تدبر القُرْآن العَظِيم
الحلقة الخامسة عشر
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
تدبر الآية رقم (5) من سورة البقرة
قول الله تعالى
أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
تحدثنا من قبل عن صفات المؤمين، وقلنا أنها خمسة صفات ذكرها الله تعالى
ونحن نقرأ هذه الصفات ونتدبرها، حتى نعمل بها، أي أن نحاول تحقيق هذه الصفات في انفسنا
فقد قلنا أن الهدف من قرآن هو العمل به، وحتى نعمل بالقرآن لا بد أن نفهمه، وحتى نفهمه فلابد أن نتدبر آياته
ولذلك فحلقات تدبر القرآن العظيم وفهمه، على ما فيها من ثواب عظيم جدًا ليس هدفًا في حد ذاته، ولكنها وسيلة حتى نعمل بهذا القرآن
فعندما نتحدث عن صفات المؤمنين، فلابد أن نعمل على تحقيق هذه الصفات في أنفسنا، فنكون من المفلحين، وقد قال تعالى بعد أن ذكر صفات المتقين الخمسة) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
(أُولَئِكَ) يعنى الذين تنطبق عليهم الصفات الخمسة المذكورة في الآيتين السابقتين
(عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ) أَيْ: نُورٍ وَبَيَانٍ وَبَصِيرَةٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى
(عَلَى هُدًى (الحق سبحانه وتعالى مكن الهدي في قلوبهم لدرجة أن شبه حالهم بمن اعتلى الشيء وركبه، كما نقول "فلان على الفرس" ونحن نقول نقول "فُلَانٌ عَلَى الْحَقِّ" أَوْ "عَلَى الْبَاطِلِ "
الكارهين للدين يعتقدون أن التدين "الهدي" يقيد حركة الإنسان في الحياة، لأنه يمنعه من تحقيق شهواته، ولكن الدين –في الواقع- يرفع الإنسان ويحفظه من الضرر، بل يحفظ المجتمع كله من الضرر
ولذلك قال تعالى "عَلَى هُدًى" و"على" تفيد الإستعلاء، كأن المهتدي حين يلزم نفسه بالمنهج، يرتفع، بل يحمله الهدي من خير الى خير، ختى يصل به الى الجنة، وذلك بعكس الضلالة التى تأخذ الإنسان الى أسفل
يقول تعالى (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) فصاحب الهدي مُسْتَعْلٍ بِالْهُدَى، مُرْتَفِعٌ بِهِ، وَصَاحِبَ الضَّلَالِ مُنْغَمِسٌ فِيهِ مُحْتَقَرٌ
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ: أي الفائزون بالجنة والسعادة في الدنيا والآخرة
كما نقول في الأذان (حي على الفلاح) يعنى تعالوا وهلموا الى الفوز والنجاة
وَالْفَلْحُ أَصْلُهُ فِي اللُّغَةِ الشَّقُّ وَالْقَطْعُ
قَالَ الشَّاعِرُ" إِنَّ الْحَدِيدَ بِالْحَدِيدِ يُفْلَحُ" أَيْ يُشَقُّ
وَمِنْهُ فِلَاحَةُ الْأَرَضِ، وهُوَ شَقُّهَا لِلْحَرْثِ، ولذلك سمي المزارع فَلَّاحًا، لأنه يشق الأرض ويضع فيها البذور
فأصل المفلحون من فلاحة الأرض، لأن الفلاح يضع بذرة صغيرة، فتنمو وتصبح شجرة كبيرة، وتنتج ثمار، فالفلاح يزرع مثلًا بذرة برتقال فتصبح شجرة، وتأتي بعشرات الكيلوجرامات من البرتقال، وهكذا كل عام،
فكذلك المتقون، يعملون أعمالًا قليلة يكون مقابلها نعيم عظيم، فالإنسان مثلًا لو عاش ستون أو سبعون أو ثمانون عامًا، أو حتى أكثر فان فترة التكليف تكون خمسون أو ستون عامًا، ولكن مقابل هذا خلود في الجنة، ملايين وملايين السنين في نعيم لا ينقطع
فأنت تقول "سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم" تغرس لك نخلة في الجنة، تصلى النوافل يبنى لك قصر في الجنة، تدخل السوق وتقول دعاء دخول السوق تأخذ ألف ألف حسنة، أي مليون حسنة، تقرأ حرف من كتاب الله تأخذ حسنة والحسنة بعشر أمثالها، تتصدق تضاعف لك الحسنات الى سبعمائة ضعف، تصوم يومًا يباعد الله بينك وبين النار سبعين خريفًا، تذهب الى المسجد لك بكل خطوة حسنة، وتحط عنك خطيئة
والحسنة لا أحد يعلم ما هي الحسنة، ولكن لك أن تتخيل حسنة من عند الله تعالى كيف تكون ! لو جاء سائل الى رجل فيمكن أن يعطيه جنيه مثلًا، واذا ذهب الى وزير فسيعطيه مائة جنيه، فاذا ذهب الى ملك فلابد أن يكون العطاء كبيرًا، فما بالك بحسنة الله تعالى وهو أكرم الأكرمين
اذن (وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) يعطينا الحق –سبحانه وتعالى- مثالًا من واقع نراه كل يوم، وهو فلاحة الأرض، على أمر غيبي حتى يقرب لنا الصورة
فاذا كانت الأرض المخلوقة من الله تهبك أضعاف أضعاف ما أعطيتها، فكيف بخالق الأرض؟
❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇ ❇
ملخص تدبر الأية
(أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) هؤلاء الموصوفون بالصفات الخمسة السابقة هم الفائزون بالجنة والسعادة في الدنيا والآخرة
*********************************
لمطالعة بقية الفصول- اضغط هنا
لمشاهدة الحلقات فيديو- اضغط هنا
*********************************