن العَظِيم

الحلقة  السابعة

           

تدبر ((مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ))

           

 

           

وفي قراءات أخري ((مَلِكُ يَوْمِ الدِّينِ))

والقرائتان متواترتان عن الرسول –صلى الله عليه وسلم- يعنى الرسول –صلى الله عليه وسلم- كان يقرئها أحيانًا "مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ" ويقرئها أحيانًا أخري "مَلِكُ يَوْمِ الدِّينِ"

وقد احتار العلماء أيهما أبلغ "مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ" أم "مَلِكُ يَوْمِ الدِّينِ"

فقال البعض إِنَّ "مَلِكَ" أَعَمُّ وَأَبْلَغُ مِنْ "مَالِكٍ" ، إِذْ كُلُّ مَلِكٍ مَالِكٌ، وَلَيْسَ كُلُّ مَالِكٍ مَلِكًا، وَلِأَنَّ أَمْرَ الْمَلِكِ نَافِذٌ عَلَى الْمَالِكِ

وقال البعض أن مالك أبلغ من ملك، لأن الملك يخدم الرعية، بينما لا يجب على الرعية خدمة الملك، والملك ليس له سلطان الا على المخالف للقانون، أم الملتزم بالقانون فليس للملك عليه أي سلطان

على تفصيل كثير للعلماء في هذا الأمر، ولكن الشاهد أن كل كلمة لها معنى ليس موجودًا في الكلمة الأخري، ولذلك كانت القرائتان متواترتان عن الرسول –صلى الله عليه وسلم- ليجمع جميع  المعاني التى في الكلمتين، وهذا من اعجاز القرآن الكريم

 

القرائتان متواترتان عن الرسول –صلى الله عليه وسلم-

           

ويوم الدين هو يوم القيامة، ومعناه يوم الحساب والجزاء والثواب والعقاب

مثل قول الله تعالى في سورة الصافات ((اإذا متنا وكنا ترابًا وعظاما إنا لميدنون)) يعنى الكفار يقولون في استنكار أبعد أن نكون ترابا وعظاما سنحاسب ؟!

أيضا يقول تعالى ((يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ))  أَيْ: جَزَاءُ أَعْمَالِهِمْ بِالْعَدْلِ . 

ومثل قول الرسول "الكيس من دان نفسه" يعنى العاقل من حاسب نفسه

           

وأيضًا "الدين" تأتي بمعنى القهر والخضوع، كما نقول: دانت له بلاد الشام، يعنى قهرها وخضعت له

فيوم الدين، اليوم الذي يقهر الله تعالى جميع خلقه ويخضعون له

كما قال تعالى ((لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّار))

           

والإعتقاد بيوم الدين من أساسيات العقيدة الإسلامية، لأن البعض اعتقد بألوهية الله تعالى، وخلقه للكون أول مرة، ولكنه أنكر أن يكون هناك يوم قيامة أوجزاء وثواب وعقاب

لأن عقله لا يستطيع أن ينكر أن يكون لهذا اليوم خالق، ومع ذلك يريد أن يريح نفسه من حدود التكاليف، فاعتقد بوجود الله ثم أنكر وجود يوم القيامة

 

           

 والسؤال هو أليس الله تعالي مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ومالك غيره من الأيام، ألم نقرأ قبل (( مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)) ألم نقرأ قوله تعالى "رب العالمين" وقلنا أن العالمين هو كل ما سوي الله عز وجل، فالعالمين تشمل "يوم الدين" فلماذا خص الله تعالى    "يَوْمِ الدِّينِ" بالذكر بعد أن ذكر "رب العاليمن" ؟

هذا من باب ذكر الخاص بعد العام، يقول علماء اللغة: يذكر الْخَاصِّ بِعْدَ الْعَامِّ فَيُؤْتَى بِهِ مَعْطُوفًا عَلَيْهِ بِالْوَاوِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى فَضْلِهِ

مثل قول المتنبي: فَإِنْ تَفُقِ الْأَنَامَ وَأَنْتَ مِنْهُمْ فَإِنَّ الْمِسْكَ بَعْضُ دَمِ الْغَزَالِ

كما تقول جاء لزيارتي بالأمس أقاربي، وعمي، فذكر عمه مع أنه بعض أهله، لِلتَّنْبِيهِ عَلَى فَضْلِهِ

وكقول الله تعالى في سورة "القدر" تنزل الملائكة والروح فيها، والروح هو جبريل –عليه السلام- فذكر جبريل مع أنه أحد الملائكة لِلتَّنْبِيهِ عَلَى فَضْلِهِ

فعندما قال الله تعالى ((مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)) بعد أن قال "رب العالمين" للتنبيه على أهمية هذا اليوم، وأن هذا اليوم هو أهم يوم في حياة أي انسان، لأنه اليوم الذي سيتحدد فيه مصير كل انسان، وسيتحدد مستقبله، اما خلود في الجنة او خلود في النار

            

والله تعالى ملك بعض خلقه أشياء في الدنيا، وجعل بعض خلقه ملوكًا في الدنيا، أما يوم القيامة، فيعيد الله تعالى جميع الأشياء الى مالكها الحقيقي وهو الله سبحانه وتعالى، ويجعل الله تعالى الملك في يد الملك الحقيقي وهو الله سبحانه وتعالى

يقول تعالى في سورة غافر ((يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ((

 

           

((مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)) حيثية جديدة للحمد لله، كيف ؟

جاء أعرابي الى رسول الله وقال: يارسول الله من يحاسب الخلق يوم القيامة ؟ فقال الرسول: "الله"؛ فقال الأعرابي: بنفسه ؟  فقال النبي: " بنفسه, فابتسم  الأعرابي وقال:" اللهم لك الحمد. فقال النبى:" لما الابتسام يا أعرابي؟
فقال: يا رسول الله إن الكريم إذا قدر عفى وإذا حاسب سامح قال النبى:" فقه الأعرابي

فنحن نحمد الله تعالى لأنه هو تعالى وحده الذي يملك يوم الدين، وهو –كما قلنا- يوم الجزء ويوم الحساب ويوم تحديد المصير

ولذلك قال في هذه الآية "يوم الدين" ولم يقل "يوم القيامة" أو اي اسم آخر من أسماء يوم القيامة

بل قال قبلها "الرحمن الرحيم" وكأن الله تعالى يقول للمسلم المؤمن: لا تخف ولا تقلق لأن الذي سيتولى حسابك هو الرحمن الرحيم، وهو الذي يملك يوم الدين بالكامل، لا ينازعه في ملكه هذا اليوم أحد

 

*********************************

لمطالعة بقية الفصول- اضغط هنا

لمشاهدة الحلقات فيديو- اضغط هنا

 *********************************